شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة ست وسبعين
وسبعمائة
فيها توفي كمال الدّين إبراهيم بن أمين الدولة أحمد بن إبراهيم بن عبد
الله بن عبد المنعم بن هبة الله الحلبي الحنفي [1] .
كان وكيل بيت المال بحلب، وولي بها عدة ولايات، وكان كاتبا مجيدا.
سمع من سنقر الزّيني «البخاري» و «مشيخته» تخريج الكاملي والذهبي، ومن
جماعات.
وحدّث، فسمع منه ابن ظهيرة بحلب ودمشق.
وتوفي في جمادى الأولى عن إحدى وثمانين سنة.
وفيها أحمد بن الحسن بن أبي بكر بن الحسن الرّهاوي ثم المصري، المعروف
بطفيق [2] .
سمع من الكردي، والواني، والدّبوسي، والخثني [3] ، وغيرهم.
وحدّث. وناب في الحسبة. سقط من سلّم فمات في ذي القعدة.
__________
[1] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 376) و «إنباء الغمر» (1/ 101-
102) و «الدّرر الكامنة» (1/ 6- 7) و «لحظ الألحاظ» ص (162) و «الطبقات
السّنية» (1/ 171- 172) .
[2] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 393) و «إنباء الغمر» (1/ 103-
104) و «الدّرر الكامنة» (1/ 119) و «لحظ الألحاظ» ص (162) و «الدليل
الشافي» (1/ 43) و «الطبقات السنية» (1/ 378) .
[3] تحرفت في «ط» إلى «والحسيني» .
(8/413)
وفيها شرف الدّين أحمد بن الحسين [1] بن
سليمان الدمشقي الحنفي المعروف بابن الكفري [2] .
أخذ عن أبيه وغيره، وناب في الحكم مدة، واشتغل، وتقدّم، ثم استقلّ
بالحكم مدة أولها سنة ثمان وخمسين، ونزل عن القضاء لولده يوسف سنة ثلاث
وستين، وأقبل على الإفادة والعبادة، وأقرأ القرآن بالروايات، حتّى مات
عن خمس وثمانين سنة وقد كفّ بصره.
وفيها أحمد بن سليمان بن محمد بن سليمان الأربدي الدمشقي [3] .
تفقه على ابن خطيب يبرود وغيره، وكان حنبليا ثم انتقل شافعيا فمهر في
الفقه والأصول والأدب. وكان محبّبا إلى الناس، لطيف الأخلاق. أخذ
القضاء عن الفخر المصري، وسمع من ابن عبد الدائم، وكانت له أسئلة حسنة
في فنون من العلم.
مات ليلة الجمعة تاسع عشر صفر.
وفيها أبو العبّاس أحمد بن محمد بن محمد بن علي الأصبحي العنّابي [4]
النّحوي [5] .
اشتغل في بلاده، ورحل إلى أبي حيّان فلازمه، واشتهر بصحبته، وبرع في
زمنه، ثم تحوّل بعده إلى دمشق، فعظم قدره، واشتهر ذكره، وانتفع به
الناس، وصنّف كتبا، منها «شرح التسهيل» و «شرح التقريب» .
__________
[1] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «الحسن» والتصحيح من مصادر الترجمة.
[2] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 389) و «إنباء الغمر» (1/ 104-
105) و «الدّرر الكامنة» (1/ 125) و «لحظ الألحاظ» ص (162) و «الطبقات
السنية» (1/ 391) .
[3] انظر «إنباء الغمر» (1/ 105) و «الدّرر الكامنة» (1/ 138) .
[4] اختلف في نسبته، فقيل: «العناني» وقيل: «العنابي» وما أثبته من
«ذيل العبر» لابن العراقي.
[5] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 392) و «إنباء الغمر» (1/ 107)
و «لحظ الألحاظ» ص (162) و «بغية الوعاة» (1/ 382) و «الدارس في تاريخ
المدارس» (1/ 466- 467) و «درة الحجال» (1/ 98) .
(8/414)
قال ابن حبيب: إمام، عالم، حاز أفنان
الفنون الأدبية، وفاضل ملك زمام العربية.
وقال ابن حجّي: كان حسن الخلق، كريم النّفس، شافعي المذهب، مات بدمشق
في تاسع عشري المحرم، وقد جاوز الستين.
وفيها شهاب الدّين أبو العبّاس أحمد بن يحيى بن أبي بكر بن عبد الواحد
التّلمساني، المعروف بابن أبي حجلة [1] .
نزيل دمشق ثم القاهرة.
قال ابن حجر: ولد بزاوية جدّة بتلمسان سنة خمس وعشرين وسبعمائة،
واشتغل، ثم قدم إلى الحجّ فلم يرجع، ومهر في الأدب، ونظم الكثير، ونثر
فأجاد، وترسل ففاق، وعمل المقامات وغيرها، وكان حنفيّ المذهب، حنبلي
الاعتقاد، كثير الحطّ على الاتحادية.
وصنّف كتابا عارض به قصائد ابن الفارض، كلّها نبوية، وكان يحطّ عليه
وعلى نحلته، ويرميه ومن يقول بمقالته بالعظائم، وقد امتحن بسبب ذلك على
يد السّراج الهندي.
قرأت بخطّ ابن القطّان وأجازنيه. وكان ابن أبي حجلة يبالغ في الحطّ على
ابن الفارض، حتّى إنه أمر عند موته فيما أخبرني به صاحبه أبو زيد
المغربي أن يوضع الكتاب الذي عارض به ابن الفارض وحطّ عليه فيه معه في
نعشه ويدفن معه في قبره، ففعل به ذلك.
قال: وكان يقول للشافعية: إنه شافعي، وللحنفية: إنه حنفي، وللمحدّثين:
إنه على طريقهم.
__________
[1] انظر «ذيل العبر» (2/ 383) و «إنباء الغمر» (1/ 108- 110) و
«الدّرر الكامنة» (1/ 329) و «النجوم الزاهرة» (11/ 131) و «لحظ
الألحاظ» ص (162) و «حسن المحاضرة» (1/ 571- 572) و «نفح الطيب» (7/
197- 198) و «الذيل التام على دول الإسلام» الورقة (172) من المنسوخ.
(8/415)
قال: وكان بارعا في الشعر مع أنه لا يحسن
العروض.
قال: وكان كثير العشرة للظّلمة ومدمني الخمر.
قال: وكان جدّه من الصّالحين، فأخبرني الشّيخ شمس الدّين ابن مرزوق أنه
سمّي بأبي حجلة لأن حجلة أتت إليه وباضت على كمّه. وولي مشيخة الصّهريج
الذي بناه منجك. وكان كثير النّوادر، والنّكت، ومكارم الأخلاق.
ومن نوادره أنه لقّب ولده جناح الدّين، وجمع مجاميع حسنة، منها «ديوان
الصّبابة» [1] و «منطق الطّير» و «السجع الجليل فيما جرى من النّيل» و
«السكردان» و «الأدب الغض» و «أطيب الطّيب» و «مواصيل [2] المقاطيع» و
«النّعمة الشاملة في العشرة الكاملة» و «حاطب ليل» عمله كالتذكرة في
مجلدات كثيرة و «نحر أعداء البحر» و «عنوان السّعادة» و «دليل الموت
على الشهادة» و «بصيرات الحجال» [3] .
وهو القائل:
نظمي علا وأصبحت ... ألفاظه منمّقه
فكلّ بيت قلته ... في سطح داري طبقه
مات في مستهل ذي الحجّة وله إحدى وخمسون سنة.
وفيها إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن جماعة الحموي
الأصل المقدسي الشافعي [4] أخو القاضي بدر الدّين بن جماعة.
ولد سنة عشر وسبعمائة، وسمع علي بن مزير وغيره، وناب في تدريس
الصّلاحية، وخطب في المسجد الأقصى، وأفتى، ودرّس، ومات في ربيع الأول.
__________
[1] طبع في مصر قديما على هامش كتاب «تزيين الأسواق» للأديب داود بن
عمر الأنطاكي، ثم طبع منذ سنوات في مصر أيضا بتحقيق جديد فيما بلغني.
[2] في «آ» و «ط» : «ومواصل» والتصحيح من «إنباء الغمر» .
[3] في «إنباء الغمر» : «قصيرات» .
[4] انظر «إنباء الغمر» (1/ 110) و «الدّرر الكامنة» (1/ 363) .
(8/416)
وفيها أويس بن الشيخ حسين بن حسن بن آقبغا
المغلي ثم التّبريزي [1] ، صاحب بغداد وتبريز، وما معهما.
بويع بالسلطنة سنة ستين، وكان محبّا للخير والعدل، شهما، شجاعا، خيّرا،
عادلا، دامت ولايته تسع عشرة سنة، وقد خطب له بمكّة.
عاش سبعا وثلاثين سنة.
قيل: إنه رأى في النّوم أنه يموت في وقت كذا، فخلع نفسه من الملك،
وقرّر ولده حسين، وصار يتشاغل بالصّيد، ويكثر العبادة، فاتفق موته في
ذلك الوقت بعينه.
فيها بدر الدّين حسن بن علاء الدّين علي بن إسماعيل بن يوسف القونوي
[2] الشافعي [3] .
ولد سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، وسمع الحجّار وغيره، وناب في الحكم،
وولي مشيخة سعيد السعداء، ودرّس بالشريفية، واختصر «الأحكام السلطانية»
فجوّده، وكتب شيئا على «التنبيه» .
ومات في شعبان عن خمس وخمسين سنة.
وفيها جمال الدّين عبد الله بن أحمد بن علي بن عبد الكافي السّبكي [4]
.
مات هو، وأخوه عبد العزيز، وابن عمّهم علي ابن تاج الدّين الثلاثة في
يوم واحد، خامس عشري ذي القعدة بالطّاعون، وعمّتهم ستيتة قبلهم بقليل.
وفيها عبد الله بن عبد الرحمن القفصي المالكي [5] .
__________
[1] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 386- 387) و «إنباء الغمر» (1/
111- 114) و «الدّرر الكامنة» (1/ 419) و «النجوم الزاهرة» (11/ 133) و
«لحظ الألحاظ» ص (163) .
[2] لفظة «القونوي» سقطت من «آ» .
[3] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 379- 380) و «إنباء الغمر» (1/
116) و «الدّرر الكامنة» (2/ 20) و «لحظ الألحاظ» ص (163) .
[4] انظر «إنباء الغمر» (1/ 118) .
[5] انظر «إنباء الغمر» (1/ 118) .
(8/417)
كان مشهورا بالعلم، منصوبا للفتوى، وكان
يوقّع عند الحكام.
مات في ثالث رمضان.
وفيها الشّريف جمال الدّين عبد الله بن محمد بن محمد الحسيني
النيسابوري [1] .
كان بارعا في الأصول والعربية، وولي تدريس الأسدية بحلب وغيرها، وأقام
بدمشق مدة وبالقاهرة مدة، وولي مشيخة بعض الخوانق. وكان يتشيّع، وكان
أحد أئمة المعقول، حسن الشّيبة.
وهو القائل:
هذّب النّفس بالعلوم لترقى ... وترى الكلّ وهو للكلّ بيت
إنّما النّفس كالزّجاجة والعق ... ل سراج وحكمة الله زيت
فإذا أشرقت فإنّك حيّ ... وإذا أظلمت فإنّك ميت
توفي في هذه السنة عن سبعين سنة.
وفيها علي بن عبد الوهاب بن علي السّبكي [2] .
ولي خطابة الجامع الأموي بعد أبيه وله عشر سنين، ودرّس في حياة أبيه
بالأمينية وعمره سبع سنين، ومات كما تقدم [3] مع ولدي عمّه [4] في يوم
واحد.
وفيها علي بن عثمان بن أحمد بن عمر بن أحمد بن هرماس بن مشرف [5]
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 118- 119) و «الدّرر الكامنة» (2/ 286-
287) .
[2] انظر «إنباء الغمر» (1/ 121- 122) و «الدّرر الكامنة» (3/ 80) وقد
سقطت معظم الترجمة منه فلتستدرك من «الإنباء» .
[3] انظر ترجمة ابن عمّه «عبد الله بن أحمد بن علي السّبكي» المتقدمة
قبل قليل ص (417) .
[4] هما «عبد الله بن أحمد بن علي السّبكي» و «عبد العزيز بن أحمد بن
علي السبكي» كما في ترجمة ابن عمّه المتقدمة.
[5] في «آ» و «ط» : «ابن شرف» والتصحيح من «إنباء الغمر» .
(8/418)
التّغلبيّ الزّرعي ثم الدمشقي، المعروف
بابن شمرنوح [1] .
ولد بعد الثمانين وستمائة، ولم يرزق سماع الحديث بعلو، وكانت له عناية
بالعلم، وولي قضاء عدة بلاد بحلب، ثم ولي وكالة بيت المال بدمشق، ثم
قضاء حلب مرّتين.
ومن شعره:
أحسن إلى من أسى ما اسطعت واعف إذا ... قدرت واصبر على رزء البليّات
وماء وجهك خير السّلعتين فلا ... تبعه بخسا ولو باليوسفيّات
فكلّ ما كان مقدورا ستبلغه ... وكلّ آت على رغم العدى [2] آت
وكان يلقّب بالقرع. وكتب له بقضاء دمشق بعد السّبكي الكبير فلم يتمّ
له، وباشر توقيع الدّست ونظر الجامع. وكان حسن الخطّ جدا، سريع الكتابة
بحيث إنه كتب صداقا بمدة واحدة.
وكان مفرط الكرم، حتّى إنه افتقر آخرا جدا وانقطع ببستانه خاملا إلى أن
مات في جمادى الآخرة.
وفيها علاء الدّين علي بن محمد بن علي بن عبد الله بن أبي الفتح بن
هاشم الكناني العسقلاني الحنبليّ [3] ، قاضي دمشق.
ولد سنة بضع عشرة، وسمع من أحمد بن علي الجزري، وأجاز له ابن الشّحنة،
وناب أولا في الحكم بالقاهرة عن موفق الدّين، ثم ولي قضاء دمشق بعد موت
ابن قاضي الجبل، وكان فاضلا متواضعا، ديّنا، عفيفا. وكان أعرج.
وهو والد جمال الدّين عبد الله بن علاء الدّين الجندي شيخ ابن حجر.
توفي في نصف شوال وقد نيّف على السبعين.
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 122- 123) و «الدّرر الكامنة» (3/ 81- 83)
.
[2] كذا في «ط» و «إنباء الغمر» و «الدّرر» : «على رغم العدى» وفي «آ»
: «على رغم الفتى» .
[3] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 385) و «إنباء الغمر» (1/ 123)
و «الدليل الشافي» (1/ 477) و «السّحب الوابلة» ص (309) .
(8/419)
وفيها أمين الدّين محمد بن القاضي برهان
الدّين إبراهيم بن علي بن أحمد الدمشقي [1] ، الشهير بابن عبد الحق
الحنفي، ويعرف بابن قاضي الحصن [2] .
كان فاضلا، ممدّحا، من الأعيان.
اشتغل ودرس بالعذراوية والخاتونية، وولي الحسبة، ونظر الجامع الأموي
[3] .
ومدحه ابن نباتة وغيره.
توفي بدمشق في المحرم بالطّاعون عن بضع وستين سنة.
وفيها جمال الدّين محمد بن أحمد بن عبد الله الخزرجي المكّي [4] .
ولد سنة اثنتين وسبعمائة، وسمع الكثير من جدّه لأبيه صفي الدّين أحمد
الطّبري، وأخيه الرّضي، والفخر التّوزري، وجماعة. وكان عارفا بالفرائض
والفقه، حدّث بالكثير من مسموعاته، وكان يقال له أحيانا ابن الصّفي
نسبة لجدّه لأمّه.
توفي في تاسع عشر رجب.
وفيها شمس الدّين محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن جامع الدمشقي بن
اللبّان المقري [5] .
__________
[1] لفظة «الدمشقي» سقطت من «ط» .
[2] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 391) و «إنباء الغمر» (1/ 125)
و «الدّرر الكامنة» (3/ 289) .
[3] لفظة «الأموي» لم ترد في «ط» .
[4] انظر «ذيل العبر» (2/ 376) و «العقد الثمين» (1/ 296) و «إنباء
الغمر» (1/ 125- 126) و «الدّرر الكامنة» (3/ 328) .
[5] انظر «ذيل العبر» (2/ 393) لابن العراقي و «غاية النهاية» (2/ 72-
73) و «إنباء الغمر» (1/ 126- 127) و «الدّرر الكامنة» (3/ 340) .
(8/420)
ولد سنة عشر أو ثلاث عشرة، وأخذ القراءات
عن سبط ابن السّلعوس [1] ، ثم رحل، فأخذ عن ابن السراج، وعلى المرداوي،
وأبي حيّان، وغيرهم.
وتصدّر للإقراء، وأكثر الناس عليه. وكان يحفظ كثيرا من الشّواذ، وربما
قرأ بعضها في الصّلاة فأنكر ذلك عليه. وحدّث عن ابن الشّحنة، ووجيهة
بنت الصّعيدي الإسكندرانية، وغيرها.
ومات في ربيع الآخر وقد جاوز السبعين.
وفيها شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن الحسن بن عبد الله السيد
الشّريف الحسيني الواسطي الشّافعي [2] نزيل الشّامية الجوانية.
ولد سنة سبع عشرة وسبعمائة، واشتغل، وفضل، ودرّس بالصّارمية، وأعاد
بالشّامية البرّانية، وكتب الكثير، نسخا، وتصنيفا بخط حسن، فمن تصانيفه
[3] «مختصر الحلية» لأبي نعيم في مجلدات سمّاه «مجمع الأحباب» و «تفسير
كبير» ، و «شرح مختصر ابن الحاجب» في ثلاث مجلدات، و «كتاب في أصول
الدّين» مجلد، و «كتاب في الردّ على الإسنوي في تناقضه» .
قال ابن حجي: كان منجمعا عن الناس وعن الفقهاء خصوصا.
توفي بدمشق في ربيع الأول ودفن عند مسجد القدم.
وفيها جمال الدّين أبو عبد الله محمد بن الحسن بن محمد بن عمّار بن
متوّج بن جرير الحارثي الشافعي، مفتي الشام، المعروف بابن قاضي
الزّبداني [4] .
__________
[1] تحرفت في «ط» إلى «السّعلوس» وهو أبو العبّاس أحمد بن محمد بن يحيى
بن نحلة النابلسي، المعروف بسبط ابن السلعوس. انظر «غاية النهاية» (1/
133) .
[2] انظر «إنباء الغمر» (1/ 128) و «الدّرر الكامنة» (3/ 420- 421) و
«الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 328) .
[3] في «آ» : «فمن تصنيفه» .
[4] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 389) و «إنباء الغمر» (1/ 128-
129) و «الدّرر الكامنة»
(8/421)
ولد سنة ثمان وثمانين وستمائة، وسمع الحديث
من جماعة، وتفقه على الفزاري، والكمال ابن قاضي شهبة، وابن الزّملكاني.
وأذن له بالفتوى، ودرّس قديما بالنّجيبية، ثم بالظّاهرية الجوّانية،
والعادلية الصّغرى، وأعاد بالشامية الجوانية. ودرّس بها نيابة.
قال ابن حجي: اشتهر بدمشق في شأن الفتوى، وصار المشار إليها فيها، ولم
يضبط عليه فتوى أخطأ فيها، وكان معظّما، يخضع له الشيوخ، ويقصد لقضاء
حوائج النّاس عند القضاة وغيرهم، وله تواضع وأدب زائد.
توفي بالطّاعون في مستهل المحرم، ودفن بسفح قاسيون.
وفيها لسان الدّين محمد بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن سعيد بن
أحمد بن علي السّلماني اللّوشي الأصل الغرناطي الأندلسي [1] .
كان والده بارعا فاضلا، وتقدم ذكره سنة إحدى وأربعين.
قال العلّامة المقري في كتابه «تعريف ابن الخطيب» : هو الوزير الشهير
الكبير، الطائر الصّيت في المشرق والمغرب، المزرى [2] عرف الثناء عليه
بالعنبر والعبير، المثل المضروب في الكتابة، والشعر، والطبّ، ومعرفة
العلوم على اختلاف أنواعها ومصنّفاته تخبر عن ذلك، ولا ينبئك مثل خبير.
علم الرؤساء الأعلام الذي خدمته السّيوف والأقلام، وغني بمشهور ذكره عن
مسطور التعريف والإعلام، واعترف له بالفضل أصحاب العقول الرّاجحة
والأحلام، عرّف هو
__________
(3/ 423- 424) و «الدليل الشافي» (2/ 612) و «الدارس في تاريخ المدارس»
(1/ 311- 312) .
[1] انظر «الإحاطة» (4/ 438- 640) و «إنباء الغمر» (1/ 129- 133) و
«الدّرر الكامنة» (3/ 469) و «الدليل الشافي» (2/ 641- 642) و «لسان
الدّين بن الخطيب حياته وآثاره» للأستاذ محمد عبد الله عنان رحمه الله،
وقد نثر صاحب «نفح الطيب» أخباره في أماكن متفرقة من كتابه.
[2] لفظة «المزرى» سقطت من «ط» .
(8/422)
بنفسه آخر كتابه «الإحاطة» فقال: يقول
مؤلّف هذا الديوان، تغمد الله خطله في ساعات أضاعها وشهوة من شهوات
اللّسان أطاعها، وأوقات للاشتغال بما لا يعنيه استبدل بها اللهو لمّا
باعها-: أما بعد حمد الله الذي يغفر الخطيّة، ويحثّ من النّفس اللّجوج
المطيّة، فيحرك [1] ركابها البطيّة، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا
محمد ميسّر سبل الخير الوطية، والرضى عن آله وصحبه منتهى الفضل [2]
ومناخ الطّيّة. فإنني لما فرغت من تأليف هذا الكتاب الذي حمل عليه [3]
فضل النشاط، مع الالتزام لمراعات السياسة السلطانية والارتباط، والتفتّ
إليه، فراقني منه صوان درر، ومطلع غرر، قد تخلّدت مآثرهم بعد ذهاب
أعيانهم، وانتشرت مفاخرهم بعد انطواء زمانهم، نافستهم في اقتحام تلك
الأبواب، ولباس تلك الأثواب، وقنعت باجتماع الشّمل بهم، ولو في الكتاب.
وحرصت على أن أنال منهم قربا، وأخذت [من] أعقابهم أدبا وحبّا. وكما قيل
ساقي القوم آخرهم شربا. فأجريت نفسي مجراهم في التعريف، وحذوت بها
حذوهم في بابي النّسب والتصريف، بقصد التشريف. والله لا يعدمني وإيّاهم
واقفا يترحّم، وركاب الاستغفار بمنكبه يزحم، عند ما ارتفعت وظائف
الأعمال، وانقطعت من التّكسّبات حبال الآمال، ولم يبق إلّا رحمة الله،
التي تنتاش النّفوس وتخلّصها، وتعينها بميسم السّعادة وتخصصها. جعلنا
الله ممن حسن ذكره ووقف على التماس ما لديه فكره [4] بمنه.
ثم ساق نسبه وأوّليته بما يطول ذكره، إلى أن قال: ومع ذلك فلم أعدم
الاستهداف للشّرور، والاستعراض للمحذور، والنّظر الشّزر، المنبعث من
خزر العيون، شيمة من ابتلاه الله بسياسة الدّهماء، ورعاية [5] سخطة
أرزاق السماء، وقتلة الأنبياء، وعبدة الأهواء، ممّن لا يجعل الله إرادة
نافذة، ولا مشيئة
__________
[1] في «آ» و «ط» : «فتحرك» وما أثبته من «الإحاطة» مصدر المؤلّف.
[2] في «الإحاطة» : «منتهى القصد» .
[3] لفظة «عليه» سقطت من «ط» .
[4] في «الإحاطة» : «ومع ذلك فقد عادت هيف إلى أديانها، من الاستهداف
للشرور» .
[5] تحرفت في «ط» إلى «ودعاية» .
(8/423)
سابقة [1] ، ولا يقبل معذرة، ولا يجمل في
الطلب، ولا يتجمّل [2] مع الله بأدب، ربنا لا تسلّط علينا بذنوبنا من
لا يرحمنا. والحال إلى هذا العهد، وهو منتصف عام خمسة وستين وسبعمائة
[3] .
ثم قال المقري: وكان رحمه الله مبتلى بداء الأرق لا ينام من الليل إلّا
اليسير جدا. وقد قال في كتابه «الوصول لحفظ الصحة في الفصول» : العجب
مني مع تأليفي لهذا الكتاب الذي لم يؤلّف مثله في الطبّ، ومع ذلك لا
أقدر على داء الأرق الذي بي، ولذا يقال له ذو العمرين، لأن الناس
ينامون وهو ساهر.
ومؤلفاته ما كان يصنّف غالبها إلّا بالليل. وقد سمعت بعض الرؤساء
بالمغرب يقول: لسان الدّين ذو الوزارتين، وذو العمرين، وذو الميتتين،
وذو القبرين.
ثم قال المقري: واعلم أن لسان الدّين لما كانت الأيام له مسالمة لم
يقدر أحد أن يواجهه بما يدنّس معاليه، أو يطمس معالمه. فلما قلبت
الأيام له ظهر مجنّها وعاملته بمنعها بعد منحها ومنّها، أكثر أعداؤه في
شأنه الكلام، ونسبوه إلى الزّندقة والانحلال من ربقة الإسلام بتنقّص
النّبيّ عليه أفضل الصلاة والسلام، والقول بالحلول والاتحاد، والانخراط
في سلك أهل الإلحاد، وسلوك مذاهب الفلاسفة في الاعتقاد، وغير ذلك مما
أثاره الحقد والعداوة والانتقاد، من مقالات نسبوها إليه خارجة عن
السّنن السوي، وكلمات كدّروا بها منهل علمه الرّوي، لا يدين بها ويفوه
إلا الضلال [4] والغوي، والظنّ أن مقامه- رحمه الله تعالى- من لبسها
بريء، وجنابه- سامحه الله- عن لبسها عري. وكان الذي تولى كبر محنته
وقتله تلميذه أبو عبد الله بن زمرك [5] ،................
__________
[1] في «الإحاطة» : «سابغة» وهو تحريف.
[2] في «الإحاطة» : «ولا يتلبس» .
[3] في «الإحاطة» : «وهو أول عام أحد وسبعين وسبعمائة» وعلق محققه على
ذلك بقوله: هكذا ورد هذا التاريخ في الإسكوريال وورد في «النفح»
كالآتي: «وهو منتصف عام واحد وسبعين وسبعمائة» .
[4] تحرفت في «ط» إلى «الضال» .
[5] هو محمد بن يوسف بن محمد الصّريحي، أبو عبد الله، المعروف بابن
زمرك. وزير من كبار الشعراء والكتّاب في الأندلس. سعى في أستاذه لسان
الدّين ابن الخطيب حتى قتل خنقا. وقد
(8/424)
الذي لم يزل مضمر [1] الختلة، مع أنه حلّاه
في «الإحاطة» أحسن الحلي، وصدّقه فيما انتحله من أوصاف العلى، ومن
أعدائه الذين باينوه بعد أن كانوا يسعون في مرضاته سعي العبيد القاضي
أبو الحسن بن الحسن النّباهي [2] ، فكم قبّل يده ثم جاهره [3] عند
انتقال الحال، وجدّ في أمره مع ابن زمرك، حتّى قتل وانقضت دولته،
فسبحان من لا يتحوّل ملكه ولا يبيد، وذلك أن ابن زمرك قدم على السلطان
أبي العبّاس، وأحضر ابن الخطيب من السّجن، وعرض عليه بعض مقالات وكلمات
وقعت له في كتاب «المحبّة» فعظم النكير فيها، فوبّخ ونكّل وامتحن
بالعذاب، بمشهد من ذلك الملأ. ثم تلا إلى مجلسه واشتوروا في قتله
بمقتضى تلك المقالات المسجلة عليه، وإفتاء بعض الفقهاء فيه، فطوقوا
عليه السّجن ليلا، وقتلوه خنقا، وأخرجوا شلوه [4] من الغد، فدفن بمقبرة
باب المحروق. ثم أصبح من الغد على شفير قبره طريحا، وقد جمعت له أعواد،
وأضرمت عليه نار، فاحترق شعره، واسودّ بشره، فأعيد إلى حفرته. وكان في
ذلك انتهاء محنته. أي ولذلك سمّي ذا القبرين، وذا الميتتين.
وكان- رحمه الله تعالى- أيام امتحانه بالسّجن يتوقع مصيبة الموت فتهجس
هواتفه بالشعر يبكي نفسه، ومما قال في ذلك:
بعدنا وإن جاورتنا البيوت ... وجئنا بوعظ ونحن صموت
__________
جمع السلطان ابن الأحمر شعره وموشحاته في مجلد ضخم سمّاه «البقية
والمدرك من كلام ابن زمرك» . مات سنة (793) هـ. انظر «الإحاطة» (3/
300- 314) و «الأعلام» (7/ 154) والمصادر المذكورة في حاشيته.
[1] تحرفت في «ط» إلى «مغمر» .
[2] هو علي بن عبد الله بن محمد الجذامي المالقي النّباهي أبو الحسن،
المعروف بابن الحسن.
قاض من الأدباء المؤرخين. مات سنة (792) هـ. انظر «الإحاطة» (4/ 88-
101) و «الأعلام» (4/ 306) والمصادر المذكورة في حاشيته.
[3] في «آ» و «ط» : «ثم جاهرك» وما أثبته يقتضيه السياق.
[4] جاء في «مختار الصحاح» (شلو) : الشلو: العضو من أعضاء اللّحم.
(8/425)
وأنفسنا سكتت دفعة ... كجهر الصّلاة تلاها
القنوت
وكنّا عظاما فصرنا عظاما ... وكنّا نقوت فها نحن قوت
وكنّا شموس سماء العلى ... غربن فناحت علينا السّموت
فكم جدّلت ذا الحسام الظّبا ... وذو البخت كم جدّلته البخوت
وكم سيق للقبر في خرقة ... فتى ملئت من كساه التّخوت
فقل للعدا ذهب ابن الخطيب ... وفات ومن ذا الذي لا يفوت
ومن كان يفرح منهم به ... فقل يفرح اليوم من لا يموت
هذا الصحيح كما ذكره ابن خلدون، فلا يلتفت إلى غيره، وقد رؤي بعد الموت
فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي ببيتين قلتهما وهما:
يا مصطفى من قبل نشأة آدم ... والكون لم تفتح له أغلاق
أيروم مخلوق ثناءك بعد ما ... أثنى على أخلاقك الخلّاق
وقال ابن حجر: ومن مصنفاته «الإحاطة بتاريخ غرناطة» ، و «روضة التعريف
بالحبّ الشريف» ، و «الغيرة على أهل الحيرة» ، و «حمل الجمهور على
السّنن المشهور» ، و «التّاج» على طريقة «يتيمة الدّهر» ، و «الإكليل
الزّاهر فيما ندر عن التّاج من الجواهر» كالذيل عليه. و «عائد الصّلة»
[1] في التاريخ. وغير ذلك انتهى.
وفيها أبو جابر محمد بن عبد الله الهاروني الفقيه المالكي [2] ، مشهور
بقلبه.
كان ماهرا في مذهبه، كثير المخالفة في الفتوى، كثير الاستحضار، على هوج
فيه. قاله ابن حجر.
__________
[1] في «آ» و «ط» : «وغائلة الصلة» والتصحيح من ترجمته في «الإحاطة»
(4/ 460) وزاد: وصلت به «الصلة» للأستاذ أبي جعفر بن الزّبير.
[2] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 397- 398) و «إنباء الغمر» (1/
135) و «الدّرر الكامنة» (3/ 489) .
(8/426)
وفيها محمد بن عبد الله الصّفوي الهندي ثم
الدمشقي الشافعي [1] .
وكان روميّ الأصل، أسمعه مولاه صفي الدّين الهندي. وحفظ «التنبيه» في
صغره، وألبسه الخرقة، وكان يلبسها عن مولاه، وأجاز له ابن القوّاس،
وعائشة بنت المجد، وجماعة. وكان حسن الشّيبة، يعرف شدّ المناكب
ويجوّدها، يضرب بصنعته المثل، أثنى عليه البرزالي، وتوفي عن ثمان
وسبعين سنة.
وفيها شمس الدّين محمد بن عبد الرحمن بن علي بن أبي الحسن الزّمرّديّ
بن الصّايغ الحنفي النحوي [2] .
ولد سنة ثمان وسبعمائة أو بعدها بقليل، وسمع من الحجّار، والدّبوسي،
وغيرهما. واشتغل في عدة فنون، ولازم أبا حيّان، ومهر في العربية
وغيرها، ودرّس بجامع ابن طولون للحنفية. وولي قضاء العسكر. وكان فاضلا،
بارعا، حسن النّثر والنّظم، كثير الاستحضار، قوي البادرة، دمث الأخلاق،
وهو القائل:
لا تفخرّن بما أوتيت من نعم ... على سواك وخف من كسر جبّار
فأنت في الأصل بالفخّار مشتبه ... ما أسرع الكسر في الدّنيا لفخّار
ومن تصانيفه: «شرح الألفية» مجلدين. و «شرح المشارق» ست مجلدات، و
«التذكرة النّحوية» ، و «المباني في المعاني» ، و «المنهج القويم في
القرآن العظيم» ، و «التّمر الجني في الأدب السّني» ، و «الغمز على
الكنز» و «الاستدارك على مغني ابن هشام» استفتحه بقوله: الحمد لله الذي
لا مغني سواه.
ومن شعره أيضا:
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 136) و «الدّرر الكامنة» (3/ 489) .
[2] انظر «ذيل العبر» (2/ 377- 378) و «الوافي بالوفيات» (3/ 244) و
«إنباء الغمر» (1/ 137- 139) و «الدّرر الكامنة» (3/ 499) و «تاج
التراجم» ص (221) بتحقيق صديقي الفاضل الأستاذ إبراهيم صالح، نفع الله
به، و «الدليل الشافي» (2/ 635) .
(8/427)
بروحي أفدي خاله فوق خدّه ... ومن أنا في
الدنيا فأفديه بالمال
تبارك من أخلى من الشّعر خدّه ... وأسكن كلّ الحسن في ذلك الخال
وقال هو ما أحسن قول ابن أبي حجلة:
تفرّد الخال عن شعر بوجنته ... فليس في الخدّ غير الخال والخفر
يا حسن ذاك محيّا ليس فيه سوى ... خال من المسك في خال من الشّعر
توفي صاحب الترجمة في شعبان.
وفيها شمس الدّين أبو القاسم محمد بن علي بن عبد الله اليمني [1] .
أقام بمصر ملازما لعزّ الدّين بن جماعة. وكان فاضلا، شافعيا، ووقع بينه
وبين الأكمل، فنزح إلى الشام فأكرمه التّاج السّبكي، وأنزله ببعض
الخوانق، ثم ترك ذلك زهدا.
قال ابن حجّي: كان فاضلا، مفتيا.
وقال ابن حجر: وقفت له على عدة تصانيف لطاف، تدلّ على اتساعه في العلم.
توفي مطعونا.
وفيها محمد بن أبي محمد الشافعي [2] .
قال ابن حجر: قدم القاهرة من بلاد العجم، وأخذ عن القطب التّحتاني،
وبرع في المعقول، وقرر له منكلي بغا معلوما [3] على تدريس بالمارستان
__________
[1] انظر «ذيل العبر» (2/ 393) و «إنباء الغمر» (1/ 140- 141) و
«الدّرر الكامنة» (4/ 70) .
[2] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 394) و «إنباء الغمر» (1/ 144)
و «الدّرر الكامنة» (4/ 250) .
[3] أي راتبا.
(8/428)
المنصوري، ثم قرّره في تدريس الفقه
بالمنصورية، ثم ولي تدريس جامع المارداني، وأعاد تدريس الشافعي. وشغل
الناس كثيرا، وانتفعوا به.
مات في مستهل ذي الحجة.
وفيها أبو موسى محمد بن محمود بن إسحاق بن أحمد الحلبي ثم المقدسي [1]
المحدّث الفاضل.
سمع من ابن الخبّاز، وابن الحموي، وغيرهما. ولازم صلاح الدّين العلائي
وغيره، وقدم دمشق، فلازم ابن رافع، وبرع في هذا الشأن [2] ، وجمع
«تاريخ بيت المقدس» . وكان حنفيا فتحوّل شافعيا بعناية تاج الدّين
البعلبكي.
وله «وفيات» مختصرة إلى قرب هذه السنة. توفي في رمضان.
وفيها جمال الدّين أبو المظفّر يوسف بن محمد بن مسعود بن محمد بن علي
بن إبراهيم العبادي ثم العقيلي السّرمري الحنبلي [3] ، الشيخ العالم
المفنّن الحافظ.
ولد في رجب سنة ست وتسعين وستمائة، وتفقه ببغداد على الشيخ صفي الدّين
عبد المؤمن وغيره، ثم قدم دمشق وتوفي بها.
ومن تصانيفه «نظم مختصر ابن رزين» في الفقه. و «نظم الغريب في علوم
الحديث» لأبيه نحو من [4] ألف بيت. و «نشر القلب الميت بفضل أهل البيت»
، و «غيث السّحابة في فضل الصّحابة» ، و «الأربعون الصحيحة فيما دون
أجر المنيحة» ، و «عقود اللآلي في الأمالي» ، و «عجائب الاتفاق» ، و
«الثمانيات» .
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 145) و «الدّرر الكامنة» (4/ 251) .
[2] يعني علوم الحديث النبوي الشريف.
[3] انظر «إنباء الغمر» (1/ 150- 151) و «الدّرر الكامنة» (4/ 473-
474) و «السحب الوابلة» ص (495- 496) .
[4] لفظة «من» سقطت من «آ» .
(8/429)
قال ابن حجي: رأيت بخطّه ما صورته: مؤلفاتي
تزيد على مائة مصنّف كبار وصغار في بضعة وعشرين علما، ذكرتها على حرف
المعجم في «الروضة المورقة في الترجمة المونقة» وقد أخذ عنه ابن رافع
مع تقدمه عليه، وحدّث عنه.
وذكره الذهبي في «المعجم المختص» [1] وأثنى عليه.
توفي في جمادى الأولى.
__________
[1] لم ترد ترجمته في «المعجم المختص» المطبوع الموجود بين يدي.
(8/430)
سنة سبع وسبعين
وسبعمائة
فيها كان الغلاء بحلب، حتّى بيع المكّوك [1] بثلاثمائة، ثم زاد إلى أن
بلغ الألف، حتّى أكلوا الميتة والقطاط [2] والكلاب، وباع كثير من
المقلّين أولادهم، وافتقر خلق كثير، ويقال: إن بعضهم أكل بعضا حتّى أكل
بعضهم ولده، ثم أعقب ذلك الوباء حتى فني خلق كثير حتى كان يدفن العشرة
والعشرون في القبر الواحد بغير غسل ولا صلاة، ويقال: إنه دام بتلك
البلاد الشامية ثلاث سنين، لكن أشدّه كان في الأولى.
وفيها توفي برهان الدّين إبراهيم بن علم الدّين محمد بن أبي بكر
الأخنائي [3] ، وكان شافعي المذهب، وحفظ «التنبيه» ثم تحوّل مالكيا
كعمّه.
سمع على الحجّار وغيره، وولي الحسبة ونظر الخزانة، وناب في الحكم. ثم
ولي القضاء استقلالا إلى أن مات، وكان مهيبا، صارما، قوّالا بالحقّ،
قائما بنصر الشرع، رادعا للمفسدين، وقد صنّف مختصرا في الأحكام.
مات في رجب.
وفيها أحمد بن عبد الكريم بن أبي بكر بن أبي الحسن البعلبكي الحنبلي
الصّوفي [4] المسند.
__________
[1] جاء في «المعجم الوسيط» (2/ 917) ما نصه: المكوك: مكيال قديم يختلف
مقداره باختلاف اصطلاح الناس عليه في البلاد، قيل: يسع صاعا ونصفا.
[2] القطاط: جمع قط وهو السّنّور الذكر كما في «مختار الصحاح» (قطط)
ولكن لعله أراد أن يقول: «والقطط جمع قطة» والله أعلم.
[3] انظر «ذيل العبر» (2/ 413- 414) و «إنباء الغمر» (1/ 159) و
«الدّرر الكامنة (1/ 58) .
[4] انظر «ذيل العبر» (2/ 405) و «إنباء الغمر» (1/ 160- 161) و
«الدّرر الكامنة (1/ 176) .
(8/431)
سمع «صحيح مسلم» من زينب بنت كندي. وسمع من
اليونيني وغيره، وأجاز له أبو الفضل بن عساكر، وابن القوّاس. وحدّث
بالكثير، وارتحلوا إليه، واستدعاه التّاج السّبكي سنة إحدى وسبعين إلى
دمشق، فقرأ عليه «الصحيح» .
قال ابن حجي: كان خيّرا، حسنا، أخرجت له جزءا [1] .
توفي مناهزا للتسعين.
وفيها القاضي جمال الدّين أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر بن إلياس ابن
الخضر الدمشقي، المعروف بابن الرّهاوي الشافعي [2] .
أدرك الشيخ برهان الدّين، وحضر عنده، وتفقه على جماعة من علماء العصر،
وقرأ بالروايات، واشتغل بالعربية، وقرأ الأصول والمنطق على الشّمس
الأصفهاني، ودرّس وأفتى، وتعانى الحساب، ودرّس بالمسروريّة والكلّاسة.
وولي وكالة بيت المال، وقام على القاضي تاج الدّين وآذاه من حوله،
فمقته أكثر الناس لذلك، وناب في الحكم عن البلقيني. ودرّس بالشامية
البرّانية، ثم أخذت منه بعد شهر، ودرّس بالنّاصرية الجوّانية ثم أخذت
منه، وأوذي وصودر بعد موت القاضي تاج الدّين، وحصل له خمول، إلى أن
توفي في ربيع الأول، عن سبع وسبعين سنة.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن يوسف بن فرج الله بن عبد الرحيم
الشّارمساحي- نسبة إلى شارمساح بلد قرب دمياط [3]- الشّافعي [4] .
تفقه على الشيخ جمال الدّين الإسنوي وغيره، وبرع في الفقه والأصول،
وولي قضاء المحلّة، ومنفلوط، ودمياط، وغيرها. وكان موصوفا بالفضل
والعقل.
__________
[1] كذا في «ط» و «إنباء الغمر» : «جزءا» ، وفي «آ» : «أجزاء» .
[2] انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 108- 109) و «إنباء
الغمر» (1/ 161- 162) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 285) .
[3] انظر «معجم البلدان» (3/ 308) .
[4] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 424) و «إنباء الغمر» (1/ 163)
.
(8/432)
وفيها شرف الدّين الحسين بن عمر بن الحسن
بن عمر بن حبيب الحلبي [1] .
رحل، وجمع، وأفاد، وذكره الذهبي في «المعجم المختص» فقال:
شاب، متيقّظ. سمع، وخرّج، وكتب عني «الكاشف» : اعتنى به أبوه بحلب،
وسمع بنفسه من بنت صصرى وغيرها، وكان مولده في جمادى الآخرة سنة اثنتي
عشرة، وأخذ عن والده، وعبد الرحمن، وإبراهيم ابني صالح، وغيرهم [2] .
انتهى.
وشرح «الفهرست» و «المشيخة» وأخذ عنه ابن أبي العشائر ووصفه بالفضل،
وكان يوقّع على الحكم.
توفي بحلب في ذي الحجّة.
وفيها أبو يعلى حمزة بن علي بن محمد بن أبي بكر بن عمر بن عبد الله
السّبكي المالكي [3] .
سمع من الدّبوسي، والواني، وهذه الطبقة. وكتب، وطلب، ودرّس، وناب في
الحكم، ووقّع في الدّست، وفي الأحباس، وله إلمام بالحديث.
مات راجعا من الحج، ودفن برابغ عن نحو ثمانين سنة.
وفيها ذو النّون بن أحمد بن يوسف السّرماري- بضم السين المهملة، وسكون
الراء، نسبة إلى سرمارى قرية ببخارى [4]- الحنفي، يعرف بالفقيه [5] .
أخذ عن مشايخ أذربيجان، وديار بكر، وغيرهم. ونزل عنتاب في حدود
__________
[1] انظر «المعجم المختص» ص (88) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 424)
و «إنباء الغمر (1/ 165- 166) و «الدّرر الكامنة» (2/ 79) و «طبقات
الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 117) و «البدر الطالع» (1/ 205) .
[2] في «ط» : «وغيرهما» .
[3] انظر «إنباء الغمر» (1/ 166) و «الدّرر الكامنة» (2/ 76) .
[4] انظر «معجم البلدان» (3/ 215) .
[5] انظر «إنباء الغمر» (1/ 167) .
(8/433)
الستين، فأقام بها يشغل الطلبة، وشرح
«مقدمة أبي اللّيث» و «قصيد البستي» . وتصدّر بجامع النجّار بجوار
ميدان عنتاب.
وكان قائما بالأمر بالمعروف، شديدا في ذلك، إلى أن مات في رمضان.
قاله العيني في «تاريخه» .
وفيها بهاء الدّين عبد الله بن رضي الدّين محمد بن أبي بكر بن خليل، من
ذريّة عثمان بن عفّان، العسقلاني ثم المكّي الشافعي [1] نزيل الجامع
الحاكمي بالقاهرة.
ولد آخر سنة أربع وتسعين وستمائة، وطلب العلم صغيرا بمكّة، فسمع من
الصّفي والرّضي الطّبريين، والتّوزري، وغيرهم. وارتحل إلى دمشق، فأخذ
عن مشايخها، وتفقه بالعلاء القونوي، والتّبريزي، والأصبهاني، وأخذ عن
أبي حيّان وغيرهم، وأخذ عن ابن الفركاح، ورجع إلى مصر فاستوطنها، وحفظ
«المحرّر» ومهر في الفقه، والعربية، واللغة، والحديث. وقد بالغ الذهبي
في الثناء عليه في «بيان زغل العلم» وغيره. وقال في «معجمه الكبير» :
المحدّث القدوة، هو ثوب عجيب في الورع والدّين، والانقباض، وحسن
السّمت.
وقال في «المعجم المختص» : هو الإمام القدوة، أتقن الحديث، وعني به،
ورحل فيه.
وقال الشيخ شهاب الدّين بن النّقيب بمكّة: رجلان صالحان، أحدهما يؤثر
الخمول وهو ابن خليل، والآخر يؤثر الظهور وهو اليافعي. وكان ابن خليل
ربما عرضت له جذبة فيقول فيها أشياء، وتصدى للإسماع في أواخر زمانه،
ومع ذلك فلم يحدّث بجميع مسموعاته لكثرتها.
توفي بالقاهرة في جمادى الأولى ودفن بتربة تاج الدّين بن عطاء
بالقرافة، وشهد جنازته ما لا يحصى كثرة.
__________
[1] انظر «المعجم المختص» ص (126- 127) و «ذيل العبر» (2/ 408) و
«إنباء الغمر» (1/ 168- 171) و «الدّرر الكامنة» (2/ 191) و «العقد
الثمين» (5/ 262- 267) .
(8/434)
وفيها علاء الدّين علي بن إبراهيم بن محمد
بن الهمام بن محمد بن إبراهيم بن حسّان الأنصاري الدمشقي، ابن الشّاطر،
ويعرف أيضا بالمطعّم الفلكي [1] .
كان أوحد زمانه في ذلك، مات أبوه وله ست سنين فكفله جدّه وأسلمه لزوج
خالته وابن عمّ أبيه علي بن إبراهيم بن الشّاطر فعلمه تطعيم العاج،
وتعلّم علم الهيئة والحساب والهندسة، ورحل بسبب ذلك إلى مصر
والإسكندرية، وكانت لا تنكر فضائله ولا يتصدى للتعليم ولا يفخر بعلومه،
وله ثروة ومباشرات ودار من أحسن الدور وضعا وأغربها، وله الزّيج
المشهور والأوضاع الغريبة المشهورة التي منها البسيط الموضوع في منارة
العروس بجامع دمشق. يقال: إن دمشق زيّنت عند وضعه.
وفيها علي بن محمد بن محمد بن علي بن أحمد بن حجر العسقلاني ثم المصري
الكناني الشافعي [2] .
قال ولده الحافظ ابن حجر في «إنباء الغمر بأنباء العمر» : ولد في حدود
العشرين وسبعمائة، وسمع من أبي الفتح بن سيّد الناس، واشتغل بالفقه
والعربية، ومهر في الآداب، وقال الشعر فأجاد، ووقّع في الحكم، وناب
قليلا عن ابن عقيل، ثم ترك لجفاء ناله من ابن جماعة، وأقبل على شأنه،
وأكثر الحجّ والمجاورة، وله عدة دواوين منها: «ديوان الحرم» مدائح
نبوية ومكّية في مجلدة، وكان موصوفا بالفضل، والمعرفة، والدّيانة،
والأمانة، ومكارم الأخلاق. ومن محفوظاته «الحاوي» وله استدراك على
«الأذكار» للنووي فيه مباحث حسنة، وهو القائل:
يا ربّ أعضاء السّجود عتقتها ... من عبدك الجاني وأنت الواقي
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 172- 173) و «الدّرر الكامنة» (3/ 9) و
«الدارس في تاريخ المدارس» (2/ 388- 389) و «الأعلام» (4/ 251) .
[2] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 422- 423) و «إنباء الغمر» (1/
174- 175) و «الدّرر الكامنة» (3/ 117) .
(8/435)
والعتق يسري بالغنى يا ذا الغنى ... فأنعم
على الفاني بعتق الباقي
تركني لم أكمل أربع سنين، وأنا الآن أعقله كالذي يخيل الشيء ولا
يتحققه.
وتوفي يوم الأربعاء خامس عشري رجب، وأحفظ منه أنه قال: كنية ولدي أحمد
أبو الفضل. انتهى ملخصا.
وفيها كمال الدّين عمر بن إبراهيم بن عبد الله الحلبي بن العجمي
الشافعي [1] .
ولد سنة أربع وسبعمائة، وسمع من الحجّار، والمزّي، وغيرهما، وعني بهذا
الشأن، وكتب الأجزاء والطّباق، ورحل إلى مصر، والإسكندرية، ودمشق، وسمع
من أعيان محدّثيها، وأفتى. وانتهت [2] إليه رئاستها [3] بحلب [مع
الشهاب الأذرعي.
وذكره الذهبي في «معجمه المختص» ، وأثنى عليه ابن حبيب، وصنّف في الفقه
وغيره.
وتوفي بحلب] [4] في ربيع الأول، ودفن بتربة جدّه خارج باب المقام.
وفيها كلثم [5] بنت محمد بن محمود بن معبد البعلية [6] .
روت عن الحجّار. وعنها ابن بردس وغيره، وتوفيت في صفر.
وفيها محمد بن أحمد بن أبي بكر بن عرية الرّبعي الاسكندراني [7] .
__________
[1] انظر «المعجم المختص» ص (179) و «ذيل العبر» لابن اعراقي (2/ 405)
و «إنباء الغمر» (1/ 175- 176) و «الدّرر الكامنة» (3/ 147) و «طبقات
الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 145- 147) .
[2] في «آ» و «ط» : «فانتهت» وما أثبته من «إنباء الغمر» وهو ما يقتضيه
السياق.
[3] أي رئاسة الفتوى.
[4] ما بين القوسين سقط من «آ» .
[5] في «آ» و «ط» : «كليم» و «أعلام النساء» لكحالة (4/ 261) والتصحيح
من مصدري الترجمة.
[6] انظر «إنباء الغمر» (1/ 177) و «الدّرر الكامنة» (3/ 268) .
[7] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 420) و «إنباء الغمر» (1/ 177-
178) و «الدّرر الكامنة» (3/ 373) .
(8/436)
سمع من ابن مخلوف وخلائق لا تحصى، وعني
بهذا الفنّ [1] ، وكتب العالي والنّازل، وخرّج له بعض مشايخه، وخرّج له
الكمال الأدفوي «مشيخة» حدّث بها، ومات قبله.
وفيها شمس الدّين محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن سليمان بن خطيب يبرود
الشافعي [2] .
ولد في سنة سبعمائة أو في التي بعدها، واشتغل بالعلم، وعني بالفقه
والأصول والعربية، وأخذ عن ابن الفركاح، وابن الزّملكاني، وغيرهما.
وأفتى، وولي تدريس أماكن كالشّامية الكبرى بدمشق، ومدرسة الشّافعية
بالقرافة.
قال ابن حجي: كان من أحسن الناس إلقاء للدرس، ينقّب، ويحرّر، ويحقّق.
وكان الغالب عليه الأصول.
وقال العثماني: كان يضرب بتواضعه المثل، وكان من أئمة المسلمين في كل
فنّ، مجمع على جلالته، مسددا في فتاويه، وولي قضاء المدينة، وحدّث عن
الحجّار وغيره.
توفي بدمشق في شوال ودفن بباب الصغير عند الشيخ حمّاد.
وفيها بهاء الدّين أبو البقاء محمد بن عبد البرّ بن يحيى بن علي بن
تمّام السّبكي الشافعي [3] .
ولد- كما قال ابن رافع- سنة سبع وسبعمائة، وتفقه على القطب السّنباطي،
والمجد الزّنكلوني، وغيرهما. ولازم أبا حيّان، والجلال القزويني،
__________
[1] أي فنّ الحديث النبوي.
[2] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 420) و «إنباء الغمر» (1/ 179-
180) و «الدّرر الكامنة» (3/ 322) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/
240) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 153- 155) .
[3] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 406- 408) و «إنباء الغمر» (1/
183- 185) و «الدّرر الكامنة» (3/ 490) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي
شهبة (3/ 171- 174) و «حسن المحاضرة» (1/ 437) .
(8/437)
وابن عمّ أبيه تقي الدّين السّبكي، وغيرهم.
وسمع من وزيرة، والحجّار، والواني، وغيرهم. وحدّث عنهم، وانتقل إلى
دمشق سنة تسع وثلاثين عام ولي قريبه تقي الدّين القضاء، وناب عنه في
الحكم بدمشق، ثم ولي استقلالا بعد صرف تاج الدّين السبكي مدة شهر واحد،
ثم ولي قضاء طرابلس، ثم رجع إلى القاهرة، فولي قضاء العسكر ووكالة بيت
المال، ثم ولي قضاءها في سنة ست وستين بعد العزّ بن جماعة، ثم ولي قضاء
دمشق ومات بها. وكان الإسنويّ يقدّمه ويفضله على أهل عصره. وكان العماد
الحسباني يشهد أنه يحفظ «الروضة» .
وكان هو يقول: أعرف عشرين علما، لم يسألني عنها بالقاهرة أحد. ومع سعة
علمه لم يصنّف شيئا. وكان يقول: أقرأت «الكشّاف» بعدد شعر رأسي.
وتقدم على شيوخ الشام، وله بضع وثلاثون سنة.
وذكره الذهبي في «المعجم المختص» [1] وأثنى عليه.
وقال ابن حبيب: شيخ الإسلام، وبهاؤه، ومصباح أفق الحكم وضياؤه، وشمس
الشريعة وبدرها، وحبر العلوم وبحرها.
كان إماما في المذهب، طرازا لردائه المذهّب، رأسا لذوي الرئاسة والرتب،
حجة في التفسير، واللغة، والنحو، والأدب، قدوة في الأصول والفروع، رحلة
لأرباب السّجود والركوع، مشهور في البلاد والأمصار، سالك طريق من سلف
من سالفة الأنصار.
درّس وأفاد، وهدى بفتاويه إلى سبيل الرّشاد.
توفي بدمشق في جمادى الأولى، ودفن بسفح قاسيون بتربة السّبكيين.
وفيها شمس الدّين محمد بن سالم بن عبد الرحمن بن عبد الجليل، الشيخ
الإمام، العالم العامل، المفتي الحنبلي الدمشقي ثم المصري [2] .
كان مقيما بالشام، فحصل له رمد، ونزل بعينيه ماء، فتوجه إلى مصر
__________
[1] لم يرد ذكر له في «المعجم المختص» المطبوع الموجود بين يدي.
[2] انظر «الجوهر المنضد» ص (122- 123) و «المقصد الأرشد» (2/ 417) و
«السحب الوابلة» ص (242) .
(8/438)
للتداوي، ونزل في مدارس الحنابلة، وحصل له
تدريس مدرسة السلطان حسن.
وتوفي يوم السبت سادس عشري شعبان بالقاهرة.
وفيها بدر الدّين أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن أسباسلار البعلي
الحنبلي [1] .
الشيخ الإمام، العلّامة البارع، النّاقد المحقّق، أحد مشايخ المذهب. له
مختصر في الفقه سمّاه «التسهيل» عبارته وجيزة ومفيدة، وفيه من الفوائد
ما لم يوجد في غيره من المطولات، أثنى عليه العلماء.
وفيها جمال الدّين محمد بن عمر بن الحسن بن حبيب [2] .
ولد سنة اثنتين وسبعمائة، وأحضر على سنقر الزّيني، وسمع من بيبرس
العديمي وجماعة، وخرّج له أخوه الحسين «مشيخة» وحدّث بالكثير ببلده،
وبمكّة. وكان خيّرا.
توفي في جمادى بالقاهرة، فإنه كان رحل بولده ليسمعه، فأسمعه بدمشق من
ابن أميلة وغيره، ثم توجّه إلى مصر، فأدركه أجله بها. وكان عنده من
سنقر عدة كتب، منها «السّنن» لابن الصبّاح. سمعه منه محدّث حلب الحافظ
برهان الدّين سبط ابن العجمي.
وفيها صلاح الدّين محمد بن محمد بن عبد الله بن علي بن صورة الشافعي
[3] .
تفقه بالتّاج التّبريزي، والشّمس الأصبهاني، وبهاء الدّين بن عقيل،
وناب عنه في الحكم بجامع الصّالح، وسمع الحديث من عبد الله بن هلال،
والمزّي، وغيرهما. وكان من أعيان الشافعية.
__________
[1] انظر «الجوهر المنضد» ص (144- 145) و «السحب الوابلة» ص (420) .
[2] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 412- 413) و «إنباء الغمر» (1/
187) و «الدّرر الكامنة» (4/ 104) .
[3] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 423- 424) و «إنباء الغمر» (1/
188) .
(8/439)
سنة ثمان وسبعين
وسبعمائة
فيها- كما قال ابن حجر [1]- ظهر بدمشق نجم كبير له ذؤابة طويلة من
ناحية المغرب وقت العشاء وفي آخر الليل يظهر مثله في شرقي قاسيون.
وفيها توفي [2] [عفيف الدّين بن] [2] فخر الدّين إبراهيم بن إسحاق بن
يحيى بن إسحاق الآمدي ثم الدمشقي [3] .
ولد سنة خمس وتسعين وستمائة، وسمع من ابن مشرف، وابن الموازيني وخلق،
وأجيز من بغداد ودمشق والإسكندرية، وخرّج له صدر الدّين بن إمام المشهد
«مشيخة» . وقد ولي نظر الإمام والأوقاف، ثم نظر الجيش والجامع بدمشق،
وغير ذلك من المناصب الجليلة، وكان مشكور السيرة معظّما عند الناس،
وحدث له في آخره صمم.
وحدّث بمصر ودمشق، وتوفي في ربيع الأول.
وفيها أحمد بن سالم بن ياقوت المكّي المؤذّن شهاب الدّين [4] .
ولد سنة ست أو سبع وتسعين وستمائة، وسمع من الفخر التّوزري، وتفرّد
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 195) .
[2] ما بين الحاصرتين سقط من «آ» و «ط» واستدركته من «الدّرر الكامنة»
و «الطبقات السنية» وحاشية «إنباء الغمر» .
[3] انظر «إنباء الغمر» (1/ 200- 201) و «الدّرر الكامنة» (1/ 17) و
«الطبقات السنية» (1/ 183- 184) .
[4] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 431) و «إنباء الغمر» (1/ 201)
و «الدّرر الكامنة» (1/ 134) و «العقد الثمين» (3/ 43) .
(8/440)
بالسماع منه، وسمع من الصّفي، والرّضي
الطّبريين، وغيرهما. وكان إليه أمر زمزم وسقاية العبّاس.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن علي بن محمد بن قاسم العرياني [1] المحدّث.
ولد سنة سبع عشرة وسبعمائة بدمشق، [وسمع] من علي [أحمد بن] علي الجزري،
والذهبي وغيرهما. وبمصر من الميدومي. وبالقدس من علي بن أيوب وغيره،
وحصّل الكتب والأجزاء، ودار على الشيوخ، ورافق الشيخ زين الدّين
العراقي كثيرا. وأسمع أولاده، وصنّف «لغات مسلم» ، و «شرح الإلمام» ،
ودرّس في الحديث بمدارس، وناب في الحكم. وكان محمود الخصال.
توفي في جمادى الآخرة.
وفيها أبو البركات أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن
محمد بن محمد- سبعة في نسق سابعهم- ابن أبي بكر بن جماعة الزّهري بن
النّظام القوصي ثم المصري [2] .
ولد سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، وسمع من الواني، والدّبوسي، والحجّار،
وغيرهم. وحدّث.
وفيها عماد الدّين إسماعيل بن خليفة بن عبد العالي النّابلسي الأصل
الحسباني الشافعي [3] . الامام العلّامة أبو الفداء.
أخذ بالقدس عن تقي الدّين القلقشندي، ولازمه حتّى فضل. وقدم
__________
[1] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 435) و «إنباء الغمر» (1/ 202)
وما بين الحاصرتين مستدرك منه و «الدّرر الكامنة» (1/ 219) .
[2] انظر «ذيل العبر» (2/ 440) و «إنباء الغمر» (1/ 202- 203) و
«الدّرر الكامنة» (1/ 300) .
[3] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 450) و «إنباء الغمر» (1/ 203-
205) و «الدّرر الكامنة» (1/ 366) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/
162- 163 و 200- 201) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 111- 113)
.
(8/441)
دمشق، فقرّر فقيها بالشامية البرّانيّة،
ولم يزل في نمو وازدياد، واشتهر بالفضيلة، وزلام الفخر المصري، حتّى
أذن له بالإفتاء، وأفتى ودرّس وأفاد، وقصد بالفتاوى من البلاد، وناب في
الحكم.
قال الحافظ ابن حجي: أحد أئمة المذهب، والمشار إليهم بجودة النّظر،
وصحة الفهم، وفقه النّفس، والذكاء، وحسن المناظرة والبحث والعبارة.
وكانت له مشاركة في غير الفقه، ونفسه قوية في العلم.
وقال غيره: شرح «المنهاج» في عشرة أجزاء، ولم يشتهر لأن ولده لم يمكّن
أحدا من كتابته فاحترق غالبه في الفتنة. وكان الأذرعي ينقل منه كثيرا،
وكتب منه نسخة لنفسه.
توفي بدمشق في ذي القعدة ودفن بباب الصغير قبلي جرّاح.
وفيها تقي الدّين أبو الفداء إسماعيل بن علي بن الحسن بن سعيد بن صالح،
شيخ الفقهاء الشافعية، القلقشندي المصري [1] ، نزيل القدس وفقيهه.
ولد سنة اثنتين وسبعمائة بمصر، وقرأ بها وحصّل، ثم قدم دمشق بعد
الثلاثين، فقرأ على الفخر المصري فأجازه بالإفتاء، وسمع الحديث الكثير،
وحدّث، وأقام بالقدس مثابرا على نشر العلم والتصدي لإقراء الفقه، وشغل
الطلبة، وزوّجه مدرّس الصّلاحية يومئذ الشيخ صلاح الدّين العلائي
ابنته، وصار معيدا عنده بها، وجاءه منها أولاد أذكياء علماء، واشتهر
أمره، وبعد صيته بتلك البلاد، ورحل إليه، وكثرت تلامذته.
قال ابن حجي: وممن تخرّج به الإمام عماد الدّين الحسباني، وانتفع به
أيضا حموه. وكان حافظا للمذهب، يستحضر «الروضة» ، ديّنا، مثابرا على
الخيرات.
توفي في جمادى الآخرة بالقدس.
__________
[1] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 434) و «إنباء الغمر» (1/ 205)
و «الدّرر الكامنة» (1/ 370) و «الدليل الشافي» (1/ 126) .
(8/442)
وقال ابن حجر: حدّث ب «الصحيح» لمسلم عن
الشريف موسى وب «الصحيح» [1] عن الحجّار.
وفيها عبّاس بن علي بن داود بن يوسف بن عمر بن علي بن رسول اليماني [2]
الملك الأفضل، صاحب زبيد وتعز.
ولي سنة أربع وستين، وقام في إزالة المتغلبين من بني منكال إلى أن
استبدّ بالمملكة، وكان يحب الفضل والفضلاء، وألّف كتابا سمّاه «نزهة
العيون» وغير ذلك. وله مدرسة بتعز وأخرى بمكة.
مات في ربيع الأول.
وفيها جمال الدّين عبد الله بن كمال الدّين محمد بن إسماعيل بن أحمد
ابن سعيد الحلبي ثم المصري ابن الأثير [3] .
ولد سنة ثمان وسبعمائة، وسمع من الحجّار ووزيرة، وحدّث ب «الصحيح» .
وكان ماهرا في العربية، وقد ولي كتابة السّرّ بدمشق، ثم انقطع للعبادة
بالقاهرة، ومات بها في جمادى الآخرة.
وفيها تقي الدّين عبد الله بن محمد بن الصّايغ [4] .
ولد سنة ثلاث وسبعمائة، وسمع من إسحاق الآمدي، والحجّار، وغيرهما.
وأجاز له ابن مكتوم، وعلي بن هارون وغيرهما. وكان أحد الرؤساء بدمشق،
منوّر الشّيبة، حسن الصّور.
مات في رجب.
__________
[1] كذا في «آ» و «ط» و «إنباء الغمر» مصدر المؤلف.
[2] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 447) و «إنباء الغمر» (1/ 210)
و «الدليل الشافي» (1/ 380) .
[3] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 211) و «إنباء الغمر» (1/ 211)
.
[4] انظر «إنباء الغمر» (1/ 211) .
(8/443)
وفيها فخر الدّين عثمان بن أحمد بن عثمان
الزّرعي، ابن شمر نوح، الشافعي [1] قاضي حلب.
قال ابن حبيب: حكم بطرابلس وحلب عشرين سنة، وكان موصوفا بالرئاسة،
والفضل، والإحسان، والتواضع، والبرّ، ومعرفة الأحوال.
وفيها علاء الدّين علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن عثمان بن أسعد ابن
المنحّى الشيخ الكبير الصالح الحنبلي [2] .
سمع «صحيح البخاري» من وزيرة، وسمع من عيسى المطعّم وغيره، وحدّث، فسمع
منه الشيخ شهاب الدّين بن حجي، وقال: هو من بيت كبير، ورجل جيد، وهو
أخو الشيخة فاطمة بنت المنجّى شيخة ابن حجر العسقلاني التي أكثر عنها.
عاشت بعده بضعا وعشرين سنة، حتّى كانت خاتمة المسندين بدمشق.
توفي في ربيع الآخر عن ثمان وستين سنة.
وفيها عمر بن حسن بن يزيد بن أميلة بن جمعة بن عبد الله المراغي ثم
المزّي [3] .
ولد سنة ثمانين وستمائة، وقال البرزاليّ: سنة اثنتين وثمانين، وهو
المعتمد، وأسمع على الفخر بن البخاري «جامع الترمذي» ، و «سنن أبي
داود» ، و «مشيخته» تخريج ابن الظّاهري، و «ذيلها» للمزّي، و «الشمائل»
، وتفرّد بالسنن و «الجامع» ، و «الذيل» ورحل الناس إليه. وكان صبورا
على السماع، وأمّ بجامع المزّة مدة، وحدّث نحوا من خمسين سنة،
__________
[1] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 457) و «إنباء الغمر» (1/ 212-
213) و «الدّرر الكامنة» (2/ 436) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/
164) .
[2] انظر «إنباء الغمر» (1/ 215) و «المقصد الأرشد» (2/ 262) و «السحب
الوابلة» ص (191) .
[3] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 432) و «إنباء الغمر» (1/ 216-
218) و «الدّرر الكامنة» (3/ 159) .
(8/444)
وسمع من جماعات، وخرّج له الناس في مشيخة
لطيفة، وقرأ القراءات على ابن بصخان [1] . وله شعر وسط منه:
ولي عصا من جريد النّخل أحملها ... بها أقدّم في نقل الخطا قدمي
ولي مآرب أخرى أن أهشّ بها ... على ثمانين عاما لا على غنمي
توفي في ربيع الآخر عن مائة سنة.
وفيها عمر السّلفي الشافعي [2] من فقهاء المقادسة.
مات في رجب. كذا ذكره ابن حجر.
وفيها بدر الدّين محمد بن أحمد بن عمر بن محمد بن محمد بن محمد بن
المظفّر السّبكي المصري ابن السّكّري [3] المسند. سمع من وزيرة مسند
الشافعي، وحدّث به، وله إجازة من جماعة من المصريين، وقد ذكره
البرزاليّ من مسندي مصر.
وفيها بدر الدّين محمد بن علي بن منصور الحلبي ثم الدمشقي ابن قوالح
[4] .
ولد سنة خمس وتسعين وستمائة، وأحضر على أبي الفضل بن عساكر، فسمع منه
«صحيح مسلم» . وسمع «صحيح البخاري» من اليونيني، ومن ابن القوّاس «عمل
اليوم والليلة» لابن السّنّي بفوت. ودرّس في العربية أكثر من ستين سنة،
حتّى إن النّجم القحفازي كان منزلا عنده، ومات قبله بمدة طويلة،
وتفرّد. قاله ابن حجي.
__________
[1] هو محمد بن أحمد بن بصخان بن عين الدولة، الإمام، شيخ القرّاء، بدر
الدّين، أبو عبد الله ابن السّراج الدمشقي المقرئ النحوي. مات سنة
(743) هـ. انظر «الوافي بالوفيات» (2/ 159- 160) و «غاية النهاية» (2/
57) .
[2] انظر «إنباء الغمر» (1/ 218) .
[3] انظر «إنباء الغمر» (1/ 219) .
[4] انظر «إنباء الغمر» (1/ 222- 223) و «الدّرر الكامنة» (4/ 80) .
(8/445)
وفيها نصير الدّين أبو المعالي محمد [بن
محمد] [1] بن إبراهيم بن أبي بكر [2] ، هو ابن المؤرّخ شمس الدّين
الجزري.
ولد سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، وأسمع من المطعم، والشّيرازي، وغيرهما. ثم
طلب بنفسه بعد الثلاثين، فقرأ الكتب، وسمع، وكتب الأجزاء، واشتغل
بالفقه، وربما كتب على الفتوى، وكان السّبكي فمن دونه يرجعون إلى قوله،
وولي مباشرة الأيتام. وكان مشكور السيرة، ذا همّة عالية.
توفي في جمادى الآخرة.
وفيها محبّ الدّين محمد بن يوسف بن أحمد بن عبد الدائم الحلبي [3] ،
ناظر الجيش الشافعي.
ولد سنة سبع وتسعين وستمائة، واشتغل ببلاده، ثم قدم القاهرة، ولازم أبا
حيّان، والتّاج التّبريزي، وغيرهما. وحفظ «المنهاج» و «الألفية» وبعض
«التسهيل» وتلا بالسبع على الصّايغ، ومهر في العربية وغيرها، ودرّس
فيها وفي «الحاوي» . وسمع من الشريف موسى، وست الوزراء، وغيرهما. وحدّث
وأفاد، وخرّج له الياسوفي «مشيخة» . وشرح «التسهيل» إلّا قليلا. وشرح
«تلخيص المفتاح» شرحا مفيدا. وكانت له في الحساب يد طولى، وولي نظر
الجيش، ونظر البيوت، والديوان، وكان عالي الهمّة، نافذ الكلمة، كثير
البذل والجود والرفد للطلبة والرفق بهم، وكان من العجائب.
قال ابن حجر: إنه مع فرط كرمه في غاية البخل على الطّعام.
وكان كثير الظّرف والنّوادر، وبلغت مرتباته في الشهر ثلاثة آلاف، وكان
من محاسن الدنيا، مع الدّين والصّيانة.
توفي في ثاني عشر ذي الحجّة.
__________
[1] ما بين القوسين سقط من «آ» .
[2] انظر «إنباء الغمر» (1/ 224- 225) و «الدّرر الكامنة» (4/ 157) .
[3] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 452) و «إنباء الغمر» (1/ 225-
227) و «الدّرر الكامنة» (4/ 290) .
(8/446)
وفيها قاضي القضاة شرف الدّين أبو البركات
موسى بن فيّاض بن عبد العزيز بن فيّاض الحنبلي الفندقي النّابلسي [1] ،
الشيخ الإمام الحبر.
سمع من جماعة، منهم: أبو بكر بن عبد الدائم، وعيسى المطعم، وحدّث،
وباشر حاكما رابعا. ولي قضاء حلب سنة ثمان وأربعين، وهو أول من ولي
قضاء قضاة الحنابلة بها، وكان طارحا للتكلّف، جزيل الدّيانة والتعفف،
مقبلا على العبادة، وأجاز لجماعة منهم الشيخ شهاب الدّين بن حجّي.
توفي في ذي القعدة بحلب.
وفيها جمال الدّين يوسف بن أحمد بن سليمان، المعروف بابن الطّحّان
الحنبلي [2] ، الشيخ الإمام الأوحد ذو الفنون.
قال شيخ الإسلام ابن مفلح: كان بارعا في الأصول، أخذه عن الشيخ شهاب
الدّين الإخميمي، وأخذ العربية عن العنائي، وتفقه في المذهب على ابن
مفلح، صاحب «الفروع» وغيره. وكان بارعا في المعاني والبيان، صحيح
الذهن، حسن الفهم، جيد العبارة، إماما، نظّارا، مفتيا، مدرّسا، حسن
السيرة، عنده أدب وتواضع، وله ثروة.
توفي بالصّالحية يوم السبت سادس عشري شوال وله نحو أربعين سنة.
وفيها جمال الدّين يوسف بن عبد الله بن حاتم بن محمد بن يوسف، الشهير
بابن الحبّال الحنبلي [3] .
قال العليمي [4] هو المسند المعمّر. سمع من القاضي تاج الدّين عبد
الخالق، وابن عبد السّلام، وغيرهما.
__________
[1] انظر «ذيل العبر» (2/ 451) و «إنباء الغمر» (1/ 227- 228) و
«الدّرر الكامنة» (4/ 379) و «المقصد الأرشد» (3/ 8- 9) و «الجوهر
المنضد» ص (168) و «السحب الوابلة» ص (475) .
[2] انظر «إنباء الغمر» (1/ 229) و «المقصد الأرشد» (3/ 128- 129) و
«الجوهر المنضد» ص (181) و «السحب الوابلة» ص (485) .
[3] انظر «إنباء الغمر» (1/ 229) و «الدّرر الكامنة» (4/ 462) .
[4] في «المنهج الأحمد» الورقة (464) من القسم غير المنشور منه.
(8/447)
قال الشيخ شهاب الدين بن حجي: سمعنا عليه
مرارا «مسند الشافعي» رضي الله عنه.
توفي ببعلبك عشية يوم الخميس سابع رجب، وصلّي عليه من الغد عقب صلاة
الجمعة، ودفن بباب سطحا
.
(8/448)
سنة تسع وسبعين
وسبعمائة
فيها توفي أحمد بن علي بن عبد الرحمن العسقلاني الأصل المصري المشهور
بالبلبيسي، الملقب سمكة [1] .
كان بارعا في الفقه والعربية والقراءات، وكان الإسنوي يعظّمه، وهو من
أكابر من أخذ عنه واشتغل وبرع، وأخذ عن علماء مصر، وسمع من الميدومي
وغيره.
قال ابن حجر: ورافق شيخنا العراقي في سماع الحديث، وقرأ بالروايات،
وكان خيّرا، متواضعا. مات في المحرم.
وفيها أبو جعفر أحمد بن يوسف بن مالك الرّعيني الغرناطي الأندلسي [2] ،
رفيق محمد بن جابر الأعمى، شارح «الألفية» وهما المشهوران بالأعمى
والبصير.
قال في «إنباء الغمر» : ارتحل إلى الحجّ، فرافق أبا عبد الله بن جابر
الأعمى، تصاحبا وترافقا إلى أن صارا يعرفان بالأعميين، وسمعا في الرحلة
من أبي حيّان، وأحمد بن علي الجزري، والحافظ المزّي، وغيرهم. وكان
__________
[1] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 466- 467) و «إنباء الغمر» (1/
244) و «بغية الوعاة» (1/ 342) و «درّر الحجال» (1/ 49- 50) .
[2] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 473) و «غاية النهاية» (1/ 151)
و «إنباء الغمر» (1/ 244) و «النجوم الزاهرة» (11/ 189) و «الدّرر
الكامنة» (1/ 340) و «التحفة اللطيفة» (1/ 274) و «بغية الوعاة» (1/
403) و «درّة الحجال» (1/ 62) .
(8/449)
أبو جعفر شاعرا، ماهرا، عارفا بفنون الأدب،
وكان رفيقه عالما بالعربية، مقتدرا على النّظم، واستوطنا البيرة من عمل
حلب، وانتفع بهما أهل تلك البلاد.
وقال السيوطي في «طبقات النّحاة» : أقام أبو جعفر بحلب نحو ثلاثين سنة،
وكان عارفا بالنحو وفنون اللّسان، مقتدرا على النّظم والنثر، ديّنا،
حسن الخلق، كثير التأليف في العربية وغيرها، شرح «بديعية» رفيقه وأجاز
لأبي حامد ابن ظهيرة. مولده بعد السبعمائة، ومات منتصف رمضان.
ومن شعره:
لا تعاد النّاس في أوطانهم ... قلّما يرعى غريب الوطن
وإذا ما عشت عيشا بينهم ... خالق النّاس بخلق حسن
وفيها أحمد بن أبي الخير اليمني الصّيّاد [1] ، أحد المشهورين بالصّلاح
والكرامات من أهل اليمن.
كان محافظا على التّقوى، معظّما في النّفوس، اجتمع هو ورجل من
الزّيدية، فتوافقا على دخول الخلوة، وإقامة أربعين يوما، لا أكل ولا
شرب، فضجّ الزّيدي من رابع يوم، فأخرج وثبت ابن الصّيّاد إلى آخر
الأربعين، فتاب الزّيدي على يده هو وجميع من معه، وتوفي في شوال وله
أربعون سنة.
وفيها الأمير اقتمر الحنبلي الصّالحي [2] .
كان من مماليك الصالح إسماعيل، وولي رأس نوبة في دولة المنصور ابن
المظفّر، ثم خازندارا في دولة الأشرف، ثم تقدم في سنة سبعين، ونفاه
الجائي إلى الشام، ثم أعيد بطّالا، ثم استقرّ رأس نوبة، ثم نائب
السلطنة بعد منجك، ثم قرّر في نيابة الشام إلى أن توفي بها في هذه
السنة في رجبها، وكان أولا يعرف بالصّاحبي، وكان يرجع إلى دين، وعنده
وسواس كثير في الطّهارة وغيرها فلقّب
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 245) .
[2] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 474) و «إنباء الغمر» (1/ 245)
و «الدّرر الكامنة» (1/ 449) و «النجوم الزاهرة» (11/ 191) و «السّحب
الوابلة» ص (122) .
(8/450)
لذلك الحنبلي، ثم ذكره الحنابلة في
طبقاتهم، وكان يحب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
وفيها زين الدّين أبو بكر بن علي بن عبد الملك الماروني المالكي [1]
قاضي دمشق بعد موت المسلاتي، ثم قاضي حلب، ثم عزل، واستمر بدمشق بعد
ذلك إلى أن مات، وكان سمع من ابن مشرف، مشاركا في العلوم إلّا أنه كان
بذيء اللّسان مع حسن صورته.
مات فجأة في شوال بدمشق وبلغ السبعين. قاله ابن حجر.
وفيها أبو بكر بن محمد بن أحمد بن عبد الواحد الطّرسوسي القاضي الحنفي
[2] .
سمع من عمّه العماد علي بن أحمد الطّرسوسي الحنفي، القاضي، وأبي نصر
الشّيرازي، وغيرهما.
وتوفي في شوال، وكان يعرف بابن أخي القاضي.
وفيها الحسن بن أحمد بن هلال بن سعد بن فضل الله الصّرخدي، ثم
الصّالحي، المعروف بابن هبل الطّحّان [3] .
ولد سنة ثلاث وثمانين وستمائة، وسمع من الفخر بن البخاري، ومن التّقي
الواسطي، وأجازا له، وسمع بنفسه من التّقي سليمان، وأخيه، وفاطمة بنت
سليمان، والدشتي، وعثمان الحمصي، وعيسى المغاري، وغيرهم. وحدّث
بالكثير، ورحل إليه الناس، وتوفي في صفر.
وفيها بدر الدّين أبو محمد الحسن بن عمر بن حسن بن عمر بن حبيب بن عمر
بن سريح بن عمر الدمشقي الأصل الحلبي [4] .
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 247- 248) .
[2] انظر «إنباء الغمر» (1/ 248) .
[3] انظر «إنباء الغمر» (1/ 248- 249) و «الدّرر الكامنة» (2/ 13) .
[4] انظر «ذيل العبر» (2/ 468- 469) و «إنباء الغمر» (1/ 249- 251) و
«الدّرر الكامنة»
(8/451)
ولد بحلب سنة عشر، وأحضر في الشهر العاشر
من عمره على إبراهيم، وعبد الرحمن ابني صالح بن العجمي، وأحضر على
بيبرس العديمي وغيره، ورحل، فسمع بالقاهرة من محمد بن معضاد، ومحمد بن
غالي، وعبد المحسن بن الصّابوني، ويحيى بن المصري، وغيرهم. واشتغل وبرع
إلى أن صار رأسا في الأدب والشروط. ثم انتقى وخرّج وأرّخ وتعانى في
تأليفه السجع، وناب في الحكم، ووقّع في الإنشاء، وصنّف فيها، واشتهر
بالأدب، ونظم، ونثر، وجمع مجاميع مفيدة، ثم لزم بيته بأخرة مقبلا على
التصنيف، فمنها «درّة الأسلاك في دولة الأتراك» و «تذكرة النّبيه في
أيام المنصور وبنيه» [1] .
وكان دمث الأخلاق، حسن المحاضرة، حميد المذاكرة.
مات ضحى يوم الجمعة حادي عشر ربيع الآخر بحلب، عن تسع وستين سنة، وهو
والد الشيخ زين الدّين طاهر [2] وقد ذيّل على تاريخه.
وفيها زينة بنت أحمد بن عبد الخالق بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن
يونس الموصلية [3] .
سمعت من عيسى المطعم، وابن النّشو، وغيرهما، وحدّثت [4] بالكثير،
وتوفيت في شعبان.
وفيها محمد بن عبد الله الطّرابلسي الحلبي [5] الشافعي الفروع الحنبلي
__________
(2/ 29) و «الدليل الشافي» (1/ 267) و «النجوم الزاهرة» (11/ 189- 190)
و «البدر الطالع» (1/ 205) .
[1] وقد تم طبعه في مصر بثلاث مجلدات كبيرة، وهي طبعة متقنة محررة.
[2] هو طاهر بن الحسين بن عمر بن حبيب أبو العز الحلبي المعروف بابن
حبيب. عالم فاضل، ولد ونشأ بحلب، وكتب بها في ديوان الإنشاء. وانتقل
إلى القاهرة، فناب عن كاتب السرّ. وتوفي فيها سنة (808) هـ. من مصنفاته
«ذيل» على تاريخ أبيه وغيره من التصانيف. انظر «الضوء اللامع» (4/ 3-
5) و «الأعلام» (3/ 221) .
[3] انظر «إنباء الغمر» (1/ 252) .
[4] تحرفت في «ط» إلى و «حدّث» .
[5] انظر «إنباء الغمر» (1/ 257) .
(8/452)
الأصول، صاحب ابن القيّم. حمل عنه الكثير،
وكان فاضلا، مشهورا، وذهنه جيد، وله نظم حسن، وكان قصيرا جدا، ولم
يعاشر الفقهاء، ودرس بالظّاهرية، ومات في رمضان.
وفيها مجد الدّين أبو سالم محمد بن علي بن محمد بن الحسن بن زهرة
الحلبي [1] .
جال في بلاد العجم، ولقي العلماء بها، واشتغل بالمعاني وغيرها، وقال
الشعر، وكان يذكر أنه سمع «المشارق» من محمد بن محمد بن الحسين بن أبي
العلاء الفيروزآبادي بسماعه من محمد بن الحسين بن أحمد النيسابوري،
المعروف بالخليفة، عن مؤلّفه، وحدّث بشيء من ذلك بحلب.
ومن نظمه:
أبا سالم اعمل لنفسك صالحا ... فما كلّ من لاقى الحمام بسالم
وفيها مجد الدّين محمد بن محمد بن إبراهيم البلبيسي الإسكندراني الأصل
[2] ، موقّع الحكم.
سمع من الواني، والمزّي، وغيرهما. وتفقه بالمجد الزّنكلوني، وأخذ عن
ابن هشام، وعني بالحساب، فكان رأسا فيه، وفي الشروط، وانتهت إليه معرفة
السّجلات، وكان يوقّع عن المالكية وينوب عن الحنفية، ومن مصنّفاته
حاشية على «المعونة» وشرحه للوسيلة. عاش ستين سنة.
وفيها جمال الدّين أبو بكر محمد الإمام العلّامة كمال الدّين أبو
العبّاس أحمد بن الإمام جمال الدّين محمد بن أحمد بن عبد الله بن سحمان
الإمام العلّامة الشافعي، بقية السّلف، القاضي البكري الوائلي الشّريشي
الأصل الدمشقي [3] .
مولده سنة أربع أو خمس وتسعين وستمائة، وأحضر على جماعة، وسمع
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 257- 258) و «الدّرر الكامنة» (4/ 82) .
[2] انظر «ذيل العبر» (2/ 471) و «إنباء الغمر» (1/ 258) و «الدّرر
الكامنة» (4/ 208) .
[3] انظر «الدّرر الكامنة» (3/ 351- 352) و «القلائد الجوهرية» ص (91)
و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 117) .
(8/453)
من جماعة، وأجاز له آخرون، واشتغل في صباه،
وتفنّن في العلوم، واشتهر بالفضيلة، ودرّس في حياة والده، ثم بعد وفاته
بالرّباط النّاصري، ثم بعدة مدارس، وأفتى كلّ ذلك، وهو في سنّ الشبيبة،
ثم ولاه القاضي علاء الدين القونوي قضاء حمص، فنزح إلى هناك وأقام زمنا
طويلا ثم قدم دمشق في أول ولاية السّبكي، فولي تدريس البادرائية في سنة
إحدى وأربعين، وأقام يشغل الناس في الجامع ويفتي، ثم نزل عن البادرائية
لولده شرف الدّين سنة خمسين، والإقبالية لولده بدر الدّين، وتوجّه إلى
مصر سنة تسع وستين، فولّاه البلقيني نيابة في الطريق، ثم توجّه هو إلى
القاهرة، وعاد المترجم إلى دمشق، وباشر تدريس الشامية البرّانيّة
والحكم يوما واحدا، ثم مرض ومات، وحدّث بمصر والشام، واختصر «الروضة»
وشرح «المنهاج» في أربعة أجزاء، وله «زوائد» على «المنهاج» وكان حسن
المحاضرة، دمث الأخلاق، وله خطب ونظم.
توفي في شوال ودفن بتربتهم [1] في سفح قاسيون.
وفيها جمال أبو الفضل محمد بن محمد بن عبد الرحمن السّامي [2] ، نزيل
المدينة.
تفقه بالعماد الحسباني، وأخذ عن تقي الدّين ابن رافع وغيره، وسمع من
ابن أميلة وغيره، وتخرّج بالعفيف المطري، وسمع بمصر وغيرها، وكان ترافق
هو وعبد السلام الكازروني إلى مكة، فيقال: إنه دسّ عليهما سمّ بسبب من
الأسباب فقتلهما، فمات السّاميّ في صفر، والكازروني بعده بأيام، وقد
حدّث باليسير ولم يكمل الأربعين.
وفيها بدر الدّين محمد بن محمد بن علي بن الشّمس أحمد بن خلّكان [3]
الإربلي الأصل ثم الدمشقي [4] .
__________
[1] في «آ» : «في تربتهم» .
[2] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 467) و «إنباء الغمر» (1/ 256)
.
[3] في «آ» و «ط» : «ابن ملكان» والتصحيح من «إنباء الغمر» وانظر
التعليق عليه.
[4] انظر «إنباء الغمر» (1/ 260) .
(8/454)
ولد سنة سبع عشرة وسبعمائة، وسمع من
الحجّار وغيره، وحدّث عن الحنبلي ب «المنتقى من النسفي» ، ومات في ربيع
الآخر.
وفيها شرف الدّين محمد بن محمد بن مشرّف بن منصور بن محمود الزّرعي [1]
قاضي عجلون.
كان من الفضلاء حسن السيرة.
مات بدمشق في ربيع الأول. قاله ابن حجر.
وفيها شمس الدّين محمد بن بدر الدّين محمد بن يحيى بن عثمان بن رسلان
البعلي السّلاوي، يعرف بابن شقرا [2] .
ولد بعد السبعمائة، وسمع سنة سبع وسبعمائة من شمس الدّين بن أبي الفتح،
وبعد ذلك من القطب اليونيني وجماعة، وحدّث، فأخذ عنه الياسوفي، وابن
حجي [3] ، وغيرهما، ومات في جمادى الأولى.
وفيها بدر الدّين محمد بن ميكال اليمني [4] بن أمير حرس والمهجم
وغيرهما من بلاد اليمن.
خرج على المجاهد، وادعى أنه حسنيّ، وخطب له بالسلطنة على المنابر، ومات
المجاهد في غضون ذلك فنهض الأفضل لحربه إلى أن فرّ، فلجأ إلى الإمام
الزّيدي بصعدة [5] ، فأقام عنده إلى أن مات في هذه السنة.
وفيها محمود بن أحمد الحلبي الجندي [6] .
قال ابن حجر: إمام فارس، اشتغل كثيرا بحلب، ومهر، وحفظ كتبا.
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 260) .
[2] انظر «إنباء الغمر» (1/ 260) .
[3] تحرفت في «ط» إلى «ابن حجر» .
[4] انظر «إنباء الغمر» (1/ 261) .
[5] صعدة: مخلاف باليمن بينه وبين صنعاء ستون فرسخا، وبينه وبين خيوان
ستة عشر فرسخا. انظر «معجم البلدان» (3/ 406) .
[6] انظر «إنباء الغمر» (1/ 261) .
(8/455)
وبحث وقرأ، ثم قدم دمشق، فمات بها وهو شاب
وله دون الأربعين.
وفي حدودها العلّامة عزّ الدّين يوسف الأردبيلي الشّافعي [1] صاحب كتاب
«الأنوار في الفقه» .
ذكره العثماني في «طبقاته» فيمن هو باق إلى سنة خمس وسبعين، وقال:
كبير القدر، غزير العلم، أناف على التسعين، جمع كتابا في الفقه سمّاه
«الأنوار» مجلدان لطيفان، عظيم النّفع، اختصر به «الروضة» وغيرها،
وجعله خلاصة المذهب، وهو باق بأردبيل، أفاض الله عليه فضله الجزيل.
انتهى.
وله «شرح مصابيح البغوي» في ثلاثة أجزاء.
وفي حدودها أيضا الأمير الفاضل ناصر الدّين محمد بن المقر الأشرف
العالي الأمير البدري حسن كلي [2] ، أحد الأمراء الكبار بالديار
المصرية.
كان فقيها حنبليا فاضلا ذكيا، له خط حسن إلى الغاية، وشعره في غاية
الحسن، منه قوله:
قلب المتيّم كاد أن يتفتّتا ... فإلى متى هذا الصّدود إلى متى
يا معرضين عن المشوق تلفتوا ... فعوائد الغزلان أن تتلفّتا
كنّا وكنتم والزّمان مساعد ... عجبا لذاك الشّمل كيف تشتّتا
صدّ وبعد واشتياق دائم ... ما كلّ هذا الحال يحمله الفتى
وفي حدودها أيضا الشيخ أبو طاهر إبراهيم بن يحيى بن غنّام المعبّر
الحنبلي [3] .
كان فاضلا، عالما، وله كتاب حسن في التعبير على حروف المعجم، رحمه الله
تعالى.
__________
[1] انظر «الدّرر الكامنة» (4/ 484) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة
(4/ 186- 187) .
[2] ترجم له العليمي في «المنهج الأحمد» الورقة (465) من القسم المخطوط
الذي لم ينشر بعد.
[3] ترجم له العليمي في «المنهج الأحمد» الورقة (465) من القسم
المخطوط.
(8/456)
سنة ثمانين وسبعمائة
فيها كان الحريق العظيم بمصر بدار التّفاح ظاهر باب زويلة، لولا أن
السور منع النّار النفوذ لاحترق أكثر المدينة، وأقام الناس في شيل
التراب أكثر من ثلاثة أشهر.
وفيها برهان الدّين إبراهيم بن عبد الله الحكري المصري [1] .
قال ابن حجر: ولي قضاء المدينة، وكان عارفا بالعربية، وشرح «الألفية»
ثم رجع فمات بالقدس في جمادى الآخرة، وقد ناب في الحكم عن البلقيني في
الخليل والقدس، وأمّ عنه نيابة في الجامع بدمشق.
وفيها أبو العبّاس أحمد بن سليمان بن محمد العدناني البرشكي- بكسر
الموحدة والراء وسكون المعجمة بعدها كاف [2]-.
قال ابن حجر: ولد صاحبنا المحدّث زين الدّين عبد الرحمن.
روى عن الوادياشي، والشريف المغربي، واشتغل ومهر، وله حواش على «رياض
الصالحين» للنووي في مجلد، وله تأليف.
روى عنه عبد الله بن مسعود بن علي بن القرشية وغيره، من أهل تونس.
وفيها أحمد بن عبد الله العجمي المعروف بأبي ذر [3] .
قدم مصر بعد أن صحب الشريف حيدر بن محمد، فأقام مدة ثم رجع إلى
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 277) .
[2] انظر «إنباء الغمر» (1/ 278) .
[3] انظر «إنباء الغمر» (1/ 279) .
(8/457)
القدس وبه مات، واشتهر على ألسنة العوام
باذار، وكان يعرف علم الحرف، ويدرّس كتب ابن العربي، وله اشتغال في
المعقول وذكاء، وكان كثير التقشف، وللناس فيه اعتقاد.
مات في ذي الحجّة، وقد أضرّ، وجاوز السبعين.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن محمد بن عبد الله بن ملك [1] بن مكتوم
العجلوني [2] بن خطيب بيت لهيا.
ولد سنة تسع وسبعمائة، وسمع من الحجّار، وإسماعيل بن عمر الحموي،
وغيرهما، وحدّث. وكان رئيسا وجيها، وله عدة مشاركات. مات في المحرم.
وفيها أبو بكر بن الحافظ تقي الدّين محمد بن رافع [3] .
ولد في رمضان سنة ست وثلاثين وسبعمائة، وأسمعه أبوه من زينب بنت
الكمال، والجزري، وغيرهما. وحدّث، ودرّس بالعزيزية بعد أبيه، ومات في
رجب.
وفيها الحسن بن سالار بن محمود الغزنوي ثم البغدادي الفقيه الشافعي [4]
.
رحل قديما، فسمع من الحجّار وغيره، ثم رجع، وحدّث ببغداد «صحيح
البخاري» عن الحجّار و «تلخيص المفتاح» عن مصنّفه الجلال القزويني،
وتوفي في شوال.
وفيها بهاء الدين داود بن إسماعيل القلقيني [5] نسبة إلى قرية بين
نابلس والرّملة.
كان فاضلا شافعيا. درّس وأفتى، وسكن في حلب.
ذكره القاضي علاء الدّين في «تاريخه» .
__________
[1] كذا في «ط» و «إنباء الغمر» وفي «آ» : «ابن مالك» .
[2] انظر «إنباء الغمر» (1/ 279) و «الدّرر الكامنة» (1/ 255) .
[3] انظر «إنباء الغمر» (1/ 281) .
[4] انظر «إنباء الغمر» (1/ 281- 282) و «الدّرر الكامنة» (2/ 55) .
[5] انظر «إنباء الغمر» (1/ 282) .
(8/458)
وفيها ضياء الدّين عبد الله بن سعد الله بن
محمد بن عثمان القزويني القرمي، ويسمى أيضا ضياء، ويعرف بقاضي القرم
العفيفي الشافعي [1] ، أحد العلماء.
تفقه في بلاده، وأخذ عن القاضي عضد الدّين وغيره، واشتغل على أبيه
البدر التّستري، والخلخالي، وتقدم في العلم حتّى إن السّعد التّفتازاني
قرأ عليه، وحجّ قديما، وسمع من العفيف المطري بالمدينة. وكان اسمه عبيد
الله فغيّره لموافقته اسم عبيد الله بن زياد بن أبيه قاتل الحسين، وكان
يستحضر المذهبين، ويفتي فيهما، ويحسن إلى الطلبة بجاهه وماله، مع
الدّين المتين، والتواضع الزائد، وكثرة الخير، وعدم الشّرّ، وكانت
لحيته طويلة جدا بحيث تصل إلى قدميه ولا ينام إلّا وهي في كيس، وكان
إذا ركب يفرقها فرقتين، وكان عوام مصر إذا رأوه قالوا: سبحان الخالق،
فكان يقول: عوامّ مصر مؤمنون حقّا لأنهم يستدلون بالصّنعة على الصّانع،
ولما قدم القاهرة استقرّ في تدريس الشافعية بالشيخونية والبيبرسية وغير
ذلك، وكان لا يملّ من الاشتغال حتّى في حال مشيه، وركوبه، ويحلّ
«الكشّاف» و «الحاوي» حلّا إليه المنتهى، حتّى قيل: إنه يحفظهما، وكان
يقول: أنا حنفي الأصول شافعي الفروع، وكان يدرس دائما بغير مطالعة،
وكتب إليه زين الدّين طاهر بن الحسن بن حبيب:
قل لربّ النّدى ومن طلب العل ... م مجدّا إلى سبيل السّواء
إن أردت الخلاص من ظلمة الجه ... ل فما تهتدي بغير ضياء
فأجاب:
قل لمن يطلب الهداية منّي ... خلت لمع السّراب بركة ماء
ليس عندي من الضّياء شعاع ... كيف يبغى الهدى من اسم الضّياء
توفي في ثالث ذي الحجّة من هذه السنة، كما جزم به ابن حجر بالقاهرة.
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 282- 283) و «النجوم الزاهرة» (11/ 193) ،
وسمّاه السخاوي في «الذيل التام على دول الإسلام» «عبيد الله بن سعد» .
(8/459)
وفيها عبد الله بن عبد الله الجبرتي [1]
صاحب الزاوية بالقرافة، أحد من يعتقد بالقاهرة. مات في سادس عشر
المحرم.
وفيها عبد الله بن محمد بن سهل المرسي المغربي، نزيل الإسكندرية، ويعرف
بالشيخ نهار [2] .
كان أحد من يعتقد ببلده، ويذكر عنه مكاشفات كثيرة.
مات في جمادى الأولى. قاله ابن حجر.
وفيها عزّ الدّين عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم ابن العجمي
الحلبي [3] .
سمع من أبي بكر أحمد بن العجمي، وسمع منه ابن ظهيرة، والبرهان المحدّث،
وغيرهما. وكان شيخا منقطعا عن الناس من بيت كبير.
مات راجعا من الحج في ثالث المحرم.
وفيها محيي الدّين عبد الملك بن عبد الكريم بن يحيى بن محمد بن علي بن
محمد بن يحيى القرشي بن الزكي [4] الدمشقي [5] .
كان من بيت كبير بدمشق، وسمع من زينب بنت [6] الكمال وغيرها، وطلب
بنفسه واشتغل، وحدّث، وناب في الحكم، ودرّس، وكان من الرؤساء.
مات في ذي القعدة، ولم يكمل الخمسين.
__________
[1] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 477) و «إنباء الغمر» (1/ 284)
و «النجوم الزاهرة» (11/ 194) و «حسن المحاضرة» (1/ 527) .
[2] انظر «طبقات الأولياء» ص (571) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/
478) و «إنباء الغمر» (1/ 284) و «النجوم الزاهرة» (11/ 194) .
[3] انظر «إنباء الغمر» (1/ 285) و «الدّرر الكامنة» (2/ 372) .
[4] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «التركي» والتصحيح من «إنباء الغمر» .
[5] انظر «إنباء الغمر» (1- 285- 286) .
[6] لفظة «بنت» سقطت من «ط» .
(8/460)
وفيها علي بن صالح بن أحمد بن خلف بن أبي
بكر الطّيبي ثم المصري [1] .
سمع من الحجّار ووزيرة، وحدّث عن ابن مخلوف بالسادس من «الثقفيات»
سماعا. وسمع منه أبو حامد بن ظهيرة بالقاهرة، ومات في سابع عشر المحرم.
وفيها صلاح الدّين محمد بن تقي الدّين أحمد بن العزّ إبراهيم بن عبد
الله ابن أبي عمر محمد بن محمد بن قدامة المقدسي الصالحي الحنبلي [2] ،
مسند الدنيا في عصره.
ولد سنة أربع وثمانين وستمائة، وتفرّد بالسماع من الفخر ابن البخاري.
سمع منه «مشيخته» وأكثر «مسند أحمد» و «الشمائل» و «المنتقى الكبير» من
«الغيلانيات» . وسمع من التّقي الواسطي، وأخيه محمد، وأحمد بن عبد
المؤمن الصّوري، وعيسى المغاري، والحسن بن علي الخلّال، والعزّ
الفرّاء، والتّقي بن مؤمن، ونصر الله بن عبّاس في آخرين، وأجاز له في
سنة خمس وثمانين جماعة من أصحاب ابن طبرزد، وخرّج له الياسوفي «مشيخة»
، وحدّث بالإجازة عن النّجم بن المجاور، وعبد الرحمن بن الزّين، وزينب
بنت مكّي، وزينب بنت العلم، وأسمع الكثير، ورحل الناس إليه، وتزاحموا
عليه، وأكثروا عنه، وكان ديّنا، صالحا، حسن الإسماع، خاشعا، غزير
الدّمعة، لا يكاد يمسك دمعته إذا قرئ عليه الحديث أو ذكر صلّى الله
عليه وسلّم.
أمّ بمدرسة جدّه، وأسمع الحديث أكثر من خمسين سنة، وقد أجاز لأهل مصر
خصوصا من عموم. قال ابن حجر: فدخلنا في ذلك.
__________
[1] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 478) و «إنباء الغمر» (1/ 286)
و «الدّرر الكامنة» (3/ 55) .
[2] انظر «إنباء الغمر» (1/ 288- 289) و «النجوم الزاهرة» (11/ 195) و
«الدّرر الكامنة» (3/ 304) و «المقصد الأرشد» (2/ 363) و «الجوهر
المنضد» ص (130- 131) .
(8/461)
مات في شوال عن ست وتسعين سنة وأشهر، ونزل
الناس بموته درجة، ودفن بتربة جدّه بسفح قاسيون.
وفيها أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن جابر الأندلسي الهوّاري [1]
المالكي النحوي الأعمى، رفيق أبي جعفر الرّعيني، وهما المشهوران
بالأعمى والبصير.
كان ابن جابر هذا يؤلّف وينظم، والرّعيني يكتب، ولم يزالا هكذا على طول
عمرهما إلى أن اتفق أن ابن جابر تزوّج فوقع بينه وبين رفيقه، فتهاجرا
[2] ، ومات رفيقه في العام الماضي، وكتب ابن فضل الله في «المسالك» عن
ابن جابر شيئا من شعره، ومات قبله بدهر، وذكر أنه حرص على أن يجتمع به
فلم يتفق ذلك، وذكره الصّلاح الصّفدي في «تاريخه» ومات قبله بكثير.
ومن تصانيف ابن جابر «شرح الألفية» لابن مالك، وهو كتاب مفيد جليل
يعتني بإعراب الأبيات، وله «نظم الفصيح» و «نظم كفاية المتحفظ» و
«بديعية» نظمها عال، وله شرح على «ألفية ابن معطي» في ثلاث مجلدات،
وأجاز لمن أدرك حياته.
وفيها محمد بن إسماعيل بن أحمد الدمشقي الفرّاء [3] الأشقر، الملقب
بالقزل [4] .
سمع المزّي، وابن القرشية [5] ، والبرزالي، وجماعة من أصحاب ابن عبد
__________
[1] انظر «الوافي بالوفيات» (2/ 157- 158) و «إنباء الغمر» (1/ 290) و
«الدّرر الكامنة» (3/ 339) و «غاية النهاية» (2/ 60) و «بغية الوعاة»
(1/ 34- 35) .
[2] في «آ» و «ط» : «فتهاجروا» والتصحيح من «بغية الوعاة» مصدر
المؤلّف.
[3] تحرفت في «ط» إلى «العز» .
[4] انظر «إنباء الغمر» (1/ 291) .
[5] في «الوافي بالوفيات» (5/ 337) : «ابن القريشة» وهو خطأ، وقد قيدها
الصفدي في الكتاب كما جاءت في كتابنا ولكن لم ينتبه لذلك محقق الجزء
المذكور المستشرق س. ديدرينغ. وفي «إنباء الغمر» : «ابن الفريسة» وهو
خطأ أيضا.
وهو إبراهيم بن بركات ابن أبي الفضل، وقد تقدمت ترجمته في ص (219) .
(8/462)
الدائم، وحدّث، وكان دمث الأخلاق يحب أصحاب
الحديث وأصحاب ابن تيميّة.
وحفظ القرآن على كبر وحفظه عليه جماعة.
توفي في ربيع الآخر.
وفيها ضياء الدّين محمد بن محمد بن سعيد بن عمر بن علي الهندي
الصّغّاني [1] ، نزيل المدينة ثم مكة، الفاضل الحنفي، صاحب الفنون.
قال ابن حجر: هو والد صاحبنا شهاب الدّين بن الضّياء قاضي الحنفية الآن
بمكة، وقد ادعى والده أنهم من ذرّيّة الصّغّاني، وأن الصّغّاني من
ذرّيّة عمر بن الخطاب، وكان الضّياء قد سمع على الجمال المطري، والقطب
بن مكرم، والبدر الفارقي، وكان سبب تحوله من المدينة أنه كان كثير
المال، فطلب منه جمّاز أميرها شيئا فامتنع، فسجنه، ثم أفرج عنه، فاتفق
أنهما اجتمعا بالمسجد، فوقع من جمّاز كلام في حقّ أبي بكر وعمر، رضي
الله عنهما، فكفّره الضياء وقام من المجلس، فتغيب وتوصل إلى ينبع،
واستجار بأميرها أبي الغيث، فأرسله إلى مصر، فشنّع على جمّاز، فأمر
السلطان بقتله، فقتل في الموسم، فنهب آل جمّاز دار الضّياء، فتحول إلى
مكة، فتعصب له يلبغا، فقرّر له درسا للحنفية في سنة ثلاث وستين،
فاستمرّ مقيما بمكة إلى أن مات، وكان عارفا بالفقه والعربية، شديد
التعصب للحنفية، كثير الوقيعة في الشافعية.
وفيها محمد بن محمد بن عثمان بن أبي بكر الطّبري [2] .
سمع من جدّه عثمان وجماعة بدمشق ومكة، وحدّث، وأخذ عنه السّراج
الدّمنهوري وغيره، وكتب الكثير، وتوجّه إلى بلاد الهند سنة ثمان
وخمسين، فأقام بها إلى أن مات.
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 292- 293) و «الدّرر الكامنة» (4/ 177) و
«الدليل الشافي» (2/ 691) .
[2] انظر «إنباء الغمر» (1/ 294) .
(8/463)
وفيها الأمير موسى بن محمد بن شهري- بضم
المعجمة وسكون الهاء- التّركماني [1] ، أحد أكابر الأمراء والنوّاب في
سيس وغيرها من البلاد الشمالية.
كان يحب العلم ويذاكر، ويفهم كثيرا، ويتمذهب للشافعي، ويقال: إن
الباريني أذن له في الإفتاء، وكان ذلك في سنة وفاته، وتوفي في رمضان
وقد جاوز الأربعين.
__________
[1] انظر «إنباء الغمر» (1/ 295) و «الدّرر الكامنة» (4/ 380) و
«الدليل الشافي» (2/ 753) و «النجوم الزاهرة» (1/ 195) .
(8/464)
|