شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة إحدى وستين
وثمانمائة
فيها توفي برهان الدّين إبراهيم بن محمد بن محمد بن محمد بن سليمان بن
علي البعلي [1] الشافعي، المعروف بابن المراحلي [2] .
كان إماما فاضلا نبيلا.
توفي في ذي الحجّة عن أربع وثمانين سنة.
وفيها أبو العبّاس أحمد بن محمد بن عبد الغني السوسي [3] الحنفي العارف
بالله تعالى المسلك العالم العامل القطب الغوث.
قال المناوي في «طبقاته» : كان من أفراد الصّلحاء المسلّكين بالقاهرة.
عالي الرّتبة جدا، حتى يقال: إن الشيخ محمد الحنفي إنما نال ما وصل
إليه بلحظه.
وكان تفقّه على ذوي المذاهب الأربعة. وله كرامات ومكاشفات، منها أن
الكمال بن الهمام لما دخل مكّة سأل العارف عبد الكريم الحضرمي أن يريه
القطب فوعده لوقت معين، ثم دخل معه فيه إلى المطاف، وقال له: ارفع
رأسك، فرفع،
__________
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (1/ 159) و «الذيل التام على دول
الإسلام» (2/ 67) من المنسوخ.
[2] تنبيه: كذا في «آ» و «ط» و «المنتخب» لابن شقدة الورقة (272/ ب) من
نسخة شستربتي، والصفحة (1250) من نسخة الشيخ الرئيس تاج الدّين الحسني:
«المعروف بابن المراحلي» وفي «الضوء اللامع» و «الذيل التام» :
«المعروف بابن المرحّل» .
[3] تنبيه: كذا في «آ» و «ط» : «المنتخب» لابن شقدة (272/ ب) :
«السّوسي» والصواب «السّرسي» كما في مصادر الترجمة. والسّرسي: نسبة إلى
«سرس» من أعمال المنوفية. انظر «التحفة السّنية» ص (105) .
(9/436)
فوجد شيخا على كرسي بين السماء والأرض،
فتأمله فإذا هو صاحب الترجمة، فاندهش [1] ، وصار يقول من دهشته بأعلى
صوته: هذا صاحبنا، ولم نعرف مقامه، فاختفى عنه، ولما رجع الكمال إلى
مصر بادر للسلام عليه، وقبّل قدميه، فقال:
أكتم ما رأيته [2] .
وتوفي بالقاهرة عن نحو ثمانين سنة ودفن بالقرافة.
وفيها القاضي قاسم بن القاضي جلال الدّين أبي [الفضل عبد الرحمن بن]
عمر البلقيني [3] الشافعي [4] الإمام العالم.
توفي في شوال عن خمس وستين سنة. قاله في «ذيل الدول» .
وفيها كمال الدّين محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد بن مسعود السيواسي
ثم الإسكندري، المعروف بابن الهمام الحنفي [5] الإمام العلّامة.
قال في «بغية الوعاة» : ولد سنة تسعين وسبعمائة، وتفقه بالسّراج قارئ
الهداية، ولازمه في الأصول وغيرها، وانتفع به وبالقاضي محبّ الدّين بن
الشّحنة لما دخل القاهرة سنة ثلاث عشرة، ولازمه، ورجع معه إلى حلب،
وأقام عنده إلى أن مات، وأخذ العربية عن الجمال الحميديّ والأصول.
وغيره عن البساطي [6] ،
__________
[1] في «ط» : «فدهش» .
[2] أقول: وهذا أيضا من الشطحات. (ع) .
[3] تحرفت نسبته في «آ» و «ط» إلى «التلفيتي» والتصحيح من مصادر
الترجمة.
[4] ترجمته في «الدليل الشافي» (2/ 527) و «النجوم الزاهرة» (16/ 188)
و «معجم الشيوخ» لابن فهد ص (197) و «الضوء اللامع» (6/ 181) و «الذيل
التام على دول الإسلام» (2/ 68) من المنسوخ وما بين الحاصرتين مستدرك
منها.
[5] ترجمته في «الدليل الشافي» (2/ 650) و «النجوم الزاهرة» (16/ 187)
وقد تحرفت نسبته فيه إلى «السيرامي» و «معجم الشيوخ» لابن فهد ص (240-
241) و «الضوء اللامع» (8/ 127) و «الذليل التام» (2/ 69) من المنسوخ،
و «بغية الوعاة» (1/ 166) وما بين الحاصرتين في الترجمة مستدرك منه.
[6] تحرفت ترجمته في «بغية الوعاة» إلى «السّنباطي» فلتصحح، والبساطي
نسبة إلى «بساط» من قرى الغربية بالأعمال البحرية من أعمال مصر. كما في
«الضوء اللامع» (7/ 5) وهو محمد بن أحمد بن عثمان بن نعيم البساطي، وقد
تقدمت ترجمته في وفيات سنة (842) من هذا المجلد ص (356) .
(9/437)
والحديث عن أبي زرعة ابن العراقي، والتّصوف
[1] عن الخوافي [1] ، والقراآت عن الزّراتيتي، وسمع الحديث عن الجمال
الحنبلي، والشمس الشامي، وأجاز له المراغي، وابن ظهيرة [1] ورقية
المدنية [1] ، وتقدم على أقرانه، وبرع في العلوم، وتصدى لنشر العلم
فانتفع به خلق، وكان علّامة في الفقه، والأصول، والنحو، والتصريف،
والمعاني، والبيان، والتصوف، والموسيقي وغيرها، ومحقّقا، جدليا،
نظّارا.
وكان يقول: [1] أنا [1] لا أقلّد في المعقولات أحدا.
وقال البرهان الأبناسي من أقرانه: طلبت حجج الدّين ما كان في بلدنا من
يقوم بها غيره.
وكان للشيخ نصيب وافر ممّا لأرباب الأحوال من الكشف والكرامات، وكان
تجرّد أولا بالكلّية، فقال له أهل الطريق: ارجع فإنّ للناس حاجة بعلمك.
وكان يأتيه الوارد كما يأتي الصّوفيّة لكنه [2] يقلع عنه بسرعة لأجل
مخالطته للناس [3] .
أخبرني بعض الصّوفية من أصحابه أنه كان عنده في بيته الذي بمصر، فأتاه
الوارد، فقام مسرعا [4] .
قال الحاكي: وأخذ بيدي يجرّني، وهو يعدو في مشيه [5] ، وأنا أجري معه
إلى أن وقف عليّ المراكب، فقال: ما لكم واقفين ها هنا؟ فقالوا: أوقفتنا
[6] الرّيح. وما هو باختيارنا، فقال: هو الذي يسيّركم، وهو الذي
يوقفكم. قالوا: نعم.
قال الحاكي: وأقلع عنه الوارد، فقال [لي] : لعلي شققت عليك؟ قال:
__________
[1، 1] ما بين الرقمين مستدرك من «بغية الوعاة» .
[2] في «بغية الوعاة» : «إلا أنه» .
[3] في «آ» و «ط» : «بالناس» وما أثبته من «بغية الوعاة» مصدر المؤلف.
[4] أقول: وهذا أيضا من الشطحات. (ع) .
[5] في «بغية الوعاة» : «في مشيته» .
[6] في «آ» و «ط» : «أوقفنا» وما أثبته من «بغية الوعاة» .
(9/438)
فقلت: أي والله، وانقطع قلبي من الجري.
فقال: لا تأخذ عليّ فإني لم أشعر بشيء مما فعلته.
وكان الشيخ يلازم لبس الطّيلسان كما هو السّنّة، ويرخيه كثيرا على وجهه
وقت حضور الشيخونية. وكان يخفّف الحضور جدا ويخفّف صلاته، كما هو شأن
الأبدال، فقد نقلوا أن صلاة الأبدال خفيفة.
وكان الشيخ أفتى برهة من عمره، ثم ترك الإفتاء جملة.
وولي من الوظائف تدريس الفقه بالمنصورية وبقبّة الصالح، وبالأشرفية،
[التي بقرب المشهد النّفيسي، ثم نزل عنها لشيخنا الشيخ سيف الدّين
الحنفي تلميذه، لما قرّره الأشرف برسباي شيخنا في مدرسته عوضا عن
العلاء الرّومي، ثم رغب عنها، واستقرّ بعد ذلك في مشيخة] الشيخونية [1]
، فباشرها مدة أحسن مباشرة، غير ملتفت إلى أحمد من الأكابر وأرباب
الدولة، ثم رغب عنها لمّا جاور بالحرمين، واستقرّ بعده شيخنا العلّامة
محيي الدّين الكافيجي.
وكان حسن اللّقاء، والسّمت، والبشر، والبزّة، طيّب النّغمة، مع الوقار
والهيبة والتواضع المفرط، [والإنصاف] والمحاسن الجمّة. وكان أحد
الأوصياء عليّ.
وله تصانيف، منها «شرح الهداية» سمّاه «فتح القدير للعاجز الفقير» وصل
فيه إلى أثناء الوكالة، و «التحرير في أصول الفقه» و «المسايرة» [2] في
أصول الدّين، و «كرّاسة في إعراب سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم»
. وله «مختصر» في الفقه سمّاه «زاد الفقير» . وله نظم نازل.
مات يوم الجمعة سابع رمضان. انتهى.
__________
[1] في «آ» و «ط» : «وبالأشرفية والشيخونية» .
[2] تحرفت في «بغية الوعاة» إلى «والمسامرة» فلتصحح.
(9/439)
سنة اثنتين وستين
وثمانمائة
فيها وقع في بولاق حريق لم يسمع بمثله.
وفيها توفي إبراهيم الزيّات المجذوب [1] .
قال المناوي في «طبقاته» : كان معتقدا عند الخاصة والعامة، يزوره
الأكابر والأصاغر. وله خوارق وكرامات كثيرة، وقصد للزيارة من الآفاق.
وكان غالب أكله اللّوز.
مات في ذي القعدة بموضع مقامه بقنطرة قديدار. انتهى.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن محمد بن حسين القاهري السّيفي يشبك الحنفي
الصّوفي، ويعرف بابن مبارك شاه [2] .
قال في «ذيل الدول» : [3] كان إماما علامة [3] . انتهى.
وفيها- أو في التي قبلها، وبه جزم العليمي [4] في «طبقاته» - تقي
الدّين
__________
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (1/ 184) .
[2] ترجمته في «بدائع الزهور» (2/ 345) و «الضوء اللامع» (2/ 65) و
«الذيل التام على دول الإسلام» (2/ 73) من المنسوخ و «نظم العقيان» ص
(54- 57) .
[3، 3] ما بين الرقمين لم يرد في الأصل المعتمد في تحقيق ومراجعة
«الذيل التام على دول الإسلام» لذا لزم التنبيه.
[4] في «آ» و «ط» : «العلموي» وهو سبق قلم من المؤلف والصواب ما أثبته
فإنه ينقل عن «المنهج الأحمد» للعليمي الورقة (496) .
(9/440)
أبو الصّدق أبو بكر بن إبراهيم بن يوسف بن
قندس البعلي [1] الحنبلي الإمام العلّامة ذو الفنون.
ولد على ما كتبه بخطه قرب [2] سنة تسع وثمانمائة، وسمع على التاج بن
بردس وغيره، وتفقّه في المذهب، وحفظ «المقنع» وعني بعلم الحديث كثيرا.
وقرأ الأصول على ابن العصياتي بحمص، وأذن له بالإفتاء والتدريس جماعة،
منهم الشيخ شرف الدّين بن مفلح، ثم قرأ المعاني والبيان على الشيخ يوسف
الرّومي، والنحو على ابن أبي الجوف، وكان مفنّنا في العلوم، ذا ذهن
ثاقب، ثم بعد وفاة شيخه ابن مفلح طلبه الشيخ عبد الرحمن بن داود وأجلسه
في مدرسة شيخ الإسلام أبي عمر، فتصدى لإقراء الطلبة ونفعهم، ثم ولي
نيابة الحكم عن العزّ البغدادي مدة، ثم ترك ذلك، وأقبل على الاشتغال في
العلم وكسب يده، وأخذ عنه العلم جماعة وانتفعوا به، منهم شيخ المذهب
علاء الدّين المرداوي، والشيخ تقي الدّين الجراعي، وغيرهما من الأعلام.
وكان من عباد الله الصّالحين، وله «حاشية على الفروع» و «حاشية على
المحرّر» .
وتوفي يوم عاشوراء ودفن بالروضة قريبا من الشيخ موفق الدّين.
وفيها تقريبا داود بن محمد بن إبراهيم بن شدّاد بن المبارك النّجدي
الأصل الرّبيعي النسب الحموي المولد الحنبلي، المعروف بالبلاعي [3]-
نسبة إلى بلدة تسمّى البلاعة- الفقيه الفرضي.
أخذ العلم عن قاضي القضاة علاء الدّين بن المغلي. وكان له يد طولى في
الفرائض والحساب. ومن تلامذته الأعيان من قضاة طرابلس وغيرها.
وتوفي بحماة.
__________
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (11/ 14) و «المنهج الأحمد» الورقة (496)
و «القلائد الجوهرية» (2/ 397) و «السحب الوابلة» ص (124) .
[2] في «المنهج الأحمد» : «قريب» .
[3] ترجمته في «المنهج الأحمد» الورقة (497- 498) و «السحب الوابلة» ص
(166) وقد تأخرت ترجمته في «آ» إلى ما بعد ترجمة القاضي نور الدّين
التالية.
(9/441)
وفيها القاضي نور الدّين علي بن محمد بن
أقبرس الشافعي [1] الإمام العلّامة.
قال في «العنوان» : ولد سنة إحدى وثمانمائة بالقاهرة، وأخبرني أنه تلا
بالسبع على الشّمس الزراتيتي [2] ، والشيخ أمير حاج، وأنه أخذ الفقه عن
الشيخ شمس الدّين الأبو صيري، والشيخ عزّ الدّين بن جماعة، والشمس
البرماوي.
والمنطق [3] . وكان رفيقه الكمال بن الهمام عن الجلال الهندي، وأثنى
على علمه به، ولازم الشمس البساطي فانتفع به في النحو، والتصريف،
والمعاني، والبيان، والأصلين، والمنطق، وغير ذلك. وعنده فضيلة، وكلامه
أكثر من فضيلته، وعنده جرأة وطلاقة لسان وقدرة على الدخول في الناس،
وعلى صحبة الأتراك. صحب جقمق العلائي، ولازمه حتّى عرف به، فلما ولي
السلطنة حصل له منه حظ وولّاه وظائف، منها نظر الأوقاف، ووسّع في دنياه
جدا. وناب في القضاء للشمس الهروي وغيره، وله نظم وسط ربما وقع فيه
الجيد، وكذا نثره، وسمع شيخنا ابن حجر وغيره، وحجّ، وجاور، وسافر إلى
دمشق، وزار القدس، ودخل ثغر إسكندرية ودمياط.
ومن نظمه:
يا ربّ ما لي غير رحمتك التي ... أرجو النّجاة بها من التّشديد
مولاي لا علمي ولا عملي إذا ... حوسبت ما عندي سوى التّوحيد
انتهى ملخصا.
وتوفي بالقاهرة في صفر وقد جاوز الستين.
__________
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (5/ 292) و «الذيل التام على دول
الإسلام» (2/ 72) من المنسوخ و «الدليل الشافي» (1/ 480) و «النجوم
الزاهرة» (16/ 190) .
[2] تصحفت في «ط» : إلى «الزراتيني» .
[3] كأن لفظة «والمنطق» هنا قد أثبتها المؤلف رحمه الله أثناء النقل عن
«الضوء اللامع» من مكانها الصحيح بعد سطرين، والله أعلم.
(9/442)
وفيها نور الدّين أبو الحسن علي بن محمد
المتبولي، الشهير بابن الرزّاز الحنبلي [1] الإمام العلّامة.
كان من أعيان فقهاء الدّيار المصرية وقضاتها، باشر نيابة القضاء عن ابن
المغلي ومن بعده، وكان يكتب على الفتوى عبارة حسنة.
وتوفي بالقاهرة في حادي عشر ربيع الأول ودفن بتربة الشيخ نصر المنبجي.
وفيها زين الدّين عبد الرحمن بن محمد بن خالد بن زهر [2] الحنبلي
الحمصي [3] .
كان من أهل الفضل. قرأ «المقنع» على والده، وروى الحديث بسند عال، روى
عن الشيخ شمس الدّين بن اليّونانية عن الحجّار. وكان ملازما للعبادة
والخشوع والصّلاح.
__________
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (6/ 15) و «المنهج الأحمد» الورقة (497)
من المخطوط و «السحب الوابلة» ص (310) .
[2] في «الضوء اللامع» و «السحب الوابلة» : «ابن زهرة» .
[3] ترجمته في «الضوء اللامع» (4/ 129) و «السحب الوابلة» ص (211) و
«المنهج الأحمد» الورقة (498) .
(9/443)
سنة ثلاث وستين
وثمانمائة
فيها توفي شهاب الدّين أحمد بن محمد بن صالح بن عثمان الأشليمي [1] ثم
الحسيني القاهري الشافعي [2] الإمام العلّامة [3] .
وفيها شهاب الدّين أحمد بن محمد بن المجد المخزومي الحنبلي النابلسي
[4] الإمام العالم.
توفي بنابلس.
وتوفي فيها أيضا في هذه السنة زين الدّين عبد المغيث ابن الأمير ناصر
الدّين محمد بن عبد المغيث الحنبلي [5] .
وفيها برهان الدين أبو الخير إبراهيم بن أحمد بن عبد الكافي الطّباطبي
[6] المقرئ الصّوفي الشافعي السّيّد الشريف.
__________
[1] في «آ» و «ط» ومعظم المصادر «الأسليمي» بالسين المهملة وهو خطأ،
والصواب ما أثبته نقلا عن «نظم العقيان» و «الأشليمي» نسبة إلى «أشليم»
من أعمال الغريبة بمصر. انظر «التحفة السّنية» ص (64) وتعليقنا على
ترجمته في «الذيل التام على دول الإسلام» للسخاوي.
[2] ترجمته في «الضوء اللامع» (2/ 114) و «الذيل التام على دول
الإسلام» (2/ 77) من المنسوخ، و «نظم العقيان» ص (58) .
[3] قال السخاوي: ويعرف بابن صالح، وأورد من نظمه:
وقد حفظ الله الحديث بحفظه ... فلا ضائع إلّا شذا منه طيّب
وما زال يملأ الطّرس من بحر صدره ... لآلئ إذ يملي علينا ونكتب
[4] ترجمته في «المنهج الأحمد» الورقة (498) و «السحب الوابلة» ص (104)
.
[5] ترجمته في «المنهج الأحمد» الورقة (498) و «الضوء اللامع» (5/ 84)
و «السحب الوابلة» ص (272) .
[6] ترجمته في «الضوء اللامع» (1/ 14) و «التحفة اللطيفة» (1/ 101-
102) ، و «الذيل التام على دول الإسلام» (2/ 77) من المنسوخ.
(9/444)
قال المناوي: كان يطلق بكل صالحة يده
ولسانه، ويطوي على المعارف اليقينية جنانه، ولا يلتفت إلى الدنيا ولا
يقبلها، ويشتري حاجته من السوق ويحملها.
أخذ عن المحبّ الطّبري، والكمال الكازروني، والحافظ ابن حجر.
وتصدى للإقراء بالحرمين، وأخذ عنه الأماثل، وله اليد الطولى في التصوف،
وعنه أخذ جدّنا الشّرف المناوي التصوف، واستمرّ ملازما طريقته المرضية
إلى أن حان أجله وأدركته المنيّة، وتوفي بمكة. انتهى.
وفيها شمس الدّين محمد بن عبد الله بن خليل بن أحمد البلاطنسي [1] ثم
الدمشقي الشافعي [2] الإمام العالم.
توفي في صفر عن أربع وستين سنة.
وفيها شمس الدّين محمد بن محمد بن علي بن أحمد الحموي ثم الحلبي
الشافعي الصّوفي، ويعرف بابن الشمّاع [3] .
كان إماما، عالما، عاملا [4] ، زاهدا، علّامة.
توفي بطيبة المشرّفة في ذي القعدة عن بضع وسبعين سنة، ودفن بالبقيع.
__________
[1] قلت: البلاطنسي: نسبة إلى «بلاطنس» بضم الطاء والنون والسين
المهملة: حصن منيع بسواحل الشام مقابل اللاذقية من أعمال حلب. انظر
«معجم البلدان» (1/ 478) .
[2] ترجمته في «الضوء اللامع» (8/ 86) و «الذيل التام على دول الإسلام»
(2/ 76) من المنسوخ، و «نظم العقيان» ص (150) و «النجوم الزاهرة» (16/
199) .
[3] ترجمته في «الضوء اللامع» (9/ 143) و «الذيل التام على دول
الإسلام» (2/ 76- 77) من المنسوخ.
[4] لفظة «عاملا» سقطت من «آ» .
(9/445)
سنة أربع وستين
وثمانمائة
فيها كان الطّاعون العظيم بغزّة، ثم الشام والقدس، ومات فيه من لا
يحصى.
وفيها توفي برهان الدّين إبراهيم بن علي بن محمد بن داود البيضاوي ثم
المكّي الشافعي، ويعرف بالزّمزمي [1] الإمام العلّامة.
توفي في ربيع الأول عن ست وثمانين سنة.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن علي بن محمد بن الشحّام [2] الحنبلي المؤذن
بالجامع الأموي.
ولد في خامس عشري المحرم سنة إحدى وثمانين وسبعمائة، وسمع من جماعة،
وروى عنه جماعة من الأعيان.
وتوفي بالقدس الشريف في نهار الثلاثاء تاسع جمادى الآخرة.
وفيها تقريبا قاضي القضاة تقي الدّين أبو الصّدق أبو بكر بن محمد بن
الصّدر البعلي الحنبلي [3] .
ولد سنة سبع وسبعين وسبعمائة، وروى عمّن عن الحجّار. وسمع على الشيخ
شمس الدّين بن اليّونانية البعلي ببعلبك. وولي قضاء طرابلس مدة
__________
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (1/ 86) و «معجم الشيوخ» لابن فهد ص (45-
46) .
[2] ترجمته في «الضوء اللامع» (2/ 41) و «السحب الوابلة» ص (85) .
[3] ترجمته في «الضوء اللامع» (11/ 90) و «السحب الوابلة» ص (134) .
(9/446)
طويلة، وكان حسن السيرة، وأجاز الشيخ نور
الدّين العصياتي، وأخذ عنه جماعات.
وفيها جلال الدّين محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم المحلّي [1]
الشافعي تفتازاني العرب، الإمام العلّامة.
قال في «حسن المحاضرة» : ولد بمصر سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، واشتغل،
وبرع في الفنون، فقها، وكلاما، وأصولا، ونحوا، ومنطقا، وغيرها.
وأخذ عن البدر محمود الأقصرائي، والبرهان البيجوري، والشمس البساطي،
والعلاء البخاري، وغيرهم.
وكان علّامة، آية في الذكاء والفهم. كان بعض أهل عصره يقول فيه: إن
ذهنه يثقب الماس. وكان هو يقول عن نفسه: إنّ فهمي لا يقبل الخطأ، ولم
يك [2] يقدر على الحفظ، وحفظ كرّاسا من بعض الكتب فامتلأ بدنه حرارة.
وكان غرّة هذا العصر في سلوك طريق السّلف، على قدم من الصّلاح والورع،
والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، يواجه بذلك أكابر الظّلمة
والحكّام، ويأتون إليه فلا يلتفت إليهم، ولا يأذن لهم في الدخول عليه.
وكان عظيم الحدّة جدا لا يراعي أحدا في القول، يؤسي في عقود المجالس
على قضاة القضاة وغيرهم وهم يخضعون له ويهابونه ويرجعون إليه، وظهرت له
كرامات، وعرض عليه القضاء الأكبر فامتنع، وولي تدريس الفقه بالمؤيّدية
والبرقوقية، وقرأ عليه جماعة. وكان قليل الإقراء، يغلب عليه الملل
والسآمة، وسمع الحديث من الشّرف بن الكويك.
وكان متقشفا في مركوبه وملبوسه، ويتكسّب بالتجارة، وألّف كتبا تشدّ
إليها الرّحال في غاية الاختصار والتحرير والتنقيح وسلاسة العبارة وحسن
المزج والحل، وقد
__________
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (7/ 39) و «الذيل التام على دول الإسلام»
(2/ 80- 81) من المنسوخ، و «حسن المحاضرة» (1/ 442) و «صفحات لم تنشر
من بدائع الزهور في وقائع الدهور» لابن إياس ص (68) و «الأعلام» (5/
333) و «معجم المؤلفين» (8/ 311- 312) وكتابي «زهرات الياسمين» ص (75-
77) طبع مكتبة دار العروبة بالكويت.
[2] في «آ» : «ولم يكن» وكلاهما بمعنى.
(9/447)
أقبل عليها الناس وتلقوها بالقبول
وتداولوها، منها «شرح جمع الجوامع» في الأصول، و «شرح المنهاج» في
الفقه، و «شرح بردة المديح» و «مناسك» و «كتاب في الجهاد» ومنها أشياء
لم تكمل ك «شرح القواعد» لابن هشام، و «شرح التسهيل» كتب منه قليلا
جدا، و «حاشية على شرح جامع المختصرات» و «حاشية على جواهر الأسنوي» و
«شرح الشمسية» في المنطق، وأجلّ كتبه التي لم تكمل «تفسير القرآن» كتب
منه من أول الكهف إلى آخر القرآن، وهو ممزوج محرّر في غاية الحسن، وكتب
على الفاتحة وآيات يسيرة من البقرة وقد كملته [1] بتكملة على نمطه من
أول البقرة إلى آخر الإسراء [2] .
وتوفي في أول يوم من سنة أربع وستين وثمانمائة انتهى.
__________
[1] القائل: الحافظ جلال الدّين السيوطي في «حسن المحاضرة» مصدر
المؤلف.
[2] قلت: واشتهر هذا التفسير من بعد ذلك ب «تفسير الجلالين» وقد طبع
عدة مرات في مصر والشام ولبنان، آخرها طبعته المتقنة الجيدة المصادرة
عن دار ابن كثير، وقد تفضل بالتقديم لها والدي الأستاذ المحدّث الشيخ
عبد القادر الأرناؤوط، وقمت أنا بالتعريف بالجلالين عقب تقديمه، وقد
صدرت هذه الطبعة عام (1407) هـ- وأعيد طبعها مصورة عدة مرات آخرها هذا
العام.
(9/448)
سنة خمس وستين
وثمانمائة
في صفرها كان بمكّة سيل عظيم [1] .
وفيها توفي الملك الأشرف سيف الدّين أبو النصر إينال العلائي [2] تسلطن
في صبيحة يوم الاثنين لثمان مضين من شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسين
وثمانمائة، وهو الثاني عشر من ملوك الجراكسة وأولادهم، وهو جركسي جلبه
الخواجا علاء الدّين إلى مصر، فاشتراه الظّاهر برقوق، وأعتقه الناصر
فرج بن برقوق، وتنقّل في الدولة إلى أن صار في أيام الأشرف برسباي أمير
مائة مقدّم ألف، وولاه الظّاهر جقمق الدوادارية الكبرى، إلى أن جعله
أتابكا، واستمر إلى أن تسلطن، وتم أمره في الملك، وطالت أيّامه نحو
ثمان سنين وشهرين وأياما. وكان طويلا، خفيف اللحية، بحيث اشتهر بإينال
الأجرود، وكان قليل الظّلم، قليل سفك الدماء، متجاوزا عن الخطأ
والتقصير، إلّا أن مماليكه ساءت سيرتهم في الناس، واستمرّ سلطانا إلى
أن خلع نفسه من السلطنة وعقدها لولده الملك المؤيد شهاب الدّين أبي
الفتح أحمد بن إينال العلائي في يوم الأربعاء رابع عشر ليلة خلت من
جمادى الأولى. وتوفي والده بعد ذاك بيوم واحد، ثم خلعه أتابكة خشقدم
بعد خمسة أشهر وخمسة أيام، وولي السلطنة عوضه الملك الظّاهر خشقدم يوم
الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان.
__________
[1] ذكر هذا الخبر السخاوي في «الذيل التام على دول الإسلام» (2/ 84)
من المنسوخ بأطول مما هنا.
[2] ترجمته في «الضوء اللامع» (2/ 328) و «النجوم الزاهرة» (16/ 57) و
«الدليل الشافي» (1/ 175) .
(9/449)
وفيها القاضي شهاب الدّين أحمد بن محمد بن
محمد بن عمر البلقيني [1] الإمام العالم.
توفي في ذي القعدة عن ثلاث وخمسين سنة.
وفيها عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم الكناني الحموي،
المعروف بابن جماعة [2] .
توفي في ذي القعدة عن خمس وثمانين سنة.
وفيها أبا علوي عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن اليمني الصّوفي [3]
.
كان شيخ حضرموت، وركنها، وصوفيّها، وزاهدها. له أتباع وخدم، مع الولاية
الظّاهرة والأسرار الباهرة.
وتوفي في رمضان.
__________
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (2/ 188) و «الذيل التام» (2/ 89) من
المنسوخ.
[2] ترجمته في «الضوء اللامع» (5/ 51) و «الذيل التام» (2/ 88) من
المنسوخ.
[3] ترجمته في «الضوء اللامع» (5/ 16) و «الذيل التام على دول الإسلام»
(2/ 91) من المنسوخ.
(9/450)
|