شذرات الذهب في أخبار من ذهب

سنة إحدى وسبعين وسبعمائة
فيها توفي قاضي القضاة شرف الدّين أبو العبّاس أحمد بن الحسن بن عبد الله بن أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة الحنبلي، الشيخ الإمام، جمال الإسلام، صدر الأئمة الأعلام، شيخ الحنابلة، المقدسي الأصل ثم الدمشقي المشهور بابن قاضي الجبل [1] .
مولده على ما كتبه بخطّه في الساعة الأولى من يوم الاثنين تاسع شعبان سنة ثلاث وتسعين وستمائة، وكان متفننا، عالما بالحديث وعلله، والنحو، واللغة، والأصلين، والمنطق. وله في الفروع القدم العالي. قرأ على الشيخ تقي الدّين بن تيميّة عدة مصنّفات في علوم شتّى، وأذن له في الإفتاء فأفتى في شبيبته، وسمع في الصّغر من الفرّاء، وابن الواسطي، ثم طلب بنفسه بعد العشر وسبعمائة، وأجازه والده، والمنجّى التنوخي، وابن القوّاس، وابن عساكر. وفي مشايخه كثرة.
ودرّس بعدة مدارس، ثم طلب في آخر عمره إلى مصر ليدرّس بمدرسة السّلطان حسن. وولي مشيخة سعيد السعداء، وأقبل عليه أهل [2] مصر وأخذوا عنه، وأقام بها مدة يدرّس ويشغل ويفتي، ورأس على أقرانه إلى أن ولي القضاء بدمشق بعد جمال الدّين المرداوي سنة سبع وستين، وكان عنده مداراة وحبّ
__________
[1] انظر «المعجم المختص» ص (16) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 358) و «الوفيات» لابن رافع (2/ 354) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 494- 295) و «الدّرر الكامنة» (1/ 120- 121) و «النجوم الزاهرة» (11/ 108) و «الدارس في تاريخ المدارس» (2/ 44- 46) و «القلائد الجوهرية» (2/ 491- 492) و «المعجم المختص» ص (16) .
[2] لفظة «أهل» سقطت من «آ» .

(8/376)


للمنصب، ووقع بينه وبين الحنابلة، وباشر القضاء دون الأربع سنين إلى أن مات وهو قاض. وذكره الذهبي في «معجمه المختص» والحسيني فقال فيه: مفتي الفرق، سيف المناظرين.
وبالغ ابن رافع وابن حبيب في مدحه.
ومن إنشاده وهو بالقاهرة:
الصّالحيّة جنّة ... والصّالحون بها أقاموا
فعلى الدّيار وأهلها ... منّي التّحيّة والسّلام
وله أيضا:
نبييّ أحمد وكذا إمامي ... وشيخي أحمد كالبحر طامي
واسمي أحمد وبذاك أرجو ... شفاعة أشرف الرّسل الكرام
وله اختيارات في المذهب، منها «بيع الوقف للحاجة» ومنها أن النزول [عن الوظيفة] [1] تولية، وله عدة مصنّفات، منها كتاب «المناقلة في الأوقاف وما في ذلك من النزاع والخلاف» وتبعه على ذلك جماعة وكلّهم تبع للشيخ تقي الدّين [2] .
توفي بمنزله بالصالحية يوم الثلاثاء رابع عشر رجب ودفن بتربة جده الشيخ أبي عمر.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن محمد بن عمر بن حسين الشيخ الصّالحي المسند الشّيرازيّ الأصل ثم الدمشقي الحنبلي المعروف بزغنش- بزاي مضمومة ثم غين معجمة ثم نون مضمومة ثم شين معجمة كذا ضبطه صاحب «المبدع» في كتابه «المقصد الأرشد في ذكر أصحاب أحمد» - ويعرف أيضا بابن مهندس الحرم [3] .
__________
[1] ما بين القوسين سقط من «آ» و «ط» واستدركته من «الدارس في تاريخ المدارس» .
[2] يعني ابن تيمية رحمه الله تعالى.
[3] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 350- 351) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 290) و «الدّرر الكامنة» (1/ 290) و «المقصد الأرشد» (1/ 181) و «الدارس في تاريخ المدارس» (2/ 125) و «القلائد الجوهرية» (2/ 419) .

(8/377)


ولد سنة بضع وسبعين وستمائة، وسمع على [1] الفخر بن البخاري، وحدّث فسمع منه الحسيني، وابن رجب، وغيرهما. وكان قيّم الضّيائية، رجلا، جيدا، كثير التّلاوة للقرآن، من الأخيار الصّالحين، وطال عمره، حتّى رأى من أولاده وأحفاده مائة، وهو جد المحدّث شهاب الدّين أحمد بن المهندس.
توفي يوم الأحد ثامن المحرم ودفن بتربة الموفق بالرّوضة وقد قارب المائة.
وفيها سري الدّين أبو الوليد إسماعيل بن محمد بن محمد بن علي بن عبد الله بن هانئ الغرناطيّ المالكي [2] .
ولد سنة ثمان وسبعمائة بغرناطة، وأخذ عن جماعة من أهل بلده كابن جزي، وقدم القاهرة فذاكر أبا حيّان، ثم قدم الشام، وأقام بحماة واشتهر بالمهارة في العربية، وولي قضاء المالكية بحماة وهو أول مالكي ولي القضاء بها، ثم قضاء الشام، ثم أعيد إلى حماة، ثم دخل مصر وأقام يسيرا، وشرح «تلقين» أبي البقاء في النحو، وقطعة من «التسهيل» وكان يحفظ من الشواهد كثيرا جدا، ولم يكن من المالكية بالشام مثله في سعة علومه، وبالغ ابن كثير في الثناء عليه. قال: وكان كثير العبادة وفي لسانه لثغة في حروف متعددة، ولم يكن فيه ما يعاب إلّا أنه استناب ولده، وكان سيىء السيرة جدا، وكان يحفظ «الموطأ» ويرويه عن ابن جزي. وروى عنه ابن عشائر [3] ، والجمال خطيب المنصورية وجماعة.
توفي في ربيع الآخر. قاله السيوطي في «طبقات النّحاة» .
وفيها قاضي القضاة تاج الدّين أبو نصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمّام بن يوسف بن موسى ابن تمّام السّبكي الشافعي [4] .
__________
[1] لفظة «على» سقطت من «آ» .
[2] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 352) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 291- 292) و «الدّرر الكامنة» (1/ 380) و «بغية الوعاة» (1/ 456) وترجم له الحافظ السخاوي في «الذيل التام على دول الإسلام» الورقة (147) من المنسوخ.
[3] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «ابن عساكر» والتصحيح من «بغية الوعاة» وهو محمد بن علي بن محمد السلمي الحلبي بن عشائر، وسترد ترجمته في وفيات سنة (789) من هذا المجلد ص (530) .
[4] انظر «المعجم المختص» ص (152) و «البداية والنهاية» (14/ 316) و «الوفيات» لابن رافع

(8/378)


ولد بالقاهرة سنة سبع وعشرين وسبعمائة، وسمع بمصر من جماعة، ثم قدم دمشق مع والده في جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين، وسمع بها من جماعة، واشتغل على والده وغيره، وقرأ على الحافظ المزّي، ولازم الذهبي، وتخرّج به، وطلب بنفسه، ودأب، وأجازه شمس الدّين بن النّقيب بالإفتاء والتدريس، ولما مات ابن النّقيب كان عمره ثمان عشرة سنة، وأفتى، ودرّس، وصنّف وأشغل، وناب عن أبيه بعد وفاة أخيه القاضي حسين، ثم اشتغل بالقضاء بسؤال والده في شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين، ثم عزل مدة لطيفة، ثم أعيد، ثم عزل بأخيه بهاء الدّين، وتوجه إلى مصر على وظائف أخيه، ثم عاد إلى القضاء على عادته، وولي الخطابة بعد وفاة ابن جملة، ثم عزل، وحصل له فتنة شديدة، وسجن بالقلعة نحو ثمانين يوما، ثم عاد إلى القضاء. وقد درّس بمصر والشام بمدارس كبار، العزيزية والعادلية الكبرى، والغزالية، والعذراوية، والشاميتين، والناصرية، والأمينية، ومشيخة دار الحديث الأشرفية، وتدريس الشافعي بمصر والشيخونية والميعاد بالجامع الطولوني، وغير ذلك.
وقد ذكره الذهبي في «المعجم المختص» وأثنى عليه.
وقال ابن كثير: جرى عليه من المحن والشدائد ما لم يجر على قاض قبله، وحصل له من المناصب ما لم يحصل لأحد قبله.
وقال الحافظ شهاب الدّين بن حجي: خرّج له ابن سعد «مشيخة» ومات قبل تكميلها، وحصّل فنونا من العلم، من الفقه والأصول، وكان ماهرا فيه، والحديث والأدب، وبرع، وشارك في العربية، وكان له يد في النّظم والنثر، جيد البديهة، ذا بلاغة وطلاقة لسان وجراءة جنان، وذكاء مفرط، وذهن وقّاد، صنّف تصانيف عدة في فنون على صغر سنه وكثرة أشغاله قرئت عليه وانتشرت في حياته وبعد موته. قال: وانتهت إليه رئاسة القضاء والمناصب بالشام، وحصلت له محنة بسبب
__________
(2/ 362- 364) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 303- 306) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 140- 143) و «الدّرر الكامنة» (2/ 425) و «النجوم الزاهرة» (11/ 108) و «حسن المحاضرة» (1/ 328) .

(8/379)


القضاء وأوذي فصبر، وسجن فثبت، وعقدت له مجالس فأبان عن شجاعة وأفحم خصومه مع تواطئهم عليه، ثم عاد إلى مرتبته وعفا وصفح عمن قام عليه، وكان سيّدا، جوادا، كريما، مهيبا [1] ، تخضع له أرباب المناصب من القضاة وغيرهم.
توفي شهيدا بالطّاعون في ذي الحجّة خطب يوم الجمعة وطعن ليلة السبت رابعه ومات ليلة الثلاثاء ودفن بتربتهم بسفح قاسيون عن أربع وأربعين سنة.
ومن تصانيفه «شرح مختصر ابن الحاجب» في مجلدين سمّاه «رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب» و «شرح منهاج البيضاوي» و «القواعد المشتملة على الأشباه والنظائر» و «طبقات الفقهاء الكبرى» في ثلاثة أجزاء و «الوسطى» مجلد ضخم، و «الصّغرى» مجلد لطيف، و «الترشيح» في اختيارات والده [2] ، و «التوشيح» على التنبيه و «التصحيح» و «المنهاج» و «جمع الجوامع» في أصول الفقه وشرحه بشرح سماه «منع الموانع» و «جلب حلب» جواب عن أسئلة سأل عنها الأذرعي، وغير ذلك.
وفيها موفق الدّين أبو الحسن علي بن أبي بكر بن محمد بن علي بن شدّاد الحميري اليمني [3] .
قال الخزرجي: كان فقيها، عالما، نحويا، لغويا، محدّثا، عارفا، محقّقا في فنونه، انتهت إليه الرئاسة في اليمن في القراءات، ورحل إليه الناس، وانتشر ذكره.
مات ليلة الاثنين تاسع شوال.
وفيها أقضى القضاة بدر الدّين أبو المعالي محمد بن محمد بن عبد اللطيف أبي الفتح بن يحيى بن علي بن تمّام الأنصاري الشافعي السّبكي [4] .
__________
[1] كذا في «ط» و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة «مهيبا» وفي «آ» : «مهابا» .
[2] قال ابن قاضي شهبة في «الطبقات» : «وفيه فوائد غريبة، وهو أسلوب غريب» .
[3] ذكره عرضا البريهي في «طبقات صلحاء اليمن» ص (62) وانظر حاشية محققه الأستاذ عبد الله محمد الحبشي عليه.
[4] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 356- 357) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 297- 298) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 181- 183) و «الدّرر الكامنة» (4/ 189) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 254- 256) .

(8/380)


ولد بالقاهرة سنة أربع أو خمس أو ست وثلاثين وسبعمائة، وسمع من جماعة بمصر والشام، وكتب بعض الطّباق، [واشتغل في فنون العلم] [1] وحصّل، ودرّس، وأفتى، وحدّث بالرّكنية وعمره خمس عشرة سنة في حياة جدّه لأمّه تقي الدّين السّبكي، وناب في الحكم لخاله تاج الدّين، ثم ولي قضاء العسكر.
ولما ولي خاله بهاء الدّين قضاء الشام كان هو الذي يباشر عنه القضاء والشيخ بهاء الدّين لا يباشر شيئا في الغالب. ودرّس بالشاميتين الجوّانية أصالة والبرّانية نيابة عن خاله تاج الدّين.
قال ابن كثير: وكان ينوب عن خاله في الخطابة، وكان حسن الخطابة، كثير الأدب والحشمة، متوددا إلى الناس وهم مجمعون على محبته، شابا، حسن الشكالة.
توفي بالقدس في شوال، ودفن بمقابر باب الرّحمة.
__________
[1] ما بين القوسين أثبته من «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة مصدر المؤلف. وكان مكانه في «آ» و «ط» : «وكان إماما عالما أوحد» .

(8/381)


سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة
فيها ظهر في الشام، وحمص، وحلب، بعد العشاء حمرة عظيمة كأنها الجمر، وصارت في خلال النّجوم كالعمد البيض، حتّى سدت الأفق، ودام إلى الفجر، وخفي بسببه ضوء القمر، فتباكى النّاس وضجوا بالدعاء [1] .
وفي محرّمها درّس بدمش بالمدرسة الأمينية تقي الدّين علي بن تاج الدّين عبد الوهاب السّبكي، وهو ابن سبع سنين وهذا من العجائب.
وفيها توفي القدوة بدر الدّين الحسن بن محمد بن صالح بن محمد بن محمد بن عبد المحسن بن علي المجاور القرشي النابلسي الحنبلي [2] .
طلب الحديث بنفسه، وسمع من عبد الله بن محمد بن أحمد بنابلس، ومن جماعة، بمصر، والإسكندرية، ودمشق. وولي إفتاء دار العدل بمصر، ودرّس بمدرسة السلطان الملك الأشرف، ورحل إلى الثّغر، وذكر الذهبي أنه علّق عنه، وصنّف «البرق الوميض في ثواب العيادة والمريض» و «شمعة الأبرار ونزهة الأبصار» .
وتوفي في رابع عشر جمادى الآخرة.
__________
[1] وذكر هذا الخبر أيضا ابن العراقي في «ذيل العبر» (2/ 308- 309) والحافظ السخاوي في «الذيل التام على دول الإسلام» الورقة (149- 150) من المنسوخ.
[2] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 373- 374) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 318- 319) و «غاية النهاية» (1/ 231) و «الدّرر الكامنة» (2/ 36- 37) و «النجوم الزاهرة» (11/ 117) و «المقصد الأرشد» (1/ 336) و «الجوهر المنضد» ص (23) و «لحظ الألحاظ» ص (155) .

(8/382)


وفيها جمال الدّين أبو محمد عبد الرحيم بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن إبراهيم القرشي الأموي الإسنوي المصري [1] الشافعي الإمام العلّامة، منقح الألفاظ ومحقّق المعاني.
ولد بأسنا في رجب سنة أربع وسبعمائة، وقدم القاهرة سنة إحدى وعشرين، وسمع الحديث، واشتغل بأنواع العلوم، وأخذ الفقه عن الزّنكلوني، والسّنباطي، والسّبكي، والقزويني، والوجيزي، وغيرهم. والنحو عن أبي حيّان، والعلوم العقلية عن القونوي، والتّستري، وغيرهما. وانتصب للإقراء والإفادة من سنة سبع وعشرين، ودرّس التفسير بجامع طولون. وولي وكالة بيت المال، ثم الحسبة، ثم تركها وعزل من الوكالة، وتصدّى للإشغال والتّصنيف.
ذكره تلميذه سراج الدّين بن الملقن في «طبقات الفقهاء» فقال: شيخ الشافعية، ومفتيهم، ومصنّفهم، ومدرّسهم، ذو الفنون: الأصول، والفقه، والعربية، وغير ذلك.
وقال غيره: تخرّج به خلق كثير، وأكثر علماء الدّيار المصرية طلبته، وكان حسن الشكل، حسن التّصنيف، لين الجانب، كثير الإحسان للطلبة، ملازما للإفادة والتصنيف، من تصانيفه: «كافي المحتاج في شرح المنهاج» وصل فيه إلى المساقاة، وهو أنفع شروح «المنهاج» و «الكوكب الدّرّي» في تخريج مسائل الفقه على النحو، و «تصحيح التّنبيه» و «طبقات الشافعية» وغير ذلك.
وقال السيوطي في «طبقات النّحاة» : انتهت إليه رئاسة الشافعية، وصار المشار إليه بالديار المصرية. وكان ناصحا في التعليم، مع البرّ، والدّين، والتواضع، والتودد، يقرّب الضعيف المستهان، ويحرص على إيصال الفائدة
__________
[1] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 370- 372) و «ذيل العبر» ص (314) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 132- 135) و «الدّرر الكامنة» (2/ 354) و «النجوم الزاهرة» (11/ 114) و «الدليل الشافي» (1/ 409) و «لحظ الألحاظ» ص (155) و «بغية الوعاة» (2/ 92- 93) و «حسن المحاضرة» (1/ 429- 434) و «درّة الحجال» (3/ 114- 115) .

(8/383)


للبليد، ويذكر عنده المبتدئ الفائدة المطروقة فيصغي إليه كأنّه لم يسمعها، جبرا لخاطره، مع فصاحة العبارة، وحلاوة المحاضرة والمروءة البالغة.
توفي فجأة ليلة الأحد ثامن عشري جمادى الأولى بمصر، ودفن بتربة بقرب مقابر الصّوفية.
وفيها أبو الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم النّميري الحنبلي [1] ، المعروف والده بابن الصقيل.
كان إماما، مسندا، جليلا، تولى مشيخة دار الحديث الكاملية بالقاهرة وأقام بها مدة، وتوفي بقلعة الجبل بالقاهرة.
وفيها علاء الدّين علي بن عمر بن أحمد بن عبد المؤمن الصّوري الأصل الصالحي الحنبلي [2] الشيخ المسند الخيّر الصالح.
ولد سنة اثنتين وتسعين وستمائة، وسمع من جدّه أحمد بن عبد المؤمن، والتّقي سليمان بن حمزة، وغيرهما. وأجاز له أبو الفضل بن عساكر، وابن القوّاس، ولحقه صمم [3] ، وكان يتلو القرآن كثيرا. وسمع منه الشّهاب بن حجي.
توفي في العشر الآخر من جمادى الآخرة بالصّالحية ودفن بسفح قاسيون.
وفيها شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد الزّركشي المصريّ الحنبلي [4] الشيخ الإمام العلّامة.
كان إماما في المذهب، له تصانيف مفيدة، أشهرها «شرح الخرقي» لم يسبق إلى مثله، وكلامه فيه يدلّ على فقه نفسي وتصرف في كلام الأصحاب.
__________
[1] انظر «حسن المحاضرة» (1/ 382) و «الدليل الشافي» (1/ 428) .
[2] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 373) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 318) وفيه: «علي بن أحمد بن عبد الرحمن بن مؤمن» فليصحح، و «الدّرر الكامنة» (3/ 87) و «لحظ الألحاظ» ص (155) .
[3] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «صم» والتصحيح من مصادر الترجمة.
[4] ترجم له العليمي في «المنهج الأحمد» وهو عنده في القسم الذي لم يطبع بعد من الكتاب الورقة (462) من مصورة مكتبتي الخاصة.

(8/384)


أخذ الفقه عن قاضي القضاة موفق الدّين عبد الله الحجّاوي قاضي الدّيار المصرية، وقال ولده الشيخ زين الدّين عبد الرحمن: أخبرني والدي أن عمره- يعني عند وفاته- نحو خمسين سنة، وأن أصله من عرب بني مهنّا الذين هم من جند الشام ناحية الرّحبة.
توفي ليلة السبت رابع عشري جمادى الأولى في حياة والدته الحاجة فقها، ودفن بالقرافة الصّغرى.
وتوفيت والدته في خامس ربيع الآخر سنة ست وسبعين.
وفيها شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك بن مكنون بن نجم العجلوني الدمشقي الحنبلي [1] خطيب بيت لهيا وابن خطيبها.
سمع وزيرة، وأجاز له جماعة، منهم: القاسم ابن عساكر، وابن القوّاس، وحدّث، فسمع منه شهاب الدّين بن حجي «ثلاثيات البخاري» عن وزيرة.
توفي في جمادى الأولى ببيت لهيا ودفن هناك.
وفيها الجلال أبو ذر محمد بن محمد بن عبد الرحيم بن عبد الوهاب بن علي بن أحمد بن عقيل السّلمي البعلبكي [2] الحافظ ابن الخطيب المنعوت بالجلال.
ذكره ابن ناصر الدّين في منظومته [3] فقال:
محمّد فتى الخطيب الثّالث ... ذاك الجلال ذو علوم باحث
وقال في «شرحها» [4] : مولده سنة تسع وسبعمائة بيقين. وكان إماما،
__________
[1] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 370) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 317) و «الدّرر الكامنة» (3/ 480) و «المقصد الأرشد» (2/ 426) و «الجوهر المنضد» ص (166) و «لحظ الألحاظ» ص (156) .
[2] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 378- 379) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 324) و «الدّرر الكامنة» (4/ 186) و «لحظ الألحاظ» ص (154) .
[3] يعني في «بديعة البيان» وذكره في الورقة (26/ ب) منها.
[4] يعني «التبيان شرح بديعة البيان» وذكر في الورقة (191/ آ) .

(8/385)


حافظا، من المتقنين، فقيها، كاتبا، ذا عربية ولغة، مع صلاح ودين. انتهى.
وفيها أبو زكريا يحيى بن أحمد بن أحمد بن صفوان القيني [1] المالكي النّحوي المقرئ [2] .
كان إماما، عالما، عارفا بالقراءات والعربية، صالحا زاهدا.
سمع ببلده من عبد الله بن أيوب، ومنه أبو حامد ابن ظهيرة، وجاور بمكّة مدّة، وأمّ بمقام المالكية، ومات بها. قاله السيوطي.
__________
[1] في «آ» و «ط» : «العيني» وهو خطأ والتصحيح من مصادر الترجمة.
[2] انظر «الدّرر الكامنة» (4/ 410) و «بغية الوعاة» (2/ 330) و «غاية النهاية» (2/ 365) .

(8/386)


سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة
بها ابتدأ الحافظ ابن حجر كتابه «إنباء الغمر بأنباء العمر» [1] فإنه ولد في شعبانها.
وفيها أمر السّلطان الملك الأشرف الأشراف أن يمتازوا عن الناس بعصائب خضر على العمائم ففعل ذلك بمصر والشام وغيرهما [2] ، وفي ذلك يقول عبد الله بن جابر الأندلسي نزيل حلب:
جعلوا لأبناء الرّسول علامة ... إنّ العلامة شأن من لم يشهر
نور النّبوّة في كريم وجوههم ... تغني الشّريف عن الطّراز الأخضر
وقال محمد بن [إبراهيم بن] بركة الدمشقي المزيّن [3] :
أطراف تيجان أتت من سندس ... خضر بأعلام على الأشراف
والأشرف السّلطان خصّهم بها ... شرفا ليفرقهم من الأطراف
وفيها توفي الأصيل المسند نجم الدّين أحمد بن إسماعيل بن أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر بن قدامة المعروف بابن النّجم الحنبلي [4] .
__________
[1] طبع الكتاب في الهند سنة (1387) هـ، ثم صور في بيروت عام (1406) .
وقام الأستاذ الشيخ محمد أحمد دهمان رحمه الله بتحقيق المجلد الأول ونشره في دمشق عام (1399) هـ ولم يكمل تحقيقه ونشره فيما بعد.
[2] قلت: ولا زال البعض منهم يفعله إلى أيامنا والخبر في «إنباء الغمر» (1/ 8) مع الأبيات.
[3] هو محمد بن إبراهيم بن بركة العبدلي المزيّن، الأديب الشاعر، مات سنة (811) هـ. انظر «الدليل الشافي» (2/ 577- 578) و «النجوم الزاهرة» (13/ 173) .
[4] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 387) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 332) و «غاية النهاية» (1/ 39) و «الدّرر الكامنة» (1/ 105) و «إنباء الغمر» (1/ 21) .

(8/387)


ولد سنة اثنتين وثمانين وستمائة، وروى عن ابن البخاري، والتّقي بن عساكر، وغيرهما. وحدّث، وعمّر، وتفرّد.
وقال ابن حجي: سمعنا منه مسموعه من «مشيخة ابن البخاري» و «أمالي ابن سمعون» .
توفي ليلة الجمعة ثالث جمادى الآخرة ودفن بمقبرة جدّه.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن بلبان بن عبد الله الدمشقي المالكي [1] الفقيه المفتي، كاتب الحكم.
مات في صفر وخلّف مالا كثيرا.
وفيها بهاء الدّين أبو حامد أحمد بن علي بن عبد الكافي بن يحيى بن تمّام السّبكي [2] .
ولد سنة سبع عشرة وسبعمائة، وكان اسمه أولا تمّاما ثم غيّره أبوه بعد أن بلغ سنّ التمييز، وحفظ القرآن صغيرا، وتلا على التّقي الصّايغ، وسمع من الحجّار وغيره، واشتغل بالعلوم فمهر فيها، وأفتى ودرّس، وله عشرون سنة. وولي وظائف أبيه بالقاهرة وله إحدى وعشرون سنة لما تحوّل والده إلى قضاء الشام.
قال ابن حبيب: إمام، علم، زاخر اليّم، مقرون بالوفاء الجم، وفضله مبذول لمن قصد وأمّ، وقلمه كم باب عدل فتح، وكم شمل معروف منح، وكان مواظبا على التّلاوة والعبادة وهو القائل:
أتتني فأولتني [3] الّذي كنت طالبا ... وحيّت فأحيت لي منى ومآربا
وقد كنت عبدا للكتابة أبتغي ... فرقّت على رقّي فصرت مكاتبا
__________
[1] انظر «الدّرر الكامنة» (1/ 115) .
[2] انظر «المعجم المختص» ص (29) وقد سقط اسمه من الفهرس فليستدرك ص 227 «الوفيات» لابن رافع (2/ 388- 389) و «الوافي بالوفيات» (7/ 246- 252) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 334) و «العقد الثمين» (3/ 383) و «الدّرر الكامنة» (1/ 210) و «إنباء الغمر» (1/ 21) و «النجوم الزاهرة» (11/ 121- 122) و «بغية الوعاة» (1/ 242) .
[3] في «ط» : «فآلتني» ورواية «إنباء الغمر» : «فآتتني» .

(8/388)


وقال فيه والده وقد حضر درسه
دروس أحمد خير من دروس عليّ ... وذاك عند عليّ غاية الأمل
فقال الصلاح الصّفدي بديها:
لأنّ في الفرع ما في الأصل ثمّ له ... مزيّة وقياس النّاس فيه [1] جلي [2]
وذكره الذهبي في «المعجم المختص» فقال: له فضائل وعلم جيد، وفيه أدب وتقوى، ساد وهو ابن عشرين سنة، ودرّس في مناصب أبيه، وأثنى على دروسه.
وقال غيره: كان كثير الحج والمجاورة والأوراد والمروءة، خبيرا بأمر دنياه وآخرته، ونال من الجاه ما لم ينله غيره، وولي إفتاء دار العدل، وقضاء الشام، وقضاء العسكر. وحدّث، فسمع منه الحفّاظ والأئمة، وصنّف «عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح» أبان فيه عن سعة دائرة في الفنّ، وصنّف غير ذلك.
توفي بمكّة في رجب وله ست وخمسون سنة.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن محمد بن عثمان البكري بن المجد [3] الشاعر.
كانت له قدرة على النّظم وله مدائح في الأعيان.
ومن شعره قصيدة أولها:
رعاهم الله ولا روّعوا ... ما لهم ساروا ولا ودّعوا
مات بمنية ابن خصيب [4] في شهر رمضان.
__________
[1] في «آ» : «له» .
[2] رواية البيت في «الوافي بالوفيات» :
لأن الفرع ما في الأصل وله ... زيادة ودليل النّاس فيه جلي
[3] انظر «الدّرر الكامنة» (1/ 278) و «إنباء الغمر» (1/ 23) و «النجوم الزاهرة» (11/ 122) .
[4] تصحفت في «ط» إلى «بمينة ابن خصيب» وهي مدينة كبيرة حسنة كثيرة الأهل والسكن على شاطئ النّيل في الصعيد الأدنى. انظر «معجم البلدان» (5/ 218) .

(8/389)


وفيها أبو بكر بن رسلان بن نصير [1] البلقيني أخو سراج الدّين [2] .
كان يتردد إلى أخيه وهو أسنّ منه بقليل، وكان على طريقة والده. قدم على أخيه في هذه السنة ليزوّج ولده جعفر، فمرض عند الشيخ ومات، فأسف عليه لأنه مات في غربة وهو شقيقه، فصار يقول: ذهب أبو بكر سيذهب عمر، فبينا هو في هذه الحال إذ سمع قارئا يقرأ: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ في الْأَرْضِ 13: 17 [الرّعد: 17] فعاش بعد أخيه اثنتين وثلاثين سنة، وقد أنجب أبو بكر هذا أولادا نبغ منهم رسلان، وجعفر، وناصر الدّين.
وفيها تقي الدّين أبو بكر [بن] محمد العراقي ثم المصري الحنبلي [3] .
كان من فضلاء الحنابلة وتوفي في جمادى الأولى.
وفيها بدر الدّين الحسن بن أحمد بن الحسن بن عبد الله بن عبد الغني المقدسي [4] .
سمع من سليمان بن حمزة وغيره، وتفقه، وبرع، وأفتى، وأمّ بمحراب الحنابلة بجامع دمشق.
توفي بالصالحية في ثامن عشري شعبان.
وفيها أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله الجبرتي [5] المقرئ المؤدّب [6] ، نزيل مكّة.
سمع بدمشق من المزّي، وبمكّة من الوادي آشي، والزّين الطّبري،
__________
[1] في «ط» : «نصر» وهو خطأ.
[2] انظر «إنباء الغمر» (1/ 24- 25) .
[3] انظر «الدّرر الكامنة» (1/ 466) و «إنباء الغمر» (1/ 25) و «السحب الوابلة» ص (137) ولفظة «بن» مستدركة منها جميعا.
[4] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 391- 392) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 339) و «إنباء الغمر» (1/ 25) و «الدّرر الكامنة» (2/ 11) و «السحب الوابلة» (1/ 150) و «المقصد الأرشد» (1/ 315- 316) و «الجوهر المنضد» ص (25) و «القلائد الجوهرية» (2/ 305) .
[5] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «الحيري» والتصحيح من مصادر الترجمة جميعا.
[6] انظر «العقد الثمين» (5/ 378) و «الدّرر الكامنة» (2/ 333) و «إنباء الغمر» (1/ 26) .

(8/390)


وغيرهم. وحدّث، فسمع منه أبو حامد بن ظهيرة، ومات في صفر.
وفيها شمس الدّين أبو الفرج عبد الرحمن بن العزّ محمد بن العزّ إبراهيم بن عبد الله بن أبي عمر الصّالحي الحنبلي [1] الشيخ الإمام الخطيب الفرضي.
ولد في رجب سنة ثمان وتسعين وستمائة، وسمع من ابن حمزة، وابن عبد الدائم، وغيرهما. وسمع منه شهاب الدّين بن حجي، وكان من خيار عباد الله، وله يد طولى في الفرائض، وله حلقة وخطابة بالجامع المظفّري.
توفي يوم الأربعاء مستهل جمادى الآخرة ودفن بسفح قاسيون.
وفيها فخر الدّين عثمان بن محمد بن أبي بكر بن حسن الحرّاني ثم الدمشقي، ابن المغربل، ويعرف قديما بابن سينا [2] .
ولد سنة ثمان وتسعين وستمائة، وسمع من القاسم بن مظفّر، وابن الشّيرازي، وغيرهما. وطلب بنفسه، وحصّل الكثير، وحدّث، وحجّ كثيرا.
وذكره الذهبي في «المختص» .
مات بحلب في حادي عشر ذي القعدة أو ذي الحجّة.
وفيها سراج الدّين عمر بن إسحاق بن أحمد الغزنوي الهندي [3] ، قاضي الحنفية بالقاهرة. تفقه على الوجيه الرّازي بمدينة دلّي [4] بالهند، والسّراج الثّقفي،
__________
[1] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 386- 387) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 331- 332) و «الدّرر الكامنة» (2/ 340) و «إنباء الغمر» (1/ 26- 27) و «المقصد الأرشد» (2/ 110) و «الجوهر المنضد» ص (58) و «القلائد الجوهرية» (2/ 308- 309) و «السحب الوابلة» ص (127) .
[2] انظر «المعجم المختص» ص (154- 155) و «الوفيات» لابن رافع (2/ 393) و «إنباء الغمر» (1/ 27- 28) و «الدّرر الكامنة» (2/ 448) .
[3] انظر «تاج التراجم» ص (167) بتحقيق صديقي الفاضل الأستاذ إبراهيم صالح، و «الدّرر الكامنة» (3/ 154) و «إنباء الغمر» (1/ 29) و «الفوائد البهية» ص (148) و «النجوم الزاهرة» (11/ 120- 121) .
[4] ذكرها أبو الفداء في «تقويم البلدان» ص (358) في معرض كلامه عن مدن الهند وقيدها فقال:

(8/391)


والرّكن البداوني [1] ، وغيرهم من علماء الهند. وحجّ فسمع بمكة. وقدم القاهرة نحو سنة أربعين فسمع بها، وظهرت فضائله، ثم ولي قضاء العسكر بعد أن كان ينوب عن الجمال التّركماني، ثم عزل، ثم قويت شوكته لما مات علاء الدّين التركماني، وولي ولده جمال الدّين فاستنابه، ولم يستنب غيره، فاستبدّ بجميع الأمور، وعظمت منزلته عند السلطان حسن، وقرر [2] في قضاء الحنفية استقلالا سنة تسع وستين.
ومن تصانيفه: «شرح المغني» و «شرح الهداية» و «شرح بديع ابن الساعاتي» و «تائية ابن الفارض» .
قال ابن حجر: كان واسع العلم، كثير الإقدام والمهابة، وكان يتعصب للصّوفية الاتحادية، وعزّر ابن أبي حجلة لكلامه في ابن الفارض.
مات في الليلة التي مات فيها البهاء السّبكي سابع رجب، وكان يكتب بخطّه مولدي سنة أربع وسبعمائة انتهى.
وفيها زين الدّين عمر بن عثمان بن موسى الجعفري الدمشقي [3] .
قال ابن حجر: تفقه، وبرع، ودرّس بالجاروخية، وخطب بجامع العقيبة.
مات في نصف المحرم راجعا من الحجّ.
وفيها أبو الفتح بن يوسف بن الحسن بن علي السّجزيّ [4] المكّي [5] دلّي: بدال مهملة، ولام مشدّدة مكسورتين، ثم مثناة تحتية.
قلت: وتعرف الآن ب «دهلي» أو «دلهي» وهو الاسم الشائع للمدينة الآن.
__________
[1] في «آ» و «ط» : «البداوي» والتصحيح من «تاج التراجم» .
[2] في «ط» : «وقوي» .
[3] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 382) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 328) و «إنباء الغمر» (1/ 31- 32) و «الدّرر الكامنة» (3/ 176) .
[4] في «آ» و «ط» : «البحيري» وفي «الدّرر» و «إنباء الغمر» : «الشحري» والتصحيح من «العقد الثمين» .
[5] انظر «العقد الثمين» (8/ 81- 82) و «إنباء الغمر» (1/ 32) و «الدّرر الكامنة» (3/ 235) .

(8/392)


الحنفي، إمام مقام الحنفية بمكّة. صحب الشيخ أحمد الأهدل اليمني، وتزهد، ودار بمكّة وفي عنقه زنبيل.
وفيها كمال الدّين محمد بن فخر الدّين أحمد بن كمال الدّين عبد الرحمن بن عبد الله بن سعيد بن حامد الهلالي الإسكندراني المالكي بن الرّبعي [1] قاضي الإسكندرية وابن قاضيها.
ولد بها سنة ثلاث وسبعمائة، وسمع من عبد الرحمن بن مخلوف وغيره، وسمع بمكّة من عيسى المحجّي، وسمع منه الحافظ العراقي، وهو الذي أرّخه.
وفيها عزّ الدّين محمد بن أبي بكر بن علي الصّوفي الصّالحي [2] أحد المسندين بدمشق.
ولد سنة إحدى أو اثنتين وثمانين وستمائة، وسمع من ابن القواس «معجم ابن جميع» ومن إسماعيل بن الفرّاء بعض «سنن ابن ماجة» وحدّث، وتفرّد، وهو أحد من أجاز عاما.
توفي بالصالحية في أحد الجمادين.
وفيها جمال الدّين أبو الغيث محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن عبد الخالق ابن الصّايغ الدمشقي [3] .
سمع من الحجّار، وأسماء بنت صصرى، وغيرهما. وولي قضاء حمص وغزّة، ودرّس بالعمادية بدمشق، وأقام عند جدّه بحلب مدة، وناب في الحكم بسرمين [4] ومات في ذي الحجّة عن نحو الأربعين سنة.
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 32) .
[2] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 385- 386) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 330) و «إنباء الغمر» (1/ 32- 33) و «الدّرر الكامنة» (3/ 405) .
[3] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 294- 295) و «ذيل العبر» (2/ 341- 342) و «إنباء الغمر» (1/ 33) و «الدّرر الكامنة» (3/ 484) و «النجوم الزاهرة» (11/ 120) .
[4] سرمين: بلدة مشهورة من أعمال حلب قريبة من إدلب. انظر «معجم البلدان» (3/ 215) و «موسوعة حلب المقارنة» للأسدي (4/ 343) .

(8/393)


قال ابن حجر: وهو أخو شيخنا أبي اليسر أحمد.
وفيها بدر الدّين محمد بن محمد بن عيسى الاقصرائي [1] الحنفي.
قدم دمشق، وسمع على المزّي وغيره، ودرّس بالعزّيّة البرّانيّة بالشرف الأعلى، وخطب بها.
مات في ذي القعدة.
وفيها بدر الدّين محمد بن محمد بن يعقوب النابلسي [2] ثم الدمشقي بن الجواشنيّ [3] الحنفي.
سمع من عيسى المطعّم، وابن عبد الدائم، وغيرهما. وعني بالعلم، وناب في الحكم.
توفي [في] تاسع ربيع الآخر عن ستين سنة وأشهر.
وفيها محمد بن يوسف بن عبد الله بن محمد اليحصبي اللّوشي [4]- بفتح اللام وسكون الواو بعدها معجمة- الغرناطي.
سمع من جعفر بن الزّين «سنن النسائي الكبرى» و «الشفا» و «الموطأ» .
وأخذ عن فضل المعافري. وكان عارفا بالحديث وضبط مشكله، وبالقراءات وطرقها، مشاركا في الفقه.
توفي في جمادى الآخرة.
وفيها شرف الدّين يحيى بن عبد الله الرّهوني- نسبة إلى رهون [5]
__________
[1] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 392- 393) و «ذيل العبر» (2/ 339) و «إنباء الغمر» (1/ 34) و «الدّرر الكامنة» (4/ 207) .
[2] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 384- 385) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 330) و «إنباء الغمر» (1/ 34) و «الدّرر الكامنة» (2/ 242) .
[3] في «آ» و «ط» : «الحواسني» والتصحيح من مصادر الترجمة.
[4] انظر «إنباء الغمر» (1/ 35) و «الدّرر الكامنة» (4/ 298) .
[5] في «ط» : «الزرهوني، نسبة إلى زرهون» وما جاء في النسخة «آ» موافق لما في «حسن المحاضرة» وهو الصواب.

(8/394)


جبل قرب فاس- الفقيه المالكي [1] . اشتغل، ومهر، ودرّس بالشيخونية، والحديث في الصرغتمشية، وله تخاريج وتصانيف، وتخرّج به المصريون.
توفي في ثالث شوال.
وفيها يحيى بن محمد بن زكريا بن محمد بن يحيى العامري اليلدي الحموي ابن الخباز [2] الشاعر الزجّال، تلميذ السّراج المحّار [3] . تمهّر، ونظم في الفنون، وشارك في الآداب، وكتب عنه الصّفدي وغيره، وكان يتشيّع.
مات في ذي الحجّة وقد عمّر طويلا.
قال الصّفدي: سألته عن مولده فقال: سنة سبع وتسعين وستمائة.
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 36) و «الدّرر الكامنة» (4/ 421) و «حسن المحاضرة» (1/ 460- 461) .
[2] انظر «إنباء الغمر» (1/ 36- 37) و «الدّرر الكامنة» (4/ 426) و «النجوم الزاهرة» (11/ 121) .
[3] هو سراج الدّين عمر بن مسعود بن عمر المحّار الكناني الحلبي، نزيل حماة. مات في دمشق سنة (711) هـ. انظر «الدّرر الكامنة» (3/ 193) و «الأعلام» (5/ 66) .

(8/395)


سنة أربع وسبعين وسبعمائة
فيها كان الوباء الكثير بدمشق، دام قدر ستة أشهر، وبلغ العدد [1] في كل يوم مائتي نفر.
وفيها كان الحريق بقلعة الجبل داخل الدّور السلطانية، استمرّ أياما وفسد منه شيء كثير، ويقال: إن أصله من صاعقة وقعت.
وفيها توفي إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل الجعفريّ الدمشقي الحنفي [2] .
برع في الفقه، وناب في الحكم، ودرّس، وتوفي في المحرّم.
وفيها إبراهيم بن محمد بن عيسى بن مطير اليمني [3] .
كان عالما، صالحا، عارفا بالفقه، درّس وأفتى، وحدّث عن أبيه، وكان [4] مقيما بأبيات حسين من سواحل اليمن. وكان يلقّب ضياء الدّين. وسمع من الحجري وغيره، وحدّث. قاله ابن حجر.
وفيها أحمد بن رجب بن حسين بن محمد بن مسعود البغدادي [5] نزيل دمشق، والد الحافظ زين الدّين بن رجب الحنبلي.
__________
[1] يعني عدد الموتى.
[2] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 396- 397) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 346) و «إنباء الغمر» (1/ 41) و «الدّرر الكامنة» (1/ 8) .
[3] انظر «إنباء الغمر» (1/ 42) و «الدّرر الكامنة» (1/ 65) .
[4] في «ط» : «فكان» .
[5] انظر «إنباء الغمر» (1/ 42- 43) و «الدّرر الكامنة» (1/ 130) .

(8/396)


ولد ببغداد، ونشأ بها، وقرأ بالروايات، وسمع من مشايخها، ورحل إلى دمشق بأولاده فأسمعهم بها، وبالحجاز، والقدس، وجلس للإقراء بدمشق، وانتفع به. وكان ذا خير ودين وعفاف.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن عبد الوارث البكري الفقيه الشافعي [1] وهو والد الشيخ نور الدّين الذي ولي الحسبة، وأخو عبد الوارث المالكي، وجدّ نجم الدّين عبد الرحمن.
كان عارفا بالفقه والأصل والعربية، منصفا في البحث، اعتزل الناس في آخر عمره، وتوفي في رمضان.
وفيها الحافظ الكبير عماد الدّين إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن زرع البصرويّ [2] ثم الدمشقي الفقيه الشافعي [3] .
ولد سنة سبعمائة، وقدم دمشق وله سبع سنين، سنة ست وسبعمائة مع أخيه بعد موت أبيه، وحفظ «التّنبيه» وعرضه سنة ثمان عشرة، وحفظ «مختصر ابن الحاجب» وتفقه بالبرهان الفزاري، والكمال بن قاضي شهبة، ثم صاهر المزّي.
وصحب ابن تيميّة، وقرأ في الأصول على الأصبهاني. وألّف في صغره «أحكام التّنبيه» . وكان كثير الاستحضار، قليل النسيان، جيد الفهم، يشارك في العربية وينظم نظما وسطا.
ذكره الذهبي في «معجمه المختص» فقال: الإمام المحدّث المفتي البارع.
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 43) و «الدّرر الكامنة» (1/ 196) .
[2] في «آ» و «ط» : «البصري» والتصحيح من مصادر الترجمة.
[3] انظر «المعجم المختص» ص (74- 75) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 358- 360) و «ذيل تذكرة الحفّاظ» ص (57) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 113- 115) و «الردّ الوافر» ص (92- 95) و «إنباء الغمر» (1/ 45- 47) و «الدّرر الكامنة» (1/ 373- 374) و «النجوم الزاهرة» (11/ 123) و «طبقات الحفّاظ» ص (529) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 36- 37) و «طبقات المفسرين» (1/ 110) و «البدر الطالع» (1/ 153) ومقدمتنا لرسالته «ذكر مولد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورضاعه» المنشورة في دار ابن كثير بتحقيقنا بالاشتراك مع الأستاذ ياسين محمد السوّاس، ضمن سلسلة نصوص تراثية عام (1407) هـ.

(8/397)


ووصفه بحفظ المتون وكثرة الاستحضار جماعة، منهم الحسيني، و [ابن] العراقي وغيرهما.
وسمع من الحجّار، والقاسم ابن عساكر، وغيرهما. ولازم الحافظ المزّي وتزوّج بابنته، وسمع عليه أكثر تصانيفه، وأخذ عن الشيخ تقي الدّين بن تيميّة فأكثر عنه.
وقال ابن حبيب فيه: إمام روي التّسبيح والتهليل، وزعيم أرباب التأويل.
سمع، وجمع، وصنّف، وأطرب الأسماع بالفتوى وشنّف [1] ، وحدّث، وأفاد، وطارت أوراق فتاويه إلى البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت إليه رئاسة العلم في التاريخ، والحديث، والتفسير.
وهو القائل:
تمرّ بنا الأيام تترى وإنّما ... نساق إلى الآجال والعين تنظر
فلا عائد ذاك الشّباب الذي مضى ... ولا زائل هذا المشيب المكدّر
ومن مصنفاته «التاريخ» المسمى ب «البداية والنهاية» [2] و «التفسير» [3] ، وكتاب في «جمع المسانيد العشرة» [4] واختصر «تهذيب الكمال» وأضاف إليه
__________
[1] جاء في «المعجم الوسيط» (1/ 496) : شنّف الآذان بكلامه: أمتعها به.
[2] نقوم بتحقيقه بالاشتراك مع عدد من الأساتذة الباحثين وفق منهج وضعه والدي الأستاذ المحدّث الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، حفظه الله تعالى ونفع بأقواله وأعماله، معتمدين على ثلاث من مصورات نسخه الخطية الجيدة القيمة، وقد تمّ تحقيق بعض الأجزاء منه وسوف تأخذ طريقها إلى الطبع قريبا إن شاء الله تعالى في دار ابن كثير بدمشق وبيروت.
[3] طبع عدة مرات في مصر والشام وبيروت، أفضلها التي أصدرتها دار المعرفة ببيروت وقام بإعداد فهارس لها الأخ الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي بالاشتراك مع الأستاذين محمد سليم إبراهيم سمارة وجمال حمدي الذهبي.
وعلمت من الأخ الأستاذ علي مستو صاحب دار ابن كثير بأن الأستاذ الدكتور محمد إبراهيم البنّا يقوم بتحقيقه في السعودية الآن بتكليف من إحدى دور النشر هناك.
[4] واسمه «جامع المسانيد» وقد جمع فيه بين الكتب الستة، ومسند أحمد، ومسند أبي يعلى الموصلي، ومسند البزار، والمعجم الكبير للطبراني، ورتب أسماء الصحابة من رواة الأحاديث على حروف المعجم، وعرّف بكل منهم عند وروده في الكتاب لأول مرة، ثم ذكر الأحاديث التي لكل راو،

(8/398)


ما تأخر في «الميزان» . سمّاه «التكميل» و «طبقات الشافعية» وله «سيرة صغيرة» [1] وشرع في أحكام كثيرة حافلة كتب منها مجلدات إلى الحجّ، وشرح قطعة من «البخاري» وغير ذلك.
وتلامذته كثيرة، منهم: ابن حجي، وقال فيه: أحفظ من أدركناه لمتون الأحاديث، وأعرفهم بجرحها، ورجالها، وصحيحها، وسقيمها، وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك. وما أعرف أني اجتمعت به على كثرة ترددي إليه إلّا واستفدت منه.
وقال غيره كما قاله [2] ابن قاضي شهبة في «طبقاته» - كانت له خصوصية بابن تيميّة ومناضلة عنه واتباع له في كثير من آرائه، وكان يفتي برأيه في مسألة الطلاق، وامتحن بسبب ذلك وأوذي.
وتوفي في شعبان ودفن بمقبرة الصّوفية عند شيخه ابن تيميّة انتهى.
__________
وذكر من روى عنهم من الصحابة والتابعين. ويعد هذا الكتاب من خيرة مصنّفات الحافظ ابن كثير في الحديث النبوي، وهو من أواخر الكتب التي صنّفها إن لم يكن آخرها، وقد توفي- رحمه الله- دون أن يتمه، غير أن ذلك لا يمنع من نشر القسم المتوفر منه، نظرا لما لآراء هذا الإمام العظيم في الأحاديث من القيمة الكبرى، ولا سيما الضعيفة منها.
وقد قام بتحقيق هذا القسم الموجود من الكتاب في مصر الأخ الدكتور عبد المعطي قلعجي حفظه الله، وتتولى طبعه الآن دار الفكر ببيروت وسيصدر في سبعة وثلاثين مجلدا كما ذكر لي.
ويقوم بتحقيقه في الرياض أيضا الأستاذ الشيخ عبد الملك بن عبد الله بن دهيش حفظه الله، وقد صدر المجلدان الأول والثاني منه من طبعته وقد تفضل وأرسلهما لي جزاه الله تعالى خير الجزاء.
[1] قلت: يريد كتابه «الفصول في اختصار سيرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم» ويعد هذا الكتاب أحد المصنّفات المختصرة القيمة التي تحدثت عن سيرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم باختصار مفيد نافع للعام والخاص، وذلك في القسم الأول منه. وأما القسم الثاني منه فقد تكلم فيه عن أحواله وشمائله وخصائصه صلّى الله عليه وسلّم باختصار نافع مفيد أيضا، الأمر الذي جعله محبّبا إلى قلوب الناس جميعا. وقد طبع هذا الكتاب أول مرة في مصر طبعة سقيمة غير محققة، ثم طبع للمرة الثانية في دمشق بتحقيق الأستاذين الفاضلين د. محمد عيد الخطراوي، ومحيي الدّين مستو، وهي طبعة جيدة محررة متقنة مفهرسة نافعة، كتب لها الانتشار فأعيد طبعها عدة مرات، آخرها التي صدرت حديثا عن دار ابن كثير بدمشق ودار التراث بالمدينة المنورة.
[2] في «ط» : «كما ذكره» .

(8/399)


وفيها أبو بكر بن محمد بن يعقوب الشقّاني، المعروف بابن أبي حرمة [1] .
قال ابن حجر: كان فقيها، عارفا، فاضلا، زاهدا، صاحب كرامات شهيرة ببلاده، وهو من شقّان- بضم المعجمة وتشديد القاف وآخره نون من السواحل بين جدّة وحلي- انتهى.
وفيها رافع بن الفزاري الحنبلي [2] ، نزيل مدرسة الشيخ أبي عمر. تفقه وعني بالحديث، وكان يقول الشعر، وولع بكتاب ابن عبد القوي «النظم» وزاد فيه وناقشه في بعض المواضع. ونسخ [منه عدة نسخ] [3] .
وتوفي في ذي الحجّة بالطّاعون.
وفيها أبو قمر سليمان بن محمد بن حميد بن محاسن الحلبي ثم النّيربي الصّابوني [4] .
ولد سنة إحدى وسبعمائة بمصر، وأحضر على الحافظ الدّمياطي، وحدّث عن ستّ الوزراء، والحجّار. وذكره ابن رافع في «معجمه» ، وسمع منه البرهان محدّث حلب، وتوفي بالنّيرب في شهر رمضان.
وفيها عبد العزيز بن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحقّ أبو فارس المرّينيّ [5] صاحب فاس.
لما مات أبوه أبو الحسن اعتقل، ثم أخرجه الوزير عمر بن عبد الله وبايعه
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 48) و «الدّرر الكامنة» (1/ 466) .
[2] انظر «المقصد الأرشد» (1/ 397- 398) و «السحب الوابلة» ص (168) .
[3] تنبيه: ما بين الحاصرتين مستدرك من «السحب الوابلة» وعزاه صاحبه ل «شذرات الذهب» ولم يرد في «آ» و «ط» منه ولعل صاحب «السحب الوابلة» قد وقف على نسخة أخرى من «الشذرات» فيها هذه الزيادة أو أنها وردت عنده من مصدر آخر، والله أعلم. وفي «المقصد الأرشد» : «ونسخ وجمع بعض المجاميع» .
[4] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 360) و «إنباء الغمر» (1/ 50- 51) و «الدّرر الكامنة» (2/ 162) .
[5] انظر «إنباء الغمر» (1/ 53- 55) .

(8/400)


وسلطنه، وذلك في شعبان سنة ثمان وستين، ثم قتل [1] الوزير لما همّ بخلعه، واستولى على أمواله، وتوجه من فاس إلى مرّاكش، ونازل أبا الفضل وقتله، ثم حارب عامر بن محمد المتغلّب بفاس حتّى هزمه، ثم ظفر به فقتله، وقتل تاشفين في سنة إحدى وسبعين، ثم ملك تلمسان يوم عاشوراء سنة اثنتين وسبعين، ثم المغرب الأوسط، وثبتت قدمه، ودفع الثوار والخوارج، واستمال العرب، ولم يزل إلى [أن] طرقه ما لا بد منه، فمات بمعسكره من تلمسان في شهر ربيع الآخر، وتسلطن بعده ولده السّعيد محمد.
وفيها أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سعد [2] الأنصاري بن معاذ [3] .
قال ابن حجر: كان يذكر أنه من ذرّية سعد بن معاذ الأوسي. وكان فاضلا، مشاركا في عدة علوم، متظاهرا بمذهب أهل الظّاهر، يناضل عنه ويجادل، مع شدّة بأس وقوة جنان، وكان يعاشر أهل الدولة، خصوصا القبط، وكتب بخطّه شيئا كثيرا خصوصا من كتب الكيمياء، وقد سمع من ابن سيّد النّاس ولازمه مدة طويلة، وسمع منه البرهان محدّث حلب، وأخذ عنه الشيخ أحمد القصير مذهب أهل الظّاهر، وكان يذكر لنا عنه فوائد ونوادر وعجائب.
توفي بمصر في رابع شوال.
وفيها علي بن الحسن بن قيس البابي الشّافعي [4] . عني بالعلم، وأفتى، وانتفع الناس به، ودرّس بالإسكندرية، ومات في صفر.
وفيها عمر بن إبراهيم بن نصر بن إبراهيم الكنانيّ الصالحي، المعروف بابن الكفتي [5] .
__________
[1] في «ط» : «ثم قال» .
[2] في «الدّرر الكامنة» : «خضر» .
[3] انظر «إنباء الغمر» (1/ 55- 56) و «الدّرر الكامنة» (3/ 5) .
[4] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 398- 399) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 349) و «إنباء الغمر» (1/ 56) و «الدّرر الكامنة» (3/ 38) .
[5] انظر «إنباء الغمر» (1/ 56) و «الدّرر الكامنة» (3/ 148) .

(8/401)


سمع من ابن القوّاس «معجم ابن جميع» و «جزء ابن عبد الصّمد» وغير ذلك. وتفرّد بذلك، ومات في ذي القعدة عن نيف وثمانين سنة.
وفيها ولي الدّين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يوسف العثماني الدّيباجي، المعروف بابن المنفلوطي الشافعي [1] .
ولد سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، وسمع من جماعة، وتفقه، وبرع في فنون العلم، وأخذ عن النّور الأردبيلي، وحدّث، وأشغل، وكان قد نشأ بدمشق ثم طلب إلى الدّيار المصرية في أيام النّاصر حسن، ودرّس بالمدرسة التي أنشأها، والتفسير بالمنصورية، وغيرهما.
قال الولي العراقي: برع في التفسير، والفقه، والأصول، والتصوف، وكان متمكنا من هذه العلوم، قادرا على التصرف فيها، فصيحا، حلو العبارة، حسن الوعظ، كثير العبادة والتّألّه. جمع وألّف، وأشغل وأفتى، ووعظ وذكّر، وانتفع النّاس به، ولم يخلّف في معناه مثله.
وقال الحافظ ابن حجي: كان من ألطف الناس وأظرفهم، شكلا وهيئة، وله تآليف بديعة الترتيب.
توفي في ربيع الأول، وذكر أنه لما حضرته الوفاة قال: هؤلاء ملائكة ربّي قد حضروا وبشّروني بقصر في الجنّة، وشرع يردد السلام عليكم، ثم قال: انزعوا ثيابي عنّي فقد جاءوا بحلل من الجنّة، وظهر عليه السّرور، ومات في الحال.
وفيها شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن عبد الصّمد بن مرجان الحنبلي [2] الشيخ الصّالح القدوة، شيخ التّلقين بمدرسة
__________
[1] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 400) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 350) و «إنباء الغمر» (1/ 57- 59) و «الدّرر الكامنة» (3/ 306) و «النجوم الزاهرة» (11/ 125) .
[2] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 358) و «إنباء الغمر» (1/ 59) و «الدّرر الكامنة» (3/ 373) و «القلائد الجوهرية» (1/ 177) و «المقصد الأرشد» (1/ 365) و «الجوهر المنضد» ص (123) و «الدارس في تاريخ المدارس» (2/ 110- 111) .

(8/402)


شيخ الإسلام أبي عمر. روى عن التّقي سليمان، ويحيى بن سعد الكثير، وحدّث، فسمع منه الحافظ ابن حجي، وتوفي في عاشر شعبان.
وفيها الحافظ تقي الدّين أبو المعالي محمد بن جمال الدّين رافع بن هجرس بن محمد بن شافع السّلّامي- بتشديد اللام- العميدي [1] المتقن المعمّر الرّحلة المصري المولد والمنشأ، ثم الدمشقي الشافعي.
ولد في ذي القعدة سنة أربع وسبعمائة، وأحضره والده على جماعة، وأسمعه من آخرين، واستجاز له الحافظ الدّمياطي وغيره، ورحل به والده إلى الشام سنة أربع عشرة، وأسمعه من طائفة، ورجع به. وتوفي والده فطلب بنفسه بعد وفاته في حدود سنة إحدى وعشرين، وتخرّج في علم الحديث بالقطب الحلبي، وابن سيّد الناس، وسمع [وكتب، ثم رحل إلى الشام أربع مرات، وسمع] [2] بها من حفّاظها المزّي، والبرزالي، والذهبي، وذهب إلى بلاد الشمال، ثم قدم الشام خامسا صحبة القاضي السّبكي واستوطنها ودرّس بها بدار الحديث النّورية وبالفاضلية، وعمل لنفسه «معجما» في أربع مجلدات، وهو في غاية الإتقان والضبط، مشحون بالفضائل والفوائد، مشتمل على أكثر من ألف شيخ، وجمع وفيات ذيّل بها على البرزالي. وصنّف ذيلا على تاريخ بغداد لابن النجار أربع مجلدات، وقد عدم هو و «المعجم» في الفتن، وتخرّج به جماعة من الفضلاء وانتفعوا به، وخرّج له الذهبي «جزءا من عواليه وحدّث قديما وحديثا.
وذكره الذهبي في «المعجم المختص» فقال فيه: العالم المفيد، الرحّال المتقن، إل غير ذلك.
وقال الحافظ شهاب الدّين بن حجي: كان متقنا، محرّرا لما يكتبه، ضابطا لما ينقله، وعنه أخذت هذا العلم- أي علم الحديث- وقرأت عليه الكثير، وعلّقت
__________
[1] انظر «المعجم المختص» ص (229- 230) و «ذيل تذكرة الحفّاظ» ص (52- 53) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 352- 355) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 166- 169) و «إنباء الغمر» (1/ 59- 62) و «الدّرر الكامنة» (3/ 439) و «النجوم الزاهرة» (1/ 124) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 94- 95) .
[2] ما بين القوسين سقط من «آ» .

(8/403)


عنه فوائد كثيرة، وكان يحفظ «المنهاج» و «الألفية» لابن مالك، ويكرر عليهما.
وحصل له وسواس في الطهارة حتّى انحلّ بدنه وفسدت ثيابه وهيئته، ولم يزل مبتلى به إلى أن مات في جمادى الأولى بدمشق ودفن بباب الصغير.
وقال ابن حبيب: إمام تقدم في علم الحديث ودراسته، وتميّز بمعرفة أسماء ذوي إسناده وروايته، ورحل وطلب، وسمع بمصر ودمشق وحلب، وأضرم نار التحصيل وأجج، وقرأ، وكتب، وانتقى، وخرّج، وعني بما روي عن سيّد البشر.
وجمع «معجمه» [1] الذي يزيد على ألفي نفر. وكان لا يعتني بملبس ولا مأكل، ولا يدخل فيما أبهم عليه من أمر الدنيا أو أشكل، ويختصر في الاجتماع بالناس، وعنده في طهارة ثوبه وبدنه أيّ وسواس. انتهى.
وفيها ظهير الدّين أبو محمد محمد بن عبد الكريم بن محمد بن صالح بن قاسم بن العجمي الحلبي [2] .
سمع «صحيح البخاري» و «سنن ابن ماجة» وغير ذلك.
ولد سنة أربع وتسعين وستمائة. وسمع منه العراقي وأرّخه، وابن عساكر، وأبو إسحاق سبط ابن العجمي، وهو أقدم شيخ له، والبرهان آخر من روى عنه، وآخرون.
وكتب الطبّاق والأجزاء، ونسخ كثيرا من الكتب بالأجرة، وكان يسترزق من الشهادة، وإذا طلب منه السماع طلب الأجرة لما يفوته من الشهادة بقدر ما يكفيه من القوت. قاله ابن حجر.
وفيها شمس الدّين محمد بن فخر الدّين عثمان بن موسى بن علي بن الأقرب الحلبي الحنفي [3] .
__________
[1] في «آ» و «ط» : «وجمع مسنده» والتصحيح من «إنباء الغمر» (2/ 60) وانظر «الوفيات» لابن رافع (1/ 44) .
[2] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 345- 346) و «إنباء الغمر» (1/ 64) و «الدّرر الكامنة» (4/ 24) وكنيته فيه «أبو هاشم» .
[3] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 361) و «إنباء الغمر» (1/ 64- 65) و «الدّرر الكامنة» (4/ 44) .

(8/404)


قال ابن حجر: كان فاضلا، متواضعا، درّس بالأتابكية والقليجية، ومات في نيف وسبعين.
وقال ابن كثير: كان من أحاسن الناس وفيه حشمة ورئاسة وإحسان.
وأخوه شهاب الدّين أحمد [1] . كان فاضلا، رحل إلى مصر واشتغل بها، ومهر في المعقول، وولي قضاء عينتاب [2] .
وأخوهما علاء الدّين [3] تلمذ للقوام الأبزازي، ومهر في الفتوى.
وفيها ناصر الدّين محمد بن عوض بن عبد الخالق بن عبد المنعم البكري [4] الفقيه الشافعي.
ولد سنة سبعمائة، واشتغل كثيرا، ثم ولي تدريس الفيّوم مدة طويلة، وكان عالما بالأصلين، والفقه، والعربية، والهيئة، وصنّف تصانيف مفيدة، وهو والد نور الدّين البكري، المعروف بابن قتيلة، مات بدهروط في شهر رمضان وهو يصلّي الصّبح.
وفيها ناصر الدّين محمد بن محمد بن أحمد بن الصّفي بن العطّار [5] الدمشقي الحنفي الحاسب.
نشأ في طلب العلم، وسمع الحديث، ومهر في الفقه، وبرع في الحساب، وأتقن المساحة إلى أن صار إليه [6] المنتهى في ذلك، والمرجع إليه عند الاختلاف، ولم يكن في دمشق من يدانيه في ذلك، ثم ترك ذلك بأخرة، واشتغل بالتّلاوة، وكان مأذونا له بالإفتاء ولوالده.
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 65) في آخر ترجمة أخيه عثمان.
[2] قلت: وهكذا تلفظ في أيامنا «عينتاب» موصولة، وهي في «معجم البلدان» (4/ 176) مفصولة «عين تاب» وقال: قلعة حصينة ورستاق بين حلب وأنطاكية وكانت تعرف بدلوك، ودلوك رستاقها، وهي الآن من أعمال حلب.
[3] انظر «إنباء الغمر» (1/ 65) .
[4] انظر «إنباء الغمر» (1/ 66- 67) و «الدّرر الكامنة» (4/ 127) .
[5] انظر «إنباء الغمر» (1/ 67) و «الدّرر الكامنة» (4/ 168) .
[6] في «ط» : «له» .

(8/405)


ومن شعره:
حديثك لي أحلى من المنّ والسّلوى ... وذكرك شغلي كان في السّرّ والنّجوى
سلبت فؤادي بالتّجنّي وإنّني ... صبرت لما ألقى وإن زادت البلوى
وفيها شمس الدّين محمد بن محمد بن عبد الكريم بن رضوان الموصلي الشافعي [1] ، نزيل دمشق.
ولد على رأس القرن، وكتب الخطّ المنسوب، ونظم الشعر فأجاد، وكان أكثر مقامه بطرابلس، ثم قدم دمشق، وولي خطابة يلبغا واتّجر في الكتب، فترك تركة هائلة تبلغ ثلاثة آلاف دينار.
قال ابن حبيب: عالم علت رتبته الشهيرة، وبارع ظهرت في أفق المعارف شمسه المنيرة، وبليغ تثني على قلمه ألسنة الأدب، وخطيب تهتز لفصاحته أعواد المنابر من الطّرب. كان ذا فضيلة مخطوبة وكتابة منسوبة، وجرى في الفنون الأدبية ومعرفة بالفقه واللغة والعربية، وله نظم «المنهاج» ونظم «المطالع» وعدة من القصائد النّبوية، وهو القائل في الذهبي لما اجتمع به:
ما زلت بالطّبع أهواكم وما ذكرت ... صفاتكم قطّ إلّا همت من طربي
ولا عجيب إذا ما ملت نحوكم ... والنّاس بالطّبع قد مالوا إلى الذّهب
تصدّر بالجامع الأموي، وولي تدريس الفاضلية بعد ابن كثير.
وفيها شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد الصّالحي، عرف بالمنبجي [2] الحنبلي الشيخ الإمام العالم. له مصنّف في الطّاعون وأحكامه، جمعه في الطّاعون الواقع سنة أربع وستين، وفيه فوائد غريبة.
وفيها بدر الدّين محمد بن شمس الدّين محمد ابن الشّهاب محمود الحلبي [3] ناظر الجيش والأوقاف بحلب. سمع على الحجّار، ومحمد بن
__________
[1] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 355) و «إنباء الغمر» (1/ 68- 69) .
[2] انظر «المقصد الأرشد» (2/ 524- 525) و «الجوهر المنضد» ص (156) و «السحب الوابلة» ص (448) .
[3] انظر «إنباء الغمر» (1/ 69) .

(8/406)


النحّاس، وغيرهما. وحدّث وولي عدة وظائف، وأخذ عنه الحافظ العراقي وغيره، وتوفي عن خمس وسبعين سنة.
وفيها شمس الدّين محمد بن يوسف بن الصالح الدمشقي المالكي القفصي [1] . سمع من الشّرف البارزي وغيره وولي مشيخة الحديث بالسّامرية، وناب في الحكم، وتوفي في ربيع الأول عن ثلاث وسبعين سنة.
وفيها منكلي بغا بن عبد الله الشّمسي [2] أتابك العساكر بعد قتل أسندمر، وكان قبل نائب السلطنة بمصر، وولي إمرة دمشق، وحلب، وصفد، وطرابلس، وتزوّج بنت الملك الناصر، ثم بنت ابنه حسين أخت الملك الأشرف، وكان مشكور السيرة.
قال ابن كثير: أثر بدمشق آثارا حسنة وأحبه أهلها، وهو الذي فتح باب كيسان، وهو من عهد نور الدّين الشهيد لم يفتح، وجدّد خطبة بمسجد الشّهرزوري، وبنى بحلب جامعا من أحسن الجوامع، وعمر الخان عند جسر المجامع والخان بقرية سعسع.
وفيها شرف الدّين يعقوب ابن عبد الرحمن بن عثمان بن يعقوب بن خطيب القلعة الحموي [3] .
أخذ عن ابن جرير وغيره، ومهر في الفقه والعربية والقراءات، إلى أن انتهت إليه رئاسة العلم ببلده، وأخذ عنه أكثر فضلائها.
وذكره ابن حبيب في «تاريخه» وأثنى عليه، وقال: انتهت إليه مشيخة بلده، واشتهر بالعلم والدّين والصّلاح، وكان خطيبا بليغا واعظا مذكرا.
__________
[1] انظر «الوفيات» (2/ 398) و «ذيل العبر» (2/ 348) و «إنباء الغمر» (1/ 69- 70) و «الدّرر الكامنة» (4/ 296) .
[2] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 361) و «إنباء الغمر» (1/ 70- 71) و «الدّرر الكامنة» (4/ 367) و «النجوم الزاهرة» (11/ 124- 125) .
[3] انظر «إنباء الغمر» (1/ 71- 72) و «الدّرر الكامنة» (4/ 434) .

(8/407)


وفيها بهاء الدّين أبو المحاسن يوسف بن محمد بن يوسف بن أحمد بن يحيى ابن محمد بن علي بن الزّكي القرشي الدمشقي الشافعي [1] .
وأجاز له في سنة خمس وتسعين وستمائة ابن عساكر، والعقيمي، والعزّ الفرّا، وآخرون. وأجاز له الرّشيد، وابن وزيرة، وابن الطبّال، وغيرهم من بغداد، وعني بالفقه والحساب، وكان يحفظ «التنبيه» وباشر نظر الأسرى وغير ذلك، وتوفي في ربيع الأول.
__________
[1] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 349) و «إنباء الغمر» (1/ 72) و «الدّرر الكامنة» (4/ 477) .

(8/408)


سنة خمس وسبعين وسبعمائة
فيها توفي بدر الدّين أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عيسى بن عمر بن خالد ابن عبد المحسن بن نشوان المخزومي المصري بن الخشّاب الشّافعي [1] .
سمع على وزيرة، والحجّار، وابن القيم، وغيرهم. وحدّث، وناب في الحكم بالقاهرة، وكان فصيحا بصيرا بالأحكام، عارفا بالمكاتبات، ثم ولي قضاء حلب، ثم قضاء المدينة المنوّرة، وخرج منها بسبب مرض أصابه في أثناء هذه السنة، فمات في الطريق قرب ينبع.
وفيها أبو بكر بن عبد الله الدّهروطي الفقيه الشافعي السّليماني [2] .
قال ابن حجر: كان يحفظ الكثير من «الشّامل» لابن الصبّاغ، مع الزّهد والخير، وكان لأهل بلاده [3] فيه اعتقاد زائد، وكان يقول: إنه تجاوز المائة، ومات في شوال.
وفيها محيي الدّين عبد القادر بن محمد بن محمد بن نصر الله بن سالم بن أبي الوفا الحنفي القرشي [4] .
__________
[1] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 370) و «غاية النهاية» (1/ 8) و «إنباء الغمر» (1/ 83- 84) و «الدّرر الكامنة» (1/ 12) و «النجوم الزاهرة» (11/ 126) و «الدليل الشافي» (1/ 8) و «التحفة اللطيفة» (1/ 102- 104) و «لحظ الألحاظ» ص (159) .
[2] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 372) و «طبقات الأولياء» ص (573- 576) و «إنباء الغمر» (1/ 84) .
[3] في «ط» : «بلده» .
[4] انظر «إنباء الغمر» (1/ 86- 87) و «الدّرر الكامنة» (2/ 392) .

(8/409)


ولد سنة ست وتسعين وستمائة، وسمع وهو كبير، وأقدم سماع له على ابن الصوّاف. وسمع من الرّشيد بن العلم «ثلاثيات البخاري» ومن حسين الكردي «الموطأ» ومن خلائق. ولازم الاشتغال، فبرع في الفقه، ودرّس وأفاد، وصنّف، وشرح «الهداية» سماه «العناية» وشرح «معاني الآثار للطحاوي» وعمل «الوفيات» من سنة مولده إلى سنة ستين. وصنّف «الجواهر المضية في طبقات الحنفية» [1] وغير ذلك.
وتوفي في ربيع الأول بعد أن تغيّر وأضرّ.
وفيها علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن الكلائي البغدادي الحنبلي المقرئ، سبط الكمال عبد الحقّ [2] .
ولد سنة ثمان وتسعين وستمائة، وأجاز له الدمياطي، ومسعود الحارثي، وعلي بن عيسى بن القيّم، وابن الصوّاف، وغيرهم.
قال ابن حبيب: كان كثير الخير والتّلاوة، وحجّ مرارا، وجاور، وخرّج له ابن حبيب «مشيخة» .
وفيها شمس الدّين محمد بن عبد الله [3] ابن أحمد بن النّاصح عبد الرحمن [بن محمد] [4] بن عيّاش [5] بن حامد السّوادي الأصل الدمشقي، الحنبلي، المعروف بقاضي اللّب [6] .
كان من رؤساء الدمشقيين. أفتى، ودرّس، وحدّث، مع المروءة التّامّة والهيئة الحنة. وسمع منه ابن ظهيرة، ومات في ذي الحجّة.
__________
[1] طبع في خمس مجلدات بدار العلوم بالرياض بتحقيق الدكتور عبد الفتاح الحلو، وهي طبعة جيدة نافعة متقنة.
[2] انظر «إنباء الغمر» (1/ 87- 88) و «الجوهر المنضد» ص (84) و «السحب الوابلة» ص (183) .
[3] في «آ» : «محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله ... إلخ» وفي «ط» : «محمد بن أحمد بن أحمد بن عبد الله ... إلخ» وما أبقيته موافق لما في مصادر الترجمة.
[4] ما بين القوسين سقط من «ط» .
[5] تصحفت «عيّاش» في «السحب الوابلة» إلى «عباس» فلتصحح.
[6] انظر «إنباء الغمر» (1/ 88) و «الدّرر الكامنة» (3/ 465) و «السحب الوابلة» ص (394) .

(8/410)


وفيها بدر الدّين محمد بن عبد الله الإربلي [1] الأديب المعمّر.
ولد سنة ثمانين وستمائة، ومهر في الآداب، ودرّس بمدرسة مرجان ببغداد، ومات في جمادى الآخرة.
وفيها تاج الدّين محمد بن عبد الله الكركي [2] .
كان قاضيا ببلده، ثم بالمدينة النبوية، ثم قدم القاهرة، وولي نيابة الحكم بمصر عن ابن جماعة، وكان منفردا بذلك فيها، إلى أن مات في شعبان. وكان فاضلا، مستحضرا، مشكور السيرة.
وفيها محبّ الدّين محمد بن عمر بن علي بن الحسيني القزويني ثم البغدادي [3] ، إمام جامع بغداد.
كان أبوه آخر المسندين بها. حدّث عن أبيه وغيره، واشتغل بعد كبر إلى أن صار مفيد البلد، مع اللطافة، والكياسة، وحسن الخلق.
توفي عن نيف وستين سنة.
وفيها محمد بن عيسى اليافعي [4] الفقيه الشافعي، قاضي عدن.
قال ابن حجر: كان فاضلا، خيّرا، وهو والد صاحبنا الفقيه عمر قاضي عدن.
وفيها صلاح الدّين محمد بن مسعود [5] المقرئ المالكي.
تلا بالسبع على التّقي الصّايغ، وكان متصديا للإقراء، حتّى إن القاضي محبّ الدّين ناظر الجيش كان يقرأ عليه.
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 88) و «الدّرر الكامنة» (3/ 486) .
[2] انظر «إنباء الغمر» (1/ 89) و «الدّرر الكامنة» (3/ 489) .
[3] انظر «إنباء الغمر» (1/ 89) و «الدّرر الكامنة» (4/ 109) .
[4] انظر «إنباء الغمر» (1/ 89- 90) و «الدّرر الكامنة» (4/ 132) .
[5] انظر «غاية النهاية» (2/ 262) و «إنباء الغمر» (1/ 90) و «الدّرر الكامنة» (4/ 257) .

(8/411)


وفيها محمود بن قطلوشاه السّرائي الحنفي بن عضد الدين [1] . قدم من بلاده وهو كبير فأقام بالشام مدة يشتغل، وأفاد وتخرج به جماعة، ثم أقدمه صرغتمش بعد وفاة القوام الإسنائي فولاه مدرسته، فلم يزل بها إلى أن مات، وكان غاية في العلوم العقلية والأصول والعربية والطب، مع التودد والسكون والانجماع، مع عظمة قدره عند أهل الدولة، مات في رجب عن أزيد من ثمانين سنة. قاله ابن حجر.
__________
[1] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 371) و «إنباء الغمر» (1/ 91- 92) و «النجوم الزاهرة» (11/ 126) و «بغية الوعاة» (2/ 280) و «حسن المحاضرة» (1/ 545- 546) .

(8/412)