شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة ست وسبعمائة
فيها أنشئ في الصّالحية تجاه الرّباط النّاصري جامع الأفرم، وخطب به
القاضي شمس الدّين بن [أبي] العزّ [1] الحنفي.
وفيها مات رئيس التّجّار الصّدر جمال الدّين إبراهيم بن محمد بن
السّواملي- والسّوامل كالطّاسات- العراقي [2] . كان يثقب اللؤلؤ، فصمّد
ألفي درهم، ثم اتجر وسار إلى الصّين، فتموّل وعظم، وضمن العراق من
القان ورفق بالرّعية، وصار له أولاد مثل الملوك، ثم صودر وأخذ منه
أموال ضخمة، ومات فجأة بشيراز عن ست وسبعين سنة.
وفيها العلّامة نصير الدّين أبو بكر عبد الله بن عمر بن أبي الرّضا
الفاروثي [3] الشّافعي.
قال البرزالي في «تاريخه» : قدم علينا دمشق، وكان يعرف الفقه،
والأصلين، والعربية، والأدب. وكان جيّد المناظرة.
ولد بفاروث، وهي [4] قرية من عمل شيراز، وسكن بغداد، ومات بها.
ودرّس بالمستنصرية وغيرها من المدارس الكبار.
__________
[1] مستدركة من «الدارس في تاريخ المدارس» (2/ 435) ومن ترجمته في
حوادث سنة (722) ص (106) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (35) .
[3] انظر «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 292) .
[4] لفظة «وهي» سقطت من «آ» و «ذيول العبر» ص (36) .
(8/26)
وفيها ضياء الدّين عبد العزيز بن محمد بن
علي الطّوسي ثم الدّمشقي الشافعي [1] ، اشتغل بالعلم، وتفنّن ودرّس
بالنّجيبيّة، وأعاد بغيرها، وشرح «الحاوي» شرحا حسنا، سمّاه المصباح،
وشرح «مختصر ابن الحاجب» .
قال البرزالي: كان شيخا، فاضلا.
وقال ابن حبيب: كان ذا فضائل منتظمة الفرائد، وتصانيف مشتملة على كثير
من الفوائد. توفي فجأة بدمشق في جمادى الأولى [2] ودفن بمقابر
الصّوفية.
وفيها خطيب دمشق، شمس الدّين محمد بن أحمد بن عثمان الخلاطي [3] ابن
إمام الكلّاسة. كان ديّنا، صالحا، صيّنا، مليح الشّكل، طيّب الصّوت،
حسن الهدي [4] . روى عن ابن البرهان، وابن عبد الدائم، وأمّ بالكلّاسة
مدّة، ثم خطب للخطابة، فأقام ستة أشهر ونصفا، وخرج من الحمّام وصلى
سنّة الفجر فغشي عليه وانطفأ، وحمل على الرؤوس، وصلى عليه الأفرم نائب
دمشق، وولي بعده الخطابة جلال الدّين القزويني صاحب «تلخيص المفتاح» .
وفيها مسند حلب علاء الدّين [5] سنقر القضائي الزّيني [6] ، تفرّد
بأشياء، وحدّث عن الموفق عبد اللّطيف، وابن شدّاد، وابن روزبه، وابن
الزّبيدي، وأنجب الحمّامي وعدة، وكان دينا، خيرا، صبورا على الطلبة.
قال الذهبي: أكثرنا عنه، وتوفي بحلب في شوال عن سبع وثمانين سنة، رحمه
الله تعالى.
__________
[1] انظر «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 181) .
[2] عبارة «في جمادى الأولى» سقطت من «ط» .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (35) .
[4] تحرفت في «ط» إلى «الهدم» .
[5] عبارة «علاء الدين» سقطت من «ط» .
[6] انظر «ذيول العبر» ص (36) .
(8/27)
سنة سبع وسبعمائة
فيها عقد مجلس بالقصر فاستنيب النّجم بن خلّكان [1] من عبارات قبيحة،
ودعاو مبيحة للدم، وادّعاء نبوّة ما، فاختلفت فيه الآراء، ومال إلى
الرّفق به [2] الشيخ برهان الدّين فتاب.
وفيها توفي [3] رئيس مصر، الصّاحب تاج الدّين محمد بن الصّاحب فخر
الدّين محمد بن الوزير بهاء الدّين علي بن محمد حنّا [4] .
قال الذهبي: حدّثنا عن سبط السّلفي، وكان محتشما، وسيما، عادلا، شاعرا،
متمولا، من رجال الكمال.
وقال غيره: وزير ابن وزير ابن وزير، انتهت إليه رئاسة عصره بمصر،
صدقاته كثيرة، وتواضعه وافر، وهو الذي اشترى الآثار النبوية التي
بالقاهرة على ما قيل بستين ألف درهم وجعلها في مكانه المعشوق، وهو
المكان المنسوب إليه، وذلك قطعة من العنزة، ومرود، ومخصف، وملقط، وقطعة
من قصعة.
وقال ابن فضل الله: رأيت إلى جانب تربته مكتب أيتام وهم يكتبون القرآن
في الألواح، فإذا أرادوا مسحها غسلوا ألواحهم وسكبوا ذلك على قبره،
فسألت عن ذلك، فقيل لي: هذا شرط الواقف، وهذا قصد حسن وعقيدة حسنة.
__________
[1] هو محمد بن إبراهيم. انظر «الدّرر الكامنة» (1/ 455) .
[2] في «ذيول العبر» : «إلى الترفق به» .
[3] لفظة «توفي» سقطت من «آ» .
[4] انظر «ذيول العبر» ص (38) .
(8/28)
ومن شعره:
لله في الأحوال لطف جميل ... فاغن به عن ذكر قال وقيل
ولا تفارق أبدا بابه ... فمنه قد جاء العطاء الجزيل
واشكر على الإنعام فيما مضى ... كم أسبل السّتر زمانا طويل
وا خيبة المعرض عن بابه ... خلّى كريما ثمّ أمّ البخيل
فقل لمن عدّد إنعامه ... كل لسان عند هذا كليل
وتوفي- رحمه الله تعالى- بمصر.
وفيها نور الدّين أبو الحسن علي بن عبد الحميد بن محمد بن أحمد بن عبد
الله بن أحمد بن بكير الفنيدقي، الفقيه الحنبلي [1] .
ولد سنة ست أو خمس وثلاثين وستمائة، وسمع من أبي عبد الله بن سعد [2]
المقدسي، وجدّه لأمّه خطيب مردا، وغيرهما. وبمصر من الرّشيد العطّار
وجماعة، وتفقّه، وبرع، وأفتى ودرّس، مع دين وتواضع وصدق، وأضر بأخرة،
وسمع منه الذّهبي، وروى عنه في «معجمه» وتوفي بجبل نابلس في رجب.
وفيها رشيد الدّين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عمر بن أبي القاسم
البغدادي [3] الحنبلي المقرئ المحدّث الصّوفي الكاتب.
ولد ليلة الثلاثاء ثالث عشر ذي القعدة، سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وسمع
الكثير من ابن روزبه، والسّهروردي، وابن الخازن، وابن اللّتي، وغيرهم.
وعني بالحديث، وسمع الكتب الكبار والأجزاء، وكان عالما، صالحا، من
محاسن البغداديين وأعيانهم، ذا لطف وسهولة وحسن أخلاق، من أجلاء
العدول، ولبس خرقة التصوف من السّهروردي، وحدّث بالكثير، وسمع منه خلق
كثير من أهل بغداد والرحّالين، وانتهى إليه علو الإسناد، وتوفي في تاسع
[4] جمادى الآخرة ببغداد، ودفن بمقبرة الإمام أحمد.
__________
[1] انظر «معجم الشيوخ» (2/ 30- 31) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 354) .
[2] في «ط» : «أسعد» .
[3] انظر «معجم الشيوخ» (2/ 204- 205) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 353-
354) .
[4] لفظة «تاسع» سقطت من «ط» .
(8/29)
وفيها أبو عبد الله محمد [بن حجاج بن
إبراهيم] بن مطرّف الأندلسي [1] .
جاور نحو ستين عاما بمكة، وكان يطوف في اليوم والليلة خمسين أسبوعا،
وتوفي بمكة في رمضان، عن نيف وتسعين سنة، وحمل نعشه صاحب مكة حميضة.
وفيها جمال الدّين أبو بكر محمد بن عبد العظيم بن علي بن السّقطي
الشافعي [2] .
روى بالإجازة عن ابن باقا، وعن العلم بن الصّابوني، وأكثر المحدّثون
عنه.
وله أخ باسمه [3] ، وهو العدل نجم الدّين، محمد، مات بعد النّووي، ومات
صاحب الترجمة بالقاهرة، عن خمس وثمانين سنة، وكان قاضي قضاتها مدة.
وفيها شهاب الدّين محمد بن أبي العزّ بن مشرف بن بيان الأنصاري البزّاز
[4] ، مسند دمشق، وشيخ الرّواية بالدار الأشرفية. حدّث عن ابن
الزّبيدي، والنّاصح [5] وابن صباح، وابن المقيّر، وغيرهم. وتفرّد
واشتهر، وتوفي بدمشق عن ثمان وثمانين سنة.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (38) و «العقد الثمين» (1/ 452) وما بين
الحاصرتين مستدرك منهما.
[2] انظر «ذيول العبر» ص (39) و «حسن المحاضرة» (1/ 388) .
[3] تحرفت في «ط» إلى «بسمة» .
[4] انظر «ذيول العبر» ص (40) .
[5] يعني ابن الحنبلي.
(8/30)
سنة ثمان وسبعمائة
فيها توفي بغرناطة، عالمها، وحافظها، أبو جعفر، أحمد بن إبراهيم بن
الزّبير الثّقفي. طلب العلم في سنة ست وأربعين وستمائة، وسمع من جماعة،
وتفرّد ب «السّنن الكبير» للنسائي عن أبي الحسن الشّاري، بينه وبين
المؤلّف ستة أنفس.
قال ابن ناصر الدّين [1] : كان نحويا، حافظا، علّامة، أستاذ القرّاء،
ثقة، عمدة.
وقال الذهبي [2] : مات بغرناطة في ربيع الأول، عن ثمانين سنة.
وفيها المعمّر عماد الدّين إسماعيل بن علي بن الطبّال [3] ، شيخ
المستنصرية. سمع عمر بن كرم [4] ، وابن روزبه، وجماعة. وتفرّد ومات
ببغداد.
وفيها خديجة بنت عمر بن أحمد بن العديم [5] ، في عشر التسعين.
قال الذهبي: روت لنا عن الرّكن إبراهيم الحنفي.
__________
[1] في «التبيان شرح بديعة البيان» (183/ ب) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (44) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (45) .
[4] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «مكرم» والتصحيح من «ذيول العبر» وانظر
«سير أعلام النبلاء» (22/ 325- 326) .
[5] انظر «ذيول العبر» ص (44) .
(8/31)
وفيها الشيخ الزّاهد القدوة الكبير، عثمان
بن عبد الله الصّعيدي ثم الحلبوني [1] . كان صالحا، عابدا، متعفّفا،
تؤثر عنه أحوال. وأقام مدة ببعلبك ومدة ببرزة. وكان لا يأكل الخبز
ويزعم أنه يتضرر بأكله، ومات في المحرّم بقرية برزة. قاله السّخاوي.
وفيها شهاب الدّين بن علي المحسنيّ [2] . كان عالما، مسندا، مكثرا عن
ابن المقيّر، وابن رواج، والسّاوي، وتوفي بمصر عن ثمانين سنة.
وفيها علم الدّين إبراهيم عرف بابن أبي خليقة [3] . كان حكيما، فاضلا،
رئيس الطبّ بالدّيار المصرية والشّامية، وهو أول من ركّب شراب الورد،
ولم يكن [4] يعرف بدمشق قبل ذلك.
توفي بمصر، قيل: بلغت تركته ثلاثمائة ألف دينار.
وفيها أمّ عبد الله فاطمة بنت سليمان بن عبد الكريم الأنصاري [5] . لها
إجازة [من] الفتح، وابن عفيجة، وجماعة. وسمعت المسلّم المازني، وكريمة،
وابن رواحة. وروت الكثير، وتفرّدت [6] ولم تتزوج.
توفيت في ربيع الآخر بدمشق عن قريب التسعين.
وفيها شيخ الحرم ظهير الدّين محمد بن عبد الله بن منعة البغدادي [7] .
جاور بمكة أربعين سنة، وحدّث عن الشّرف المرسي، وتوفي بالمهجم [8] من
نواحي اليمن، عن بضع وسبعين سنة.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (42) .
[2] في «آ» و «ط» : «المجيي» والتصحيح من «ذيول العبر» ص (42) و
«الدّرر الكامنة» (2/ 195) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (42) و «النجوم الزاهرة» (8/ 229) .
[4] لفظة «يكن» لم ترد في «ط» .
[5] انظر «ذيول العبر» ص (42- 43) .
[6] لفظة «وتفرّدت» سقطت من «ط» .
[7] انظر «ذيول العبر» ص (43) و «العقد الثمين» (2/ 75) .
[8] مدينة من أمّات مدن الجزء الشمالي من تهامة. انظر «معجم ما استعجم»
(2/ 1274) و «صفة جزيرة العرب» ص (97) وحاشيته و «معجم البلدان» (5/
229) .
(8/32)
وفيها الحافظ مفيد مصر شمس الدّين محمد بن
عبد الرحمن بن سامة بن كوكب الطّائي السّوادي الحكمي- وحكمه [1] بالفتح
قرية من قرى السّواد- الحنبلي [2] الحافظ الزّاهد.
ولد في رجب سنة اثنتين وستين وستمائة، وسمع من أحمد بن أبي الخير، وابن
أبي عمر، وغيرهم. ورحل سنة ثلاث وثمانين إلى مصر، وسمع بها من العزّ
الحرّاني، وابن خطيب المزّة، وغيرهما. وبالإسكندرية من ابن طرخان
وجماعة، وببغداد من ابن الطبّال وخلق، وبأصبهان، والبصرة، وحلب، وواسط.
عني بهذا الفنّ، وحصّل الأصول. وكتب العالي والنّازل.
قال الحافظ عبد الكريم الحلبي: كان إماما، عالما، فاضلا، حسن القراءة،
فصيحا، ضابطا، متقنا. قرأ الكثير، وسمع من صغره إلى حين وفاته.
وقال البرزالي: خالط الفقراء، وصارت له أوراد كثيرة، وتلاوة، واستوطن
ديار مصر، وتزوّج وصارت له بها حظوة وشهرة بالحديث وقراءته، وكان معمور
الأوقات بالطّاعات.
وقال الذهبي في «معجمه» [3] : أحد الرحّالين، والحفّاظ، والمكثرين.
ودخل أصبهان طمعا أن يجد بها رواة فلم يلق شيوخا ولا طلبة، فرجع. وكان
ثقة صحيح النّقل، عارفا بالأسماء. من أهل الدّين والعبادة.
وقال ابن رجب: سمع منه البرزالي، والذهبي، وعبد الكريم الحلبي، وذكروه
في «معاجمهم» .
توفي يوم الثلاثاء رابع عشري [4] ذي القعدة، ودفن بالقرافة بالقرب من
الشّافعي.
وفيها- وجزم ابن حجر في «الدّرر الكامنة» أنه في التي قبلها-
__________
[1] في «آ» و «ط» : «وحكم» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» مصدر
المؤلف.
[2] انظر «ذيول العبر» ص (43- 44) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 355) .
[3] انظر «معجم الشيوخ» (2/ 209) و «المعجم المختص بالمحدّثين» ص (101-
102) .
[4] في «ط» : «رابع عشر» وما جاء في «آ» موافق لما في «ذيل طبقات
الحنابلة» .
(8/33)
جمال الدّين شرف القضاة أبو عبد الله محمد
بن المكين أبي الطّاهر إسماعيل بن محمد بن محمود بن عمر التّنوخي
الإسكندراني المالكي [1] .
سمع من ابن الفوّي «كرامات الأولياء» ومن ابن رواج، ومن غيرهما. وسمع
منه أبو العلاء الفرضي، وأبو الفتح بن سيد الناس، وغيرهما. وحدّث، وكان
من أعيان أهل الإسكندرية. مات في أول يوم من شهر رمضان.
وفيها مسند دمشق والشام أبو جعفر محمد بن علي بن حسين السّلمي العبّاسي
الدمشقي بن الموازيني [2] . كان ديّنا زاهدا. حجّ مرات، وتفرّد عن
القاسم بن صصرى، والبهاء عبد الرحمن، ورحل إليه، وتوفي بدمشق في نصف ذي
الحجّة عن أربع وتسعين سنة.
__________
[1] انظر «الدّرر الكامنة» (3/ 388) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (44) و «الوافي بالوفيات» (3/ 213) و «الدّرر
الكامنة» (4/ 63) .
(8/34)
سنة تسع وسبعمائة
فيها كما قال السيوطي [1] خرج السلطان الملك النّاصر بن قلاوون قاصدا
للحجّ، فخرج من مصر في رمضان وخرج معه جماعة من الأمراء لتوديعه
فردّهم، فلما اجتاز بالكرك عدل إليها فنصب له الجسر، فلما توسطه انكسر
به فسلم من قدّامة وقفز به الفرس فسلم، وسقط من وراءه، وكانوا خمسين
فمات أربعة وتهشم أكثرهم في الوادي الذي تحته، وأقام السلطان بالكرك
وكتب كتابا إلى الدّيار المصرية يتضمن عزل نفسه عن المملكة، فأثبت ذلك
على القضاة بمصر، ثم نفذ على قضاة الشام.
وبويع الأمير ركن الدّين بيبرس الجاشنكير [2] بالسّلطنة في الثالث
والعشرين من شوال ولقّب الملك المظفّر، وقلّده الخليفة، وألبسه الخلعة
السوداء والعمامة المدوّرة، ونفذ التقليد إلى الشام في كيس أطلس أسود
[3] ، فقرئ هناك، وأوله إِنَّهُ من سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ الله
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ 27: 30 [النّمل: 30] ثم عاد الناصر في رجب سنة
تسع وطلب عوده إلى الملك ووالاه على ذلك جماعة من الأمراء، فدخل دمشق
في شعبان، ثم دخل مصر يوم عيد الفطر، وصعد القلعة.
وقال العلاء الوداعي [4] في عوده إلى الملك:
الملك النّاصر قد أقبلت ... دولته مشرقة الشّمس
__________
[1] انظر «حسن المحاضرة» (2/ 112- 114) .
[2] الجاشنكير: هو الذي يتصدى لتذوق المأكول والمشروب قبل السلطان.
انظر «معجم الألفاظ التاريخية» لدهمان ص (50) .
[3] كذا في «آ» و «حسن المحاضرة» : «أطلس أسود» وفي «ط» : «أسود أطلس»
.
[4] هو علي بن مظفّر الكندي، سترد ترجمته في وفيات سنة (716) ص (71) .
(8/35)
عاد إلى كرسيّه مثل ما ... عاد سليمان إلى
الكرسي
وخذل المظفّر، فجاء إلى خدمة السلطان، فوبخه وخنقه، وأباد جماعة من
رؤوس الشرّ وتمكّن.
وهرب نائبه سلّار [1] نحو تبوك، ثم خدع وجاء برجله إلى أجله، فأميت
جوعا، وأخذ من أمواله ما يضيق عنه الوصف، وكان تملّك إحدى عشرة سنة.
وكان مغليا، أسمر، سهل الخدّين، ليس بالطويل، ذا هيئة، قليل الظّلم،
وقد بلغ من الجاه والمال ما لا مزيد عليه.
وفيها مات المقرئ المعمّر أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الحسن علي بن صدقة
المخرمي [2] .
قال الذهبي: حدّثنا عن ابن اللّتي، وجعفر، ومكرم، ومات بدمشق عن بضع
وثمانين سنة.
وفيها أبو العبّاس أحمد بن أبي طالب الحمّامي البغدادي الزّانكي [3]
المجاور من زمان بمكّة، بحيث صار مسندها. سمع من الأنجب الحمّامي أجزاء
تفرّد بها، وأخذ عنه ابن مسلّم القاضي، وشمس الدّين بن الصّلاح مدرّس
القيمرية، وأجاز لأبي عبد الله الذّهبي.
وتوفي بمكّة في جمادى الآخرة، عن بضع وثمانين سنة.
وفيها أبو الفضل تاج الدّين [4] ، أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء
الله الإسكندري المالكي الشّاذلي [5] .
__________
[1] انظر «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (298) و «ذيول العبر» ص (53) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (49) و «الدّرر الكامنة» (1/ 23- 24) و «معجم
الشيوخ» (1/ 132- 133) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (48- 49) و «معجم الشيوخ» (1/ 117- 118) و
«الدرر الكامنة» (1/ 142) و «العقد الثمين» (3/ 49- 51) .
[4] في «ط» : «تاج الدّين أبو الفضل» .
[5] انظر «ذيول العبر» ص (48) و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 23- 24) و
«الدّرر الكامنة» (1/ 273) و «غربال الزمان» ص (580- 581) و «حسن
المحاضرة» (1/ 524) .
(8/36)
قال ابن حجر في «الدّرر الكامنة» صحب الشيخ
أبا العبّاس المرسي صاحب الشّاذلي، وصنّف مناقبه ومناقب شيخه. وكان
المتكلّم على لسان الصّوفية في زمانه، وهو ممن قام على الشيخ تقي
الدّين بن تيميّة فبالغ في ذلك. وكان يتكلم على النّاس، وله في ذلك
تصانيف عديدة.
قال الذهبي: كانت له جلالة عجيبة [1] ووقع في النّفوس، ومشاركة في
الفضائل. وكان يتكلّم بالجامع الأزهر فوق كرسي بكلام يروح النّفوس،
ومزج كلام القوم [2] بآثار السّلف وفنون العلم، فكثر أتباعه، وكانت
عليه سيما الخير، ويقال: إن ثلاثة قصدوا مجلسه، فقال أحدهم: لو سلمت من
العائلة لتجرّدت.
وقال الآخر: أنا أصلي وأصوم ولا أجد من الصّلاح ذرّة. وقال الثالث: أنا
صلاتي ما ترضيني فكيف ترضي ربّي. فلما حضروا مجلسه، قال في أثناء
كلامه: ومن الناس من يقول فأعاد كلامهم بعينه.
وقال الكمال جعفر: سمع من الأبرقوهي، وقرأ النحو على الماروني، وشارك
في الفقه والأدب، وصحب المرسي، وتكلّم على الناس، وكثر أتباعه.
وقال ابن الأهدل: الشيخ العارف بالله، شيخ الطريقين، وإمام الفريقين.
كان فقيها، عالما، ينكر على الصّوفية. ثم جذبته العناية، فصحب شيخ
الشيوخ المرسي، وفتح عليه على يديه، والذي جرى له معه مذكور في كتابه
«لطائف المنن» وله عدّة تصانيف، منها «الحكم» [3] وكلّها مشتملة على
أسرار ومعارف، وحكم ولطائف. نثرا ونظما.
__________
[1] كذا في «آ» و «المنتخب من شذرات الذهب» لابن شقدة (208/ آ) :
«عجيبة» وفي «ط» :
«عظيمة» .
[2] يعني الصّوفية.
[3] واسمه الكامل «الحكم العطائية» وهو كتيب صغير من كتب الصّوفية
الشهيرة، نشرته المكتبة العربية بدمشق منذ سنوات طويلة بعناية الأستاذ
أحمد عبيد رحمه الله. وقام بشرحه الشيخ عبد المجيد الشّرنوبي المصري
المتوفى سنة (1348) هـ، وقامت بنشر شرحه المذكور دار ابن كثير سنة
(1408) بعناية الأستاذ عبد الفتاح البزم، وقد أفردت أحاديث الكتاب
لوالدي الأستاذ الشيخ عبد القادر الأرناؤوط حفظه الله من قبل الأستاذ
البزم، فقام بتخريجها والحكم عليها.
(8/37)
وما أحسن قوله في شيخه في بعض قصائده:
كم من قلوب قد أميتت بالهوى ... أحيا بها من بعد ما أحياها
وكان شيخه يستعيد منه هذا البيت. ومن طالع كتبه عرف فضله.
توفي- رحمه الله تعالى- بمصر في نصف جمادى الآخرة، ودفن بالقرافة،
وقبره مشهور يزار.
وفيها نبيه الدّين حسن بن حسين بن جبريل الأنصاري [1] المعدّل. سمع من
ابن المقيّر، وابن رواج، وغيرهما. وتوفي بمصر عن تسع وسبعين سنة، وأجاز
له السّهرورديّ سنة ولادته، وهي سنة ثلاثين وستمائة.
وفيها شهدة بنت الصّاحب كمال الدّين عمر بن العديم العقيلي [2] .
ولدت يوم عاشوراء سنة تسع عشرة وستمائة، وحضرت الكاشغري، وعمر بن بدر.
ولها إجازة من ثابت بن مشرّف. وكانت تكتب وتحفظ أشياء وتتزهد وتتعبد.
قال الذهبي: سمعت منها، وماتت بحلب.
وفيها مات بمصر الأمير الكبير الوزير شمس الدّين سنقر المنصوري الأعسر
[3] وله عدة مماليك تقدموا. وكان كبيرا، شهما، عارفا، فيه ظلم. قاله في
«العبر» .
وفيها شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل البعلي
[4] الفقيه الحنبلي المحدّث النّحوي اللّغوي.
ولد سنة خمس وأربعين وستمائة ببعلبك، وسمع بها من الفقيه محمد
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (49) و «الدّرر الكامنة» (2/ 15) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (49) و «الدّرر الكامنة» (2/ 195) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (48) و «الدّرر الكامنة» (2/ 177) .
[4] انظر «ذيول العبر» ص (47) و «الوافي بالوفيات» (4/ 316) و «ذيل
طبقات الحنابلة» (2/ 356- 357) .
(8/38)
اليونيني، وبدمشق من ابن خليل، ومحمد بن
عبد الهادي، وغيرهما، وعني بالحديث، وقرأ العربية واللّغة على ابن
مالك، ولازمه حتّى برع في ذلك. وصنّف تصانيف، منها «شرح ألفية ابن
مالك» وكتاب «المطلع على أبواب المقنع» [1] في غريب ألفاظه ولغاته.
قال الذهبي: كان إماما في المذهب والعربية والحديث، غزير الفوائد،
متفننا، ثقة، صالحا، متواضعا، على طريقة السّلف. حدّثنا ببعلبك، ودمشق،
وطرابلس.
وتوفي بالقاهرة في ثامن عشر المحرّم، وذلك بعد دخوله إيّاها بدون شهر،
وكان زار القدس وسار إلى مصر ليسمع ابنه، ودفن بالقرافة عند الحافظ عبد
الغني [2] .
__________
[1] قلت: وقد وقفت على نسخة من مخطوطاته وهي من محفوظات مكتبة شستربتي
بدبلن في إيرلندا الشمالية كتب على غلافها «المطلع على ألفاظ المقنع»
وهو أصح لأنه يتناول ألفاظ «المقنع» بالشرح لا أبوابه. وقد طبع هذا
الكتاب أول مرة في المكتب الإسلامي بدمشق عام 1385 هـ، وقام عليه
الأستاذ الشيخ شعيب الأرناؤوط وشاركه العمل فيه الأستاذ محمد محمد
شرّاب.
ويقوم بتحقيقه الآن صديقي الفاضل الدكتور خالد عبد الكريم جمعة.
[2] يعني المقدسي رحمه الله تعالى.
(8/39)
سنة عشر وسبعمائة
قال الذهبي [1] : في نيسان مطرنا مطرا أحمر كأعكر ماء الزيادة، وبقي
أثر الطّين على التمر والورق نحو شهرين.
وفيها توفي شهاب الدّين أبو العبّاس أحمد بن شرف الدّين حسن بن الحافظ
أبي موسى عبد الله بن الحافظ الكبير عبد الغني بن عبد الواحد بن سرور
المقدسي ثم الصّالحي [2] الفقيه الحنبلي، قاضي القضاة.
ولد في ثاني عشر صفر، سنة ست وخمسين وستمائة بسفح قاسيون، وسمع من ابن
عبد الدّائم وغيره، وتفقه وبرع، وأفتى ودرّس، وولي القضاء بالشام نحو
ثلاثة أشهر سنة تسع وسبعمائة، ثم عزل لما عاد الملك النّاصر إلى الملك.
قال البرزالي: كان رجلا جيدا من أعيان الحنابلة وفضلائهم، فقيها، حسن
العبارة، وروى لنا عن ابن عبد الدائم.
وتوفي ليلة الأربعاء تاسع عشري ربيع الأول، ودفن من الغد بتربة الشيخ
أبي عمر بسفح قاسيون.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن عبد الملك بن عبد المنعم العزازي الشاعر
المشهور [3] .
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (51) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (52) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 358) .
[3] لفظة «المشهور» سقطت من «ط» وهو مترجم في «ذيول العبر» ص (52) و
«فوات الوفيات» (1/ 95- 105) و «الدّرر الكامنة» (1/ 193) والبيت الذي
بين الحاصرتين في الترجمة مستدرك من «الفوات» و «الدّرر» .
(8/40)
قال ابن حجر في «الدّرر» : اشتغل [1]
بالأدب، ومهر، وفاق أقرانه. وسمع من نظمه أبو حيّان، والحافظ أبو الفتح
اليعمري، وحدّث عنه غير واحد. وله في الموشحات يد طولى، وله في القوس
ملغزا:
ما عجوز كبيرة بلغت عم ... را طويلا وتبتغيها [2] الرّجال
قد علا جسمها صفار ولم تش ... ك سقاما ولو [3] عراها هزال
ولها في البنين قهر وسهم [4] ... وبنوها كبار قدر نبال
[وبنوها لم يشبهوها ففي الأ ... م اعوجاج وفي البنين اعتدال]
قال الكمال جعفر: كان مكثرا من النّظم، وحدّث بشيء من شعره، وسمع منه
الفضلاء، وكتب عنه الكبراء. ومدح الأعيان والوزراء.
وتوفي في المحرم بمصر، وله ثلاث وثمانون سنة.
وفيها المسند العالم كمال الدّين إسحاق بن أبي بكر بن إبراهيم الأسدي
الحلبي بن النحّاس [5] . سمع ابن يعيش، وابن قميرة، وابن رواحة، وابن
خليل فأكثر، ونسخ الأجزاء، وانقطع بموته شيء كثير، وتوفي في رمضان عن
بضع وسبعين أو ثمانين [6] سنة.
وفيها الشيخ نجم الدّين أحمد بن محمد بن علي بن مرتفع بن حازم بن
إبراهيم بن العبّاس الأنصاري البخاري الشّافعي الشهير بابن الرّفعة [7]
.
قال ابن شهبة: شيخ الإسلام وحامل لواء الشافعية في عصره.
__________
[1] في «آ» و «ط» : «المشتغل» والتصحيح من «الدّرر الكامنة» .
[2] كذا في «آ» و «ط» و «الدّرر الكامنة» : «وتبتغيها» وفي «فوات
الوفيات» : «وتتّقيها» .
[3] في «الدّرر الكامنة» : «وكم» وفي «فوات الوفيات» : «ولا» .
[4] في «فوات الوفيات» : «سهم وقسم» .
[5] انظر «ذيول العبر» ص (55) و «الدّرر الكامنة» (1/ 356) .
[6] لفظة «أو ثمانين» سقطت من «آ» .
[7] انظر «ذيول العبر» ص (54) و «الدّرر الكامنة» (1/ 284) و «طبقات
الشافعية الكبرى» (9/ 24- 27) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (1/ 601) و
«طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 273- 274) و «النجوم الزاهرة» (9/
213) .
(8/41)
ولد بمصر سنة خمس وأربعين وستمائة، وسمع
الحديث من أبي الحسن بن الصوّاف، وعبد الرحيم بن الدميري. وتفقه على
الشيخين السّديد [1] والظّهير التّزمنتي [2] ، وعلى الشريف العبّاسي
[3] ، وأخذ عن القاضيين ابن بنت الأعزّ [4] وابن رزين [5] ولقّب الفقيه
لغلبة الفقه عليه، وولي حسبة مصر، ودرّس بالمعزّية بها، وناب في
القضاء، ولم يل شيئا من مناصب القاهرة، وصنّف التصنيفين العظيمين
المشهورين «الكفاية في شرح التّنبيه» و «المطلب في شرح الوسيط» في نحو
أربعين مجلدا، وهو أعجوبة من [6] كثرة النصوص والمباحث، ومات ولم يكمله
بقي عليه من باب صلاة الجماعة إلى البيع.
وأخذ عنه الشيخ تقي الدّين بن السبكي وجماعة.
وقال السّبكي: إنه أفقه من الرّوياني [7] صاحب «البحر» .
وقال الإسنوي: كان شافعي زمانه، وإمام أوانه، مدّ في مدارك العلم [8]
باعا، وتوغل في مسائله علما وطباعا، إمام مصره بل سائر الأمصار، وفقيه
عصره في سائر الأقطار، لم يخرّج إقليم مصر بعد ابن الحداد من يدانيه
ولا نعلم في
__________
[1] هو عثمان بن عبد الكريم بن أحمد سديد الدّين التزمنتي، المتوفى سنة
(674 هـ) . انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 178) .
[2] هو جعفر بن يحيى بن جعفر المخزومي التّزمنتي، المتوفى سنة (682 هـ)
. انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 139) .
[3] هو عماد الدين العبّاسي. كان إماما عالما بالفروع، درّس بالشريفية
مدة طويلة. انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 269) و «حسن
المحاضرة» (1/ 414) .
[4] هو عبد الوهاب بن خلف بن بدر العلامي، الشهير بابن بنت الأعز.
المتوفى سنة (665 هـ) انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 176-
177) .
[5] هو محمد بن الحسين بن رزين بن موسى العامري الحموي. المتوفى سنة
(680 هـ) . انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 187- 189) .
[6] في «ط» : «في» .
[7] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «الرواياني» والتصحيح من «طبقات الشافعية
الكبرى» وهو عبد الواحد ابن إسماعيل، الملقب فخر الإسلام. انظر «طبقات
الشافعية» للإسنوي (1/ 565- 566) .
[8] في «طبقات الشافعية» للإسنوي: «مدّ في مدارك الفقه» .
(8/42)
الشافعية مطلعا بعد الرّافعي من [1]
يساويه. كان أعجوبة في استحضار كلام الأصحاب، لا سيما في غير مظانه،
وأعجوبة في معرفة نصوص الشافعيّ، وأعجوبة في قوة التخريج، ديّنا،
خيّرا، محسنا إلى الطلبة.
توفي بمصر في رجب ودفن بالقرافة.
وفيها نجم الدّين أبو بكر عبد الله بن أبي السّعادات بن منصور بن أبي
السّعادات بن محمد الأنباري ثم البابصري [2] المقرئ، خطيب جامع
المنصور، وشيخ المستنصرية بعد ابن الطبّال. سمع ابن بهروز، والأنجب
الحمّامي، وأحمد بن المارستاني، ومات ببغداد في رمضان عن اثنتين
وثمانين سنة.
وفيها عبد الله بن أبي جمرة السّبتي المالكي [3] . روى بالإجازة عن ابن
الرّبيع بن سالم، ثم ولي خطابة غرناطة في أواخر عمره فاتفق أنه صعد
المنبر يوم الجمعة فسقط ميتا.
وأما عبد الله بن أبي جمرة [4] الإمام القدوة، الذي شرح «مختصره
للبخاري» فمات قبل القرن.
وفيها علي بن علي بن أسمح اليعقوبي [5] الزّاهد ويلقب منلا [6] الناسخ.
__________
[1] لفظة «من» سقطت من «ط» .
[2] انظر «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (298) و «ذيول العبر» ص (55- 56)
و «الدّرر الكامنة» (2/ 260) .
[3] انظر «الإحاطة في تاريخ غرناطة» (3/ 415) وهو عبد الله بن محمد بن
أحمد بن محمد بن عبد الملك بن أبي جمرة الأزدي.
[4] مات الإمام ابن أبي جمرة هذا سنة (695 هـ) على أرجح الأقوال وقيل
سنة (699 هـ) . انظر «البداية والنهاية» (13/ 346) و «الابتهاج بتطريز
الدّيباج» على هامش «الدّيباج المذهب» صفحة (140) و «شجرة النور
الزّكية» ص (199) و «الأعلام» (4/ 89) .
قلت: وهو الذي صنّف «مختصر صحيح البخاري» وسمّاه: «جمع الغاية في بدء
الخير وغاية» وهو إلى «التلخيص» أقرب منه إلى «المختصر» اختار فيه
مؤلّفه (296) حديثا من «صحيح البخاري» وأثبتها في مختصره بعد حذف
أسانيدها والإبقاء على اسم الصحابي راوي الحديث. وقد طبع هذا المختصر
في مصر أول سنة (1302) هـ، ثم طبع في مصر مرة أخرى مع شرح بقلم الشيخ
عبد المجيد الشّرنوبي، ثم طبع في مؤسسة الكتب الثقافية بشرح الشرنوبي
أيضا.
[5] انظر «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (298) و «الدّرر الكامنة» (3/ 86)
.
[6] في «الإعلام بوفيات الأعلام» : «مثلا» بالثاء. قلت: لكن ما جاء في
كتابنا هو الأقرب إلى الصواب
(8/43)
كان علّامة، متفنّنا، ذا محفوظات، منها
«مصابيح البغوي» و «المفصّل» و «المقامات» . وسكن الرّوم، وركب البغلة،
ثم تزهّد وهاجر إلى دمشق، واستمر بدلق ومئزر صغير أسود، وتردد إلى
المدارس، وأقرأ العربية، ومات باللّجّون.
وفيها بهاء الدّين علي بن الفقيه عيسى بن سليمان بن رمضان الثّعلبي
المصري ابن القيّم [1] . كان ناظر الأوقاف، وذكر مرّة للوزارة. وكان
ديّنا، خيّرا، متواضعا. حدّث عن الفخر الفارسي، وابن باقا.
وتوفي في ذي القعدة بمصر عن سبع وتسعين سنة.
وفيها أبو عمرو عثمان بن إبراهيم الحمصي النسّاخ [2] . حضر ابن
الزّبيدي، وروى كثيرا عن الضّياء، ومات بدمشق في رجب عن ثلاث وثمانين
سنة.
وفيها قاضي القضاة شمس الدّين محمد بن إبراهيم بن عبد الغني السّروجي
[3] [الحنفي] [4] . أحد أئمة المذهب. صنف التصانيف واشتهر، وتوفي في
ربيع الآخر وله ثلاث وسبعون سنة. قاله الذهبي [5] .
وفيها ستّ الملوك فاطمة بنت علي بن أبي البدر [6] ، روت كتابي
«الدارمي» و «عبد بن حميد» [7] عن ابن بهروز الطّبيب، وتوفيت ببغداد في
ربيع الأول. قاله في «العبر» .
__________
لأن لفظة «منلا» أو «ملّا» تعني في لغات الأكراد وبعض أقوام بلاد ما
وراء النهر «الشيخ» وقد قال ابن حجر في «الدّرر» : المعروف بالشيخ علي
ببلاده» .
[1] انظر «ذيول العبر» ص (56) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (298) و
«الدرر الكامنة» (3/ 91) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (54) و «الدّرر الكامنة» (2/ 435) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (53) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (298) و
«الجواهر المضية» (1/ 123- 129) .
[4] في «ط» : «الشافعي» ولم ترد هذه اللفظة في «آ» والتصحيح من «ذيول
العبر» و «الجواهر المضية» .
[5] جملة «قاله الذهبي» لم ترد في «ط» .
[6] انظر «ذيول العبر» ص (52) .
[7] وقد طبع «المنتخب من مسند عبد بن حميد» في مكتبة عالم الكتب ببيروت
عام (1408) هـ.
(8/44)
|