شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة إحدى وأربعين
وسبعمائة
في ذي الحجّة منها كانت زلزلة عظيمة بمصر، والشام، والإسكندرية.
مات فيها تحت الرّدم ما لا يحصى، وغرقت مراكب كثيرة، وتهدّمت جوامع
ومواذن لا تعدّ.
وفيها كانت واقعة طريف ببلاد المغرب.
قال لسان الدّين في كتاب «الإحاطة» [1] : استشهد فيها جماعة من الأكابر
وغيرهم، وكان سببها أن سلطان فاس أمير المسلمين أبا الحسن علي بن عثمان
بن يعقوب بن عبد الحق المريني، جاز البحر إلى جزيرة الأندلس برسم
الجهاد ونصرة أهلها على عدوهم، حسبما جرت بذلك عادة سلفه وغيرهم من
ملوك العدوة، وشمّر عن ساعد الاجتهاد، وجنّد [2] من الجيوش الإسلامية
نحو ستين ألفا. وجاء إليه أهل الأندلس بقصد الإمداد وسلطانهم ابن
الأحمر ومن معه من الأجناد، فقضى الله الذي لا مردّ لما قدّره أن صارت
[3] تلك الجموع مكسّرة، ورجع السلطان أبو الحسن مفلولا [4] ، وأضحى
حسام الهزيمة عليه وعلى من معه مسلولا، ونجا برأس طمرّة ولجام، ولا تسل
كيف، وقتل جمع من أهل الإسلام، وجملة [5] وافرة من الأعلام، وأمضى فيهم
حكمه السّيف، وأسر ابن السلطان وحريمه، وانتهبت ذخائره، واستولت [6]
على الجميع أيدي الكفر والحيف، واشرأبّ العدو الكافر لأخذ
__________
[1] انظر «رقم الحلل» للسان الدّين بن الخطيب ص (16- 17) بتحقيق
الأستاذ الدكتور عدنان درويش، طبع وزارة الثقافة بدمشق.
[2] في «ط» : «ووجد» .
[3] في «آ» و «ط» : «أن سارت» والتصحيح من «رقم الحلل» .
[4] في «آ» و «ط» : «مغلولا» والتصحيح من «رقم الحلل» والمفلول
المنهزم.
[5] في «رقم الحلل» : «ولمّة» .
[6] في «آ» و «ط» : «واستولى» وما أثبته من «رقم الحلل» .
(8/224)
ما بقي من الجزيرة ذات الظّلّ الوريف،
وثبتت [1] قدمه في بلد طريف.
وبالجملة فهذه الواقعة من الدّواهي المعضلة الداء والأرزاء [2] التي
تضعضع لها ركن الدّين بالمغرب، وقرّت بذلك عيون الأعداء. انتهى.
وممن استشهد في هذه الوقعة [3] والد لسان الدّين ابن الخطيب، وهو عبد
الله بن سعيد [بن عبد الله بن سعيد] [4] بن علي بن أحمد السّلماني [5]
.
قال لسان الدين في «الإكليل» في حق والده هذا: إن طال الكلام، وجمحت
الأقلام، كنت كما قيل: مادح نفسه يقرئك السلام، وإن أحجمت [6] فما
أسديت في الثناء ولا ألمحت، أضعت الحقوق، وخفت معاذ الله العقوق. هذا
ولو أني زجرت طير البيان عن أوكاره، وجئت بعون الإحسان وأبكاره، لما
قضيت حقّه بعد، ولا قلت إلّا بالذي علمت سعد. فقد كان- رحمه الله- ذمر
عزم، ورجل رجاء وأزم، تروق أنوار خلاله الباهرة، وتضيء مجالس الملوك من
صورتيه الباطنة والظاهرة، ذكاء يتوقّد، وطلاقة يحسد نورها الفرقد،
وكانت له في الأدب فريضة، وفي النادرة العذبة منادح عريضة، تكلّمت يوما
بين يديه في مسائل من الطّب، وأنشدته أبياتا من شعري ورقاعا من إنشائي،
فتهلّل، وما برح أن ارتجل:
الطّبّ والشّعر والكتابة ... سماتنا في بني النّجابه
هنّ ثلاث مبلغات ... مراتبا بعضها الحجابة
ووقع لي يوما بخطّه على ظهر أبيات بعثتها إليه أعرض نمطها عليه:
وردت كما صدر النسيم بسحرة ... عن روضة جار الغرام رباها
فكأنّما هاروت أودع سحره ... فيها وآثرها به وحباها
__________
[1] في «ط» : «وثبت» وهو خطأ.
[2] تحرفت في «ط» إلى «الأزراء» .
[3] في «ط» : «في هذه الواقعة» .
[4] ما بين القوسين سقط من «آ» .
[5] انظر «رقم الحلل» ص (12 و 16 و 18- 19) .
[6] تحرفت في «ط» إلى «أجمحت» .
(8/225)
مصقولة الألفاظ يبهر حسنها ... فبمثلها
افتخر البليغ وباها
فقررت عينا عند رؤية وجهها ... إني أبوك وكنت أنت أباها
ومن شعره:
عليك بالصّمت فكم ناطق ... كلامه أدّى إلى كلمه
إن لسان المرء أهدى إلى ... غرّته والله من خصمه
يرى صغير الجسم مستضعفا ... وجرمه أكبر من جرمه
وقال في «الإحاطة» : كان من رجال الكمال، طلق الوجه، فقد في الكائنة
العظمى بطريف يوم الاثنين سابع جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين
وسبعمائة، ثابت الجأش، غير جذوع ولا هيّابة.
حدّثني الخطيب بالمسجد الجامع من غرناطة الفقيه أبو عبد الله بن
اللّوشي، قال: كبا بأخيك الطّرف وقد غشي العدو، فجنحت إلى أردافه
فانحدر إليه والدك وصرفني وقال: أنا أولى به، فكان آخر العهد بهما.
انتهى.
وذكر في «الإحاطة» : أن مولده بغرناطة في جمادى الأولى عام اثنين
وسبعين وستمائة.
وفيها افتخار الدّين أبو عبد الله جابر بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد
العزيز بن يوسف الخوارزمي الكاتي- بالمثناة أو المثلثة- الحنفي النّحوي
[1] .
ولد في عاشر شوال سنة سبع وستين وستمائة، وقرأ على خاله أبي المكارم،
وقرأ «المفصل» و «الكشّاف» على أبي عاصم الإسفندري، واشتغل ببلاده،
ومهر، وقدم القاهرة، فسمع من الدّمياطي. وولي مشيخة الجاولية التي
بالكبش، وباشر الإفتاء والتدريس بأماكن، وقدم مكّة.
وقرأ «الصحيح» على التّوزري، وتكلّم على أماكن فيه من جهة العربية،
ودرّس بالقدس ومكّة. وكان فاضلا، حسن الشكل، مليح المحاضرة.
__________
[1] انظر «النجوم الزاهرة» (9/ 326) و «الجواهر المضية» (2/ 5- 6) و
«العقد الثمين» (3/ 403- 404) و «الدّرر الكامنة» (2/ 68) .
(8/226)
مات بالقاهرة في منتصف المحرم.
وفيها برهان الدّين أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن هلال الزّرعي ثم
الدمشقي [1] ، الفقيه الحنبلي الأصولي المناظر الفرضي.
سمع بدمشق من عمر بن القوّاس، وأبي الفضل بن عساكر، وغيرهما.
وتفقه وأفتى قديما، ودرّس، وناظر، وولي نيابة الحكم عن علاء الدّين بن
المنجّى وغيره، ودرّس بالحنبلية من حين سجن الشيخ تقي الدّين بالقلعة
في المرة التي توفي فيها، فساء ذلك أصحاب الشيخ ومحبيه، واستمرّ بها
إلى حين وفاته.
وكان بارعا في أصول الفقه، والفرائض، والحساب، وإليه المنتهى في
التّحري، وجودة الخطّ، وصحة الذّهن، وسرعة الإدراك، وقوة المناظرة،
وحسن الخلق، لكنه كان قليل الاستحضار لنقل المذهب، وكان قاضي القضاة
أبو الحسن السّبكي يسمّيه فقيه الشام. وكان فيه لعب، وعليه في دينه
مآخذ، سامحه الله تعالى. وتفقّه وتخرّج به جماعة، ولم يصنّف كتابا
معروفا.
توفي وقت صلاة الجمعة سادس عشر رجب، ودفن بمقبرة باب الصغير.
وفيها الحسين بن أبي بكر بن الحسين الإسكندري المالكي النّحوي [2] .
قال في «الدرر» : ولد سنة أربع وخمسين وستمائة، واشتغل بالعلم، خصوصا
العربية، وانتفع به الناس، وجمع «تفسيرا» في عشر مجلدات، وحدّث عن
الدّمياطي.
وتوفي في ذي الحجّة.
وفي حدودها الشيخ علي بن عبد الله الطّواشي اليمني [3] الصّوفي الكبير،
العارف الشهير.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (222) و «الوفيات» لابن رافع (1/ 368) و «ذيل
طبقات الحنابلة» (2/ 434) و «الدّرر الكامنة» (1/ 15) و «المقصد
الأرشد» (1/ 215) .
[2] انظر «بغية الوعاة» (1/ 532) و «الدّرر الكامنة» (2/ 73) و «حسن
المحاضرة» (1/ 459) وفيه: «أبو الحسن بن أبي بكر» .
[3] لم أعثر على ترجمة له فيما بين يدي من المصادر.
(8/227)
ذو الأحوال السّنيّة والمقامات العليّة،
وحسبك فيه ما قاله تلميذه ومريده الإمام اليافعي من أبيات:
إذا قصد الزّوّار للبيت كعبة ... عليّ بن عبد الله قصدي وكعبتي
وفيها ركن الدّين شافع بن عمر بن إسماعيل [1] ، الفقيه الحنبلي
الأصولي، نزيل بغداد.
سمع الحديث ببغداد على إسماعيل بن الطبّال، وابن الدّواليبي، وغيرهما.
وتفقّه على الشيخ تقي الدّين الزّريراتي، وصاهره على ابنته، وأعاد عنده
بالمستنصرية.
وكان رئيسا، نبيلا، فاضلا، عارفا بالفقه والأصول والطّبّ، مراعيا
لقوانينه في مأكله ومشربه، ودرّس بالمجاهدية بدمشق، وأقرأ جماعة من
الأئمة.
قال ابن رجب: منهم والدي.
وله مصنّف في مناقب الأئمة الأربع سمّاه «زبدة الأخبار في مناقب
الأربعة الأبرار» ، وكان قاصر العبارة لأن في لسانه عجمة، ومدرسة
المجاهدية تعرف الآن بالحجازية، ثم صارت اصطبلا لخيل الطانشمندية، لا
حول ولا قوة إلّا بالله.
توفي المترجم ببغداد يوم الجمعة ثاني عشر شوال، ودفن بدهليز تربة
الإمام أحمد، رضي الله عنه.
وفيها شرف الدّين أبو محمد عبد الرحيم بن عبد الملك بن محمد بن أبي بكر
بن إسماعيل الزّريراتي البغدادي [2] الحنبلي بن شيخ العراق تقي الدّين
أبي بكر المتقدم ذكره.
ولد ببغداد، ونشأ بها، وحفظ «المحرّر» ، وسمع الحديث، واشتغل ثم رحل
إلى دمشق، فسمع من زينب بنت الكمال، وجماعة من أصحاب ابن عبد الدائم،
__________
[1] انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 435) و «الدّرر الكامنة» (2/ 283) و
«المقصد الأرشد» (1/ 441) .
[2] انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 435- 436) وفيه: «عبد الرحيم بن عبد
الله» .
(8/228)
وخطيب مردا، وطبقتهما، وارتحل إلى مصر،
وسمع من مسندها يحيى ابن المصري، وغيره [ولقي بها أبا حيّان وغيره] [1]
، ثم رجع إلى بغداد بفضائل جمّة، ودرّس للحنابلة بالبشرية بعد وفاة صفي
الدّين بن عبد الحق، ثم درّس بالمجاهدية بعد وفاة صهره المترجم قبله
شافع، ولم تطل بها مدته.
قال ابن رجب: وحضرت درسه، وأنا إذ ذاك صغير لا أحقّقه جيدا، وناب في
القضاء ببغداد، واشتهرت فضائله، وخطّه في غاية الحسن. وألّف مختصرات في
فنون عديدة.
وتوفي ببغداد يوم الثلاثاء ثاني عشر ذي الحجّة ودفن عند والده بمقبرة
الإمام أحمد وله من العمر نحو الثلاثين سنة رحمه الله تعالى.
وفيها علاء الدّين أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم الشافعي [2] خازن
كتب خانقاه السميساطية بدمشق.
ولد ببغداد سنة ثمان وسبعين وستمائة، وسمع الحديث، وكان صالحا، خيّرا.
جمع، وألّف، فمن تأليفه «تفسير القرآن العظيم» [3] و «شرح عمدة
الأحكام» وأضاف إلى «جامع الأصول» «مسند الإمام أحمد» و «سنن ابن ماجة»
و «سنن الدارقطني» وسمّاه: «مقبول المنقول» ، وجمع «سيرة» . وحدّث ببعض
مصنّفاته، وكان صوفيا بالخانقاه المذكورة، وكان بشوش الوجه، ذا تودّد
وسمت حسن.
توفي في شعبان.
وفيها أبو عبد الله محمد بن أحمد بن تمّام بن حسان التّليّ ثم الصّالحي
[4] القدوة الزّاهد الفقيه الحنبلي.
__________
[1] ما بين القوسين سقط من «آ» .
[2] انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 53- 54) و «الدّرر
الكامنة» (3/ 97) و «كشف الظنون» (2/ 1792) .
[3] أقول: وهو المعروف ب «تفسير الخازن» ، وهو بغدادي الأصل، يقال له:
الشيحي، نسبة إلى شيحة من أعمال حلب (ع) .
[4] انظر «ذيول العبر» (220) و «معجم الشيوخ» (2/ 141- 143) و «الوافي
بالوفيات» (2/ 152) و «فوات الوفيات» (3/ 413) و «الوفيات» لابن رافع
(1/ 353) و «الدّرر الكامنة» (3/ 311- 312) .
(8/229)
ولد سنة إحدى وخمسين وستمائة، وسمع من ابن
عبد الدائم وغيره، وصحب الشيخ شمس الدّين ابن الكمال وغيره من العلماء
والصّلحاء. وكان صالحا، تقيا، من خيار عباد الله، يقتات من عمل يده،
وكان عظيم الحرمة، مقبول الكلمة عند الملوك. وولاة الأمور، ترجع إلى
رأيه وقوله. أمّارا بالمعروف نهاء عن المنكر.
ذكره الذهبي في «معجم شيوخه» وقال: كان مشارا إليه في الوقت بالإخلاص،
وسلامة الصّدر، والتّقوى، والزّهد، والتّواضع التّام، والبشاشة، ما
أعلم فيه شيئا يشينه في دينه أصلا.
وقال ابن رجب: حدّث بالكثير، وسمع منه خلق، وأجاز لي ما تجوز له روايته
بخطّ يده.
وتوفي في ثالث عشر ربيع الأول، ودفن بقاسيون، رحمه الله تعالى.
وفيها شمس الدّين أبو المعالي محمد بن أحمد بن إبراهيم بن حيدرة بن علي
بن عقيل [1] ، الإمام، العالم، الفقيه، الشافعي، المفتي المدرّس الكبير
بن القمّاح القرشي المصري.
ولد في ذي القعدة سنة ست وخمسين وستمائة، وسمع الكثير، وقرأ الحديث
بنفسه، وكتب بخطّه، وتفقه على الظّهير التّرميني وغيره، وبرع، وأفتى،
ودرّس بقبة الإمام الشافعي إلى حين وفاته، بعد أن أعاد بها خمسين سنة،
وناب في الحكم مدة سنين، وسمع منه خلق كثير من الفقهاء والمحدّثين.
قال الإسنوي: كان رجلا، عالما، فاضلا، فقيها، محدّثا، حافظا لتواريخ
المصريين، ذكيا، إلّا أن نقله يزيد على تصرّفه. وكان سريع الحفظ، بعيد
النسيان، مواظبا على النّظر والتحصيل، كثير التّلاوة، سريعا، متودّدا.
توفي في ربيع الآخر أو الأول، ودفن بالقرافة.
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (221) و «الوافي بالوفيات» (2/ 150) و «طبقات
الشافعية الكبرى» (9/ 92- 93) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 338) و
«طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 66- 67) و «الدّرر الكامنة» (3/
303- 304) و «حسن المحاضرة» (1/ 426) .
(8/230)
وفيها شرف الدّين محمد بن عبد المنعم
المنفلوطي، المعروف بابن المعين الشّافعي [1] .
تفقه بالشيخ نجم الدّين البالسي وغيره، وقرأ الأصول على الشمس المحوجب.
قال الكمال الأدفوي: كان أديبا، فقيها، شاعرا، اختصر «الرّوضة» وتكلّم
على أحاديث «المهذب» وسمّاه «الطّراز المذّهب» . انتهى.
وفيها عزّ الدّين أبو عبد الله محمد بن عبد الوهاب بن يوسف الأفقهسي
المصري [2] .
سمع بالقاهرة ودمشق من جماعة.
قال ابن رافع: ودرّس بدمشق، وكان كثير النقل لفروع مذهبه، قوي الحافظة،
قيل: إنه حفظ «محرّر الرافعي» في شهر وستة أيام.
توفي بدمشق شابا، رحمه الله تعالى.
وفيها أبو عبد الله محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن أحمد بن محمد بن
بكر بن سعد الأشعري المالقي، يعرف بابن بكر [3] .
قال في «تاريخ غرناطة» : كان من صدور العلماء، وأعلام الفضل، معرفة
وتفنّنا، ونزاهة، عارفا بالأحكام والقراءات، مبرّزا في الحديث
والتاريخ، حافظا للأنساب والأسماء والكنى. قائما على العربية، مشاركا
في الأصول، والفروع، واللغة، والفرائض، والحساب، أصيل النظر، منصفا
مخفوض الجناح، حسن الخلق، عطوفا على الطلبة، محبّا للعلم والعلماء.
أخذ القراءات، والعربية، والفقه، والحديث، والأدب عن الأستاذ
__________
[1] انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 80) و «الدّرر الكامنة»
(4/ 33) .
[2] انظر «الوفيات» لابن رافع (1/ 382) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي
شهبة (3/ 80- 81) و «الدّرر الكامنة» (4/ 37) .
[3] انظر «الإحاطة بتاريخ غرناطة» (2/ 176- 180) و «الدّرر الكامنة»
(4/ 284) .
(8/231)
أبي محمد بن أبي السّداد الباهلي، وابن
الزّبير، وابن رشيد، وغيرهم، وأجاز له جماعة من سبتة وإفريقية،
والمشرق. منهم: الشّرف الدّمياطي، والأبرقوهي.
وولي الخطابة والقضاء بغرناطة فصدع بالحقّ، وتصدّر لنشر العلم، فأقرأ
العربية، والفقه، والقراءات، والأصول، والفرائض، والحساب، وعقد مجلس
الحديث، شرحا وسماعا.
مولده في ذي القعدة سنة أربع وسبعين وستمائة، ووقف في مصافّ المسلمين
يوم المساحة الكبرى بظاهر طريف فكبت به بغلته، فمات منها، وذلك يوم
الاثنين سابع جمادى الأولى انتهى.
وفيها أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن الإمام.
قال المقري في «التعريف بابن الخطيب» : قال مولاي الجدّ، رحمه الله
تعالى،:
فممن أخذت عنه علماها- يعني تلمسان- الشّامخان، وعالماها الرّاسخان،
أبو زيد عبد الرحمن، وأبو موسى عيسى، ابنا محمد بن عبد الله بن الإمام،
وكانا قد رحلا في شبابهما من بلدهما برشك إلى تونس، فأخذا بها عن ابن
جماعة، وابن العطّار، والنّفزي، وتلك الحلبة، وأدركا المرجاني وطبقته
من أعجاز المائة السابعة، ثم وردا في أول المائة الثامنة تلمسان على
أمير المسلمين أبي يعقوب وهو محاصر لها، وفقيه حضرته يومئذ أبو الحسن
علي بن مخلف التّنّسي، وكان قد خرج إليه برسالة من صاحب تلمسان
المحصورة، فلم يعد وارتفع شأنه عند أبي يعقوب حتّى إنه شهد جنازته ولم
يشهد جنازة غيره، وقام على قبره، وقال: نعم الصّاحب فقدنا اليوم، ثم
زادت حظوتهما عند أمير المسلمين أبي الحسن إلى أن توفي أبو زيد في
العشر الأوسط من رمضان عام أحد وأربعين وسبعمائة، بعد وقعة طريف بأشهر،
فزادت مرتبة أبي موسى عند السلطان، وكانا رحلا إلى المشرق في حدود
العشرين وسبعمائة، فلقيا علاء الدّين القونوي، وجلال الدين القزويني
صاحب «البيان» وسمعا «صحيح البخاري» على الحجّار، وناظرا تقي الدّين بن
تيميّة، وظهرا عليه، وكان ذلك من أسباب محنته، وكان شديد الإنكار على
الإمام فخر الدّين [1] .
__________
[1] يعني الرازي.
(8/232)
حدّثني شيخي العلّامة أبو عبد الله الإيلي
أن عبد الله بن إبراهيم الزموري أخبره أنه سمع ابن تيميّة ينشد لنفسه:
محصّل في أصول الدّين حاصله ... من بعد تحصيله علم بلا دين
أصل الضّلالة والإفك المبين فما ... فيه فأكثره وحي الشّياطين
قال: وكان في يده قضيب، فقال: والله لو رأيته لضربته بهذا القضيب.
وشهدت مجلسا عند السّلطان قرئ فيه على أبي زيد بن الإمام حديث:
«لقّنوا موتاكم لا إله إلّا الله» في «صحيح مسلم» [1] ، فقال له
الأستاذ أبو إسحاق بن حكم السّلوي: هذا الملقّن محتضر حقيقة، ميت
مجازا، فما وجه ترك محتضريكم إلى موتاكم، والأصل الحقيقة، فأجابه أبو
زيد بجواب لم يقنعه، وكنت قد قرأت على الأستاذ بعض «التنقيح» أي
للقرافي، فقلت: زعم القرافي أن المشتق إنما يكون حقيقة في الحال، مجازا
في الاستقبال، مختلفا فيه في الماضي إذا كان محكوما به، أما إذا كان
متعلق الحكم كما هنا فهو حقيقة إجماعا، وعلى هذا التقرير لا مجاز فلا
سؤال.
وذكر أبو زيد ابن الإمام يوما في مجلسه أنه سئل بالمشرق عن هاتين
الشرطيتين وَلَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ
أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ 8: 23 [الأنفال: 23] ،
فإنهما يستلزمان بحكم الإنتاج لو علم الله فيهم خيرا لتولوا وهو محال،
ثم أراد أن يرى ما عند الحاضرين، فقال ابن الحكم: قال الخونجي:
والإهمال بإطلاق لفظ لو، وأن في المتصلة، فهاتان القضيتان على هذا
مهملتان، والمهملة في قوة الجزئية، ولا قياس عن جزئيتين. انتهى.
وفيها الملك النّاصر محمد بن الملك المنصور قلاوون بن عبد الله
الصّالحي [2] .
__________
[1] رواه مسلم رقم (916) في الجنائز: باب تلقين الموتى: لا إله إلّا
الله.
[2] انظر «ذيول العبر» ص (323- 225) و «النجوم الزاهرة» (9/ 165) و
«الوافي بالوفيات» (4/ 353)
(8/233)
ولد في صفر، وقيل: في نصف المحرم سنة أربع
وثمانين وستمائة، وشوهد منه أنه ولد وكفّاه مقبوضتان ففتحتهما الدّاية
فسال منهما دم كثير، ثم صار [1] يقبضهما، فإذا فتحهما سال منهما دم
كثير، فأوّل ذلك بأنه يسفك على يديه دماء كثيرة، فكان كذلك. وولي
السلطنة عقب قتل أخيه الأشرف وعمره تسع سنين، فولي السلطنة سنة إلّا
ثلاثة أيام، ثم خلع بكتبغا، وكان كتبغا قد جهّز النّاصر إلى الكرك بعد
أن حلف له أنه إذا ترعرع وترجّل يفرغ له عن المملكة بشرط أن يعطيه
مملكة الشام استقلالا، ثم أحضر الناصر من الكرك إلى مصر سنة ثمان
وتسعين وسلطنوه ثانيا، واستقرّ بيبرس الجاشنكير دويدارا وسلّار نائبا
في السلطنة، ولم يكن للناصر معهما حكم البتة واستقرّ أقش الأفرم نائب
دمشق، وحضر الناصر وقعة غازان سنة تسع وتسعين، وثبت الناصر الثبات
القوي، وجرى لغازان بدمشق ما اشتهر، وقطعت خطبة الناصر من دمشق مدة ثم
أعيدت فتحرّك غازان في العود، فوصل إلى حلب، ثم رجع.
وفي شعبان سنة اثنتين وسبعمائة كانت وقعة شقحب، وكان للناصر [2] فيها
اليد البيضاء من الثبات والفتك ووقع النّصر للمسلمين.
ثم في سنة ثمان وسبعمائة أظهر الناصر أنه يطلب الحجّ، فتوجه إلى الكرك،
وأقام بها، وطرد نائب الكرك إلى مصر، وأعرض عن المملكة لاستبداد سلّار،
وبيبرس دونه بالأمور، وكتب الناصر إلى الأمراء بمصر يترقق لهم،
ويستعفيهم من السلطنة، ويسألهم أن يتركوا له الكرك، فوافقوه على ذلك،
وتسلطن بيبرس الجاشنكير، ثم قصد الناصر مصر في سنة تسع وسبعمائة
فاستقرّ في دست سلطنته يوم عيد الفطر، ولما استقرّت قدمه قبض على أكثر
الأمراء، وعزل، وولي، وحجّ، وجدّد خيرات كثيرة، وبنى جوامع، ومدارس،
وخوانق، وفتحت في أيامه ملطية،
__________
و «فوات الوفيات» (2/ 263) و «الدّرر الكامنة» (4/ 144) .
[1] تحرفت في «ط» إلى «سار» .
[2] هو الملك الناصر محمد بن قلاوون بن عبد الله الصالحي. انظر ترجمته
في «الوافي بالوفيات» (4/ 353) و «ذيول العبر» ص (224) و «الدّرر
الكامنة» (4/ 144- 148) .
(8/234)
وطرسوس، وغيرهما. واشترى المماليك، فبالغ
في ذلك، حتّى اشترى واحدا بما يزيد على أربعة آلاف دينار.
قال في «الدّرر» [1] : ولم ير أحد مثل سعادة ملكه وعدم حركة الأعادي
عليه برّا وبحرا، مع طول المدة، فمنذ وقعة شقحب إلى أن مات، لم يخرج
عليه أحد، ووجدت له إجازة بخط البرزالي من ابن مشرف وغيره، وسمع من ست
الوزراء، وابن الشّحنة، وخرّج له بعض المحدّثين «جزءا» . وكان مطاعا،
مهيبا، عارفا بالأمور، يعظّم أهل العلم والمناصب الشرعية، ولا يقرّر
فيها إلّا من يكون أهلا لها.
وتوفي في تاسع عشري ذي الحجّة بقلعة مصر في آخر النهار، وحمل ليلا إلى
المنصورية، فغسل بها، وصلّى عليه عزّ الدّين بن جماعة القاضي إماما
بحضرة أناس قلائل من الأمراء، وحصل للمسلمين بموته ألم شديد، لأنهم لم
يلقوا مثله.
وعهد قبيل موته لولده الملك المنصور، فجلس على كرسي الملك قبل موت
والده بثلاثة أيام، والله أعلم.
__________
[1] انظر «الدّرر الكامنة» (4/ 147- 148) .
(8/235)
سنة اثنتين وأربعين
وسبعمائة
في محرّمها بايع السلطان الملك المنصور الخليفة الحاكم بأمر الله أبي
العبّاس أحمد بن الخليفة المستكفي للخلافة بعهد من والده، وجلس مع
السلطان على كرسي واحد وبايعهم القضاة وغيرهم.
وفيها توفي السلطان الملك المنصور أبو بكر بن السلطان الملك الناصر
محمد بن قلاوون [1] خلع في صفر.
قال السيوطي: لفساده وشرب الخمور، حتّى قيل: إنه جامع زوجات أبيه، ونفي
إلى قوص، وقتل بها.
وتسلطن أخوه الملك الأشرف كجك، ثم خلع من عامه، وولي أخوه أحمد، ولقّب
الناصر وعقد المبايعة بينه وبين الخليفة الشيخ تقي الدّين السّبكي،
قاضي الشام، وكان قد حضر معه.
وفيها الحافظ الكبير جمال الدّين أبو الحجّاج يوسف بن عبد الرحمن بن
يوسف بن عبد الملك بن يوسف بن علي بن أبي الزّهر، الإمام العلّامة
الحافظ الكبير المزّي الشافعي [2] .
__________
[1] انظر «ذيول العبر» ص (226) و «حسن المحاضرة» (2/ 116- 117) .
[2] انظر «ذيول العبر» ص (229) و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1498) و «معجم
الشيوخ» (2/ 389- 390) و «المعجم المختص» ص (299- 300) و «النجوم
الزاهرة» (10/ 76- 77) و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 395) و «فوات
الوفيات» (4/ 353) و «الدّرر الكامنة» (4/ 457) و «طبقات الشافعية»
لابن قاضي شهبة» (3/ 99) .
(8/236)
قال ابن قاضي شهبة: شيخ المحدّثين، عمدة
الحفّاظ، أعجوبة الزّمان الدمشقيّ المزّي.
مولده في ربيع الآخر، سنة أربع وخمسين وستمائة بظاهر حلب، ونشأ
بالمزّة.
قرأ شيئا من الفقه على مذهب الشافعي، وحصّل طرفا من العربية، وبرع في
التصريف واللغة، ثم شرع في طلب الحديث بنفسه، وله عشرون سنة. وسمع
الكثير، ورحل.
قال بعضهم: ومشيخته نحو الألف، وبرع في فنون الحديث، وأقر له الحفّاظ
من مشايخه وغيرهم بالتقدم، وحدّث بالكثير نحو خمسين سنة، فسمع منه
الكبار والحفّاظ، وولي دار الحديث الأشرفية ثلاثا وعشرين سنة ونصفا.
وقال ابن تيمية لما باشرها: لم يلها من حين بنيت إلى الآن أحق بشرط
الواقف منه، لقول الواقف: فإن اجتمع من فيه الرواية ومن فيه الدّراية،
قدّم من فيه الرّواية [1] .
وقال الذهبي في «المعجم المختص» : شيخنا الإمام العلّامة، الحافظ،
النّاقد، المحقّق، المفيد، محدّث الشام.
طلب الحديث سنة أربع وسبعين وهلم جرا، وأكثر، وكتب العالي والنّازل
بخطّه المليح المتقن. وكان عارفا بالنّحو، والتصريف، بصيرا باللغة،
يشارك في الأصول والفقه، ويخوض في مضائق العقول. انتهى.
وقال السّبكي في «الطبقات» : ولا أحسب شيخنا المزيّ يدري المعقولات،
فضلا عن الخوض في مضايقها. فسامح الله شيخنا الذّهبي.
ثم قال الذهبي: ويدري الحديث كما في النّفس متنا وإسنادا، وإليه
المنتهى
__________
[1] علم الحديث رواية: علم يعرف به أقوال رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم وأفعاله وأحواله، وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها.
وعلم الحديث دراية: علم يعرف به حقيقة الرواية وشروطها وأنواعها
وأحكامها، وحال الرواة وشروطهم وأصناف المرويات وما يتعلق بها. (ع) .
(8/237)
في معرفة الرّجال وطبقاتهم. ومن نظر في
كتابه «تهذيب الكمال» [1] علم محلّه من الحفظ، فما رأيت مثله، ولا رأى
هو مثل نفسه في معناه.
وكان ينطوي على سلامة باطن ودين وتواضع وفراغ عن الرئاسة وحسن سمت
وقلّة كلام، وحسن احتمال.
وقد بالغ في الثناء عليه أبو حيّان، وابن سيّد الناس، وغيرهما من علماء
العصر.
توفي في صفر، ودفن بمقابر الصّوفية غربيّ قبر صاحبه ابن تيميّة.
ومن تصانيفه «تهذيب الكمال» و «الأطراف» [2] وغيرهما.
__________
[1] يعدّ هذا الكتاب من أجود كتب التراجم التي خلّفها علماء المسلمين،
ويعتبر من الكتب الرائدة في هذا الباب، وقد وضع أصله «الكمال في أسماء
الرجال» الإمام الحافظ عبد الغني المقدسي المتوفى سنة (600) هـ، وقام
الإمام المزّي بتهذيبه وأضاف إليه فوائد كثيرة وسماه «تهذيب الكمال في
أسماء الرجال» وقد كتب الله عز وجل لكتاب المزّي هذا الشهرة والانتشار
منذ عصر مؤلّفه، ولكنه بقي في عداد المخطوطات المحصور وجودها في
المكتبات العامة ببعض البلاد الإسلامية، إلى أن تولت دار المأمون
للتراث بدمشق إصداره مصورة لإحدى نسخه الخطية في ثلاث مجلدات كبيرة
بطريقة الأوفست، تولى تقديمها للقراء الأستاذان الفاضلان عبد العزيز
رباح وأحمد يوسف الدقاق.
ثم تصدت لإخراجه في طبعة علمية متقنة محققة مؤسسة الرسالة بيروت، فعهدت
للأستاذ الدكتور بشار عواد معروف بتحقيقه، وإلى الأستاذ الشيخ شعيب
الأرناؤوط بتخريج أحاديثه والإشراف على طبعه، وقد صدر منه حتى الآن
خمسة عشر مجلدا.
[2] واسمه الكامل «تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف» ويعدّ هو الآخر من
خيرة مصنّفات المسلمين في بابه، بيّن فيه مواقع الأحاديث في مصنّفات
حديثية كثيرة من خلال الدلالة على أطرافها، فأجاد وأفاد، جزاه الله
تعالى عن المسلمين خير الجزاء. وقد طبع كتابه طبعة متقنة نافعة في
الدار القيمة بمباي في الهند في أربعة عشر مجلدا بتحقيق الأستاذ الفاضل
الشيخ عبد الصمد شرف الدّين، ثم أعاد المكتب الإسلامي ببيروت إصداره
مصورا عن طبعة الهند عدة مرات.
وقام الحافظ ابن حجر العسقلاني بتصنيف كتاب سمّاه «النكت الظراف على
الأطراف» وقد نشر في هامش «تحفة الأشراف» على يد الشيخ عبد الصمد شرف
الدّين في الهند أيضا.
وقام الحافظ ولي الدّين ابن العراقي المتوفى سنة (826) هـ بتعقب الحافظ
المزّي بمصنف نافع سمّاه «الإطراف بأوهام الأطراف» وقد نشر نشرة سيئة
في بيروت على يد الأستاذ كمال يوسف الحوت. وقد شرعت بتحقيقه تحقيقا
يليق به معتمدا على نسختين خطيتين، وأسأل الله تعالى العون على
الانتهاء منه قريبا ودفعه للطبع لكي يعم الانتفاع به.
(8/238)
سنة ثلاث وأربعين
وسبعمائة
في محرّمها جمع الناصر الأموال التي في قلعة الجبل، وأخذها وراح إلى
الكرك، وترك الملك، ونسبت إليه أشياء قبيحة، فخلعوه من السلطنة،
وبايعوا أخاه السلطان الصالح إسماعيل، فأرسل جيشا إلى محاربة الناصر
أحمد في الكرك، وأظهر أنه يطلب الأموال.
ووقع بالشام غلاء بسبب هذا الحصار.
وفيها توفي الحسن بن عمر بن عيسى بن خليل البعلبكي [1] .
روى عن التّاج بن عبد الخالق بن عبد السلام.
وتوفي في شعبان. قاله في «الدّرر» .
وفيها توفي [2] الإمام المشهور الحسن بن محمد بن عبد الله الطّيبي [3]
، شارح «الكشّاف» العلّامة في المعقول والعربية والمعاني والبيان.
قال ابن حجر [4] : كان آية في استخراج الدقائق من القرآن والسّنن،
مقبلا على نشر العلم، متواضعا، حسن المعتقد، شديد الردّ على الفلاسفة
[والمبتدعة] ، مظهرا فضائحهم، مع استيلائهم حينئذ شديد الحب لله
ورسوله، كثير الحياء، ملازما لإشغال الطلبة في العلوم الإسلامية بغير
طمع، بل يخدمهم [5] ويعينهم، ويعير الكتب النّفيسة لأهل بلده وغيرهم،
من يعرف ومن لا يعرف، محبّا لمن عرف منه تعظيم
__________
[1] ترجمته في «الدّرر الكامنة» (2/ 30- 32) .
[2] ليست اللفظة في «ط» .
[3] ترجمة الطيبي في «الدّرر الكامنة» (2/ 68- 69) ، و «بغية الوعاة»
(1/ 522- 523) ، و «البدر الطالع» (1/ 229- 230) و «معجم المؤلفين» (4/
53) . واسمه في بعض هذه المصادر «الحسين» .
[4] تصرّف المصنّف في نقله عن ابن حجر تقديما وتأخيرا وحذفا وإضافة.
[5] في «آ» و «ط» : «بل يجديهم» وفي «الدرر الكامنة» «يحذيهم ويعينهم»
وفي هامشه: «يحدثهم ويغنيهم» وفي «بغية الوعاة» : «بل يخدمهم ... » .
وهو ما أثبته لأنه مصدر المؤلّف في نقله.
(8/239)
الشريعة، وكان ذا ثروة من الإرث والتجارة
فلم يزل ينفقه في وجوه الخيرات، حتّى صار في آخر عمره فقيرا.
صنف «شرح الكشّاف» و «التفسير» «والتبيان» في المعاني «والبيان» وشرحه،
و «شرح المشكاة» .
وكان يشغل في التفسير من بكرة إلى الظهر ومن ثم إلى العصر في الحديث
إلى يوم مات فإنه فرغ من وظيفة التفسير وتوجّه إلى مجلس الحديث فصلّى
النافلة، وجلس ينتظر إقامة الفريضة، فقضى نحبه متوجها إلى القبلة، وذلك
يوم الثلاثاء ثالث عشري شعبان.
قال السيوطي: ذكر في شرحه على «الكشّاف» أنه أخذ من أبي حفص السّهروردي
وأنه قبيل الشروع في هذا الشرح رأي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقد
ناوله قدحا من اللّبن فشرب منه.
وفيها الأمير صارم الدّين صاروجا بن عبد الله المظفّري [1] .
كان أميرا في أول دولة الملك الناصر محمد بن قلاوون بالديار المصرية.
وكان صاحب أدب وحشمة ومعرفة. ولمّا أعطى الملك الناصر تنكز إمرة عشرة
جعل صاروجا هذا أغاة له، وضمّه إليه، فأحسن صاروجا لتنكز، ودرّبه
واستمرّ إلى أن حضر الملك الناصر من الكرك اعتقله، ثم أفرج عنه بعد عشر
سنين تقريبا، وأنعم عليه بإمرة في صفد، فأقام بها نحو سنتين، ونقل إلى
دمشق أميرا بها بسفارة تنكز نائب الشام، فلما وصل إلى دمشق عنّ له تنكز
خدمته السالفة وحظي عنده، وصارت له كلمة بدمشق، وعمّر بها عماير مشهورة
به منها السّويقة [2] التي خارج دمشق إلى جهة الصّالحية، ولما أمسك
تنكز قبض على صاروجا، وحضر مرسوم بتكحيله، فكحّل وعمي، ثم ورد مرسوم
بالعفو عنه، ثم جهّز إلى القدس الشريف، فأقام به إلى أن مات في أواخر
هذه السنة.
__________
[1] ترجمة (صاروجا) في «نكت الهميان» للصفدي (170) ، و «الدّرر
الكامنة» (2/ 198) ، و «الدارس» (1/ 124) و «الأعلام» (3/ 270) .
[2] وإلى ذلك أشار الزركلي رحمه الله بقوله: «وسوق صاروجا بدمشق أظنه
منسوبا إليه والعامة تقول:
سوق ساروجا» بل يمكننا أن نجزم بأنه هو المقصود بناء على كلام ابن
العماد رحمه الله.
(8/240)
وفيها تاج الدّين أبو المحاسن عبد الباقي
بن عبد المجيد بن عبد الله الإمام الأديب البارع اليماني الأصل المكي
الشافعي [1] .
ولد في رجب سنة ثمانين وستمائة بمكة، وقدم دمشق ومصر وحلب، ودرّس
بالمشهد النّفيسي، وأقام باليمن مدة، وولي الوزارة، ثم عزل وصودر، ثم
استقر بالقدس، ودرّس به واشتغل.
وله تآليف منها: «مطرب السّمع في شرح حديث أم زرع» ومنها «لقطة العجلان
المختصر في وفيات الأعيان» . وسمع منه البرزالي والذهبي، وذكراه في
«معجميهما» وابن رافع وخلائق، وكتب عنه الشيخ أبو حيّان، وأثنى عليه
كثيرا [2] . وعمل «تاريخا» للنحاة، واختصر «الصّحاح» .
توفي بالقاهرة في شهر رمضان رحمه الله تعالى.
وفيها برهان الدّين عبيد الله بن محمد الشريف برهان الدين الحسيني
الشّافعي الفرغاني [3] المعروف بالعبري- بكسر العين المهملة كما قاله
ابن شهبة- وقال لا أدري نسبته إلى أي شيء. وقال السيوطي: بالضم والسكون
نسبة إلى عبرة بطن من الأزد- قاضي تبريز [4] .
كان جامعا لعلوم شتّى من الأصلين والمعقولات.
وله تصانيف مشهورة وسكن السّلطانية مدة، ثم انتقل إلى تبريز. وشرح كتب
البيضاوي: «المنهاج» و «الغاية القصوى» و «المصباح» و «المطالع» .
وقال الحافظ زين الدين العراقي في «ذيل العبر» [5] : كان حنفيا يقرئ
مذهب أبي حنيفة والشافعي، وصنّف فيهما.
__________
[1] ترجمة (عبد الباقي) في «ذيول العبر» (233) و «النجوم الزاهرة» (10/
104) و «فوات الوفيات» (2/ 246- 249) و «العقد الثمين» (5/ 321- 324) و
«الدرر الكامنة» (2/ 315) .
[2] في «ط» : (وأكثر) .
[3] ترجمة (الشريف العبري) في «طبقات الشافعية» (2/ 236) و «طبقات» ابن
قاضي شهبة (3/ 39) و «مرآة الجنان» (4/ 306) و «الدرر الكامنة» (2/
433) واسمه في بعض هذه المصادر (عبد الله) .
والفرغاني: نسبة إلى فرغانة مدينة تقع فيما وراء النهر قرب سمرقند
«معجم البلدان» (4/ 253) .
[4] تبريز أشهر مدن أذربيجان. انظر «معجم البلدان» (1/ 13) .
[5] ليس هذا «الذيل» بين أيدينا.
(8/241)
وقال الذهبي في «المشتبه» [1] : السيد
العبري، عالم كبير في وقتنا، وتصانيفه سائرة.
وقال بعض فضلاء العجم: كان مطاعا عند السلاطين، مشهورا في الآفاق،
مشارا إليه في جميع الفنون، ملاذا للضعفاء، كثير التواضع والإنصاف.
توفي في رجب أو في ذي الحجّة.
وفيها أو في التي قبلها، وجزم به السيوطي في «طبقات النّحاة» ، أبو
المعالي محمد بن يوسف بن علي بن محمود [2] الصّبري [3] بلدا، قاضي تعز.
كان ذا فضل في الفقه والنحو والحديث والقراءات السبع والفرائض، كثير
الصلاح والورع والعبادة، ساعيا في قضاء حوائج الناس. حج في سنة اثنتين
وأربعين وسبعمائة مع الملك المجاهد صاحب اليمن.
وتوفي آخر يوم عرفة من هذا العام مبطونا وغسّل بمنى، ودفن بالأبطح.
انتهى.
وفيها شرف الدين محمود بن محمد بن محمد بن محمود الدّركزيني [4]- بفتح
المهملة، وسكون الراء، وكسر الكاف، والزاي، نسبة إلى دركزين بلد
بهمذان- القرشي الطّالبي العالم الصالح الشافعي.
قال الإسنوي: كان عالما زاهدا، كثير العبادة، شديد الاتّباع للسنة،
صاحب كرامات، أجمع عليه الخاصة والعامة والملوك والعلماء فمن دونهم،
وكان طويلا جدا جهوريّ الصوت، حسن الخلق. والخلق، جوادا من بيت علم
ودين. صنّف في الحديث كتابا سماه «نزل السائرين» في مجلد، وشرح «منازل
السائرين» في جزأين. توفي في شعبان بدركزين، ودفن بها والله أعلم.
__________
[1] لم أجده في «المشتبه» الموجود بين أيدينا، وقد ذكر المترجم ابن
ناصر الدّين في «توضيح المشتبه» (6/ 384) فيما استدركه على نسبة
«العبري» في «مشتبه» الذهبي.
[2] ترجمته في «العقد الثمين» (2/ 403» و «بغية الوعاة» (1/ 285) .
[3] الصبري: نسبته إلى صبر وهو اسم الجبل الشامخ العظيم المطلّ على
قلعة تعزّ فيه عدة حصون وقرى باليمن. «معجم البلدان» (3/ 392) .
[4] ترجمة الدركزيني في «طبقات الإسنوي» (1/ 555) و «طبقات ابن قاضي
شهبة» (3/ 98) و «الدرر الكامنة» (4/ 338) و «معجم المؤلفين» (12/ 199)
.
(8/242)
سنة أربع وأربعين
وسبعمائة
في جمادى الآخرة منها قتل إبراهيم بن يوسف المقصّاتي الرّافضي إلى لعنة
الله. شهد عليه بسبّ الصحابة، رضي الله عنهم، وقذف عائشة والوقع [1] في
حق جبريل عليه السلام.
وفيها توفي القاضي تاج الدّين أحمد بن عثمان بن إبراهيم بن مصطفى ابن
سليمان المارديني الأصل المعروف بابن التركماني [2] الحنفي.
قال في «الدّرر» : ولد بالقاهرة ليلة السبت الخامس والعشرين من ذي
الحجة سنة إحدى وثمانين وستمائة واشتغل بأنواع العلوم ودرس وأفتى وناب
في الحكم وصنّف في الفقه، والأصلين، والحديث، والعربية، والعروض،
والمنطق، والهيئة، وغالبها لم يكمل.
وسمع من الدمياطي، وابن الصوّاف والحجّار. وحدّث، ومات في أوائل جمادى
الأولى وله نظم وسط.
وفيها حسن بن محمد ابن أبي بكر السكاكيني [3] .
قال في «الدرر» : كان أبوه فاضلا في عدة علوم، متشيّعا من غير سبّ ولا
غلوّ، فنشأ ولده هذا غاليا في الرفض، فثبت عليه عند القاضي شرف الدين
__________
[1] كذا في «ط» : «والواقع» وفي «آ» : «وأوقع» .
[2] ترجمة (ابن التركماني) في «ذيول العبر» (24- 241) و «الجواهر
المضية» (1/ 77) و «الدّرر الكامنة» (1/ 198) .
[3] ترجمة (السكاكيني) في «الدرر الكامنة» (2/ 34) .
(8/243)
المالكي بدمشق، وثبت عليه أنه أكفر
الشيخين، وقذف ابنتيهما، ونسب جبريل إلى الغلط في الرسالة، إلى غير
ذلك، فحكم بزندقته، وبضرب عنقه، فضربت بسوق الخيل حادي عشر جمادى
الأولى.
وفيها شهاب الدّين أبو الفرج عبد اللطيف بن عبد العزيز بن يوسف بن أبي
العزّ بن نعمة، الإمام البارع المحقّق النحوي الشافعي المصري، المعروف
بابن المرحّل [1] .
قال ابن شهبة: سمع من جماعة، واشتغل في العلم، ومهر في النحو، وقد
انتهت إليه وإلى الشيخ أبي حيّان مشيخة النحو بالدّيار المصرية، وأخذ
عنه جمال الدين بن هشام، وهو الذي نوّه باسمه وعرف بقدره وقال: إن
الاسم في زمانه كان لأبي حيّان والانتفاع بابن المرحّل.
وقال ابن رافع: وخرّجت له «جزءا» من حديثه عن بعض شيوخه.
وتصدر بالجامع الحاكمي. وأشغل [2] الناس بالعلم مدة وانتفع به جماعة.
وقال الإسنوي: كان فاضلا فقيها إماما في النحو، مدققا فيه، محققا عارفا
باللغة، وعلم البيان والقراءات، وتصدّر بالجامع الحاكمي مدة طويلة،
وانتفع به، وتخرّجت به الطلبة وصاروا أئمة فضلاء.
توفي في المحرم بالقاهرة وقد جاوز الستين.
وممن أخذ عنه الشيخ شمس الدّين بن الصائغ الحنفي ورثاه بقصيدة.
وفيها الحافظ أبو حامد محمد بن أيبك السروجي [3] .
كان علامة ثقة متقنا، وممن عدّه من الحفّاظ ابن ناصر الدين قال في
«بديعيّته» [4] :
__________
[1] ترجمة (ابن المرحل) في «طبقات الإسنوي» (2/ 465) ، و «طبقات ابن
قاضي شهبة» (3/ 36- 38) ، و «الدرر الكامنة» (2/ 406- 408) .
[2] في «وفيات ابن رافع» : «وشغل الناس» .
[3] ترجمة (السروجي) في «ذيول العبر» (238) و «النجوم الزاهرة» (10/
108) و «الوافي بالوفيات» (4/ 225) و «الدّرر الكامنة» (4/ 58) .
[4] «بديعة البيان» (الورقة 26/ آ) .
(8/244)
محمّد بن أيبك السّروجي ... دار ذرى مواطن
العروج
وفيها الحافظ شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن
عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة المقدسيّ الجماعيلي
الأصل ثم الصالحي الفقيه الحنبلي [1] المقرئ المحدث الحافظ الناقد
النحوي المتفنن الجبل الراسخ.
ولد في رجب سنة أربع وسبعمائة. وقرأ بالروايات، وسمع الكثير من ابن عبد
الدائم، والحجّار، وخلق كثير، وعني بالحديث وفنونه، ومعرفة الرجال
والعلل، وبرع في ذلك، وأفتى ودرّس، ولازم الشيخ تقي الدّين بن تيميّة،
مدة. وقرأ عليه قطعة من الأربعين في أصول الدين للرازي، ولازم أبا
الحجاج المزيّ، وأخذ عن الذهبي وغيره.
وقد ذكره الذهبي في «طبقات الحفاظ» : فقال: ولد سنة خمس أو ست وسبعمائة
واعتنى بالرجال والعلل وبرع وتصدّى للإفادة والأشغال في الحديث
والقراءات والفقه والأصلين والنحو، وله توسّع في العلوم، وذهن سيّال.
وله عدة محفوظات. وتآليف وتعاليق مفيدة، كتب عنّي، واستفدت منه. ثم
قال: وصنّف تصانيف كثيرة، بعضها كمّله، وبعضها لم يكمّله، لهجوم
المنية.
وعدّ له ابن رجب في «طبقاته» ما يزيد على سبعين مصنفا يبلغ التام منها
ما يزيد على مائة مجلد [2] .
توفي رحمه الله عاشر جمادى الأولى، ودفن بسفح قاسيون.
وفيها تقي الدّين أبو الفتح محمد بن عبد اللطيف بن يحيى بن علي بن
تمّام الأنصاري السّبكي [3] الشافعي الفقيه المحدّث الأديب المفنّن.
__________
[1] ترجمته في «المعجم المختص» (215- 216) و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1508)
و «ذيل الذهبي عليها» (49) ، و «ذيول العبر» (238- 239) و «الوافي
بالوفيات» (2/ 161) ، و «ذيل ابن رجب» (2/ 436، 439) ، و «الدرر
الكامنة» (3/ 331) ، و «القلائد الجوهرية» (2/ 313- 314) ، و «المقصد
الأرشد» (2/ 360) .
[2] قلت: وقد قامت مؤسسة الرسالة في بيروت بنشر كتابه «طبقات علماء
الحديث» بتحقيق الأستاذين أكرم البوشي وإبراهيم الزيبق.
[3] ترجمته في «ذيول العبر» (241- 242) و «الوافي بالوفيات» (3/ 284) و
«طبقات السّبكي»
(8/245)
ولد سنة أربع وسبعمائة، وطلب الحديث في
صغره، وسمع خلقا، وتفقّه على جدّه الشيخ صدر الدين، وعلى الشيخ تقي
الدين السّبكي، والشيخ قطب الدين السّنباطي، وتخرّج بالشيخ تقي الدّين
السّبكي في كل فنونه، وقرأ النّحو على أبي حيّان وتلا عليه بالسبع،
ولازمه سبعة عشر عاما، ودرّس بالقاهرة وناب في الحكم. ثم قدم دمشق،
وناب في الحكم أيضا، ودرّس في الشامية الجوّانية والرّكنية، وعلّق
«تاريخا» للمتجددات في زمانه.
ذكره الذهبي في «المعجم المختص» [1] .
قال ابن فضل الله [2] : ليس في الفقهاء بعد ابن دقيق العيد، أدرب منه.
توفي في ذي القعدة، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون.
وفيها بهاء الدّين أبو الثّناء محمود بن علي بن عبد الولي بن خولان
البعلي الفقيه الحنبلي [3] الفرضي.
ولد في حدود السبعمائة، وسمع الحديث من جماعة وقرأ على الحافظ الدّبيثي
عدة أجزاء، وتفقّه على الشيخ مجد الدّين الحرّاني، ولازم الشيخ تقي
الدّين بن تيميّة، وبرع في الفرائض والوصايا والجبر والمقابلة.
وكان مفتيا ديّنا متواضعا متودّدا ملازما للاشتغال والإشغال، حريصا على
إفادة الطلبة، بارا بهم، محسنا إليهم تفقه به جماعة، وانتفعوا به، وبرع
منهم طائفة.
وتوفي ببعلبك في رجب، رحمه الله تعالى.
__________
(9/ 167- 181) و «طبقات الإسنوي» (2/ 74) و «طبقات ابن قاضي شهبة» (4/
25) و «الدّرر الكامنة» (4/ 25) ، و «حسن المحاضرة» (1/ 426) .
[1] قال الذهبي: قدم علينا عام أربعين فسمع وأخذنا عنه وله فضائل وأدب
وبلاغة واعتناء بالرواية مع الديانة والخير. «المعجم المختص» (242) .
[2] يعني العمري.
[3] ترجمته في «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 439- 440) .
(8/246)
سنة خمس وأربعين
وسبعمائة
فيها توفي شهاب الدّين أبو العبّاس أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الغني
الحرّاني ثم الدمشقي الفقيه الحنبلي [1] .
ولد سنة اثنتين وسبعمائة، وسمع من ابن الموازيني وغيره، وطلب بنفسه،
وكتب الكثير، وسمع الكثير أيضا، وتفقّه في المذهب وأصول الفقه، وهو
الذي بيّض مسودة الأصول لابن تيمية، ورتّبها.
ذكره الذهبي في «المعجم المختص» فقال: من أعيان أهل مذهبه في دين وتقوى
ومعرفة بالفقه، أخذ عنّي ومعي.
وتوفي في جمادى الآخرة بدمشق ودفن بمقبرة باب الصّغير.
وفيها علم الدّين سنجر بن عبد الله الأمير الكبير الجاولي الشافعي [2]
.
ولد سنة ثلاث وخمسين وستمائة بآمد. ثم صار لأمير من الظاهريّة يسمّى
جاولي. وانتقل بعد موته إلى بيت المنصور، وتنقلت به الأحوال إلى أن صار
مقدّما بالشام، وكانت داره بدمشق غربي جامع تنكز، وبعضها شماليّه،
فسأله تنكز عند بناء الجامع إضافة ما بين جامعه وبين الميدان، وكان
هناك إصطبل وغيره، فأبى ذلك كلّ الإباء ووقفها، وكان ذلك سببا لنقله من
دمشق، ثم ولي نيابة غزّة، ثم قبض عليه في شعبان سنة عشرين، اتّهم بأنه
يريد الدخول إلى اليمن، وسجن
__________
[1] ترجمته في «المعجم المختص» (34- 35) ، و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/
440) و «المقصد الأرشد» (1/ 178- 179) .
[2] ترجمة (سنجر) في «ذيل الذهبي على تذكرة الحفاظ» (28) «ذيول العبر»
(247) و «النجوم الزاهرة» (10/ 109- 110) و «طبقات السبكي» (10/ 41) و
«الدّرر الكامنة» (2/ 170- 172) و «حسن المحاضرة» (1/ 395) .
(8/247)
بالإسكندرية، وأحيط على أمواله، ثم أفرج
عنه آخر سنة ثمان وعشرين، ثم استقر أميرا مقدّما بمصر واستقر من أمراء
المشورة، ثم ولي حماة بعد موت الناصر مدة يسيرة، ثم ولي نيابة غزة
فأقام بها أربعة أشهر، ثم عاد إلى مصر.
وقد روى «مسند الشافعي» عن قاضي الشّوبك دانيال، وحدّث به غير مرة،
ورتّب «مسند الشافعي» ترتيبا حسنا، وشرحه في مجلدات بمعاونة غيره. جمع
بين شرحيه لابن الأثير والرافعي، وزاد عليهما من «شرح مسلم» للنووي،
وبنى جامعا بالخليل في غاية الحسن، وجامعا بغزة، ومدرسة بها، وخانقاه
بظاهر القاهرة.
قال ابن كثير: وقف أوقافا كثيرة بغزة والقدس وغيرهما، وكان له معرفة
بمذهب الشافعي، ورتّب «المسند» [1] ترتيبا حسنا فيما رأيته، وشرحه في
مجلدات فيما بلغني.
قال الحافظ زين الدين العراقي: إنه رتّب «الأم» للشافعي.
توفي في رمضان ودفن بالخانقاه التي أنشأها.
وفيها جلال الدين عبد الله بن أحمد بن علي بن أحمد الفقيه الحنفي
النحوي العراقي الكوفي، المعروف بابن الفصيح [2] .
طلب الحديث وسمع من الخزرجي والذهبي، وشارك في الفضائل. مولده في شوال
سنة اثنتين وسبعمائة. قاله الصفدي.
وفيها نجم الدّين أبو الحسن علي بن داود بن يحيى بن كامل بن يحيى بن
جبارة الزّبيري القرشي الأسدي [3] .
قال الصّفدي: شيخ أهل دمشق في عصره خصوصا في العربية، قرأ عليه أهل
دمشق، وانتفعوا به ولد في جمادى الأولى سنة ثمان وستين وستمائة، وقرأ
__________
[1] في «ط» : «المذهب» وهو تصحيف.
[2] ترجمة (ابن الفصيح) في «ذيول العبر» (299) و «المعجم المختصر»
(119) و «النجوم الزاهرة» (10/ 297) و «وفيات ابن رافع» (1/ 480) و
«الجواهر المضية» (1/ 203- 206) ، و «الدرر الكامنة» (2/ 245) ، و
«وبغية الوعاة» (1/ 339) و «الدارس» (1/ 525- 526) .
[3] ترجمته في «ذيول العبر» (245) ، و «فوات الوفيات» (2/ 49) و
«الجواهر المضية» (4/ 283- 285) و «الدّرر الكامنة» (3/ 47- 49) و
«بغية الوعاة» (2/ 166) و «الدارس» (1/ 548) .
(8/248)
النحو على العلاء بن المطرّز، والفقه على
الشمس الحريري، والأصول على البدر بن جماعة، والعربية على الشرف
الفزاري، والمجد التونسي [1] والمعاني والبيان على البدر بن النحوية،
والميقات على البدر بن دانيال، وسمع الحديث على النجم الشّقراوي،
والبرهان بن الدّرجي.
قال: ولم أصنّف شيئا لمؤاخذتي للمصنّفين فكرهت أن أجعل نفسي غرضا غير
أني جمعت منسكا للحج.
وله النظم والنثر والكتابة المنسوبة ولي تدريس الركنية، ثم نزل عنها
ورعا، وخطب بجامع تنكز.
ومن شعره:
أضمرت في القلب هوى شادن ... مشتغل في النّحو لا ينصف
وصفت [2] ما أضمرت يوما له ... فقال لي المضمر لا يوصف
توفي في رابع عشري رجب.
وفيها سراج الدّين عمر بن عبد الرحمن ابن عمر البهبهائي. صاحب «الكشف
على الكشّاف» .
قرأ على قوام الدّين الشيرازي، وهو قرأ على القطب العالي، وكان له حظّ
وافر من العلوم، سيّما العربية، واخترمته المنية شابا عن سبع أو ثمان
وثلاثين سنة.
وفيها أبو عبد الله محمد بن علي المصري النحوي [3] .
قال الخزرجي في «طبقات أهل اليمن» : كان فقيها فاضلا عارفا بالنحو
والفقه واللغة والحديث والتفسير والقراءات.
أعاد بالمؤيدية بثغر رودس وبالمجاهدية بها.
وفيها شمس الدّين محمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن
حمدان بن النّقيب [4] .
__________
[1] في «آ» : «القونسي» وهو تحريف.
[2] في «الجواهر المضية» : «وطلبت» .
[3] انظر «طبقات صلحاء اليمن» ص (284) .
[4] ترجمة (ابن النقيب) في «ذيل الذهبي على التذكرة» في «ذيول العبر»
(248) ، و «طبقات
(8/249)
ولد تقريبا سنة اثنتين وستين وستمائة، وأخذ
شيئا من الفقه عن الشيخ محيي الدّين النّووي وخدمه، وتفقه بالشيخ شرف
الدّين المقدسي، وسمع الحديث، وسمع منه البرزالي وغير واحد، وأخذ عنه
جمال الدّين بن جملة قديما.
وولي قضاء حمص فطرابلس ثم حلب ثم صرف عنها وعاد إلى دمشق، وولي تدريس
الشامية البرانية.
قال السبكي: له الدّيانة، والعفّة، والورع، الذي طرد به الشيطان وأرغم
أنفه، كان من أساطين المذهب.
توفي في ذي القعدة ودفن بالصالحية.
وفيها تقي الدّين أبو الفتح محمد بن محمد بن علي بن همام- بالضم
والتخفيف- ابن راجي الله بن سرايا بن ناصر بن داود الإمام المحدّث
العسقلاني الأصل المصري، المعروف بابن الإمام الشافعي [1] .
مولده في شعبان سنة سبع وسبعين وستمائة. وطلب الحديث، وقرأ وكتب بخطّه،
وحصل الأجزاء والكتب الحديثية، وتخرج بالحافظ الدمياطي، وسمع من جماعة،
وكان إماما بالجامع الصالحي ظاهر القاهرة وساكنا به، وصنف كتابا حسنا
في الأذكار والأدعية، سماه «سلاح المؤمن» ، وكتاب «الاهتداء في الوقف
والابتداء» من أخصر ما ألّف وأحسنه، وكتابا في المتشابه مرتبا على
السور، واشتهر كتابه «سلاح المؤمن» في حياته. واختصره الذهبي.
توفي في ربيع الأول.
وفيها شمس الدّين محمد بن مظفّر الدّين الخلخالي، ويعرف أيضا بالخطيبي
الشافعي [2] .
__________
السبكي» ، (9/ 307- 309) و «طبقات الإسنوي» (2/ 512) و «طبقات ابن قاضي
شهبة» (3/ 64- 66) و «الدّرر الكامنة» (3/ 298) و «الدارس» (1/ 37) .
[1] ترجمة (ابن الإمام) . في «النجوم الزاهرة» (10/ 146) و «طبقات ابن
قاضي شهبة» (3/ 86- 87) و «غاية النهاية» (2/ 245) و «الدرر الكامنة»
(4/ 203) و «الأعلام» (7/ 264) .
[2] ترجمة (الخلخالي) في «طبقات الإسنوي» (1/ 505) و «الدرر الكامنة»
(2/ 60) و «بغية الوعاة» (1/ 247) .
(8/250)
قال الإسنوي: كان إماما في العلوم العقلية
[1] والنقلية، ذا تصانيف كثيرة مشهورة، منها «شرح المصابيح» و «مختصر
ابن الحاجب» و «المفتاح» و «التلخيص» في علم البيان، وصنّف أيضا في
المنطق.
وتوفي بأرّان [2] بهمزة مفتوحة، وراء مهملة مشددة [سنة خمس وأربعين
وسبعمائة تقريبا] .
والخلخالي: نسبة إلى الخلخال، بخاءين معجمتين مفتوحتين، آخره لام:
قرية من نواحي السلطانية [3] .
وفيها الإمام أثير الدين أبو حيّان محمد بن يوسف ابن علي بن يوسف بن
حيّان الأندلسي الغرناطي النّفزي [4]- نسبة إلى نفزة بكسر النون وسكون
الفاء قبيلة من البربر- نحوي عصره ولغويّه ومفسّره ومحدّثه ومقرئه
ومؤرخه وأديبه.
ولد بمطخشارش مدينة من حظيرة غرناطة في آخر شوال سنة أربع وخمسين
وستمائة. وأخذ القراءات عن أبي جعفر بن الطّبّاع، والعربية عن أبي
الحسن الأبذي، وأبي جعفر بن الزّبير، وابن أبي الأحوص، وابن الصائغ،
وبمصر عن البهاء بن النحّاس وجماعة، وتقدم في النحو وأقرأ في حياة
شيوخه بالمغرب، وسمع الحديث بالأندلس وإفريقية والإسكندرية ومصر
والحجاز من نحو أربعمائة وخمسين شيخا، منهم أبو الحسن بن ربيع وابن أبي
الأحوص، والقطب القسطلاني وأجاز له خلق من المغرب والمشرق، منهم الشرف
الدمياطي، وابن
__________
[1] عند الإسنوي: «النقلية والعقلية» .
[2] أرّان من أصقاع إرمينية، وهو أيضا اسم لحرّان البلد المشهور من
ديار مضر. «معجم البلدان» (1/ 136) .
[3] قال العلّامة محمد كرد علي: ويدخل الخلخال في الثكنة الحميدية
(الجامعة السورية) وانظر «غوطة دمشق» (55 و 59 و 127) .
[4] ترجمة (أبي حيّان) في «ذيل الذهبي على تذكرة الحفاظ» (23) و «ذيول
العبر» (243) ، و «النجوم الزاهرة» (10/ 111) و «فوات الوفيات» (2/
282) و «طبقات السبكي» : (9/ 276- 307) و «طبقات الإسنوي» : (1/ 457-
459) و «طبقات ابن قاضي شهبة» (3/ 88- 92) و «الدرر الكامنة» (4/ 302)
و «بغية الوعاة» (1/ 280) .
(8/251)
دقيق العيد، والتّقي بن رزين، وأبو اليمن
بن عساكر.
وأكب على طلب الحديث، وأتقنه، وشرع فيه، وفي التفسير والعربية
والقراءات والأدب والتاريخ، واشتهر اسمه، وطار صيته، وأخذ عنه أكابر
عصره، وتقدموا في حياته كالشيخ تقي الدّين السبكي، وولديه، والجمال
الإسنوي، وابن قاسم، وابن عقيل، والسمين، وناظر الجيش، والسّفاقسي،
وابن مكتوم، وخلائق.
قال الصفدي: لم أره قط إلا يسمع [1] أو يشغل أو يكتب، أو ينظر في كتاب.
وكان ثبتا قيّما عارفا باللغة، وأما النحو والتصريف فهو الإمام المطلق
فيهما، خدم هذا الفن أكثر عمره حتّى صار لا يدركه أحد في أقطار الأرض
فيهما [2] .
وله اليد الطّولى في التفسير والحديث وتراجم الناس، ومعرفة طبقاتهم
خصوصا المغاربة، وأقرأ الناس قديما وحديثا، وألحق الصغار بالكبار،
وصارت تلامذته أئمة وشيوخا في حياته، والتزم أن لا يقرئ أحدا إلّا في
«كتاب سيبويه» أو «التسهيل» أو مصنّفاته، وكان سبب رحلته عن غرناطة أنه
حملته حدّة الشبيبة على التعرض لأستاذه [3] أبي جعفر بن الطّبّاع. وقد
وقعت بينه وبين أبي جعفر بن الزّبير واقعة فنال منه وتصدّى لتأليف في
الردّ عليه وتكذيب روايته، فرفع أمره إلى السلطان، فأمر بإحضاره
وتنكيله، فاختفى ثم ركب البحر، ولحق بالمشرق.
وقال السيوطي: ورأيت في كتابه «النضار» الذي ألّفه في ذكر مبدئه
واشتغاله وشيوخه ورحلته أنّ مما قوّى عزمه على الرحلة عن غرناطة أن بعض
العلماء بالمنطق والفلسفة والرياضي والطبيعي قال للسلطان: إني قد كبرت
وأخاف أن أموت فأرى أن ترتب لي طلبة أعلمهم هذه العلوم لينتفعوا من
بعدي. قال أبو حيان: فأشير إلى أن أكون من أولئك ورتّب [4] لي راتب جيد
وكسوة وإحسان فتمنّعت ورحلت مخافة أن أكره على ذلك.
__________
[1] في «ط» : «يسبح» .
[2] ليست اللفظة في «آ» .
[3] في «ط» : «للأستاذ» .
[4] في «ط» : «وترتب» .
(8/252)
قال الصفدي: وقرأ على العلم العراقي، وحضر
مجلس الأصبهاني وتمذهب للشافعي، وكان أبو البقاء يقول: إنه لم يزل
ظاهريا.
وقال ابن حجر: كان أبو حيّان يقول: محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من علق
بذهنه.
وقال الأدفوي: كان يفخر [بالبخل كما] [1] يفخر الناس بالكرم [2] ، وكان
ثبتا صدوقا حجّة، سالم العقيدة من البدع الفلسفية والاعتزال والتجسيم،
ومال إلى مذهب أهل الظّاهر، وإلى محبّة علي بن أبي طالب، كثير الخشوع،
والبكاء عند قراءة القرآن، وكان شيخا طوالا حسن النّغمة، مليح الوجه،
ظاهر اللّون، مشربا بحمرة، منوّر الشيبة، كبير اللحية، مسترسل الشعر،
وكان يعظم ابن تيمية، ثم وقع بينه وبينه في مسألة نقل سيبويه في تبيين
موضع من كتابه فأعرض عنه، ورماه في تفسيره «النهر» بكل سوء.
وقال الصفدي: وكان له إقبال على الطلبة الأذكياء وعنده تعظيم لهم وهو
الذي جسّر الناس على مصنفات ابن مالك، ورغّبهم في قراءتها، وشرح لهم
غامضها، وخاض لهم في لججها، وكان يقول عن مقدمة ابن الحاجب هذه نحو
الفقهاء، تولّى تدريس التفسير بالمنصورية والإقراء بجامع الأقمر [3] ،
وكانت عبارته فصيحة لكنه في غير القرآن يعقد القاف قريبا من الكاف، وله
من التصانيف «البحر المحيط» في التفسير [، من التصانيف «البحر المحيط»
في التفسير] [4] ، ومختصره «النهي وإتحاف الأريب بما في القرآن من
الغريب» و «التذييل» و «التّكميل في شرح التسهيل» ، و «مطوّل الارتشاف»
، ومختصره مجلدان، ولم يؤلّف في العربية أعظم من هذين الكتابين، ولا
أجمع، ولا أحصى للخلاف والأحوال.
__________
[1] ليس ما بين القوسين في «آ» .
[2] في «آ» : «بآدم» وهو خطأ.
[3] انظر «حسن المحاضرة» (2/ 254) .
[4] شرع بنشره في المملكة العربية السعودية، وصدر منه مجلدان، ضمّ
الأول منهما: تفسير سورة الفاتحة، وسورة البقرة، وضم الثاني تفسير سورة
آل عمران.
(8/253)
قال السيوطي: وعليهما اعتمدت في كتابي «جمع
الجوامع» ، نفع الله به.
ومن مؤلفاته: «التّنحيل» الملخّص من «شرح التّسهيل» للمصنف وابنه بدر
الدين، «والإسفار» الملخّص من شرح سيبويه للصّفّار، والتجويد لأحكام
سيبويه، والتذكرة في العربية، أربع مجلدات كبار، «والتقريب» في مختصر
المقرّب، «والتّدريب» في شرحه، و «المبدع في التّصريف» و «الارتضاء في
الضاد والظاء» [1] و «عقد اللآلئ» في القراءات على وزن الشاطبية
وقافيتها، و «الحلل الحالية في أسانيد القراءات العالية» و «نحاة
الأندلس» و «الأبيات الوافية في علم القافية» و «منطق الخرس في لسان
الفرس» و «الإدراك للسان الأتراك» و «زهو الملك في نحو التّرك» و
«الوهّاج في اختصار المنهاج» للنووي، وغير ذلك مما لم يكمل ك «مجاني
الهصر في تواريخ [2] أهل العصر» .
ومن شعره [3] :
عداي لهم فضل عليّ ومنّة ... فلا أذهب الرحمن عنّي الأعاديا
هم بحثوا عن زلّتي فاجتنبتها ... وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا
ومنه [3] :
سبق الدّمع بالمسير المطايا ... إذ نوى من أحبّ عنّي نقله
فأجاد [4] السّطور في صفحة الخد ... ولم لا يجيد وهو ابن مقله
ومنه [3] :
راض حبيبي عارض قد بدا ... يا حسنه من عارض رائض
وظنّ قوم أنّ قلبي سلا ... والأصل لا يعتدّ بالعارض
مات بالقاهرة في ثامن عشر صفر، ودفن بمقبرة الصّوفية، رحمه الله تعالى.
__________
[1] انظر «كشف الظنون» (1/ 61) .
[2] في «ط» : «تاريخ» .
[3] البيتان في «طبقات الشافعية» للسبكي (9/ 285) .
[4] في «طبقات السبكي» : «وأجاد» .
(8/254)
|