شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة ست عشرة
وسبعمائة
فيها توفي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عيسى الغافقي الإشبيلي المالكي
[1] . سمع «التيسير» من ابن جوبر [2] بسماعه من أبي حمزة، وبحث «كتاب
سيبويه» على ابن أبي الرّبيع، وتلا بالسّبع. وكان مقرئا، نحويا، ذا
علوم وتصانيف وجلالة وتلامذة.
توفي بسبتة وله خمس وسبعون سنة.
وفيها المقرئ المعمّر صدر الدّين أبو الفداء إسماعيل ابن يوسف بن مكتوم
بن أحمد القيسي الدمشقي [3] . سمع ابن اللّتي [4] ، ومكرما، وابن
الشّيرازي، والسّخاوي. وقرأ عليه بثلاث روايات. وكان فقيها بالمدارس،
ومقرئا بالزويزانية [5] ، وله أملاك. وتفرّد بأجزاء.
وتوفي بدمشق في شوال عن ثلاث وتسعين سنة.
وفيها الرئيس العدل شمس الدّين عبد القادر بن يوسف بن مظفّر بن الحظيري
الدمشقي [6] . ولي نظر الخزانة، ونظر الجامع، ونظر المارستان.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (90) و «غاية النهاية» (1/ 8) و «الدّرر
الكامنة» (1/ 13) .
[2] تصحفت في «آ» إلى «ابن خوير» وفي «ط» إلى «ابن حوير» والتصحيح من
مصادر الترجمة، وانظر «غاية النهاية» (2/ 160) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (89) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (302) و
«الدّرر الكامنة» (1/ 384) .
[4] تحرفت في «ط» إلى «ابن التي» .
[5] انظر «الدارس في تاريخ المدارس» (2/ 247) .
[6] انظر «ذيول العبر» ص (87) و «الدّرر الكامنة» (2/ 393) .
(8/70)
وحدّث عن ابن رواج، وبالإجازة عن علي بن
الجمل، وابن الصّفراوي، وطائفة.
وكان ديّنا، صيّنا، أمينا، وافر الجلالة.
وتوفي في جمادى الأولى عن إحدى وثمانين سنة.
وفيها كشتية النّاصري [1] .
وفيها علاء الدّين علي بن مظفّر [2] الكندي، ويعرف بكاتب ابن وداعة [3]
. سمع من البكري، وإبراهيم بن خليل، وطبقتهما. وتلا بالسّبع على العلم
[4] . وغيره، ونسخ الأجزاء. وكان أديبا، بارعا، محدّثا، من جياد
الطلبة، على رقّة في دينه وهنات، وله نظم ونثر وحسن كتابة. ولي مشيخة
النّفيسية مدّة، وكتابة الإنشاء. وتوفي عن ست وسبعين سنة. قاله الذهبي.
وفيها نجم الدّين أبو الرّبيع سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم بن
سعيد الطّوفي الصّرصري ثم البغدادي [5] ، الحنبلي الأصولي المتفنن.
ولد سنة بضع وسبعين وستمائة بقرية طوفا [6] من أعمال صرصر. وحفظ بها [
«مختصر الخرقي» في الفقه، و «اللّمع» في النحو لابن جنّي. وتردد إلى
صرصر، وقرأ الفقه بها] [7] على الشيخ شرف الدّين علي بن محمد الصّرصري.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (87) وتعليق محققه الأستاذ محمد رشاد عبد
المطلب عليه.
[2] تنبيه: كذا في «آ» و «ط» و «ذيول العبر» مصدر المؤلف وغيره من
المصادر: «علي بن مظفّر» وفي بعض المصادر الأخرى: «علي بن إبراهيم بن
مظفّر» .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (87) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 738) و
«معجم الشيوخ» (2/ 58) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (301) و «فوات
الوفيات» (2/ 21- 23) و «غاية النهاية» (1/ 517) و «درّة الحجال» (3/
222) .
[4] هو علم الدّين القاسم بن أحمد اللّورفي، تقدمت ترجمته في وفيات سنة
(661) من المجلد السابع.
[5] انظر «ذيول العبر» ص (88) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 366- 370) و
«الدّرر الكامنة» (2/ 154- 157) و «الأعلام» (3/ 127- 128) .
[6] كذا في «آ» و «ط» : «طوفا» بالألف الممدودة، وفي «ذيل طبقات
الحنابلة» : «طوفى» بالألف المقصورة، وفي «الدّرر الكامنة» : «طوف» ولم
أقف على ذكر لها فيما بين يدي من المصادر.
[7] ما بين الحاصرتين سقط من «آ» وأثبته من «ط» و «ذيل طبقات الحنابلة»
مصدر المؤلف.
(8/71)
ثم دخل بغداد سنة إحدى وتسعين فحفظ
«المحرّر» في الفقه وبحثه على الشيخ تقي الدّين الزّريراتي [1] . وقرأ
العربية والتصريف على أبي عبد الله محمد بن الحسين الموصلي، والأصول
على النّصير الفارقي وغيرهم. وقرأ الفرائض وشيئا من المنطق، وجالس
فضلاء بغداد في أنواع الفنون، وعلّق عنهم.
وسمع الحديث من ابن الطبّال وغيره.
وسافر إلى دمشق سنة أربع وسبعمائة، فسمع بها الحديث من ابن حمزة وغيره.
ولقي الشيخ تقي الدّين بن تيميّة، والمزّي، والبرزالي.
ثم سافر إلى مصر سنة خمس وسبعمائة، فسمع بها [2] من الحافظ عبد المؤمن
بن خلف، والقاضي سعد الدّين الحارثي. وقرأ على أبي حيّان النّحوي
«مختصره» لكتاب سيبويه [3] . ولقي بها جماعة. وحجّ وجاور بالحرمين
الشريفين، وسمع بهما، وقرأ بهما كثيرا من الكتب.
وأقام بالقاهرة مدة، وصنّف تصانيف كثيرة، منها: «الاكسير في قواعد
التفسير» و «الرّياض النّواضر في الأشباه والنظائر» و «بغية الواصل إلى
معرفة الفواصل» . و «شرح مقامات الحريري» في مجلدات، وغير ذلك. وكان مع
ذلك كلّه شيعيا منحرفا في الاعتقاد عن السّنّة، حتى إنه قال في نفسه
[4] :
حنبليّ رافضيّ ظاهري ... أشعريّ إنّها إحدى الكبر
ووجد له في الرفض قصائد ويلوّح به في كثير من مصنّفاته [5] حتى إنه
صنّف كتابا سمّاه «العذاب [6] الواصب على أرواح النّواصب» .
__________
[1] تحرفت في «ذيل طبقات الحنابلة» إلى «الزيراتي» فلتصحح.
[2] لفظة «بها» سقطت من «ط» .
[3] لفظة «سيبويه» لم ترد في «آ» .
[4] رواية البيت في «آ» و «ط» و «ذيل طبقات الحنابلة» :
حنبليّ أشعريّ رافضي هذه إحدى العبر ولا يستقيم وما أثبته لضرورة الوزن
من «الدّرر الكامنة» .
[5] في «ط» : «تصانيفه» .
[6] تحرفت في «ط» إلى «العذاط» .
(8/72)
قال تاج الدّين أحمد بن مكتوم: اشتهر عنه
الرّفض، والوقوع في أبي بكر رضي الله عنه، وابنته عائشة رضي الله عنها،
وفي غيرهما من جلّة [1] الصحابة رضوان الله عليهم، وظهر له في هذا
المعنى أشعار بخطّه، نقلها عنه بعض من كان يصحبه ويظهر موافقة له، منها
قوله في قصيدة:
كم بين من شكّ في خلافته ... وبين من قيل: إنه الله
فرفع أمر ذلك إلى قاضي الحنابلة سعد الدّين الحارثي، وقامت عليه بذلك
البينة، فتقدم إلى بعض نوابه بضربه وتعزيره وإشهاره، وطيف به، ونودي
عليه بذلك، وصرف عن جميع ما كان بيده من المدارس، وحبس أياما، ثم أطلق،
فخرج من حينه مسافرا، فبلغ قوص من صعيد مصر، وأقام بها مدة. ثم حجّ في
أواخر سنة أربع عشرة وجاور سنة خمس عشرة. ثم حجّ، ثم نزل إلى الشام إلى
[2] الأرض المقدسة فأدركه الأجل في بلد الخليل عليه السلام في شهر رجب.
وفيها طقطاي بن منكوتمر بن طغاي بن باطو بن [3] ، الطّاغية الأكبر
جنكزخان المغلي التّتري، ملك القبجاق [4] . جلس على تخت الملك وعمره
سبع سنين، وكان يحب السّحرة ويعظّمهم، ويحب الأطباء. وممالكه واسعة
جدا، منها: قرم، وسراي، وغير ذلك. وكان له جيش عظيم إلى الغاية، يقال:
إنه جهّز عسكرا مرّة يشتمل على مائتي ألف فارس. وطالت أيامه إلى هذه
السنة، وكانت دولته ثلاثا وعشرين سنة.
وملك بعده أخوه أزبك خان.
وفيها مسندة الوقت ستّ الوزراء بنت عمر بن أسعد بن المنجّى التّنوخية
[5] . روت عن أبيها القاضي شمس الدّين، وابن الزّبيدي، وحدّثت
__________
[1] تحرفت في «ذيل طبقات الحنابلة» إلى «جملة» .
[2] في «ط» : «في» .
[3] انظر «الدّرر الكامنة» (2/ 226) .
[4] ويقال القفجاق أيضا.
[5] أنظر «ذيول العبر» ص (88) و «النجوم الزاهرة» (9/ 237) .
(8/73)
ب «الصحيح» [1] وب «مسند الشّافعي» بدمشق
ومصر مرات. وكانت على خير عظيم.
وتوفيت في شعبان فجاءه عن اثنتين وتسعين سنة.
وفيها سلطان التتار غياث الدّين خربندا بن أرغون بن أبغا بن هولاكو [2]
.
هلك من هيضة في هيضة في آخر رمضان ولم يتكهل. وكانت دولته ثلاث عشرة
سنة، وتملّك بعده ابنه أبو سعيد.
وفيها بحماة أم أحمد فاطمة بنت النّفيس محمد بن الحسين بن رواحة [3] .
روت أجزاء عن عمّها بمصر وطرابلس.
قال الذهبي: سمعنا منها.
وفيها الشيخ العلّامة ذو الفنون صدر الدّين أبو عبد الله محمد بن عمر
بن مكّي بن عبد الصّمد بن عطية بن أحمد بن عطية الشّافعي العثماني،
المعروف بابن المرحّل، وبابن الوكيل [4] .
ولد بدمياط في شوال سنة خمس وستين وستمائة، ونشأ بدمشق، وسمع من ابن
علّان والقاسم الإربلي. وحفظ كتبا. يقال: إنه كان إذا وضع بعضها على
بعض كانت طول قامته. وحفظ «المفصّل» في مائة يوم، و «مقامات الحريري»
في خمسين يوما، و «ديوان المتنبي» في جمعة واحدة. قاله ابن قاضي شهبة.
وتفقّه على والده، وعلى الشيخ شرف الدّين المقدسي، والشيخ تاج الدّين
الفزاري، وغيرهم. وأخذ الأصلين عن الصّفي الهندي، والنحو عن بدر الدّين
بن مالك. وبرع وأفتى، وله اثنتان وعشرون سنة. واشتغل، وناظر، واشتهر
اسمه، وشاع ذكره، ودرّس بالشّاميتين والعذرواية. وولي مشيخة دار الحديث
الأشرفية.
__________
[1] يعني «صحيح البخاري» كما في «النجوم الزاهرة» .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (88- 89) و «دول الإسلام» (2/ 169) و «النجوم
الزاهرة» (9/ 238) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (89) و «مرآة الجنان» (4/ 255) .
[4] انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 253- 267) و «طبقات الشافعية»
لابن قاضي شهبة (2/ 304- 306) و «الوافي بالوفيات» (4/ 264- 284) .
(8/74)
وخالط النائب آقش الأفرم، وجرت له أمور لا
يحسن ذكرها ولا يرشد أمرها، وأخرجت جهاته.
وانتقل إلى حلب فأقام بها مدة، ودرّس، ثم انتقل إلى الدّيار المصرية،
ودرّس بالمشهد الحسيني، وجمع كتاب «الأشباه والنظائر» .
وأثنى عليه السّبكي كثيرا، وله نظم رائق وشعر فائق، منه [1] :
ليذهبوا في ملامي أيّة ذهبوا ... في الخمر لا فضّة تبقى ولا ذهب
لا تأسفنّ على مال تمزّقه [2] ... أيدي سقاة الطّلا والخرّد العرب
راح بها راحتي في راحها [3] حصلت ... فتمّ عجبي بها وازداد لي [4]
العجب
فما كسوا راحتيّ من راحها حللا ... إلّا وعرّوا فؤادي الهمّ واستلبوا
إذ ينبع [5] الدّنّ [6] من حلو مذاقته ... والتّبر منسبك في الكأس
منسكب
وليست الكيميا في غيرها وجدت ... وكلّ ما قيل في ألوانها كذب
قيراط خمر [7] على القنطار من حزن ... يعود في الحال أفراحا [8] وينقلب
عناصر أربع في الكأس قد جمعت ... وفوقها الفلك السيّار والشّهب
ماء ونار هواء أرضها قدح ... وطوقها فلك والأنجم الحبب
ما الكأس عندي بأطراف الأنامل بل ... بالخمس تقبض لا يحلو لها الهرب
شججت بالماء منها الرأس موضحة ... فحين أعقلها بالخمس لا عجب
وما تركت بها الخمس التي وجبت ... وإن رأوا تركها في بعض ما يجب
__________
[1] الأبيات في «طبقات الشافعية الكبرى» مع زيادة ونقصان. وفي «الوافي
بالوفيات» .
[2] في «آ» و «ط» : «تفرّقه» وأثبت لفظ «طبقات الشافعية الكبرى» و
«الوافي» .
[3] كذا في «آ» و «ط» و «الوافي بالوفيات» : «في راحتي» وفي «طبقات
الشافعية الكبرى» «في راحها» .
[4] في «آ» و «ط» : «وازدادني» وأثبت لفظ «طبقات الشافعية الكبرى» و
«الوافي» .
[5] في «الوافي بالوفيات» : «إن ينبع» وهذا البيت لم يرد في «طبقات
الشافعية الكبرى» .
[6] في «الوافي بالوفيات» : «الدّرّ» والدّنّ: ما عظم من الرّواقيد،
وهو كهيئة الحبّ إلّا أنه أطول. انظر «لسان العرب» (دنن) .
[7] تحرفت في «ط» إلى «خمس» .
[8] في «طبقات الشافعية الكبرى» و «الوافي بالوفيات» : «يعيد ذلك
أفراحا» .
(8/75)
وإن تقطّب وجهي حين تبسم لي ... فعند بسط
الموالي يحسن الأدب
عاطيتها من بنات التّرك غانية ... لحاظها لأسود والسّود قد غلبوا [1]
يا قلب [2] أردافها مهما برزت [3] بها ... قف لي عليها وقل: لي هذه
الكثب
وإن مررت بشعر فوق قامتها ... بالله قل لي: كيف البان والعذب
تحكي الثنايا التي أبدته من حبب ... لقد حكيت ولكن فاتك الشّنب
وله:
عيّرتني بالسّقم إنك مشبهي ... ولذاك خصرك مثل جسمي ناحلا
وأراك تشمت إذ رأيتك سائلا ... لا بدّ أن يأتي عذارك سائلا
قال الذهبي: تخرّج به الأصحاب، وكان أحد الأذكياء.
وقال ابن شهبة: توفي في ذي الحجّة بالقاهرة، ودفن بالقرافة بتربة
القاضي فخر الدّين ناظر الجيش.
ولما بلغت وفاته ابن تيميّة قال: أحسن الله عزاء المسلمين فيك يا صدر
الدّين.
وفيها، على خلاف في ذلك [4] ، محمد بن يوسف بن عبد الله بن محمود
الجزري ثم المصري شمس الدّين أبو عبد الله [5] . ولد سنة سبع وثلاثين
وستمائة.
واشتغل بالعلم وأخذ بقوص عن الأصفهاني [6] وسمع، ودرّس، وأفتى في مذهب
الشافعي، وخطب بجامع طولون، ودرّس بالشّريفيّة والمعزّيّة [6] ، وشرح
«منهاج
__________
[1] في هذا البيت خلاف عند الصفدي في «الوافي» .
[2] في «آ» و «ط» : «ما قلت» وأثبت لفظ «الوافي» .
[3] في «الوافي بالوفيات» : «مهما مررت بها» وهو أجود.
[4] قلت: لم أقف على من ذكره في عداد وفيات سنة (716) سوى المؤلف رحمه
الله تعالى.
[5] انظر «ذيول العبر» ص (63) و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 275- 276)
و «الدّرر الكامنة» (4/ 299- 300) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (1/ 383-
384) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 309- 310) و «النجوم
الزاهرة» (9/ 221) و «حسن المحاضرة» (1/ 544) و «درة الحجّال» (2/ 19-
21) و «الأعلام» (7/ 151) .
[6] ما بين الرقمين سقط من «ط» .
(8/76)
البيضاوي» شرحا حسنا، و «ألفية ابن مالك»
وأخذ السّبكي عنه علم الكلام.
وتوفي بمصر في ذي القعدة.
وفيها، على خلاف أيضا، شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن أبي
بكر ابن هبة الله الجزري ثم المصري الشافعي، ويعرف بابن المحوجب، وفي
بلاده بابن القوّام [1] .
ولد سنة ست وثلاثين وستمائة، كذا رأيته في بعض تواريخ المصريين، وقرأ
القراآت السّبع، وأخذ بدمشق النحو عن شرف الدّين بن المقدسي، وبقوص
المعقولات عن الأصفهاني، والفقه عن الشيخين ابن دقيق العيد،
والدّشناوي.
وأخذ بمصر عن القرافي.
قال الإسنوي: كان ذكيا، أقام بمصر وأخذ عنه كثير من طلبتها، ودرّس
بالمعزّية بعد موت ابن الرّفعة. وكانت السوداء تغلب على مزاجه.
توفي في رجب سنة إحدى عشرة وسبعمائة، وقد جاوز الثمانين. كذا قاله
الإسنوي.
__________
[1] انظر «طبقات الشافعية» للإسنوي (1/ 382) وقال: مات سنة (711) .
(8/77)
سنة سبع عشرة
وسبعمائة
في مستهل صفرها شرع في بناء جامع تنكز [1] ظاهر دمشق.
وفي صفرها أيضا كانت الزيادة العظمى ببعلبك، فغرق في البلد مائة وبضع
وأربعون نسمة، وخرق السّيل سورها الحجارة مساحة أربعين ذراعا، ثم تدكدك
يعد مكانه بمسيرة نحو من خمسمائة ذراع، فكان ذلك آية بيّنة، وتهدم من
البيوت والحوانيت نحو ستمائة موضع.
وفيها ظهر جبليّ ادعى أنه المهدي بجبلة [2] ، وثار معه خلق من
النّصيريّة والجهلة، وبلغوا ثلاثة آلاف، فقال: أنا محمد المصطفى مرّة،
ومرة قال: أنا عليّ، وتارة قال: أنا محمد بن الحسن المنتظر، وزعم أن
الناس كفرة، وأن دين النّصيريّة هو الحقّ، وأن النّاصر صاحب مصر قد
مات، وعاثوا بالسّاحل واستباحوا جبلة، ورفعوا أصواتهم بقول [3] لا إله
إلّا عليّ، ولا حجاب إلّا محمّد، ولا باب إلا سلمان، ولعنوا الشيخين
[4] وخرّبوا المساجد، وكانوا يحضرون المسلم إلى
__________
[1] قلت: وقال ابن كثير في «البداية والنهاية» (14/ 81) في تأريخه
لأحداث سنة (716) ما نصه: في صفر شرع في عمارة الجامع الذي أنشأه ملك
الأمراء تنكز ظاهر باب القصر تجاه حكر السماق على نهر بانياس، وتردد
العلماء والقضاة في تحرير قبلته، فاستقرّ الحال في أمرها على ما قاله
ابن تيميّة.
وانظر ما كتبه عن هذا الجامع الدكتور أسعد طلس في «ذيله» على «ثمار
المقاصد في ذكر المساجد» لابن المبرد المنشور بتحقيقه ص (202) .
[2] انظر تفاصيل خروج هذا الضال في «دول الإسلام» (2/ 224) و «البداية
والنهاية» (14/ 83) .
[3] في «ط» : «وقالوا» .
[4] يعني أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وأرضاهما وجمعنا بهما يوم
القيامة تحت لواء سيد المرسلين،
(8/78)
طاغيتهم ويقولون: اسجد لإلهك. فسار إليهم
عسكر طرابلس، وقتل الطّاغية وجماعة، وتمزّقوا. قاله في «العبر» [1] .
وفيها مات الأديب الفاضل شهاب الدّين أحمد بن أبي المحاسن [يعقوب]
الطّيبي [الأسديّ] الطّرابلسي [2] بها.
ومن شعره:
ما مسّني الضّيم إلّا من أحبّائي ... فليتني كنت قد صاحبت أعدائي
ظننتهم لي دواء الهمّ فانقلبوا ... داء يزيد بهم همّي وأدوائي
من كان يشكو من الأعداء جفوتهم ... فإنني أنا شاك من أودّائي
وفيها أبو بكر أحمد بن أبي بكر البغدادي الدمشقي، المعروف بنقيب
المتعمّمين.
كانت عنده فضائل في النظم والنثر مما يناسب الوقائع، ويحضر التّهاني
والتّعازي، ويعرف الموسيقيا، والشّعبذة، وضرب الرّمل، ويحضر مجالس
البسط والهزل، ثم انقطع لكبر سنه. حكاه ابن الجزري [3] في «تاريخه» .
وفيها- وجزم ابن شهبة أنه في التي قبلها- فقال: يوسف بن محمد بن موسى
بن يونس بن منعة كمال الدين أبو المعالي بن بهاء الدّين ابن كمال
الدّين بن رضي الدّين قاضي الموصل [4] .
__________
وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تسبّوا أصحابي، فو الذي
نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه»
. رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ورواه مسلم عن
أبي هريرة رضي الله عنه.
[1] انظر «ذيول العبر» ص (91- 92) .
[2] انظر «النجوم الزاهرة» (9/ 240) وما بين الحاصرتين في الترجمة
زيادة منه.
[3] سترد ترجمته في وفيات سنة (833) من المجلد التاسع إن شاء الله،
واسم تاريخه «ملخص تاريخ الإسلام» وهو مخطوط لم يطبع بعد فيما أعلم ولا
أدري في أي المكتبات هو.
[4] انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 312- 313) و «الدّرر
الكامنة» (4/ 476) و «الأعلام» (8/ 250) .
(8/79)
قال بعض المتأخرين في «طبقات» جمعها: انتهت
إليه رئاسة إقليمه، وشرح «الحاوي» ، وقدم رسولا من غازان [1] على الملك
النّاصر، فأكرمه، وأظهر له من الحشمة والمهابة ما يليق ببيته وأصالته.
مات بالسّلطانية سنة ست عشرة وسبعمائة. انتهى كلام ابن شهبة.
وفيها، على خلاف أيضا، عزّ الدّين أبو حفص عمر بن أحمد بن أحمد المدلجي
النّشائي المصري [2] .
قال ابن شهبة: لا أعلم [3] عمن أخذ الفقه. وسمع من جماعة، ودرّس
بالفاضلية وله على «الوسيط» إشكالات حسنة مفيدة [في مجلدين] ، إلّا
أنها لم تكمل. وعليه تفقه ولده كمال الدّين، والشيخ مجد الدّين
الزّنكلوني.
وقال الإسنوي: كان إماما، بارعا في الفقه والنحو والعلوم الحسابية
[أصوليا] ، محقّقا، ديّنا، ورعا، زاهدا، متصوفا، يحب السّماع ويحضره.
وكانت في أخلاقه حدّة. وانتفع به خلق كثير.
وقال ابن السّبكي: كان فقيها، كبيرا، ورعا، صالحا، حجّ في البحر من
عيذاب [4] سنة ست عشرة وسبعمائة.
وتوفي في تلك السنة بمكّة في العشر الأخير من ذي القعدة، وقيل في ذي
الحجّة، ودفن بالمعلاة [5] . انتهى.
__________
[1] في «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة، وفي «الأعلام» «قازان»
وكلاهما صواب فقد رسمت بالوجهين في المصادر.
وهو غازان محمود بن أرغون بن أبغا بن هولاكو، وقد تقدمت ترجمته في
وفيات سنة (703) ص (18) فراجعها، وانظر «معجم الأنساب والأسرات الحاكمة
في التاريخ الإسلامي» للمستشرق إدوار دفون زامباور ص (362) .
[2] انظر «العقد الثمين» (6/ 283- 285) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/
509) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 294- 296) و «حسن
المحاضرة» (1/ 422) .
[3] في «ط» : «لا أدري» .
[4] بلدة على ساحل البحر الأحمر. انظر «معجم البلدان» (4/ 171) و «أطلس
التاريخ العربي» ص (27) .
[5] في «آ» و «ط» و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة مصدر المؤلف:
«بالمعلّى» والتصحيح من
(8/80)
وفيها شرف الدّين الحسين بن علي بن إسحاق
بن سلّام- بتشديد اللام- ابن عبد الوهاب بن الحسن ابن سلّام الشافعي
[1] .
ولد سنة ثلاث وسبعين وستمائة، واشتغل، فبرع، وحصّل، وأفتى، وناظر،
ودرّس بالعذراوية. وولي إفتاء دار العدل أيام الأفرم. وكلام الكتبي
يفهم أنه أول من ولي الإفتاء بها.
قال الذهبي: كان من الأذكياء.
وقال ابن كثير: كان واسع الصّدر كبير الهمّة، كريم النّفس، مشكورا في
فهمه وحفظه وفصاحته ومناظرته.
توفي بدمشق في رمضان. ودفن بباب الصّغير.
وفيها الرّشيد فضل الله بن أبي الخير الهمذاني [2] الطّبيب. كان أبوه
يهوديا عطّارا، فاشتغل هذا في المنطق والفلسفة، وأسلم، واتصل بغازان،
وعظم في دولة خربندا بحيث إنه صار في رتبة الملوك. قام عليه الوزير علي
شاه بأنه هو الذي قتل القآن خربندا لكونه أعطاه على هيضة مسهلا فتقيّأ،
فخارت قواه، فاعترف، وبرطل جوبان بألف ألف دينار، فما نفع، بل قتل هو
وابنه.
وكان يوصف بحلم ولطف وسخاء ودهاء.
فسّر القرآن العظيم فشحنه بآراء الأوائل، وعاش نيفا وسبعين سنة، وقيل:
بل كان جيد الإسلام وهو والد الوزير المعظم محمد بن الرّشيد. وكان وزير
التتار ومدبّر دولتهم.
وفيها المحدّث الإمام الشيخ علي بن محمد الجبّني- بالضم والتشديد،
__________
«العقد الثمين» (6/ 284) . وقال الفيروزآبادي في «القاموس المحيط» :
المعلاة: مقبرة مكة بالحجون.
[1] انظر «ذيول العبر» ص (95) و «البداية والنهاية» (14/ 85) و «طبقات
الشافعية الكبرى» (9/ 408- 409) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/
279- 280) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (92- 93) و «الدّرر الكامنة» (3/ 232) .
(8/81)
نسبة إلى الجبن المأكول- الصّوفي [1] . روى
عن الفخر علي، وتاج الدّين الفزاري، وكان تقيا، دينا، مؤثرا، كثير
المحاسن.
توفي في المحرّم عن سبع وأربعين سنة.
وفيها الشيخ تاج الدّين محمد بن علي البارنباريّ [2] المصري العالم
الشّافعي، الملقب طوير اللّيل [3] .
قال السّبكي: أحد أذكياء الزّمان، برع فقها [وعلما] وأصولا ومنطقا.
قرأ الأصول والمعقول على الأصبهاني شارح «المحصول» وسمعت الوالد- رحمه
الله- يقول: قال لي ابن الرّفعة: من عندكم من الفضلاء في درس
الظّاهريّة؟ فقلت له: قطب الدّين السّنباطي، وفلان وفلان، حتّى انتهيت
إلى البارنباري، فقال لي: ما في من ذكرت مثله.
مولده سنة أربع وخمسين وستمائة. انتهى.
وفيها المعمّر قاضي المالكية بدمشق، جمال الدّين محمد بن سليمان بن
سومر [4] الزّواوي [5] . استمر قاضيا بدمشق ثلاثين سنة.
قال الذهبي: ثنا الزّواوي عن الشّرف المرسي، وابن عبد السلام.
وأصابه فالج سنوات فعجز عن المنصب، فجاء على منصبه قبل موته بعشرين
يوما العلّامة فخر الدّين بن سلامة الإسكندراني.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (92) و «معجم الشيوخ» (2/ 43- 45) و «المعجم
المختص» ص (90) و «المعين في طبقات المحدّثين» ص (231) و «الدّرر
الكامنة» (3/ 185) وفي بعض هذه المصادر «الختني» مكان «الجبّني» .
[2] تصحفت في «آ» و «ط» إلى «الباريناري» والتصحيح من مصادر الترجمة.
[3] انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 249- 251) و «طبقات الشافعية»
للإسنوي (1/ 288) و «الدّرر الكامنة» (4/ 100) و «حسن المحاضرة» (1/
544) .
[4] اختلف في هذه اللفظة فقيل: «ابن سومر» وقيل: «ابن سومي» وقيل: «ابن
سويد» وقيل غير ذلك.
وانظر التعليق على «النجوم الزاهرة» و «ذيول العبر» .
[5] انظر «ذيول العبر» ص (93- 94) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (302)
و «الدّرر الكامنة» (3/ 448) و «النجوم الزاهرة» (9/ 239) .
(8/82)
وتوفي الزّواوي بدمشق عن بضع وثمانين سنة.
وفيها أبو القاسم محمد بن خالد بن إبراهيم الحرّاني [1] الفقيه الحنبلي
التّاجر، بدر الدّين، أخو الشيخ تقي الدّين بن تيميّة لأمّه.
ولد سنة خمسين وستمائة تقريبا بحرّان، وسمع بدمشق من ابن عبد الدائم،
وابن أبي اليسر، وابن الصّيرفي، وابن أبي عمر، وغيرهم. وتفقه، ولازم
الاشتغال على الشيوخ، وأفتى بالمدرسة الجوزية، وبمسجد الرمّاحين بسوق
جقمق، ودرّس بالمدرسة الحنبلية نيابة عن أخيه الشيخ تقي الدّين مدّة.
قال الذهبي: كان فقيها عالما إماما بالجوزية، وله رأس مال يتجر به.
وكان قد تفقّه على أبي زكريا بن الصّيرفي، وابن المنجّى، وغيرهما.
سمعنا منه أجزاء، وكان خيّرا، متواضعا.
وقال البرزالي: كان فقيها، مباركا، كثير الخير، قليل الشرّ، حسن الخلق،
منقطعا عن النّاس، وكان يتجر، ويتكسب، وترك لأولاده تركة. وروى «جزء
ابن عرفة» مرارا عديدة.
وتوفي يوم الأربعاء ثامن جمادى الآخرة ودفن بمقابر الصّوفية عند
والدته.
وفيها شمس الدّين محمد بن الصّلاح موسى بن خلف بن راجح الصّالحي
الحنبلي [2] . سمع ابن قميرة، والرّشيد بن مسلمة، وجماعة. وله نظم جيد.
توفي في جمادى الآخرة في عشر الثمانين.
وفيها القاضي الأثير شرف الدّين عبد الوهاب بن فضل الله بن مجلّي
العدوي [3] . كاتب السرّ بمصر، ثم بدمشق.
__________
[1] انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 370) .
[2] انظر «معجم الشيوخ» (2/ 291- 292) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (94) .
(8/83)
كان ديّنا، عاقلا، ناهضا، ثقة، مشكورا،
مليح الخطّ والإنشاء.
روى عن ابن عبد الدائم، وتوفي بدمشق في رمضان عن أربع وتسعين سنة.
وفيها القاضي الأديب علاء الدّين علي بن الصّاحب فتح الدّين محمد بن
عبد الله بن عبد الظّاهر بن نشوان السّعدي الجذامي [1] . كان من كبار
المنشئين وعلمائهم، ورثاه الشّهاب محمود بقصيدة أولها:
الله أكبر أيّ ظلّ زالا ... عن آمليه وأيّ طود مالا
أنعى إلى النّاس المكارم والعلا ... والجود والإحسان والإفضالا
وفيها فخر الدّين عثمان بن بلبان المقاتلي [2] ، معيد المنصوريّة.
قال الذهبي: كان رفيقنا، محدّثا، رئيسا. حدّث عن أبي حفص بن القوّاص
وطبقته، وارتحل، وحصّل، وكتب، وخرّج. وكان نديما، أخباريا.
توفي بمصر عن اثنتين وخمسين سنة.
وفيها المقرئ زين الدّين محمد بن سليمان بن أحمد بن يوسف الصّنهاجيّ
المرّاكشي ثم الإسكندراني [3] ، إمام مسجد قدّاح. سمع من ابن رواج،
ومظفّر بن الفوّيّ.
وتوفي في ذي الحجّة. قاله في «العبر» .
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (94- 95) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (95) و «المعجم المختص» ص (154) و «معجم
الشيوخ» (1/ 433- 434) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (96) و «حسن المحاضرة» (1/ 390) .
(8/84)
سنة ثمان عشرة
وسبعمائة
فيها كان القحط المفرط بالجزيرة وديار بكر، وأكلت الميتة، وبيع [1]
الأولاد، وجلا الناس، ومات بعض النّاس من الجوع، وجرى ما لا يعبّر عنه.
وكان أهل بغداد في قحط أيضا ولكن دون ذلك.
وجاءت بأرض طرابلس زوبعة أهلكت جماعة وحملت الجمال في الجوّ.
قاله في «العبر» [2] .
وفيها توفي كمال الدّين أحمد بن الشيخ جمال الدّين محمد بن أحمد بن
الشّريشيّ الوائليّ البكريّ الشافعي [3] وكيل بيت المال، وشيخ دار
الحديث، وشيخ الرّباط النّاصري.
مولده في رمضان سنة ثلاث وخمسين وستمائة، وسمع ورحل، وطلب مدة، وقرأ
بنفسه الكتب الكبار، وكان أبوه مالكيا، فاشتغل هو في مذهب الشافعي،
وأفتى ودرّس، وناظر، وناب في القضاء عن ابن جماعة، ثم ترك ذلك ودرّس
بالشّامية البرّانية، وبالناصرية عشرين سنة.
قال ابن كثير: اشتغل في مذهب الشافعي فبرع وحصّل علوما كثيرة، وكان
خبيرا بالنظم والنثر، وكان مشكور السّيرة. فيما يتولاه من الجهات
كلّها.
__________
[1] في «ذيول العبر» : «وبيعت» .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (96) .
[3] انظر «البداية والنهاية» (14/ 272) و «الدّرر الكامنة» (1/ 246) و
«طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 272- 273) و «النجوم الزاهرة» (9/
243) .
(8/85)
توفي في سلخ شوال متوجها إلى الحجّ بالحسا
[1] ودفن هناك.
وفيها الشّهاب المقرئ الجنائزي أحمد بن أبي بكر بن حطّة البغدادي أبوه
الدمشقي هو [2] صاحب الألحان والصّوت الطيّب، وله نظم ونثر وفضائل،
وظرف، ومنادمة ووعظ.
توفي في ذي القعدة عن خمس وثمانين سنة.
وفيها المهتار شهاب الدّين أحمد بن رمضان، عرف بابن كسيرات مهتار
الطستخاناه [3] ، وهو الذي سعى في تبطيل ما يؤخذ من قوام الحمّامات
الرّجال والنّساء في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، واستمر الحال إلى الآن.
وفيها فخر الدّين أحمد بن سلامة بن أحمد الإسكندراني [4] ، المالكي
القاضي العلّامة الأصولي البارع.
كان حميد السّيرة، بصيرا بالعلم، محتشما.
توفي بدمشق في ذي الحجّة عن سبع وخمسين سنة.
وفيها مجد الدّين أبو بكر بن محمد بن قاسم التّونسي الشافعي [5] .
قال الذهبي: هو شيخ [القراء و] النّحاة والبحّاثين. أخذ القراآت
والنّحو عن الشيخ حسن الرّاشدي، وتصدّر بتربة الأشرفية وبأمّ الصّالح،
وتخرّج به الفضلاء.
وكان ديّنا، صيّنا، ذكيا. حدثنا عن الفخر علي.
وتوفي في ذي القعدة عن اثنتين وثمانين [6] سنة.
__________
[1] الحسا: منزلة بين الكرك ومعان. قاله ابن حجر في «الدّرر الكامنة»
(1/ 246) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (100) ولفظة «هو» سقطت منه فلتستدرك.
[3] لم أقف على ذكر له فيما بين يدي من المصادر والمراجع.
[4] انظر «ذيول العبر» ص (100) و «الدّرر الكامنة» (1/ 140) .
[5] انظر «ذيول العبر» ص (99) وما بين الحاصرتين مستدرك منه و «غاية
النهاية» (1/ 183- 184) .
[6] لفظة «وثمانين» ولم ترد في «آ» وجاء في مكانها بياض.
(8/86)
وفيها السيّد ركن الدّين أبو محمد الحسن بن
محمد بن شرف شاه [1] .
الإمام العلّامة المفنن الحسيني الإستراباذي الشافعي. أخذ عن النّصير
الطّوسي، وحصّل، وتقدّم، وكان الطّوسيّ قد جعله رئيس أصحابه بمراغة،
وكان [2] يعيد دروس الجلّة، ثم انتقل إلى الموصل، ودرّس بالنّورية بها.
وشرح «مختصر ابن الحاجب» شرحا متوسطا، وشرح الحاجبية ثلاثة شروح،
المتوسط أشهرها. وشرح «الحاوي» في أربع مجلدات فيه اعتراضات على
«الحاوي» حسنة.
وتوفي في هذه السنة في المحرّم عن نيف وسبعين سنة بالموصل، وقيل توفي
في سنة خمس عشرة.
وفيها برهان الدّين أبو إسحاق إبراهيم بن الشيخ عزّ الدّين عبد الحافظ
بن أبي محمد عبد الحميد بن محمد بن أبي بكر بن ماضي المقدسي الحنبلي
[3] .
تفقّه بدمشق، وحضر بنابلس على خطيب مردا. وسمع وكتب بخطه كثيرا.
قال الذهبي: كان فقيها، إماما، عارفا بالفقه والعربية، وفيه دين وتواضع
وصلاح. وسمعت منه قصيدته التي رثى [4] بها الشيخ شمس الدّين بن أبي
عمر.
ثم روى عنه حديثا.
وقال ابن رجب: كان عدلا، وفقيها في المدارس، من أهل الدّين والعفاف.
وكان كثير السّكوت، قليل الكلام.
توفي بالصّالحية، ودفن بتربة الشيخ موفق الدّين، وكان من أبناء
التسعين.
وفيها أبو بكر بن المنذر بن زين الدّين أحمد بن عبد الدائم بن نعمة
المقدسي الحنبلي [5] .
__________
[1] انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 277- 279) .
[2] لفظة «وكان» سقطت من «ط» .
[3] انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 372- 373) و «معجم الشيوخ» (1/ 138)
.
[4] في «ط» : «يرثي» .
[5] انظر «ذيول العبر» ص (98) وفيه: «أبو بكر بن المسند زين الدّين» .
(8/87)
قال الذهبي: كان مسند الوقت، صالحا. سمع
حضورا في سنة سبع وعشرين وستمائة، وسمع من ابن الزّبيدي، والنّاصح،
والإربلي، والهمذاني، وسالم بن صصرى، وطائفة، وتفرّد، وكان ذا همة،
وجلادة، وذكر، وعبادة، لكنه أضرّ وثقل سمعه.
وتوفي في رمضان عن ثلاث وتسعين سنة وأشهر.
وفيها تقي الدّين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن تمّام بن حسّان التّلي
الصّالحي [1] ، الأديب الزّاهد الحنبلي.
ولد سنة خمس وثلاثين وستمائة، وسمع الحديث من ابن قميرة، والمرسي،
واليلداني، وجماعات. وقرأ النحو والأدب على الشيخ جمال الدّين بن مالك،
وعلى ولده بدر الدّين، وصحبه ولازمه مدة. وأقام بالحجاز مدة.
قال البرزالي: كان شيخا، فاضلا، بارعا في الأدب، حسن الصّحبة، مليح
المحاضرة. صحب الفضلاء والفقراء، وتخلّق بالأخلاق الجميلة، زاهدا،
متقللا من الدّنيا، لم يكن له أثاث ولا طاسة، ولا فراش، ولا زبدية، ولا
سراج، بل كان بيته خاليا من ذلك كله.
ومن شعره:
يا من عصيت عواذلي في حبّه ... وأطعت قلبي في هواه وناظري
لي في هواك صبابة عذريّة ... علقت بأذيال النّسيم الحاجري [2]
وحديث وجدي في هواك مكرّر ... فلذاك يحلو إذ يمرّ بخاطري
توفي ليلة السبت ثالث ربيع الآخر، ودفن من الغد بمقابر المرداويين
بالقرب من تربة الشيخ أبي عمر.
__________
[1] انظر «الوافي بالوفيات» (17/ 53- 58) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/
371- 372) و «الدّرر الكامنة» (2/ 241) و «القلائد الجوهرية» (2/ 474)
و «درّة الحجال» (3/ 68- 70) .
[2] في «درّة الحجال» : «الحائر» .
(8/88)
وفيها تاج الدّين عبد الرحمن بن محمد بن
أفضل الدّين [أبي] حامد التّبريزي الأفضلي الشافعي [1] الواعظ.
قال الذهبي: كان شيخ تبريز، إماما، قدوة، قانتا، مذكّرا.
مات في رمضان ببغداد بعد حجّه كهلا.
وفيها زين الدّين علي بن مخلوف بن ناهض النّويري المالكي [2] قاضي
المالكية بمصر.
كانت ولايته ثلاثا وثلاثين سنة، وحدّث عن المرسي وغيره، وكان مشكور
السّيرة.
وتوفي بمصر عن ثلاث وثمانين سنة.
وفيها الإمام القدوة بركة الوقت، الشيخ محمد بن عمر بن الشيخ الكبير
أبي بكر بن قوام البالسي [3] ، نزيل دمشق.
ولد سنة خمسين وستمائة.
قال الذهبيّ: كان كبير القدر، ذا صدق وإخلاص وانقباض عن الناس، متين
الدّيانة، قرأت عليه أوراقا من أوائل «الغيلانيات» وسمع من الشيخ شمس
الدّين ابن الشيخ أبي عمر، والكمال عبد الرحيم، والفخر، وطائفة. وقد
ألّف سيرة لجده في ثلاث كراريس.
وقال ابن كثير: كان شيخا، جليلا، بشوش الوجه، حسن السّمت، مقصدا لكل
أحد، كثير الوقار، عليه سيما العبادة والخير، ولم يكن له مرتب على
الدولة،
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (98) و «الدّرر الكامنة» (2/ 341- 342) و
«طبقات الشافعية» للإسنوي (1/ 160) وما بين الحاصرتين مستدرك منها
جميعا.
[2] انظر «ذيول العبر» ص (97) و «الدّرر الكامنة» (3/ 127- 128) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (96- 97) و «الوافي بالوفيات» (4/ 284) و
«معجم السيوخ» (2/ 260- 261) و «البداية والنهاية» (14/ 91- 92) .
(8/89)
ولا لزاويته، وقد عرض عليه ذلك فلم يقبل.
وكان لديه علم وفضل، وله فهم صحيح ومعرفة تامّة، وحسن عقيدة، وطوية
صحيحة.
ومات في شهر صفر بزاويتهم في سفح قاسيون.
وفيها محمد بن عمر بن أحمد بن خشير [1] الزّاهد.
قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في «طبقاته» : كان عالما، عاملا، عارفا،
كاملا، معروفا بالصّلاح، طائرا بجناح النّجاح، ذا كرامات مشهورة،
وإشارات بين القوم مذكورة. وكان في بدايته يختلي في موضع [2] مشهود له
بالفضل، فأقام فيه شهرا، فدخل رجل فسلّم وأحرم بركعتين، ثم صلى ثلاثة
أيام ولم يجدد وضوءا.
قال صاحب الترجمة: فقلت هذا الرجل أعطي هذا الحال وأنت مقيم في هذا
الموضع مدّة ما فتح عليك بشيء، ثم عزمت على الخروج، فالتفت إليّ وقال:
يقرع أحدكم الباب مدة حتّى يوشك أن يفتح له ثم يعزم على الخروج، فأقمت
فما تم لي أربعون يوما إلّا وكلي عين ناظرة.
وله كلام في الحقائق يدلّ على كمال فضله وتوسّعه في علوم المعارف، فمنه
المجتبى مطلوب والمنيب طالب يَجْتَبِي إِلَيْهِ من يَشاءُ وَيَهْدِي
إِلَيْهِ من يُنِيبُ 42: 13 [الشورى: 13] والسلام على من اتبع لا من
ابتدع.
وقال: رأس مال الفقير الثقة بالله وإفلاسه الرّكون إلى الخلق وَلا
تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ 11: 113
[هود: 113] والظّلم تشترك فيه العامّة والخاصة، بدليل إِنَّ
الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ 14: 34 [إبراهيم: 34] فإيّاك والركون [3] لغير
الله، فتقع في الشّرك الخفي.
وقال: التعلق بغير الله تعب في الدنيا والآخرة، والإقبال عليه بالقلب
راحة
__________
[1] لم أقف على ترجمة له فيما بين يدي من المصادر، وكتاب المناوي الذي
نقل عنه المؤلف ليس بين أيدينا وهو غير مطبوع بعد فيما أعلم.
[2] في «ط» : «في مكان» .
[3] لفظة «والركون» سقطت من «آ» وأثبتها من «ط» .
(8/90)
فيهما، والتوفيق كلّه من الله إلّا أن
التعرض للنفحات مندوب، قال: ذلك الهادي إلى [1] الرّشاد الشّافع في
المعاد [2] ، عليه الصّلاة والسّلام. انتهى ملخصا.
وفيها شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن عمر بن عبد المحمود بن رباطر
الحرّاني [3] الفقيه الزّاهد، نزيل دمشق الحنبلي.
ولد سنة سبع وثلاثين وستمائة، بحرّان، وسمع بها من عيسى الخيّاط،
والشيخ مجد الدّين بن تيميّة. وسمع بدمشق من إبراهيم بن خليل، ومحمد بن
عبد الهادي، واليلداني، وابن عبد الدائم، وخطيب مردا، وعني بسماع
الحديث إلى آخر عمره.
قال الذهبي: كان فقيها، زاهدا، ناسكا، سلفيا، عارفا بمذهب الإمام أحمد.
وقال ابن رجب: حدّث، وسمع منه جماعة، منهم: الذّهبي، وصفي الدّين عبد
المؤمن بن عبد الحقّ. وسافر سنة إحدى عشرة إلى مصر لزيارة الشيخ تقي
الدّين بن تيميّة، فأسر من سبخة بردويل، وبقي مدة في الأسر، ويقال: إن
الفرنج لما رأوا ديانته وأمانته واجتهاده أكرموه واحترموه. انتهى.
وفيها الجلال محمد بن محمد [بن عيسى] بن حسن القاهري [4] طباخ
الصّوفية. حدّث عن ابن قميرة، وابن الجمّيزي، والسّاوي وطائفة.
وتوفي بالقاهرة. قاله في «العبر» .
وفيها أبو الوليد محمد بن أبي القاسم أحمد بن القاضي أبي الوليد محمد
بن أحمد بن محمد بن الحاج التّجيبي القرطبي [5] المالكي [6] الإمام
__________
[1] لفظة «إلى» سقطت من «ط» .
[2] في «ط» : «في الميعاد» .
[3] انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 373) و «الدّرر الكامنة» (4/ 107) و
«معجم الشيوخ» (2/ 258) .
[4] انظر «ذيول العبر» ص (97) و «الدّرر الكامنة» (4/ 206) و «حسن
المحاضرة» (1/ 391) .
[5] انظر «ذيول العبر» ص (97- 98) و «البداية والنهاية» (14/ 91) .
[6] لفظة «المالكي» لم ترد في «ط» و «ذيول العبر» مصدر المؤلف.
(8/91)
الكبير، إمام محراب المالكية بدمشق، ووالد
إمامه.
كان من العلماء العاملين، ومن بيت فضل وجلالة.
قال الذهبي: حدثنا عن الفخر ابن البخاري.
وتوفي بدمشق في رجب، وله ثمانون سنة.
(8/92)
سنة تسع عشرة
وسبعمائة
فيها كما قال في «العبر» [1] : جاء كتاب سلطانيّ بمنع [2] ابن تيميّة
من فتياه بالكفّارة في الحلف بالطلاق، وجمع له القضاة وعوتب [3] في
ذلك، واشتدّ المنع، فبقي أصحابه يفتون بها خفية [4] .
وفيها كانت الملحمة العظمى بالأندلس بظاهر غرناطة، فقتل فيها من الفرنج
أزيد من ستين ألفا، ولم يقتل من عسكر المسلمين سوى ثلاثة عشر نفسا
إِنَّ في ذلِكَ لَآيَةً 3: 49 [آل عمران: 49] فلله الحمد على هذا
النّصر المبين، واشتهرت هذه الكائنة وصحّت لدينا. قاله في «العبر» أيضا
[5] .
وفيها توفي شيخ القرّاء شهاب الدّين حسين بن سليمان بن فزارة الكفري
الحنفي [6] .
قال الذهبي: كان قاضيا، مفتيا، شيخ القرّاء، تلا بالسّبع على علم
الدّين القاسم، وأخذ عنه خلق. وحدّث عن ابن طلحة وغيره، وكان ديّنا،
خيّرا، فقيها.
توفي بدمشق في شعبان عن اثنتين وثمانين سنة.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (103) .
[2] في «ط» : «يمنع» .
[3] تحرفت في «ط» إلى «وعوقب» .
[4] قلت: وذكر ابن الوردي في «تتمة المختصر في أخبار البشر» (2/ 381-
382) بأن ذلك كان سنة (718) وتوسع في إيراد الخبر فليراجع.
[5] انظر الرواية بتوسع في «ذيول العبر» ص (104- 106) ففي ذلك فائدة إن
شاء الله.
[6] انظر «ذيول العبر» ص (106) و «الجواهر المضية» (2/ 111- 112) و
«غاية النهاية» (1/ 241) .
(8/93)
وفيها الشيخ عبد الرحيم بن يحيى بن عبد
الرحيم بن مسلمة القلانسي [1] المقرئ.
قال الذهبي: له مشيخة. حدثنا عن عمّه الرّشيد بن مسلمة، وابن علّان،
وجماعة. وعن السّخاوي [2] حضورا. وكان فيه خير وقناعة.
مات بدمشق في المحرّم عن سبع وسبعين سنة.
وفيها مسند الوقت شرف الدّين عيسى بن عبد الرحمن بن معالي بن أحمد
الصّالحي [3] المطعّم في الأشجار، ثم السّمسار في العقار. سمع «الصحيح»
[4] بفوت من ابن الزّبيدي، وسمع الإربلي حضورا. وسمع ابن اللّتي،
وجعفر، وكريمة، والضّياء. وتفرّد، وتكاثروا عليه. وكان أمّيّا عاميّا.
قاله في «العبر» .
وفيها سيف الدّين اعزلوا [5] الأمير الكبير العادلي، الذي استنابه
أستاذه العادل كتبغا على دمشق في آخر سنة خمس وتسعين وستمائة. وكان أحد
الشجعان العقلاء، وله تربة مليحة بقاسيون.
توفي بدمشق ودفن بها.
وفيها الإمام بدر الدّين محمد بن منصور الحلبي ثم المصري ابن الجوهري
[6] .
قال الذهبي: كان صدرا، كبير الرؤساء. روى عن إبراهيم بن خليل،
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (106) و «الدّرر الكامنة» (2/ 363) .
[2] يعني علم الدّين، رحمه الله تعالى.
[3] انظر «ذيول العبر» ص (108) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (303) و
«دول الإسلام» (2/ 226) و «الدّرر الكامنة» (3/ 204) .
[4] يعني «صحيح البخاري» .
[5] في «آ» و «ط» : «عزلو» والتصحيح من «النجوم الزاهرة» (9/ 245) .
[6] انظر «ذيول العبر» ص (107) و «النجوم الزاهرة» (9/ 246) .
(8/94)
والكمال الضّرير، وجماعة. وتلا بالسّبع،
وتفقّه. وكان فيه دين ونزاهة ويذكر [1] للوزارة، ومات غريبا بدمشق وله
سبع وستون سنة.
وفيها العلّامة أبو عبد الله محمد بن يحيى بن عبد الرحمن بن ربيع
القرطبي [2] .
تفرّد بالسّماع من الشّلوبين والكبار، وكان شيخ مالقة على الإطلاق.
وفيها الإمام القدوة العابد أبو الفتح نصر بن سليمان المنبجيّ [3]
المقرئ. حدّث عن إبراهيم بن خليل وجماعة، وتلا بثلاث على الكمال
الضّرير، وتفقه وانعزل، ثم اشتهر وزاره الأعيان. وكان الجاشنكير الذي
تسلطن يتغالى في حبّه، وله سيرة ومحاسن جمّة.
توفي بمصر في زاويته في الحسينية في جمادى الآخرة عن بضع وثمانين سنة.
وفيها، وجزم السيوطي في «حسن المحاضرة» أنه [4] في التي قبلها، فقال:
أبو العلاء رافع بن محمد بن هجرس بن شافع الصّميديّ [5] السّلامي،
المقرئ المحدّث، جمال الدّين، والد الحافظ تقي الدّين محمد بن رافع [6]
.
تفقّه في مذهب الشّافعي على العلم العراقي، وأخذ النّحو عن البهاء بن
__________
[1] في «آ» و «ط» : «وتذكر» والتصحيح من «ذيول العبر» .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (108) و «الدّرر الكامنة» (4/ 280- 281) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (107- 108) و «غاية النهاية» (2/ 335) و
«النجوم الزاهرة» (9/ 244) .
[4] لفظة «أنه» سقطت من «ط» .
[5] تحرفت نسبته في «آ» و «ط» إلى «الصّعيدي» والتصحيح من «المعجم
المختص» ص (98) و «الدّرر الكامنة» (2/ 106) و «غاية النهاية» (1/ 282)
وفيه «هجرش» مكان «هجرس» و «حسن المحاضرة» (1/ 507) .
[6] صاحب «الوفيات» المطبوع بتحقيق الدكتور صالح مهدي عبّاس في مؤسسة
الرسالة ببيروت، وبتحقيق الأستاذ عبد الجبّار زكار في وزارة الثقافة
بدمشق، وسترد ترجمته في وفيات سنة (774) من هذا المجلد إن شاء الله
تعالى.
(8/95)
النحّاس، وسمع من أبي الحسن بن البخاري
وجماعة، وتلا على أبي عبد الله محمد بن الحسن الإربلي الضّرير، وتصدّر
للإقراء بالفاضلية.
ولد بدمشق سنة ثمان وستين وستمائة، ومات بالقاهرة في ذي الحجّة سنة
ثمان عشرة وسبعمائة. انتهى كلام السّيوطي.
وفيها نخوة بنت محمد بن عبد القاهر بن النّصيبي [1] .
قال الذهبي: روت لنا عن يوسف بن خليل.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (106) و «معجم الشيوخ» (2/ 355) و «الدّرر
الكامنة» (4/ 389) .
(8/96)
سنة عشرين وسبعمائة
فيها توفي القاضي جمال الدّين أحمد المعروف بابن عصبة البغدادي الحنبلي
[1] .
قال الطّوفي [2] : حضرت درسه، وكان بارعا في الفقه، والتفسير،
والفرائض، وأما معرفة القضاء والأحكام فكان أوحد عصره في ذلك.
وفيها أبو الهدى أحمد بن إسماعيل بن علي بن الحباب [3] الكاتب.
تفرّد باجزاء عن سبط السّلفي، وكان قاضيا صدرا، ويلقب بفخر الدّين.
توفي بمصر عن سبع وسبعين سنة.
وفيها حميضة بن أبي نميّ الحسني [4] صاحب مكة كان، ثم نزع الطّاعة،
فتولى أخوه عطيفة. قتله جندي التصق به في البريّة غيلة، ثم قتله
السّلطان لغدره.
وفيها كمال الدّين عبد الرحيم بن عبد المحسن بن حسن بن ضرغام الكناني
المصري الحنبلي المنشاوي [5] ، وكان خطيب المنشية.
__________
[1] انظر «الوافي بالوفيات» (6/ 299) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 373-
374) و «الدّرر الكامنة» (1/ 117) وفيهما: «ابن عصية» بالياء.
[2] هو سليمان بن عبد القوي الطّوفي. وقد مرّت ترجمته في وفيات سنة
(716) .
[3] انظر «معجم الشيوخ» (1/ 39) و «الدّرر الكامنة» (1/ 106) و «حسن
المحاضرة» (1/ 391) وفي بعض هذه المصادر: «ابن الجباب» بالجيم.
[4] انظر «ذيول العبر» ص (113) و «العقد الثمين» (4/ 232) .
[5] انظر «ذيول العبر» ص (113) و «الدّرر الكامنة» (2/ 357) .
(8/97)
قال الذهبي: حدّثنا عن السّبط واختلط قبل
موته بنحو أربعة أشهر فما إخاله حدّث فيها. وكان عدلا فقيها.
توفي في ربيع الآخر وله ثلاث وتسعون سنة.
وفيها شمس الدّين محمد بن حسن بن سباع الجذامي المصري ثم الدمشقي
الصّايغ [1] .
كان نحويا، لغويا، أديبا، بارعا، ذا نظم ونثر وتصانيف، تخرّج به فضلاء،
ومات بدمشق عن خمس وسبعين سنة.
وفيها المسند الجليل شرف الدّين أبو الفتح محمد بن عبد الرحيم بن عبّاس
القرشي التّاجر الحريري المسند، ابن النّشو [2] .
قال الذهبي: حدثنا عن ابن رواج وجماعة [3] وابن الجمّيزي، وابن الحباب،
وتفرّد بعوالي.
وتوفي بدمشق في شوال عن ثمانين سنة.
وفيها المعمّر الصّالح أمين الدّين محمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن هبة
الله الأسدي الحلبي الصّفار [4] .
روى عن صفية القرشية، وشعيب الزّعفراني، والسّاوي، وابن خليل، وتفرّد،
وأكثروا عنه.
وتوفي في شوال بدمشق أيضا عن نيف وتسعين سنة. قاله الذهبي.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (114) و «النجوم الزاهرة» (9/ 248) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (114) و «الوافي بالوفيات» (3/ 248) .
[3] لفظة «وجماعة» سقطت من «ط» .
[4] انظر «ذيول العبر» ص (115) و «الوافي بالوفيات» (2/ 265) .
(8/98)
|