شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة ست وثلاثين
وسبعمائة
فيها توفي الشيخ الصّالح أحمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم الهكّاري
الصّرخدي [1] . حدّث عن خطيب مردا، وابن عبد الدائم.
وتوفي في ربيع الأول عن تسعين سنة.
وفيها الرئيس الإمام شهاب الدّين أحمد بن محمد بن إبراهيم المرادي
المغربي [2] العشّاب، وزير تونس.
حدّث عن يوسف بن خميس وغيره، وطلب الحديث، وبرع في النّحو وأقرأه.
ومات بالثغر في ربيع الأول عن سبع وثمانين سنة.
وفيها ناظر الخزانة عزّ الدّين أحمد بن الزّين محمد بن أحمد العقيلي بن
القلانسي [3] المحتسب.
كان مليح الشكل، متواضعا، نزها، دينا، ورعا. أخذت منه الحسبة عام أول
واعتقل لامتناعه من شهادة.
وتوفي بدمشق عن ثلاث وستين سنة.
وفيها كمال الدّين أبو القاسم أحمد بن محمد بن محمد بن هبة الله بن
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (190- 191) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص
(311) و «الدّرر الكامنة» (1/ 165) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (191) و «الدّرر الكامنة» (1/ 241) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (191) .
(8/196)
محمد بن هبة الله ابن الشّيرازي [1]
الشافعي الصّدر الكبير العالم.
مولده سنة سبعين وستمائة، وسمع من جماعة، وحفظ «مختصر المزني» ، وتفقه
على الشيخين تاج الدّين الفزاري، وزين الدّين الفارقي، وقرأ الأصول على
الشيخ صفي الدّين الهندي، ودرّس في وقت بالبادرائية مدة يسيرة لما
انتقل الشيخ برهان الدّين إلى الخطابة، ودرّس بالشامية البرّانية
وبالنّاصرية الجوانية مدة سنين إلى حين وفاته.
قال الذهبي: كان فيه معرفة وتواضع وصيانة.
وقال ابن كثير: كان صدرا كبيرا، ذكر لقضاء دمشق غير مرة، وكان حسن
المباشرة والشكل.
وتوفي في صفر ودفن بتربهم بسفح قاسيون.
وفيها والي دمشق شهاب الدّين أحمد بن سيف الدّين أبي بكر بن برق
الدمشقي [2] .
كان جيد السياسة محبّبا إلى الناس، ولي ثلاث عشرة سنة، وحدّث عن ابن
علّاق، والمجد بن الخليلي.
وتوفي عن أربع وستين سنة.
ومات بعده بيومين والي البرّ فخر الدّين عثمان بن محمد بن ملك الأمراء
شمس الدّين لولو [3] عن أربع وستين سنة أيضا. وكان أجود الرجلين. قاله
في «العبر» .
وفيها شيخ الشّيعة الزّين جعفر بن أبي الغيث البعلبكي الكاتب [4] .
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (190) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/
331- 332) و «الدّرر الكامنة» (1/ 165) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (192) و «الدّرر الكامنة (1/ 109) و «البداية
والنهاية» (14/ 179) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (192) و «التدرر الكامنة» (2/ 450) و «البداية
والنهاية» (14/ 176) .
[4] انظر «ذيول العبر» ص (193) .
(8/197)
روى عن ابن علّان، وتفقه للشافعي، وترفض،
ومات عن اثنتين وسبعين سنة.
وفيها الصّاحب الأمجد [1] .
قال الذهبي: عماد الدين إسماعيل بن محمد بن شيخنا الصّاحب فتح الدّين
بن القيسراني.
كان منشئا، بليغا، رئيسا، ديّنا، صيّنا، نزها.
روى عن العزّ الحرّاني وغيره، وهو والد كاتب السرّ القاضي شهاب الدّين.
توفي بدمشق في ذي القعدة عن خمس وستين سنة.
وفيها القان أرياخان [2] الذي تسلطن بعد أبي سعيد. ضربت عنقه صبرا يوم
الفطر، وكانت دولته نصف سنة، خرج عليه علي باش، والقان موسى، فالتقوا
فأسر المذكور ووزيره الذي سلطنه محمد بن الرّشيد الهمذاني وقتلا صبرا.
وكان المصافّ في وسط رمضان فدقت لذلك البشائر بدمشق وجاء الرسول
بنصرتهم.
قاله في «العبر» .
وفيها القان أبو سعيد بن خربندا ابن أرغون بن أبغا بن هلاكو المغلي [3]
.
كان يكتب الخطّ المنسوب، ويجيد ضرب العود، وفيه رأفة وديانة وقلّة شرّ.
هادن سلطان الإسلام وهادنه، وألقى مقاليد الأمور إلى وزيره ابن
الرّشيد، وقدم بغداد مرّات، وأحبه الرّعية، وكانت دولته عشرين سنة.
وتوفي بالأزد، ونقل إلى السّلطانية فدفن بتربته، وله بضع وثلاثون سنة.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (193) و «مرآة الجنان» (4/ 292) و «البداية
والنهاية» (14/ 176) و «النجوم الزاهرة» (9/ 311) و «الدّرر الكامنة»
(1/ 378) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (193) و «الدّرر الكامنة» (1/ 378) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (191- 192) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص
(311) و «النجوم الزاهرة» (9/ 309) .
(8/198)
وفيها عائشة بنت محمد بن المسلم الحرّانية
[1] أخت محاسن.
روت عن العراقي، والبلخي حضورا. وعن اليلداني، ومحمد بن عبد الهادي.
وتفرّدت.
وتوفيت في شوال عن تسعين سنة.
وفيها المسند الرّحلة أبو الحسن علي بن محمد بن ممدود ابن جامع
البندنيجيّ البغداديّ الصّوفي [2] .
سمع «صحيح مسلم» من الباذبيني و «جامع الترمذي» من العفيف بن الهيتي،
وأجاز له جماعات، وتفرّد، وأكثروا عنه.
وتوفي بالسميساطية في المحرّم عن اثنتين وتسعين سنة.
وفيها قطب الدّين الأخوين، واسمه محمد بن عمر التّبريزي الشّافعي [3] ،
قاضي بغداد.
سمع «شرح السّنّة» [4] من قاضي تبريز محيي الدّين.
وكان ذا فنون ومروءة وذكاء، وكان يرتشي، وعاش ثمانيا وستين سنة. قاله
في «العبر» .
__________
[1] انظر «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (311) و «معجم الشيوخ» (1/ 93) و
«مرآة الجنان» (4/ 292) .
[2] انظر «الوافي بالوفيات» (22/ 141- 142) وذيول العبر» ص (189) و
«البداية والنهاية» (14/ 174) و «الدّرر الكامنة» (3/ 119- 121) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (189) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (311) و
«البداية والنهاية» (14/ 175) و «الدّرر الكامنة» (4/ 10) .
[4] وهو للإمام البغوي، وقد قام بطبعه المكتب الإسلامي بدمشق بتحقيق
الأستاذ الشيخ شعيب الأرناؤوط حفظه الله تعالى.
(8/199)
سنة سبع وثلاثين
وسبعمائة
فيها أخذ بمصر شمس الدّين بن اللّبّان الشّافعي [1] ، وشهد عليه عند
الحاكم بعظائم تبيح الدّم، فرجع ورسم بنفيه.
وفيها قتل على الزّندقة عدوّ الله الحموي الحجّار [2] بحماة وأحرق.
أضلّ جماعة، وقام عليه قاضي القضاة شمس الدّين. قاله في «العبر» .
وفيها الأديب البليغ شهاب الدّين أحمد بن محمد بن غانم الشّافعي [3]
النّاظم النّاثر. دخل اليمن، ومدح الكبار، وخدم في الديوان.
وروى عن ابن عبد الدائم وجماعة، ثم اختلط قبل موته بسنة أو أكثر، وربما
ثاب إليه وعيه.
وله نظم ونثر ومعرفة بالتواريخ، وعاش سبعا وثمانين سنة.
ومات قبله بأشهر أخوه الصّدر الإمام علاء الدّين علي بن محمد المنشئ
[4] .
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (194) و «البداية والنهاية (14/ 177) و
«الدّرر الكامنة» (3/ 330) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (195) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (196) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (312) و
«الدّرر الكامنة» (1/ 265) .
[4] انظر «ذيول العبر» ص (195) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (312) و
«فوات الوفيات» (2/ 77) و «الدّرر الكامنة» (3/ 103) .
(8/200)
روى عن ابن عبد الدائم، والزّين خالد،
والنّظام ابن البانياسي، وعدة.
وحفظ «التنبيه» . وله النّظم والتّرسل الفائق، والمروءة التّامّة،
وكثرة التلاوة، ولزوم الجماعات، والشيبة البهية، والنّفس الزّكية.
باشر الإنشاء ستين سنة، وحدّث بالصحيحين، وحجّ مرات.
وتوفي بتبوك في المحرم عن ست وثمانين سنة.
وفيها محبّ الدّين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن
أبي بكر محمد بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور
السّعدي الصّالحي المقدسي الحنبلي بن المحبّ [1] .
ولد يوم الأحد ثاني عشر المحرم، سنة اثنتين وثمانين وستمائة بقاسيون،
وأسمعه والده من الفخر بن البخاري، وابن الكمال، وزينب بنت مكّي،
وجماعة.
ثم طلب بنفسه وسمع من عمر بن القوّاس، وأبي الفضل بن عساكر، ويوسف
الغسولي، وخلق من بعدهم. وذكر أن شيوخه الذين أخذ عنهم نحوا من ألف
شيخ.
قال الذهبي: كان فصيح القراءة، جهوري الصّوت، منطلق اللّسان بالآثار،
سريع القراءة، طيّب الصّوت بالقرآن، صالحا، خائفا من الله تعالى،
صادقا. انتفع الناس بتذكيره ومواعيده.
وذكره أيضا في «معجم شيوخه» [2] وقال: كان شابا، فاضلا، صالحا، في سمعه
ثقل ما، وقد حدّث كثيرا، وسمع منه جماعة.
وتوفي يوم الاثنين سابع ربيع الأول ودفن بالقرب من الشيخ موفق الدّين.
وفيها الزّاهد القدوة شمس الدّين أبو محمد عبد الله بن محمد بن
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (196) و «معجم الشيوخ» (1/ 319- 320) و
«المعجم المختص» ص (117- 118) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (312) و
«ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 426) و «الدّرر الكامنة» (2/ 244) و «المقصد
الأرشد» (2/ 23) .
[2] لم أر هذا النقل عند الذهبي في «معجم الشيوخ» الذي بين يدي ولا في
«المعجم المختص» .
(8/201)
يوسف بن عبد المنعم بن نعمة المقدسي
النّابلسي [1] الفقيه الحنبلي.
ولد سنة تسع وأربعين وستمائة.
وحضر على خطيب مردا، وسمع من عمّ أبيه جمال الدّين عبد الرحمن بن عبد
المنعم [2] . وأجاز له سبط السّلفي، وتفقه، وأفتى، وأمّ بمسجد الحنابلة
بنابلس نحوا من سبعين سنة. وكان كثير العبادة، حسن الشكل والصّوت، عليه
البهاء والوقار. وحدّث وسمع منه طائفة.
وتوفي يوم الخميس ثاني عشري ربيع الآخر بنابلس ودفن بها [3] .
وتوفي قبله في ربيع الأول من السنة بنابلس أيضا الإمام المفتي، عماد
الدّين أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن عبد الرحمن بن عبد المنعم بن نعمة
[4] .
وفيها قتل صاحب تلمسان أبو تاشفين عبد الرحمن بن موسى بن عثمان بن
الملك عمر بن عبد الواحد الزّنّاتي البربري [5] .
كان سيء السيرة، قتل أباه، وكان قتله له رحمة للمسلمين لما انطوى عليه
من خبث السيرة وقبح السريرة، ثم تمكّن وتظلّم. وكان بطلا، شجاعا، تملّك
نيفا وعشرين سنة، حاصره سلطان المغرب أبو الحسين المريني مدة ثم برز
عبد الرحمن ليكبس المريني، فقتل على جواده في رمضان كهلا. قاله في
«العبر» .
وفيها المعمّر الملك أسد الدّين عبد القادر بن عبد العزيز بن السلطان
الملك المعظّم [6] .
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (197) و «النجوم الزاهرة» (9/ 311) و «ذيل
طبقات الحنابلة» (2/ 428) و «الدّرر الكامنة» (2/ 304) و «المقصد
الأرشد» (2/ 56- 57) .
[2] تحرفت في «ط» إلى «عبد المؤمن» .
[3] تحرفت في «ط» إلى «وتوفي بها» .
[4] انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 428) و «البداية والنهاية» (14/
178) .
[5] انظر «ذيول العبر» ص (199- 200) و «الدّرر الكامنة» (2/ 348) .
[6] انظر «ذيول العبر» ص (199) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (312)
والبداية
(8/202)
روى «السيرة» وأجزاء عن خطيب مردا، وتفرّد.
وكان ممتعا بحواسه، مليح الشكل، ما تزوّج ولا تسرّى.
توفي في رمضان عن خمس وتسعين سنة، ودفن بالقدس الشّريف.
وفيها المحدّث المفيد، ناصر الدّين محمد بن طغريل [1] الصّيرفي [2] .
قرأ الكثير، وتعب، ورحل، وخرّج. وقرأ للعوام. وحدّث عن أبي بكر بن عبد
الدائم، وعيسى الدلّال.
ومات غريبا عن نيف وأربعين سنة، الله يسامحه.
وفيها الفقيه العالم شمس الدّين محمد بن أيوب بن علي الشافعي بن
الطّحّان [3] ، نقيب الشّامية والسبع الكبير سمع من عثمان بن خطيب
القرافة، ومن الكرماني، والزّين خالد.
وتوفي بدمشق في رجب وله خمس وثمانون سنة وأشهر.
وفيها الشيخ محمد بن عبد الله بن المجد إبراهيم المصري المرشدي [4]
الزّاهد الشافعي.
قرأ في «التنبيه» والقرآن، وانقطع بزاوية له، وكان يقري الضّيفان،
وربما كاشف، وللناس فيه اعتقاد زائد، ويخدم الواردين، ويقدم لهم ألوان
المآكل، ولا خادم عنده، حتّى قيل: إنه أطعم الناس في ليلة ما قيمته
مائة دينار، وأنه أطعم في ثلاث ليال متوالية ما قيمته ألف دينار.
__________
والنهاية» (14/ 179) و «الدّرر الكامنة» (2/ 390) .
[1] في «آ» و «ط» : «طغربك» وما أثبته من مصادر الترجمة.
[2] انظر «ذيول العبر» ص (196- 197) و «المعجم المختص» ص (234) و
«الوافي بالوفيات» (3/ 172) و «الوفيات لابن رافع (1/ 142) بتحقيق
الدكتور صالح مهدي عباس، طبع مؤسسة الرسالة.
[3] انظر «ذيول العبر» ص (198) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (312) و
«الوفيات» لابن رافع (1/ 162- 163) وقد أفاض في ترجمته.
[4] انظر «ذيول العبر» ص (198- 199) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص
(312) و «دول الإسلام» (2/ 244) و «النجوم الزاهرة» (9/ 313) و
«الوفيات» لابن رافع (1/ 173- 174) .
(8/203)
وزاره الأمراء والكبراء، وبعد صيته، حتّى
إن بعض الفقهاء يقول: كان مخدوما.
وبلغني أنه كان في عافية، فأرسل إلى القرى المجاورة له: احضروا فقد عرض
أمر مهمّ. ثم دخل خلوته فوجدوه ميتا في رمضان بقريته منية مرشد [1]
كهلا.
قاله في «العبر» .
وفيها مسند مصر العدل شرف الدّين يحيى بن يوسف المقدسي [2] . له إجازة
ابن رواج، وابن الجميزي. وروى الكثير، وتفرّد.
وتوفي بمصر في جمادى الآخرة عن نيف وتسعين سنة.
وفيها أحمد بن علي بن أحمد النّحوي، يعرف بابن نور [3] .
قال ابن حجر في «الدّرر الكامنة» : كان أبوه خوليا، وباشر هو صناعة
أبيه، ثم اشتغل على النّجم الأصفوني، فبرع في مدة قريبة، ومهر في
الفقه، والنّحو، والأصول. ودرّس وأفتى.
ومات بمرض السّلّ، رحمه الله تعالى.
__________
[1] منية مرشد: إحدى قرى مركز فوّه بمحافظة الغربية بمصر. عن «ذيول
العبر» ص (198) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (197- 198) و «النجوم الزاهرة» (9/ 314) و
«الدّرر الكامنة» (4/ 43) .
[3] انظر «الدّرر الكامنة» (1/ 205- 206) .
(8/204)
سنة ثمان وثلاثين
وسبعمائة
فيها كان أهل العراق وأذربيجان في خوف وحروب وشدائد لاختلاف التتار.
وفيها توفي الصّالح المسند أبو بكر بن محمد بن الرّضي الصّالحي القطّان
[1] .
سمع حضورا من خطيب مردا، وعبد الحميد بن عبد الهادي، وسمع من عبد الله
ابن الخشوعي، وابن خليل، وابن البرهان. وتفرّد وأكثروا عنه.
قال الذهبي: ونعم الشيخ كان، له إجازة السّبط. وجماعة.
وتوفي في جمادى الآخرة عن تسع وثمانين سنة.
ومات قبله بشهر المعمّر أبو بكر بن محمد بن أحمد بن عنتر الدمشقي [2]
عن ثلاث وتسعين سنة.
روى الكثير بإجازة السّبط. انتهى.
وفيها شيخ الشّافعية، زين الدّين عمر بن أبي الحزم بن عبد الرحمن بن
يونس، المعروف بابن الكتّاني [3] .
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (200) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (312) و
«مرآة الجنان» (4/ 296) و «الدّرر الكامنة» (1/ 459) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (200) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (312) و
«الدّرر الكامنة» (1/ 456) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (203) و «مرآة الجنان» (4/ 299) و «طبقات
الشافعية» للإسنوي (2/ 358-
(8/205)
قال الإسنوي: شيخ الشافعية في عصره
بالاتفاق.
ولد سنة ثلاث وخمسين وستمائة بالقاهرة قريبا من جامع الأزهر، ثم سافر
بعد سنة مع أبويه إلى دمشق، لأن أباه كان تاجرا في الكتّان من مصر إلى
الشام، فاستقرّ بها، وتفقه وقرأ الأصول على البرهان المراغي، والفقه
على التّاج الفركاح، وأفتى ودرّس.
ثم انتقل إلى الدّيار المصرية، فتولى الحكم بالحكر. [ثم ولاه ابن دقيق
العيد دمياط، وبلبيس، ثم النّيابة بمصر ثم القاهرة] . ثم ولاه ابن
جماعة الغربية، ثم عزل نفسه وانقطع عن ابن جماعة وهجره بلا سبب، وتولى
مشيخة حلقة الفقه بالجامع الحاكمي، وخطابة جامع الصّالح، ومشيخة
الخانقاه الطّيبرسية بشاطئ النّيل، وتدريس المدرسة المنكدمرية للطائفة
الشافعية.
ثم فوّض إليه في آخر عمره مشيخة الحديث بالقبة المنصورية.
وكان نافرا عن الناس، سيء الخلق، يطير الذّباب فيغضب. ومن تبسم عنده
يطرد إن لم يضرب. وأفضى به ذلك إلى أنه في غالب عمره المتصل بالموت،
كان مقيما في بيته وحده، لم يتزوج، ولم يتسرّ، ولم يقن رقيقا ولا
مركوبا، ولا دارا ولا غلاما. ولم يعرف له تصنيف ولا تلميذ، ومع ذلك كان
حسن المحاضرة [1] ، كثير الحكايات والأشعار، كريما. وكتب بخطه حواشي
على «الروضة» [2] وكان قليل الفتاوى.
توفي بمسكنه على شاطئ النّيل بجوار الخانقاه التي مشيختها [3] بيده يوم
الثلاثاء، الخامس عشر من شهر رمضان، ودفن بالقرافة.
__________
359) وما بين الحاصرتين استدركته منه و «طبقات الشافعية» لابن قاضي
شهبة (2/ 364- 366) .
[1] في «طبقات الشافعية» لا لإسنوي: «حسن المناظرة» .
[2] وهو للإمام النووي، وقد طبعه المكتب الإسلامي بدمشق، وتولى تحقيقه
والدي الأستاذ الشيخ عبد القادر الأرناؤوط حفظه الله، بالاشتراك مع
الأستاذ الشيخ شعيب الأرناؤوط، نفع الله تعالى به.
[3] في «ط» : «مشيخته» .
(8/206)
وفيها زين الدّين أبو محمد عبادة بن عبد
الغني بن عبادة الحرّاني ثم الدمشقي [1] الفقيه الحنبلي المفتي
الشّروطي المؤذن.
ولد في رجب سنة إحدى وسبعين وستمائة. وسمع من القاسم الإربلي، وأبي
الفضل بن عساكر، وجماعة.
وطلب الحديث وكتب الأجزاء، وتفقه على الشيخ زين الدّين بن المنجّى، ثم
على الشيخ تقي الدّين بن تيميّة.
قال الذهبي في «معجم شيوخه» [2] : كان فقيها، عالما، جيد الفهم، يفهم
شيئا من العربية والأصول. وكان صالحا، دينا، ذا حظّ من تهجد، وإيثار،
وتواضع، اصطحبنا مدة ونعم والله الصّاحب هو. كان يسع الجماعة بالخدمة
والإفضال والحلم. خرّجت له جزءا [3] ، وحدّث ب «صحيح مسلم» . انتهى.
وسمع من جماعة.
وتوفي في شوال ودفن بمقبرة الباب الصّغير.
وفيها قاضي القضاة شهاب الدّين محمد بن [عبد الله] المجد [4] الإربلي
ثم الدمشقي الشافعي [5] .
روى عن ابن أبي اليسر، وابن أبي عمر، وجماعة. وأفتى وناظر، وحكم نحو
ثلاث سنين، وجاء على منصبه قاضي الممالك جلال الدّين.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (207) و «معجم الشيوخ» (1/ 316- 317) و
«المعجم المختص» ص (117) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 432) و «الدّرر
الكامنة» (2/ 238) .
[2] لم أر هذا النقل في «معجم الشيوخ» الذي بين يدي.
[3] في «ط» : أجزاء» .
[4] يعني «مجد الدّين» وهو لقب أبيه.
[5] انظر «ذيول العبر» ص (201) و «البداية والنهاية» (14/ 181) و
«الوافي بالوفيات» (3/ 373) و «الوفيات» لابن رافع (1/ 206- 207) و
«الدّرر الكامنة» (3/ 467) و «النجوم الزاهرة» (9/ 314) وما بين
الحاصرتين مستدرك من معظم هذه المصادر.
(8/207)
وتوفي في آخر جمادى الأولى عن ست وسبعين
سنة، نفرت به بغلته فرضّت دماغه، ومات إلى عفو الله بعد ست ليال.
وفيها الشيخ زين الدّين أبو عبد الله محمد بن علم الدّين عبد الله بن
الشيخ الإمام زين الدّين عمر بن مكّي بن عبد الصّمد العثماني، المعروف
بابن المرحّل [1] الشافعي.
سمع من جماعة، وأخذ الفقه والأصلين عن عمّه الشيخ صدر الدّين وغيره،
ونزل له عمّه عن تدريس المشهد الحسيني بالقاهرة، فدرّس به مدة، ثم قايض
الشيخ شهاب الدّين بن الأنصاري منه إلى تدريس الشامية البرّانية
والعذراوية، فباشرهما إلى حين وفاته.
وناب في الحكم، فحمدت سيرته، ثم تركه.
وبيّض كتاب «الأشباه والنّظائر» لعمّه وزاد فيه.
قال الذهبي: العلّامة، مدرّس الشّامية الكبرى، فقيه، مناظر، أصولي،
وكان يذكر للقضاء.
وقال السّبكي: ولد بعد سنة تسعين وستمائة.
وكان رجلا، فاضلا، دينا، عالما، عارفا بالفقه وأصوله، صنّف في الأصول
كتابين.
وقال الصّلاح الكتبي: كان من أحسن الناس شكلا، وربّي على طريقة حميدة
في عفاف وملازمة للاشتغال بالعلوم وانجماع عن الناس. وكان يلقي الدروس
بفصاحة وعذوبة لفظ، قيل: لم تكن دروسه بعيدة من درس ابن الزّملكاني.
وكان من أجود الناس طباعا، وأكرمهم نفسا، وأحسنهم ملتقى.
توفي في رجب، ودفن بتربة لهم عند مسجد الذبّان عند جدّه.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (203) و «الوفيات» لابن رافع (1/ 209- 211) و
«طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 157) و «البداية والنهاية» (14/ 181- 182)
و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 376- 377) و «الدّرر الكامنة»
(3/ 479- 480) .
(8/208)
وفيها ولي العهد القائم بأمر الله محمد بن
أمير المؤمنين المستكفي [سليمان بن أحمد [1]] .
كان سريّا، فقيها، شجاعا، مهيبا، وسيما. قيل: هو السبب في تسييرهم إلى
قوص.
مات بقوص في ذي الحجّة عن أربع وعشرين سنة.
وفيها قاضي القضاة شرف الدّين أبو القاسم هبة الله بن قاضي القضاة نجم
الدّين عبد الرحيم بن القاضي شمس الدّين إبراهيم، المعروف بابن البارزي
[2] الشافعي، قاضي حماة وصاحب التصانيف الكثيرة.
ولد في رمضان سنة خمس وأربعين وستمائة، وسمع من والده، وجدّه، وعزّ
الدّين الفاروثي، وجمال الدّين بن مالك، وغيرهم.
وأجاز له جماعة. وتلا بالسبع، وتفقه على والده، وأخذ النّحو عن ابن
مالك، وتفنّن في العلوم، وأفتى ودرّس، وصنّف، وولي قضاء حماة، وعمي في
آخر عمره. وحدّث بدمشق. وحماة، وسمع منه البرزالي، والذهبي، وخلق.
وقد خرّج له ابن طغريل مشيخة كبيرة. وخرّج له البرزالي جزءا.
وذكره الذهبي في «معجمه» فقال: شيخ العلماء، بقية الأعلام، صنّف
التصانيف، مع العبادة والدّين والتواضع ولطف الأخلاق، ما في طباعه من
الكبر ذرّة، وله ترام على الصّالحين، وحسن ظن بهم.
وقال الإسنوي: كان إماما، راسخا في العلم، صالحا، خيّرا، محبا للعلم
ونشره، محسنا إلى الطلبة، وصارت إليه الرّحلة.
وقال السبكي: انتهت إليه مشيخة المذهب ببلاد الشام، وقصد من الأطراف.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (204) و «الدّرر الكامنة» (3/ 446) وما بين
الحاصرتين زيادة منه.
[2] انظر «ذيول العبر» ص (202) و «النجوم الزاهرة» (9/ 315) و «طبقات
الشافعية الكبرى» (8/ 189- 190) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/
230- 231) و «الدّرر الكامنة» (4/ 401) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (1/
279- 280) .
(8/209)
توفي في ذي القعدة عن ثلاث وتسعين سنة،
وفيه يقول ابن الوردي:
حماة مذ فارقها شيخها ... قد أعظم العاصي بها الفرية
صرت كمن ينظرها بلقعا ... أو كالّذي مرّ على قرية
ومن تصانيفه «روضات الجنان في تفسير القرآن» عشر مجلدات، كتاب «الفريدة
البارزية في حلّ الشاطبية» كتاب «المجتبى» كتاب «المجتنى» وكتاب «الوفا
في أحاديث المصطفى» مجلدان وغير ذلك.
وفيها القاضي جمال الدّين أبو المحاسن يوسف بن إبراهيم ابن جملة بن
مسلم بن تمّام بن حسين بن يوسف المحجّي الدمشقي الصّالحي الشافعي [1] .
ولد في سنة اثنتين وثمانين وستمائة، وسمع من جماعة، وأخذ عن الشيخين
صدر الدّين ابن الوكيل، وشمس الدّين بن النّقيب. وولي القضاء مدة سنة
ونصف، فشكرت سيرته ونهضته إلّا أنه وقع بينه وبين بعض خوّاص النائب
فعزل وسجن مدة، ثم أعطي الشامية البرّانية.
قال البرزالي: خرّجت له جزءا عن أكثر من خمسين نفسا، وحدّث به بالمدينة
النّبوية وبدمشق.
وكان فاضلا في فنون، اشتغل، وحصّل، وأفتى، وأعاد، ودرّس.
وله فضائل جمّة ومباحث وفوائد، وهمّة عالية، وحرمة وافرة، وفيه تودد
وإحسان وقضاء للحقوق.
ولي قضاء دمشق نيابة واستقلالا ودرّس بالمدارس الكبار.
توفي في ذي القعدة بدمشق عن سبع وخمسين سنة ودفن بسفح قاسيون عند والده
وأقاربه.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (202) و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 392-
393) و «مرآة الجنان» (4/ 298) و «الدّرر الكامنة» (4/ 443) .
(8/210)
سنة تسع وثلاثين
وسبعمائة
فيها هلك بطرابلس الشام تحت الزّلزلة ستون نفسا.
وفيها قدم العلّامة شيخ الإسلام تقي الدّين السّبكي على قضاء الشّافعية
بالشام وفرح الناس به.
وفيها توفي الشيخ موفق الدّين أحمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن عثمان
بن مكّي الشارعي [1] ، فكان آخر من حدّث بالسّماع عن جدّ أبيه.
وتوفي بمصر عن تسعين سنة.
وفيها القاضي كمال الدّين أحمد بن قاضي القضاة علم الدّين بن الأخنائي
[2] .
حدّث عن الدّمياطي وغيره، وكان قاضي العساكر وناظر الخزانة بالقاهرة
وبها توفي.
وفيها قال الذهبي: شيخنا المعمّر الصّالح شرف الدّين الحسين بن علي بن
محمد ابن العماد الكاتب [3] ، عن ثمانين سنة وأشهر، درّس بالعمادية،
وأفتى، وحدّث عن ابن أبي اليسر، وابن الأوحد، وجماعة. انتهى.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (207) و «الدّرر الكامنة» (1/ 10) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (211) و «الدّرر الكامنة» (1/ 291) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (210) و «الدّرر الكامنة» (2/ 63) و «الدارس
في تاريخ المدارس» (1/ 336 و 411) .
(8/211)
وفيها نجم الدّين حسين بن علي بن سيد الكلّ
[1] الأزدي المهلّبي الأسواني الشافعي [2] .
مولده سنة ست وأربعين وستمائة، وتفقه على أبي الفضل جعفر التّزمنتي،
وبرع، وحدّث. وأشغل الناس بالعلم مدة كثيرة.
قال الشيخ تقي الدّين السّبكي: وكان قد وصل إلى سنّ عالية، وتحصّل
للطلبة به انتفاع في الاشتغال عليه وهو فقيه حسن، مفت، وله قدم هجرة
وصحبة للفقراء، يتخلق بأخلاق حسنة.
وقال الإسنوي: كان ماهرا في الفقه يشتغل [3] في أكثر العلوم، متصوفا،
كريما جدا، مع الفاقة، منقطعا عن الناس، شريف النّفس، معزّا للعلم.
اشتغل عليه الخلق طبقة بعد طبقة وانتفعوا به، وتصدّر بمدرسة الملك
بالقاهرة، وتجرّد مع الفقراء في البلاد.
توفي في صفر، وقد زاحم المائة.
وفيها خطيب القدس زين الدّين عبد الرحيم ابن قاضي القضاة بدر الدّين
محمد بن إبراهيم بن جماعة الشّافعي [4] .
توفي بالقدس الشريف.
وفيها المعمّر نجم الدّين عبد الرحيم بن الحاج محمود السّبعي [5] .
حدّث عن ابن عبد الدائم وغيره، وتوفي بالصّالحية عن إحدى وتسعين سنة.
ذكره الذهبي.
__________
[1] كذا في «آ» و «ط» و «طبقات الشافعية» للإسنوي و «الدّرر الكامنة» و
«حسن المحاضرة» : «سيد الكل» وفي «الطالع السعيد» و «طبقات الشافعية
الكبرى» : «سيد الأهل» .
[2] انظر «الطالع السعيد» ص (224- 226) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (1/
168- 169) و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 409- 411) و «الدّرر الكامنة»
(2/ 60) و «حسن المحاضرة» (1/ 426) .
[3] في «آ» و «ط» : «يشغل» والتصحيح من «طبقات الشافعية» للإسنوي.
[4] انظر «ذيول العبر» ص (210) و «النجوم الزاهرة» (9/ 318) و «الدّرر
الكامنة» (2/ 360) .
[5] انظر «ذيول العبر» ص (211) و «الدّرر الكامنة» (2/ 363) .
(8/212)
وفيها عالم بغداد صفي الدّين عبد المؤمن بن
الخطيب عبد الحق بن عبد الله بن علي بن مسعود بن شمائل البغدادي
الحنبلي [1] الإمام الفرضي المتقن.
ولد في سابع عشري جمادى الآخرة سنة ثمان وخمسين وستمائة ببغداد، وسمع
بها الحديث من عبد الصّمد بن أبي الجيش، وابن الكسّار، وخلق.
وسمع بدمشق من الشّرف ابن عساكر وجماعة.
وبمكّة من الفخر التّوزري، وأجاز له ابن البخاري، وأحمد بن شيبان، وبنت
مكّي وغيرهم من أهل الشام ومصر والعراق.
وتفقه على أبي طالب عبد الرحمن بن عمر البصري ولازمه حتّى برع، وأفتى،
ومهر في علم الفرائض، والحساب، والجبر، والمقابلة، والهندسة، والمساحة.
ونحو ذلك.
واشتغل في أول عمره بعد التفقه بالكتابة والأعمال الدّنيوية مدة ثم ترك
ذلك، وأقبل على العلم فلازمه مطالعة وكتابة وتدريسا وتصنيفا وإشغالا
وإفتاء إلى حين موته.
وصنّف في علوم كثيرة، فمن مصنّفاته «شرح المحرّر» في الفقه ست مجلدات،
«شرح العمدة» مجلدان، «إدراك الغاية في اختصار الهداية» مجلد لطيف
وشرحه في أربع مجلدات، «تلخيص المنقح في الجدل» ، «تحقيق الأمل في علمي
الأصول والجدل» «اللّامع المغيث في علم المواريث» واختصر «تاريخ
الطبري» في أربع مجلدات، واختصر «الرّد على الرافضي» للشيخ تقي الدين
بن تيميّة في مجلدين لطيفين، واختصر «معجم البلدان» لياقوت. وله غير
ذلك.
وخرّج لنفسه «معجما» لشيوخه بالسماع والإجازة نحوا من ثلاثمائة شيخ،
وسمع منه خلق كثيرون.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (204) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 428) و
«الدّرر الكامنة» (2/ 418) .
(8/213)
وله شعر كثير رائق، منه:
لا ترج غير الله سبحانه ... واقطع عرى الآمال من خلقه
لا تطلبنّ الفضل من غيره ... واضنن بماء الوجه واستبقه
فالرّزق مقسوم وما لامرئ ... سوى الّذي قدّر من رزقه
والفقر خير للفتى من غنى ... يكون طول الدّهر في رقّه
توفي- رحمه الله تعالى- ليلة الجمعة عاشر صفر ببغداد ودفن بمقبرة
الإمام أحمد.
وفيها قاضي حلب ذو الفنون فخر الدّين عثمان بن علي الحلبي، المعروف
بابن خطيب جبرين [1]- بالباء الموحدة والراء قرية من قرى حلب [2]- وقد
تقدمت ترجمته في سنة ثلاثين، والصحيح وفاته في هذه السنة.
وفيها الشيخ شرف الدّين أبو الحسين علي بن عمر البعلي [3] ، شيخ
الرّبوة والشّبلية.
حدّث عن الشيخ شمس الدّين بن أبي عمر، وابن البخاري، وطائفة.
وتوفي في المحرم وله بضع وثمانون سنة.
وفيها معيد البادرائية المعمّر علاء الدّين علي بن عثمان بن الخرّاط
[4] .
حدّث عن ابن البخاري وغيره، وعمل خطبا ومقامات، وتوفي بدمشق.
وفيها الحافظ علم الدّين القاسم بن محمد بن يوسف بن محمد البرزالي
الشافعي [5] .
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (205) و «النجوم الزاهرة» (9/ 320) و «الدّرر
الكامنة» (3/ 443) .
[2] قلت: الذي عند ياقوت في «معجم البلدان» (2/ 101) أن اسمها «جبرين
قورسطايا» قال عنها: من قرى حلب من ناحية عزاز، ويعرف أيضا بجبرين
الشمالي، وينسبون إليها جبراني على غير قياس.
[3] انظر «ذيول العبر» ص (209) .
[4] انظر «ذيول العبر» ص (210) و «الدّرر الكامنة» (2/ 83) و «الدارس
في تاريخ المدارس» (1/ 215) .
[5] انظر «ذيول العبر» ص (209) و «معجم الشيوخ» (2/ 115- 117) و
«النجوم الزاهرة» (9/ 319) و
(8/214)
قال الذهبي: الإمام الحافظ محدّث الشام،
وصاحب «التاريخ» و «المعجم الكبير» .
أول سماعه في سنة ثلاث وسبعين وستمائة، وكان له من العمر عشر سنين.
وروى عن ابن أبي الخير، وابن أبي عمر، والعزّ الحرّاني، وخلق كثير.
ووقف جميع كتبه، وأوصى بثلثه، وحجّ خمس مرات انتهى.
وقال ابن قاضي شهبة.
ولد سنة ثلاث [1] وستين وستمائة، وسمع الجمّ الغفير، وكتب بخطّه ما لا
يحصى كثرة، وتفقه بالشيخ تاج الدّين الفزاري وصحبه، وأكثر عنه، و [نقل
عنه] [2] الشيخ تاج الدّين في «تاريخه» وولي مشيخة دار الحديث
النّورية، ومشيخة النّفيسية، وصنّف «التاريخ» ذيلا على «تاريخ أبي
شامة» بدأ فيه من عام مولده وهو السنة التي مات فيها أبو شامة في سبع
مجلدات، و «المعجم الكبير» وبلغ «ثبته» بضعا وعشرين مجلدا، أثبت فيه كل
من سمع منه، وانتفع به المحدّثون من زمانه إلى آخر القرن.
وقال الذهبي أيضا في «معجمه» : الإمام، الحافظ، المتقن، الصّادق،
الحجّة، مفيدنا ومعلّمنا ورفيقنا، مؤرّخ العصر، ومحدّث الشام.
مشيخته بالإجازة والسماع فوق الثلاثة آلاف، وكتبه وأجزاؤه الصحيحة في
عدة أماكن، وهي مبذولة للطلبة وقراءته المليحة الفصيحة مبذولة لمن
قصده، وتواضعه وبشره مبذول لكل غني وفقير.
__________
«فوات الوفيات» (2/ 130) و «الدّرر الكامنة» (3/ 273) و «طبقات
الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 369) .
[1] تنبيه: في «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة: «سنة خمس وستين
وستمائة» وعلق محققه بقول:
في «ب وش وع وم» : «ثلاث» ولكن شطب المصنّف- يعني ابن قاضي شهبة، كلمة
«ثلاث» في «ز» وكتب موضعها بخطه كلمة «خمس» .
[2] ما بين الرقمين سقط من «آ» و «ط» واستدركته من «طبقات الشافعية»
لابن قاضي شهبة.
(8/215)
توفي محرما بخليص [1] في ذي الحجّة، وله
أربع وسبعون سنة وأشهر.
وفيها بدر الدّين أبو اليسر محمد بن قاضي القضاة الإمام العادل عزّ
الدّين محمد بن عبد القادر الأنصاري بن الصّايغ الدمشقي الشافعي [2] .
قال الذهبي: القاضي الإمام القدوة العابد، مدرّس العمادية والدّماغية.
حدّث عن ابن شيبان، والفخر، وطائفة. وحفظ «التّنبيه» ولازم الشيخ برهان
الدّين [زمانا] [3] ، وجاءه التقليد والتشريف بقضاء القضاة في سنة سبع
وعشرين فأصرّ على الامتناع فأعفي، ثم ولي خطابة القدس وتركها.
وكان مقتصدا في أموره، كثير المحاسن، حجّ غير مرّة، وتوفي في جمادى
الأولى عن ثلاث وستين سنة.
وفيها قاضي قضاة الإقليمين جلال الدّين محمد بن عبد الرحمن بن عمر بن
أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن الحسن بن علي بن إبراهيم بن علي بن أحمد
بن دلف بن أبي دلف العجلي القزويني ثم الدمشقي الشافعي [4] .
قال ابن قاضي شهبة: مولده بالموصل سنة ست وستين وستمائة، وتفقه على
أبيه، وأخذ الأصلين عن الإربلي، وسكن الرّوم مع أبيه، واشتغل في أنواع
العلوم، وسمع من أبي العبّاس الفاروثي وغيره، وخرّج له البرزالي جزءا
من حديثه، وحدّث به، وأفتى ودرّس، وناب في القضاء عن أخيه، ثم عن ابن
صصرى، ثم ولي الخطابة بدمشق، ثم القضاء بها، ثم انتقل إلى قضاء الدّيار
__________
[1] قال ياقوت في «معجم البلدان» (2/ 387) : خليص: حصن بين مكة
والمدينة.
[2] انظر «ذيول العبر» ص (206) و «الوافي بالوفيات» (1/ 248) و «فوات
الوفيات» (2/ 172) و «مرآة الجنان» (4/ 300) و «الدارس في تاريخ
المدارس» (1/ 238) .
[3] مستدركة من «ذيول العبر» .
[4] انظر «ذيول العبر» ص (205- 206) و «النجوم الزاهرة» (9/ 318) و
«الوفيات» لابن رافع (1/ 258- 260) و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 158-
161) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 377- 378) و «الوافي
بالوفيات» (3/ 342) و «مرآة الجنان» (4/ 30) و «الدّرر الكامنة» (4/ 3)
و «طبقات الشافعية» وللإسنوي (2/ 329- 330) .
(8/216)
المصرية لما عمي القاضي [1] بدر الدّين بن
جماعة، فأقام بها نحو إحدى عشرة سنة، ثم صرف في جمادى الآخرة سنة ثمان
وثلاثين، ونقل إلى قضاء الشام، وألّف «تلخيص المفتاح» في المعاني
والبيان، وشرحه بشرح سمّاه «الإيضاح» .
وقال الذهبي: أفتى، ودرّس، وناظر، وتخرّج به الأصحاب، وكان مليح الشكل،
فصيحا، حسن الأخلاق، غزير العلم، وأصابه طرف فالج مدة.
وقال ابن رافع: حدّثني [2] ، وسمع منه البرزالي، وخرّج له «جزءا» من
حديثه عن جماعة من شيوخه.
وصنّف في الأصول كتابا حسنا، وفي المعاني والبيان كتابين كبيرا وصغيرا
[3] .
ودرّس بمصر والشام بمدارس، وكان لطيف الذات، حسن المحاضرة، كريم
النّفس، ذا عصبية ومودة.
وقال الإسنوي: كان فاضلا في علوم، كريما، مقداما، ذكيا، مصنّفا، وإليه
ينسب كتاب «الإيضاح» و «التلخيص» في علمي المعاني والبيان.
توفي بدمشق في جمادى الأولى ودفن بمقابر الصّوفية.
وفيها شمس الدّين محمد بن عبد العزيز بن الشيخ عبد القادر الجيلي [4] .
قال الذهبي: شيخ بلاد الجزيرة، الإمام القدوة.
كان عالما، صالحا، وقورا، وافر الجلالة، حجّ مرتين، وروى عن الفخر عليّ
بدمشق وببغداد، وخلّف أولادا كبارا لهم كفاية وحرمة.
__________
[1] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «القضاء» والتصحيح من «طبقات الشافعية»
لابن قاضي شهبة.
[2] في «الوفيات» لابن رافع: «حدّث» .
[3] الأول منهما هو «تلخيص المفتاح في المعاني والبيان» انظر «كشف
الظنون» (1/ 473- 474) و «معجم المطبوعات العربية» (2/ 1509) .
والثاني منهما هو «الإيضاح شرح تلخيص المفتاح» . انظر «كشف الظنون» (1/
210) وهو مطبوع في مكتبة النهضة ببغداد.
قلت: وقد شكّك الإسنويّ في نسبتهما إليه كما سيرد في آخر ترجمته.
[4] انظر «ذيول العبر» ص (208) و «الوافي بالوفيات» (3/ 149) و «الدّرر
الكامنة» (3/ 452) .
(8/217)
وتوفي في أول ذي الحجّة بقرية الجبال من
عمل سنجار، عن سبع وثمانين سنة.
وفيها شمس الدّين محمد بن إبراهيم بن عبد العزيز بن الجزري [1] ، صاحب
«التاريخ الكبير» .
قال الذهبي: كان ديّنا، خيّرا، ساكنا، وقورا، به صمم.
روى عن إبراهيم بن أحمد، والفخر بن البخاري، وسمع ولديه مجد الدّين،
ونصير الدّين كثيرا. وكان عدلا أمينا.
وقال غيره: كان من خيار الناس، كثير المروءة، من كبار عدول دمشق. أقام
يشهد على القضاة مدة وإذا انفرد بشهادة يكتفون به لوثوقهم به. جمع
«تاريخا» كبيرا ذكر فيه أشياء حسنة لا توجد في غيره.
توفي ببستانه الزّعيفرانية في وسط السنة وله إحدى وثمانون سنة.
وفيها بأطرابلس الشيخ ناصر الدّين محمد بن المعلم المنذري [2] . سمع
«المسند» من ابن شيبان.
وفيها وجيه الدّين يحيى بن محمد الصّنهاجي المالكي [3] .
قال الذهبي: مات بالإسكندرية قاضيها العلّامة.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (208) و «الوافي بالوفيات» (3/ 22) و «مرآة
الجنان» (4/ 303) و «الدّرر الكامنة» (3/ 301) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (210) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (211) و «الدّرر الكامنة» (4/ 328) .
(8/218)
سنة أربعين وسبعمائة
في صفر هبّت بجبل طرابلس سموم وعواصف على جبال عكّا، وسقط نجم اتصل
نوره بالأرض برعد عظيم، وعلقت منه نار في أراضي الجون أحرقت أشجارا
ويبّست ثمارا، وأحرقت منازل، وكان ذلك آية. ونزل من السماء نار بقرية
الفيجة [1] على قبّة خشب أحرقتها وأحرقت إلى جانبها ثلاثة بيوت. وصحّ
هذا واشتهر. قاله في «العبر» .
وبهذه السنة ختم الذهبي كتابيه «العبر» و «الدول» [2] .
وفيها توفي نجم الدّين إبراهيم بن بركات بن أبي الفضل بن القرشية
البعلبكي [3] الصّوفي، أحد الأعيان الصّوفية وأكابر الفقهاء القادرية.
حدّث عن الشيخ شمس الدّين بن أبي عمر، وكان خاتمة أصحابه، وعن ابن عبد
الدائم، وابن أبي اليسر وجماعة، وولي مشيخة الشّبلية والأسدية.
وتوفي بدمشق في رجب عن تسعين سنة أو أكثر.
__________
[1] الفيجة: قرية على مسافة فرسخين من دمشق وبقربها عين الفيجة أحد
روافد نهر بردى الشهير.
[2] قلت: أما كتاب «العبر» فقد ختمه الذهبي بسنة (700) وما نقل عنه
المؤلف ابن العماد الحنبلي رحمه الله إنما هو «ذيل العبر» للذهبي وقد
ختمه بهذه السنة (740) وأما كتاب «دول الإسلام» فإنه ختمه بسنة (744)
وذيّل عليه الحافظ السخاوي بذيل كبير سمّاه «الذيل التام على دول
الإسلام» ينتهي بحوادث ووفيات سنة (901) هـ، وقد قام بتحقيقه- بإشارة
مني- صديقي الفاضل الأستاذ حسن إسماعيل مروة، نفع الله تعالى به،
والمجلد الأول منه انتهى تحقيقه، وقمت بقراءته والتقديم له وسيدفع إلى
الطبع قريبا إن شاء الله تعالى.
[3] انظر «ذيول العبر» ص (212) و «الوافي بالوفيات» (5/ 337) و «الدارس
في تاريخ المدارس» (2/ 163) .
(8/219)
وفيها مجد الدّين أبو بكر بن إسماعيل بن
عبد العزيز الزّنكلوني المصري الشافعي [1] .
ولد سنة تسع وسبعين وستمائة، وتفقه على مشايخ عصره.
قال ابن قاضي شهبة: ولا أحفظ عمّن أخذ منهم وسمع منهم [2] الحديث،
وتصدى للاشتغال والتّصنيف.
وممن أخذ عنه الشيخ جمال الدّين الإسنوي، وذكر له في «طبقاته» ترجمة
حسنة، فقال: كان إماما في الفقه، أصوليا، محدّثا، نحويا، ذكيا، حسن
التّعبير، قانتا لله، لا يمكن أحدا أن تقع منه غيبة في مجلسه، صاحب
كرامات، منقبضا عن الناس، ملازما لشأنه، لا يتردد إلى أحد من الأمراء،
ويكره أن يأتوا إليه، وراض نفسه إلى أن صار يحمل طبق العجين على كتفه
إلى الفرن، ويعود به، مع كثرة الطلبة عنده.
وكان ملازما للإشغال ليلا ونهارا ويمزج الدّروس بالوعظ وبحكايات
الصّالحين، ولذلك بارك الله في طلبته، وحصل لهم نفع كبير.
وكان حسن المعاشرة، كثير المروءة، ولي مشيخة الخانقاه البيبرسية،
وتدريس الحديث بها، وبالجامع الحاكمي.
توفي في ربيع الأول، ودفن بالقرافة.
وزنكلون: قرية من بلاد الشّرقية من أعمال الدّيار المصرية، وأصلها
سنكلوم بالسين المهملة في أولها والميم في آخرها، إلّا أن الناس لا
ينطقون إلا الزّنكلوني، ولذلك كان الشيخ يكتبه بخطّه كذلك غالبا.
ومن تصانيفه «شرح التّنبيه» الذي عمّ نفعه للمتفقهة ورسخ في النّفوس
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (212- 213) و «النجوم الزاهرة» (9/ 324) و
«مرآة الجنان» (4/ 304) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 17) و «الدّرر
الكامنة» (1/ 441) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (1/ 322) .
ونسبته فيه «السنكلومي» وانظر كلامه حولها فهو مفيد نافع.
[2] لفظة «منهم» الثانية هذه سقطت من «ط» .
(8/220)
وقعه، و «المنتخب» مختصر الكفاية، وشرح
«المنهاج» نحو «شرح التّنبيه» و «شرح التعجيز» و «مختصر التبريزي» وغير
ذلك.
وفي حدودها علاء الدّولة وعلاء الدّين أبو المكارم أحمد بن محمد بن
أحمد السّمنانيّ [1] .
ذكره الإسنوي في «طبقاته» وقال: كان إماما، عالما، مرشدا، له مصنّفات
كثيرة في التفسير، والتصوف، وغيرهما.
وفيها القاضي محيي الدّين إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن نصر بن جهبل
أبو الفداء الحلبي الأصل الدّمشقي الشّافعي [2] .
ولد بدمشق في سنة ست وستين وستمائة، واشتغل، وحصّل، وحدّث عن ابن عطا،
وابن البخاري، وأفتى، ودرّس بالأتابكية. وسمع منه جماعة منهم البرزالي،
وخرّج له «مشيخة» وحدّث بها، وناب في الحكم بدمشق، وولي قضاء طرابلس
مدة ثم عزل منها، وعاد إلى دمشق.
وتوفي في شعبان ودفن عند أخيه بمقبرة الصّوفية.
وفيها مسندة الشّام أمّ عبد الله زينب بنت الكمال أحمد بن عبد الرحيم
المقدسية [3] المرأة الصّالحة العذراء.
روت عن محمد بن عبد الهادي، وخطيب مردا، واليلداني، وسبط ابن الجوزي،
وجماعة.
وبالإجازة عن عجيبة الباقدارية، وابن الخير، وابن العلّيق، وعدد كثير،
وتكاثروا عليها وتفرّدت، وروت كتبا كبارا.
وتوفيت في تاسع عشر جمادى الأولى عن أربع وتسعين سنة.
__________
[1] انظر «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 73) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (214) و «الدّرر الكامنة» (1/ 383) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (213) و «مرآة الجنان» (4/ 305) و «الدّرر
الكامنة» (2/ 117) .
(8/221)
وفيها الخليفة المستكفي بالله أبو الرّبيع
سليمان بن الحاكم بأمر الله [1] .
ولد في نصف المحرم سنة أربع وثمانين وستمائة، واشتغل قليلا، وبويع
بالخلافة بعهد من أبيه في جمادى الأولى، سنة إحدى وسبعمائة، وخطب له
على المنابر بالبلاد المصرية والشامية، وصارت البشارة بذلك إلى جميع
الأقطار والممالك الإسلامية، وكانوا يسكنون بالكبش، فنقلهم السلطان إلى
القلعة وأفرد لهم دارا.
وتوفي بقوص، وكانت خلافته ثمانيا وثلاثين سنة.
وبويع أخوه إبراهيم بغير عهد.
وفيها قبض على الصّاحب شرف الدّين عبد الوهاب القبطي [2] في صفر وصودر،
واستصفيت حواصله بمباشرة الأمير سيف الدّين شنكر النّاصري ومن جملة ما
وجد له صندوق ضمّنه تسعة عشر ألف دينار وأربعمائة مثقال لؤلؤ كبار،
وصليب مجوهر، ووجد بداره كنيسة مرخّمة بمحاريبها الشرقية ومذابحها
وآلاتها، واستمرّ الملعون في العقوبة حتّى هلك في ربيع الآخر.
وفيها في ليلة السادس والعشرين من شوال وقع بدمشق حريق كبير شمل
اللّبادين القبلية وما تحتها وما فوقها، إلى عند سوق الكتب، واحترق سوق
الورّاقين، وسوق الذهب، وحاصل الجامع وما حوله، والمأذنة الشرقية، وعدم
للناس فيه من الأموال والمتاع ما لا يحصر. قاله في «العبر» [3] ، والله
أعلم.
وفيها الحسن بن إبراهيم بن أبي خالد البلوي [4] .
قال في «تاريخ غرناطة» : كان أديبا، فقيها، نحويا، أخذ عن ابن [5]
خميس، وأبي الحسن القيجاطي.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (214) و «النجوم الزاهرة» (9/ 322) و «الدّرر
الكامنة» (2/ 141) و «تاريخ الخلفاء» ص (321) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (214- 215) .
[3] انظر «ذيول العبر» ص (213- 214) .
[4] انظر «بغية الوعاة» (1/ 494) .
[5] في «آ» و «ط» : «أبي خميس» والتصحيح من «بغية الوعاة» مصدر
المؤلّف.
(8/222)
ومات يوم عيد الفطر.
وفيها أبو عامر محمد بن عبد الله بن عبد العظيم بن أرقم النّميري
الوادياشي [1] .
قال في «تاريخ غرناطة» : كان أحد شيوخه [2] ، مشاركا في فنون، من فقه،
وأدب وعربية، وهي أغلب الفنون عليه، مطّرحا، مخشوشنا، مليح الدّعابة،
كثير التواضع، بيته معمور بالعلماء أولي الأصالة والتعيّن.
تصدّر ببلده للفتيا والإسماع والتدريس.
وكان قرأ على أبي العبّاس بن عبد النّور، وأبي خالد بن أرقم. وروى عنه
ابن الزّبير، وأبو بكر بن عبيد، وغيرهما. وله شعر. مات ببلده. انتهى.
وفيها شمس الدّين محمد المغربي الأندلسي [3] .
قال ابن حجر: كان شعلة نار في الذكاء، كثير الاستحضار، حسن الفهم،
عارفا بعدّة علوم، خصوصا بالعربية. أقام بحماة مدة، وولي قضاءها، ثم
توجّه إلى الرّوم، فأقام بها، وأقبل عليه الناس.
مات ببرصا في شعبان.
__________
[1] انظر «الإحاطة» (3/ 88- 89) وقد نقل ابن حجر عنه باختصار وتصرف
ونقل المؤلف عنه، و «الدّرر الكامنة» (3/ 475- 476) .
[2] في «الإحاطة» : «أحد شيوخ بلده» .
[3] انظر «بغية الوعاة» (1/ 290) مصدر المؤلف.
(8/223)
|