شذرات الذهب في أخبار من ذهب

سنة ست عشرة وتسعمائة
فيها كما قال في «النور» : انقض كوكب عظيم من نصف الليل آخذا في الشام وأضاءت الدّنيا لذلك إضاءة عظيمة حتّى لو أن الإنسان حاول رؤية الذرّ لم يمتنع عليه ثم غاب في الجهة الشامية وبقي أثره في السماء ساعة طويلة [1] .
وفيها زلزلت مدينة زبيد زلزالا شديدا ثم زلزلت مرة أخرى ثم ثالثة وانقض في عصر ذلك اليوم كوكب عظيم من جهة المشرق آخذا في جهة الشام ورئي نهارا وحصل عقبه رجفة عظيمة كالرّعد الشديد وزلزلت مدينة موزع ونواحيها زلزالا عظيما ما سمع بمثله واستمرت تتردد ليلا ونهارا زلازل صغار وزلازل [2] كبار، وقد أضرّت بأهل الجهة إضرارا عظيما حتى تصدعت البيوت، ولم يسلم بيت من تشعّث، وتشقّقت الأرض المعدّة للزراعة، وتهدّمت القبور واختلطت الآبار.
انتهى [3] .
وفيها توفي برهان الدّين إبراهيم بن محمد بن سليمان بن عون بن مسلم بن مكّي بن رضوان الهلالي الدمشقي الحنفي، المعروف بابن عون [4] مفتي الحنفية بدمشق.
ولد سنة خمس وخمسين وثمانمائة. وأخذ الحديث عن جماعة منهم الحافظان السخاوي والدّيمي، وترجمه الثاني في إجازته بالشيخ الإمام الأوحد المقرئ المجوّد العالم المفيد، وتفقه بجماعة منهم ابن قطلوبغا، وأخذ عنه ابن طولون.
__________
[1] انظر «النور السافر» ص (93) .
[2] في «أ» : «زلزال صغار وزلزال كبار» وهو خطأ.
[3] انظر «النور السافر» ص (93) .
[4] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 101) .

(10/104)


وتوفي ليلة الأحد سادس عشر شوال بدمشق ودفن بباب الصغير قبلي جامع جرّاح.
وفيها شهاب الدّين [1] أحمد بن شعبان [بن علي بن شعبان] [2] الإمام العلّامة العمدة.
قال في «الكواكب» : أخذ العلم والحديث عن الشهاب الحجازي والشرف المناوي والجلال أبي هريرة وعبد الرحمن القمصي والمسند الشمس الملتوتي [3] الوفائي، وتلقّن الذكر من العارف بالله زين الدين الحافي الشبريسي، والجمال بن نظام الشيرازي بجامع الأزهر وغيرهما، ولبس الخرقة القادرية والسّهروردية والأحمدية من جماعات.
وتوفي بغزة.
وفيها السلطان العادل المجاهد أبو الفتح أحمد [4] بن محمد [5] ، صاحب كجرات من بلاد الهند.
قال السخاوي في «الضوء» : ولد سنة ثمان وأربعين وثمانمائة تقريبا.
أسلم جدّه [6] مظفّر على يد محمد شاه صاحب دلي وكان عاملا له على فتن من كجرات، فلما وقعت الفتن في مملكة دلي وتقسمت البلاد كان الذي خصّ مظفرا كجرات، ثم وثب عليه ابنه وسجنه، ولم يلبث أن استفحل أمر الأب بحيث قتل ولده، ثم بعد سنين انتصر أحمد لأبيه وقتل جدّه واستقر في كجرات. وخلفه ابنه غياث الدّين، ثم ابنه قطب الدّين، ثم أخوه داود، فلم يلبث سوى أيام، وخلع واستقر أخوهم أحمد شاه صاحب الترجمة، وذلك في سنة ثلاث وستين حين كان ابن خمس عشرة سنة ودام في المملكة إلى الآن وأخذ من الكفّار قلعة
__________
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 134) .
[2] ليس ما بين القوسين في «آ» .
[3] في «ط» : «الملتوني» وهو تحريف.
[4] ترجمته في «الضوء اللامع» (2/ 91- 10/ 144) و «النور السافر» (92) .
[5] في «الضوء اللامع» : «محمود» .
[6] في «الضوء اللامع» : «أسلم جد جده» .

(10/105)


الشبابانير [1] فابتناها مدينة [2] وسماها أحمد أباد، ومن جملة ممالكه كناية. انتهى وقال في «النور» : قال جار الله بن فهد أقول: وعمّر بمكة رباطا مجاور باب الدربية عرف بالكنباتية [3] ، وقرّر به جماعة ودروسا وغير ذلك، وكان يرسل لهم مع أهل الحرمين عدة صدقات، ثم قطعها لما بلغه استيلاء النظار عليها، واستمر على ولايته إلى أن توفي يوم الأحد ثاني رمضان بأحمد أباد.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن محمد الفرغاني [4] الإمام العلّامة الصّالح القاضي.
توفي يوم الأربعاء ثامن عشري المحرم بمدينة تعز.
وفيها محبّ الدّين أبو بكر أحمد بن شرف الدّين أبي القاسم محمد [5] بن محمد بن أحمد بن محمد الشيخ الإمام خطيب الخطباء بالمسجد الحرام، وإمام الموقف الشريف القرشي الهاشمي العقيلي النّويري المكي الشافعي.
أخذ عن أبي الفتح المراغي، وسمع «ثلاثيات البخاري» على جدّته لأمّه أم الفضل خديجة وتدعى سعادة بنت وجيه الدّين عبد الرحمن بن أبي الخير محمد بن فهد المكّي، وعلى العلّامة البرهان الزّمزمي وعلى أخيه المحبّ الزّمزمي كلهم عن أبي [6] إسحاق إبراهيم بن محمد الرّسام عن الحجّار، وله شيوخ آخرون، وأجاز البرهان العمادي في السنة التي قبلها.
وتوفي في هذه السنة ظنا.
وفيها القاضي بدر الدّين حسن بن القاضي زين الدّين أبي بكر بن مزهر [7] كاتب أسرار القاهرة.
__________
[1] في «الضوء اللامع» : «الشيابانية» .
[2] تكررت اللفظة في «أ» .
[3] في «النور السافر» : «باب المدينة عرف بالكبنابيتية» .
[4] ترجمته في «النور السافر» (92) .
[5] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 126) .
[6] في «أ» : «ابن» وهو تحريف.
[7] ترجمته في «الكواكب السائرة» (176) .

(10/106)


قال في «الكواكب» [1] : صودر وحبس، ثم ضرب بحضرة السلطان الغوري، ثم عصر ثم لف القصب والمشاق على يديه وأحرقت، ثم عصر رأسه ثم أحمي له الحديد ووضع على ثدييه [2] وقطع ثديه، وأطعم لحمه، واستمرّ في العذاب إلى أن مات بقلعة مصر، وعذّب عذابا شديدا رحمه الله تعالى.
وكانت وفاته يوم الأربعاء رابع رجب سنة ست عشرة وتسعمائة. انتهى قلت: الصحيح موته في اليوم المذكور من الشهر المذكور لكن سنة عشر، والله أعلم.
وفيها بدر الدّين أبو علي حسن بن علي بن عبيد بن أحمد بن عبيد [3] بن إبراهيم المرداوي [4] ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي.
حفظ القرآن العظيم، وعدة كتب واشتغل على جماعة من آخرهم الشيخ زين الدّين بن العيني، وقرأ عليه شرحيه على «الألفية» و «الخزرجية» وأخذ الحديث عن ابن السّلمي، وابن الشريفة، والنظام بن مفلح، ورحل مع الجمال بن المبرد إلى بعلبك، فسمع بها غالب مسموعاته، وسمع على جماعة كثيرين، وكان له خط حسن، وكان يتكسب بالشهادة وهو من شيوخ ابن طولون ومجيزيه.
توفي يوم الخميس تاسع رمضان.
وفيها رضي الدّين الصّدّيق بن عبد العليم [5] إقبال القرتبي [6] .
قال في «النور» : كان فقيها، نبيلا، سريا.
توفي عصر يوم الثلاثاء من عشر ذي الحجّة ودفن بمجنة باب القرتب بجوار مشهد الفقيه أبي بكر بن علي الحداد. انتهى
__________
[1] في «أ» : «الكوكب» وهو خطأ.
[2] في «ط» : «يديه» وهو تحريف.
[3] ترجمته في «متعة الأذهان» (ق 36) و «الكواكب السائرة» (1/ 178) .
[4] في «الكواكب السائرة» : «المرادي» وهو تحريف.
[5] ترجمته في «النور السافر» (1/ 93) .
[6] في «ط» : «القربتي» وهو تحريف.

(10/107)


وفيها شمس الدّين علي بن موسى المشرع [1] عجيل.
كان فقيها خيّرا.
توفي بزبيد ليلة الاثنين خامس جمادى الأولى.
وفيها- تقريبا- زين الدّين عبد الرحيم بن صدقة المكّي الشافعي [2] .
كان إماما، علّامة، ورعا، زاهدا، قرأ عليه البرهان العمادي الحلبي [3] أحاديث من الكتب الستة، وأجازه برباط العباس تجاه المسجد الحرام في العشر الأول من الحجّة سنة خمس عشرة وتسعمائة. قاله في «الكواكب» .
وفيها القاضي [4] جلال الدّين محمد بن عمر بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد القادر بن هبة الله النّصيبي [5] الحلبي الشافعي سبط المحبّ أبي الفضل بن الشّحنة.
ولد في ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وثمانمائة بحلب، وحفظ «المنهاجين» و «الألفيتين» و «جمع الجوامع» وعرض ذلك على الجمال الباعوني وأخيه البرهان، والبدر بن قاضي شهبة، والنجم بن قاضي عجلون وأخيه التقوي، وأخذ الفقه عن أبي ذرّ، والأصول والنحو عن السّلامي، وولده الزّيني عمر ثم قدم القاهرة على جدّه لأمه سنة ست وسبعين وثمانمائة، فأخذ عن الجوجري [6] وغيره، وقرأ «شرح الألفية» لابن أم قاسم على الشّمنيّ، وقرأ على السخاوي بعض مؤلفاته، وبرع، وتميّز، وناب في القضاء بالقاهرة ودمشق وحلب، وولي قضاء حماة وقضاء حلب أنشد فيه بعضهم لما ولي قضاء حماة:
حماة مذ صرت بها قاضيا ... استبشر الداني مع القاصي
__________
[1] ترجمته في «النور السافر» (93) .
[2] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 235) .
[3] في «آ» : «الحنبلي» .
[4] في «أ» : «قاضي» .
[5] ترجمته في «در الحبب» (2/ 1/ 236) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 69) .
[6] في «أ» : «الجوهري» وهو تحريف.

(10/108)


وكلّ من فيها أتى طائعا ... إليك وانقاد لك العاصي
وكان ذا فطنة، وحافظة مع رفاهية، وجمع تعليقا على «المنهاج» سماه «الابتهاج» في أربع مجلدات، واختصر «جمع الجوامع» وجمع كتابا كبيرا فيه نوادر وأشعار. وله شعر حسن منه تخميس الأبيات المشهورة لابن العفيف:
غبتم فطرفي من الهجران ما غمضا ... ولم أجد عنكم لي في الهوى عوضا
فيا عذولا بفرط اللّوم قد نهضا ... للعاشقين بأحكام الغرام رضا
فلا تكن يا فتى بالعذل معترضا ... أنا الوفيّ بعهد ليس ينتقض
وإن هم نقضوا عهدي وإن رفضوا ... فقلت لما بقتلي بالأسى فرضوا
روحي الفداء لأحبابي وإن نقضوا ... عهد الوفاء الذي للعهد ما نقضا
أحبابنا ليس لي عن عطفكم بدل ... وعن غرامي ووجدي لست أنتقل
يا سائلي عن أحبّائي وقد رحلوا ... قف واستمع سيرة الصّبّ الذي قتلوا
فمات في حبّهم لم يبلغ الغرضا ... قد حمّلوه غراما فوق ما يسع
وعذّبوا قلبه هجرا وما انتفعوا ... دعي أجاب توالى سهده هجعوا
رأى فحبّ فرام الصبر فامتنعوا ... فسام صبرا فأعيا نيله فقضى
وتوفي في ثالث عشر رمضان.
وفيها بدر الدّين محمد بن محمد الشّهير بابن الياسوفي [1] الدمشقي الشافعي المفتي المدرّس.
ولد سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وسافر إلى القاهرة مرارا آخرها مطلوبا مع جماعة مباشري الجامع الأموي [2] في جمادي الآخرة سنة ست عشرة
__________
[1] ترجمته في «متعة الأذهان» (101) و «الكواكب السائرة» (1/ 20) .
[2] في «أ» : (الأموي الجامع) وفوق كل لفظة منهما حرف ميم.

(10/109)


وتسعمائة، فحصل له قبل دخول القاهرة توعك، واستمرّ إلى رابع يوم من وصوله إليها فتوفي يوم الاثنين تاسع رجب منها.
وفيها شرف الدّين موسى بن عبد الله بن عبد الله [1] ، الشّهير بابن جماعة المقدسي [2] الشافعي الإمام العلّامة خطيب المسجد الأقصى.
ولد في حادي عشري رجب سنة خمس وأربعين وثمانمائة، وأجازه الشيخ زين الدّين بن الشيخ خليل وغيره.
قال في «الأنس الجليل» : اشتغل في العلم على والده وغيره وخطب بالمسجد الأقصى، وله نحو خمس عشرة سنة، واستقرّ في الخطابة مشاركا لبقية الخطباء هو وأخوه الخطيب بدر الدّين محمد. قال: وأعاد الخطيب شرف الدّين بالمدرسة الصلاحية وفضل وتميّز، وصار من أعيان بيت المقدس، وهو رجل خيّر من أهل العلم وعنده فصاحة في الخطبة وعلى صوته الأنس والخشوع والناس سالمون من لسانه ويده. انتهى ودخل دمشق مع والده حين أسمع والده بها غالب مسموعاته، وكان والده من الأكابر يرحل للأخذ عنه، وكان صاحب الترجمة رجلا مهيبا.
وتوفي ببيت المقدس في رجب أو شعبان.
__________
[1] ترجمته في «متعة الأذهان» (ق 104) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 309) .
[2] في «ط» : «القدسي» وهو تصحيف.

(10/110)


سنة سبع عشرة وتسعمائة
فيها كما قال في «النّور السّافر» [1] : ولدت مولودة بقرية النّويدرة من اليمن وطلب من يؤذن في أذنها فحين بلغ (أشهد أن محمدا رسول الله) سمع الطفلة تقول: (الله أكبر الله أكبر) ثلاث مرات.
وفيها [2] خسف بفيل السلطان عامر بن عبد الوهاب المسمى مرزوق بقرية يقال لها الركز من زوايا الشيخ شهاب الدّين قطب زمانه أحمد بن علوان قريبا من قرية بفرس [3] وكان قد أدخله بيت بعض فقراء الشيخ كرها وسألهم ما لا طاقة لهم بتسليمه فلم يشعروا حتى غاب أكثر الفيل في الأرض من قبل رجليه فصرخ صرخات ومات ألا [4] رحم الله سائسه فكان عبرة لمن رأى ولم يقدر أحد على إخراج شيء منه من موضع الخسف [2] . انتهى.
وفيها توفي برهان الدّين إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج بن عبد الله الحنبلي [5] مفتي الحنابلة الإمام العلّامة.
ولد في ربيع الأول سنة ست وخمسين وثمانمائة، وأخذ عن أبيه وغيره.
وتوفي بقرية مضايا من الزّبداني ليلة الجمعة سادس عشر شعبان، وحمل ميتا إلى منزله بالصالحية، ودفن بالروضة قرب والده.
__________
[1] انظر «النور السافر» (96) .
[2] «النور السافر» (97) .
[3] في ط: «بغرس» .
[4] «ط» : «لا» .
[5] ترجمته في «متعة الأذهان» ق (25) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 108) ، و «السحب الوابلة» (29) .

(10/111)


وفيها تقي الدّين أبو بكر بن الحافظ ناصر الدّين محمد بن زريق الحنبلي [1] الدمشقي الصالحي.
كان إماما علّامة توفي يوم السبت ثاني عشر صفر.
وفيها- تقريبا- أبو الخير بن نصر [2] .
قال في «الكواكب» : هو شيخ البلاد الغربية [3] من أعمال مصر، ومحيي السّنّة بها.
توفي في أواسط حدود هذه الطبقة، رحمه الله تعالى. انتهى وفيها صفي الدّين أحمد بن عمر المزجدالي [4] .
قال في «النّور» : كان فقيها إماما عالما [5] عاملا صالحا مفتيا مدرّسا.
توفي ضحى يوم الخميس رابع المحرم وأسف عليه والده أسفا كثيرا وصبر. انتهى.
وفيها أبو القاسم بن علي بن موسى [6] المشرع [7] .
قال في «النور» : كان فقيها صالحا حصل له في ليلة الجمعة حاد عشر ربيع الأول وهو قاعد في بيته بين الناس لقراءة مولد النبي صلّى الله عليه وسلم من ضربه على رأسه فانكسر فأقام تسعة أيام ثم مات ولم يعلم قاتله ودفن بمرجام إلى جنب أبيه وجده انتهى.
وفيها شهاب الدّين أحمد الفيّومي [8] .
قال في «الكواكب» : هو الشيخ العلّامة خطيب جامع بردبيك بدمشق وهو
__________
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 113) .
[2] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 120) .
[3] في «أ» «العربية» وهو تصحيف.
[4] ترجمته في «النور السافر» (96) .
[5] ليست اللفظة في «ط» .
[6] في «ط» : «أبو موسى» وهو تحريف وانظر «النور السافر» .
[7] ترجمته في «النور السافر» (97) .
[8] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 151) .

(10/112)


المعروف بالجامع الجديد خارج بابي الفراديس والفرج [أي وهو المعروف الآن بجامع المعلق] [1] .
توفي ثاني شهر رمضان [2] وأخذ عنه الخطابة صاحب والد الشيخ يونس العيثاوي [3] واستمرت في يده إلى أن مات.
وفيها المولى باشا جلبي العالم ابن المولى زيرك الرّومي الحنفي [4] .
كان من الأفاضل. وله ذكاء تام، ولطف محاورة. وتخرّج عنده كثير من الطلبة، وكان من مشاهير المدرّسين، وتنقل في التدريس [5] حتى ولي إحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنة، وتوفي وهو مدرّس بها في حدود هذه السنة، وله شريك في اسمه سيأتي إن شاء الله تعالى.
وفيها السيد الشريف الحسين بن عبد الله العيدروس [6] .
ولد سنة إحدى وستين وثمانمائة. وكان عالما بالكتاب والسّنّة، حافظا لكتاب الله تعالى، مواظبا على تلاوته ليلا ونهارا، قائما بما جرى عليه سلفه من الأوراد والأذكار وإكرام الوافدين والفقراء والمساكين وبذل الجاه في الشفاعات للمسلمين وإصلاح ذات بينهم، ولله درّ من قال فيه:
إنّ الحسين تواترت أخباره ... في فضله عن سادة فضلاء
غيث يسحّ على العفاة سحابه ... سحّا إذا شحّت يد الأنواء
تال لآثار النبيّ محمد ... متمسك بالسّنّة البيضاء
ورث المكارم والعلى عن سادة ... ورثوا عن الآباء فالآباء
__________
[1] زيادة من المؤلف ابن العماد الحنبلي وليست في «الكواكب» .
[2] كذا في «أ» : «ثاني شهر رمضان» وليست لفظة «شهر» في «ط» .
[3] في «أ» : «العيتاوي» وهو تصحيف.
[4] ترجمته في «الشقائق النعمانية» (244) ، و «الطبقات السنية» (2/ 227) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 163) .
[5] في «الكواكب» مصدر المؤلف: «في التداريس» .
[6] ترجمته في «النور السافر» (94) .

(10/113)


وروي عن والده أنه كان يقول: كنت كثير الدعاء في سجودي أن يرزقني الله ولدا عالما سنيا، وأرجو أن يكون هو الحسين.
قال في «النور» : وكان مشاركا في جميع العلوم المنطوق منها والمفهوم.
ومن مشايخه الفقيه عبد الله بن أحمد باكثير، والقاضي إبراهيم بن ظهيرة، والشيخ عبد الهادي السّودي قبل أن ينجذب.
وكانت له اليد الطولى في علم الفلك.
وحجّ وجاور بمكة سنتين، وزار قبر جدّه مرتين.
وتوفي بتريم في سادس عشر المحرم ودفن عند أبيه. انتهى وفيها خليل العالم الفاضل المولى الرّومي الحنفي [1] المشهور بمنلا خليل [2] .
كان حليما كريما متواضعا متخشعا إلّا أنه كان يغلب عليه الغفلة في سائر أحواله.
درّس في بعض مدارس الرّوم ثم بإحدى الثمانية، ثم بمدرسة أدرنة ثم أعطى قضاء القسطنطينية في دولة السلطان أبي [3] يزيد ثم قضاء العسكر الأناضولي ثم الرّوم إيلي، ومات على ذلك في أوائل دولة السلطان سليم خان. قاله في «الكواكب» .
وفيها العارف بالله تعالى رستم خليفة الرّومي البرسوي الحنفي [4] .
أصله من قصبة كونيك من ولاية أناضولي [5] . وأخذ الطريق عن العارف حاجي خليفة الرّومي، وكان له خوارق ويتستر [6] بتعليم الأطفال ولا يتكلم إلّا عن ضرورة، وله إنعام تام على الأغنياء والفقراء، وإذا أهدى إليه أحد شيئا كافأه
__________
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 191) ، و «الفوائد البهية» (72) .
[2] في مصدريه: (منلا خليلي) .
[3] في (أ) : (أبا) وهي خطأ.
[4] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 194) ، و «الشقائق النعمانية» (210) .
[5] في «أ» : (أناطولي) ، وفي «الكواكب» : (أناظولي) .
[6] في «أ» : (وتستّر) .

(10/114)


بأضعافه [1] . ولم يكن له منصب ولا مال. وحكى عن نفسه أنه رمد مرة فلم ينفعه الدواء، فرأى رجلا فقال له: يا ولدي اقرأ المعوّذتين في الركعتين الأخيرتين من السنن المؤكدة. قال: فداومت على ذلك فشقي بصري. وكان بعض جماعته يرى أن ذلك الرجل هو الخضر عليه السلام. وتوفي ببروسا ودفن بها.
وفيها- تقريبا- المولى عبد الوهاب بن عبد الكريم الفاضل ابن الفاضل المولى ابن المولى الرومي الحنفي [2] . قرأ على جماعة منهم المولى عذارى والمولى لطفي التوقاتي والمولى خطيب زاده [3] والمولى القسطلاني.
وكان ذكيا عارفا بالعلوم الشرعية والعقلية مهيبا طارحا للتكلف مع أصحابه ودرّس [4] بالقسطنطينية ثم صار حافظا لدفتر الديوان السلطاني، ثم ولي قضاء بعض البلاد قاله في «الكواكب» [5] .
وفيها علاء الدّين علي بن محمد بن علي بن عبد الله بن مليك الحموي [6] ثم الدمشقي الفقاعي الحنفي الشاعر.
ولد بحماة سنة أربعين وثمانمائة، وأخذ الأدب عن الفخر عثمان بن العيد [7] التّنوخي وغيره. وأخذ النحو والعروض عن بهاء الدّين بن سالم، وقدم دمشق فتسبّب ببيع الفقّاع عند قناة العوني. ثم تركه وصار يتردّد إلى دروس الشيخ برهان الدّين بن عون. وأخذ عنه فقه الحنفية. وصارت له فيه يد طولى، وشارك في اللغة والنحو والصرف. وكان له معرفة بكلام العرب، وبرع في الشعر، حتى لم يكن له نظير في فنونه وجمع لنفسه ديوانا [8] في نحو خمس عشرة كراسة، وخمّس المنفرجة، ومدح النبيّ صلّى الله عليه وسلم بعدة قصائد.
__________
[1] في «ط» : (بأضعانه) وهو تحريف.
[2] ترجمته في «الكواكب» (1/ 257) .
[3] في «أ» : (ذاده) بالذال وهو خطأ.
[4] في «أ» : (درس من غير الواو.
[5] في «أ» : (كوكب) وهو خطأ.
[6] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 261- 263) ، و «ريحانة الألباء» للخفاجي ص (96- 99) و «معجم المؤلفين» (7/ 219) .
[7] في «ط» : (الصد) ، وفي «الكواكب» : (العبد) .
[8] سمّاه «النفحات الأدبية من الرياض الحموية» منه نسخة في الظاهرية رقمها (5791) وورقاتها (72) ورقة. انظر «فهرس الشعر» (412) .

(10/115)


ومن لطائفه قوله [1] :
لم أجعل الفقّاع لي حرفة ... إلّا لمعنى حسنك الشّاهد
أقابل الواشي بالحدّ وال ... عاذل أسقيه من البارد
ومنها:
ولمّا احتمت منا الغزالة في السّما ... وعزّت على قنّاصها أن تنالها
نصبنا شباك الماء في الأرض حيلة ... عليها فلم نقدر فصدنا خيالها
ومن لطائفه [2] :
يا من به رقّ شعري ... وزاد بالنّعت وصفه
قد مزّق الشّعر شاشي ... والقصد شيء ألفّه
وكان له صوف عتيق فقلبه وقال [2] :
قد كان لي صوف عتيق طالما ... قد كنت ألبسه بغير تكلّف
والآن لي قد قال حين قلبته ... قلبي يحدّثني بأنّك متلفي [3]
وحكي عنه أنه مرّ بالمرجة على قوم جلوس للشرب، وكانوا يعرفونه، فدعوه إلى الزاد، فقعد عندهم يذاكرهم. فبينما هم كذلك إذ جاءهم جماعة الوالي فأخذوهم وأخذوه معهم، فلما وصلوا للقاضي للتسجيل عليهم عرفه القاضي، فلامه فقال [2] :
والله ما كنت رفيقا لهم ... ولا دعتني للهوى داعيه
وإنّما بالشّعر نادمتهم ... لأجل ذا ضمّتني القافيه
__________
[1] البيتان في «الكواكب السائرة» (1/ 261) .
[2] البيتان في «الكواكب السائرة» (1/ 262) .
[3] هذا الشطر تضمين لبيت عمر بن الفارض:
قلبي يحدثني بأنك متلفي ... روحي فداك عرفت أم لم تعرف
انظر «ديوانه» - دار صادر- ص (151) .

(10/116)


فخلوا عنه وله دوبيت:
الطرف يقول قد رماني القلب ... والقلب لناظري يقول الذنب
والله لقد عجبت من حالهما ... هذا دنف ودمع هذا صبّ
وشعره كله جيد.
وتوفي في شوال بدمشق ودفن بمقبرة باب الفراديس.
وفيها العارف بالله سيدي علي بن ميمون بن أبي بكر بن علي بن ميمون [1] بن أبي بكر بن يوسف بن إسماعيل بن أبي بكر بن عطاء الله بن حسون بن سليمان بن يحيى بن نصر الشيخ المرشد المربي القدوة الحجة ولي الله تعالى السيد الحسيب النسيب الشريف أبو الحسن بن ميمون الهاشمي القرشي المغربي الغماري التباسي.
أصله من جبل غمارا- بالغين المعجمة من معاملة فاس- وسكن مدينة فاس، واشتغل بالعلم ودرّس. ثم ولي القضاء، ثم ترك ذلك ولازم الغزو على السواحل، وكان رأس العسكر ثم ترك ذلك أيضا وصحب مشايخ الصوفية منهم الشيخ عرفة القيرواني فأرسله إلى أبي العبّاس أحمد التّوزي الدبّاسي- ويقال التباسي بالتاء- ومن عنده توجه إلى المشرق.
قال الشيخ موسى الكناوي: فدخل بيروت في أول القرن العاشر، وكان اجتماع سيدي محمد بن عراق به أولا هناك ولما دخل بيروت استمرّ ثلاثة أيام لم يأكل شيئا فاتفق أن ابن عراق كان هناك فأتي بطعام فقال لبعض جماعته أدع لي ذلك الفقير فقام السيد علي وأكل، وقال ابن عراق لأصحابه: قوموا بنا نزور الإمام الأوزاعي فصحبهم ابن ميمون لزيارته، ففي أثناء الطريق لعب ابن عراق على جواده كعادة الفرسان فعاب عليه ابن ميمون، فقال له: أتحسن لعب الخيل أكثر مني؟ قال:
نعم. فنزل ابن عراق عن فرسه فتقدم إليها ابن ميمون فحلّ الحزام، وشدّه كما يعرف،
__________
[1] ترجمته في «متعة الأذهان» (66) ، و «الشقائق النعمانية» (212- 213) و «الكواكب السائرة» (1/ 271- 278) ، و «جامع كرامات الأولياء» (2/ 188- 190) .

(10/117)


وركب ولعب على الجواد، فعرفوا مقداره في ذلك، ثم انفتح الأمر بينهما إلى أن أشهر الله تعالى سيدي علي بن ميمون.
وقال في «الشقائق» : إنه دخل القاهرة وحجّ منها ثم دخل البلاد الشامية وربي كثيرا من الناس ثم توطن مدينة بروسا ثم رجع إلى البلاد الشامية وتوفي بها.
قال: وكان لا يخالف السّنّة حتى نقل عنه أنه قال: لو أتاني السلطان أبو يزيد بن عثمان لا أعامله إلّا بالسّنّة، وكان لا يقوم للزائرين ولا يقومون له وإذا جاءه أحد من أهل العلم يفرش له جلد شاة تعظيما له. وكان قوّالا بالحق، لا يخاف في الله لومة لائم، وكان له غضب شديد إذا رأى في المريدين منكرا يضربهم بالعصا.
قال: وكان لا يقبل وظيفة ولا هدايا الأمراء والسلاطين، وكان مع ذلك يطعم كل يوم عشرين نفسا من المريدين وله أحوال كثيرة ومناقب عظيمة. انتهى.
وكان من طريقته ما حكاه عنه سيدي محمد بن عراق في كتابه «السّفينة» أنه لا يرى لبس الخرقة ولا إلباسها.
وذكر الشيخ علوان أنه كان لا يرى الخلوة ولا يقول بها، وكان يقول جواب الزفوت السكوت.
ومن وصاياه اجعل تسعة أعشارك صمتا وعشرك كلاما.
وكان يقول: الشيطان له وحي وفيض فلا تغتروا بما يجري في نفوسكم وعلى ألسنتكم من الكلام في التوحيد والحقائق حتّى تشهدوه من قلوبكم.
وكان ينهي أصحابه عن الدخول بين العوام وبين الحكام ويقول: ما رأيت لهم مثلا إلا الفأر والحيّات، فإن كلا منهما مفسد في الأرض، وكان شديد الإنكار على علماء عصره ويسمي القضاة القصاة.
ومن كلامه: لا ينفع الدار إلّا ما فيها.
ومنه: لا تشتغل بعدّ أموال التجار وأنت مفلس.
ومنه: اسلك ما سلكوا تدرك ما أدركوا.
ومنه: عجبت لمن وقع عليه نظر المفلح كيف لا يفلح.

(10/118)


ومنه: كنزك تحت جدارك وأنت تطلبه من عند جارك.
وله من المؤلفات «شرح الجرومية» على طريقة الصّوفية، وكتاب «غربة الإسلام في مصر والشام وما والاهما من بلاد الروم والأعجام» ورسائل عدة منها رسالة لطيفة سمّاها «تنزيه الصديق عن وصف الزّنديق» ترجم فيها الشيخ محي الدّين بن العربي ترجمة في غاية الحسن والتعظيم.
وذكر ابن طولون أنه دخل دمشق في أواخر سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، ونزل بحارة السّكة بالصالحية وهرع الناس إليه للتبرك به. وممن صعد إليه للأخذ عنه الشيخ عبد النّبيّ شيخ المالكية، والشيخ شمس الدّين بن رمضان شيخ الحنفية، وتسلكا على يديه هم وخلق من الفضلاء.
وقال سيدي محمد بن عراق في «سفينته» : إنه لم يشتهر في بلاد العرب بالعلم والمشيخة والإرشاد إلّا بعد رجوعه من الرّوم إلى حماة سنة إحدى عشرة، ثم قدم منها إلى دمشق في سابع عشري رجب سنة ثلاث عشرة وتسعمائة. قال:
وأقام في قدمته هذه ثلاث سنوات وخمسة أشهر وأربعة عشر يوما يربّي ويرشد ويسلّك، ويدعو إلى الله تعالى على بصيرة. قال: واجتمع عليه الجمّ الغفير، ثم دخل عليه قبض وهو بصالحية دمشق واستمرّ ملازما له حتى ترك مجلس التأديب وأخذ يستفسر عن الأماكن التي في بطون الأودية ورؤوس الجبال، حتّى ذكر له سيدي محمد بن عراق مجدل معوض فهاجر إليها في ثاني عشر محرم هذه السنة.
قال سيدي محمد بن عراق: ولم يصحب غيري والولد علي، وكان سنّه عشر سنين وشخص آخر عملا بالسّنّة، وأقمت معه خمسة أشهر وتسعة عشر يوما.
وتوفي ليلة الاثنين حادي عشر جمادى الآخرة ودفن بها في أرض موات بشاهق جبل حسبما أوصى به. قال: ودفن خارج حضرته المشرّفة رجلان وصبيان وامرأتان وأيضا امرأتان وبنتان، الرجلان محمد المكناسي، وعمر الأندلسي، والصبيان ولدي عبد الله، وكان عمره ثلاث سنين، وموسى بن عبد الله التركماني، والامرأتان أمّ إبراهيم وبنتها عائشة زوجة الذعري، والامرأتان الأخرتان مريم

(10/119)


القدسية، وفاطمة الحموية، وسألته عند وفاته أين أجعل دار هجرتي، فقال: مكان يسلم فيه دينك ودنياك، ثم تلا قوله تعالى: الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ 4: 97 [النساء: 97] .
وفيها سراج الدّين أبو حفص عمر بن عبد العزيز الفيّومي [1] الأصل الدمشقي.
قال في «الكواكب» : كانت له مشاركة جيدة وقال الشعر الحسن وله ديوان شعر في مجلد ضخم، ومدح الأكابر والأعيان، وخمّس «البردة» تخميسا حسنا ورزق فيه السعادة التّامة، واشتهر في حال حياته، وكتبه الناس لحسنه وعذوبة ألفاظه.
ومن شعره:
إن كان هجري لذنب حدّثوك به ... عاتب به ليبين العبد أعذاره
وإن يكن حظ نفس ما له سبب ... فلا تطعها فإن النّفس أمّاره
وتوفي بدمشق ودفن بمقبرة باب السريجة على والده.
وفيها شمس الدّين أبو الفضل محمد بن صارم الدّين إبراهيم الرّملي الشافعي، الشهير بابن الذّهبي [2] الإمام العالم، أحد الشهود المعتبرين بدمشق.
ذكر النّعيمي أنه كان قائما بخدمة الشيخ رضي الدّين الغزّي، وأن ميلاده كان سنة تسع وخمسين وثمانمائة.
وقال البدر الغزّي: كان يعرف القراءات.
وتوفي بدمشق ليلة الجمعة ثالث عشر المحرم بعد عوده من القاهرة.
__________
[1] ترجمته في «متعة الأذهان» (ق 69) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 286) .
[2] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 27) .

(10/120)


وفيها عزّ الدّين محمد بن شهاب الدّين أحمد الكوكاجي [1] الحموي ثم الدمشقي الحنبلي، أقضى القضاة.
ولد بعد الأربعين وثمانمائة.
وتوفي عشية الثلاثاء تاسع عشر ذي القعدة بدمشق وصلّي عليه بالجامع الأموي، ودفن بالروضة من سفح قاسيون.
وفيها جمال الدّين محمد بن إسماعيل المشرع عجيل اليمني [2] .
قال في «النّور» : كان إماما عالما صالحا.
توفي بمدينة زبيد ضحى يوم الخميس الثالث عشر من شهر رمضان ودفن إلى جنب أبيه قبلي تربة الشيخ إسماعيل الجبرتي. انتهى وفيها شمس الدّين محمد بن خليل الشيخ الإمام العالم الطرابلسي الشافعي [3] ، خليفة الحكم بمدينة طرابلس.
دخل إلى دمشق في ضرورة له، فتوفي بها غريبا يوم الأربعاء سابع شعبان ودفن بباب الفراديس.
وفيها محمد بن عبد الرحمن الأسقع [4] بالعلوي اليمني [5] الشافعي.
قال في «النور» : حفظ «الحاوي» و «منظومة البرماوي» في الأصول و «ألفية ابن مالك» وقرأ الكثير، ودأب في الطلب، وأخذ عن الكثير من الأعلام، منهم إبراهيم بن ظهيرة، والسّخاوي وله منه إجازة، ومكث في مكّة مدة لطلب العلم، وحصّل الكثير من العلوم وأقبل على نفع الناس إقراء وإفتاء مع الدّين المتين
__________
[1] «متعة الأذهان» (ق 77) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 31) ، و «السحب الوابلة» (363) .
[2] ترجمته في «النور السافر» (97) .
[3] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 46) .
[4] في «أ» : (الأسقعي) .
[5] ترجمته في «النور السافر» (95) .

(10/121)


والتحقيق والإتقان وشدة الورع والزّهد والعبادة والخمول، وكان حسن التقرير.
أخذ عنه غير واحد.
وتوفي بتريم في شوال.
ومن كراماته أن بعض خدمه سرق داره فقال له: اذهب إلى المكان الفلاني تجد ما أخذ لك، ففعل فوجد ما سرق له في ذلك المكان الذي عيّنه. انتهى وفيها- تقريبا- المولى قوام الدّين يوسف [1] العالم الفاضل، الشهير بقاضي بغداد.
كان من بلاد العجم من مدينة شيراز، وولي قضاء بغداد مدة، فلما حدثت فيه فتنة ابن أردبيل ارتحل إلى ماردين، وسكن بها مدة ثم رحل إلى بلاد الرّوم، فأعطاه السلطان أبو يزيد سلطانية بروسا، ثم إحدى الثمانية، وكان عالما، متشرعا، زاهدا، وقورا، صنّف شرحا عظيما على «التجريد» وشرحا على «نهج البلاغة» وكتابا جامعا لمقدمات التفسير، وغير ذلك، رحمه الله تعالى.
__________
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 319) ، و «الشقائق النعمانية» (190) .

(10/122)


سنة ثمان عشرة وتسعمائة
فيها توفي العلّامة برهان الدّين إبراهيم بن علي القرصلي ثم الحلبي [1] .
كان من قرصه- بفتح القاف، وسكون الراء، وضم الصاد المهملة، قرية من القصير- وكان من جملة فلاحيها، فتعلّم الخط، ثم رأى في المنام أنه على لوح في البحر وبيده عصا يحركه فأوّل له ذلك بأنه يكون من أهل العلم، وكان كما أوّل له من العلماء، ودرّس بمسجد العناتبة بحلب وغيره.
قال ابن الحنبلي: وأكبّ على دروسه جماعة في العقليات لمهارته فيها، وإن كان في النقليات أمهر، وفضله فيها أظهر. انتهى وفيها السلطان الأعظم أبو يزيد خان بن السلطان محمد خان [2] ابن السلطان مراد خان بن السلطان محمد خان بن السلطان بايزيد خان ابن السلطان مراد خان بن السلطان أورخان بن السلطان عثمان خان سلطان الرّوم، وهو الثامن من ملوك بني عثمان.
ولد سنة ست وخمسين وثمانمائة.
قال الشيخ مرعي في كتابه «نزهة الناظرين» : ولي السلطنة سنة سبع وثمانين وثمانمائة، وكان محبّا للعلماء، والمشايخ، والأولياء، وله رياضيات، وفي أيامه تزايد الفتح ببلاد الرّوم، وفتح عدة قلاع وحصون، وبنى المدارس [3] ، والجوامع،
__________
[1] ترجمته في «در الحبب» (1/ 1/ 46) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 107) .
[2] ترجمته في «تاريخ الدولة العلية العثمانية» (137) .
[3] في «ط» : «المدارع» .

(10/123)


والتكايا، والزّوايا، والخوانق، ودار الشفاء، والحمامات، والجسور، ورتّب للمفتي الأعظم ومن في رتبته من العلماء لكل واحد في كل عام عشرة آلاف عثماني، وكان يرسل للحرمين في كل سنة أربعة عشر ألف دينار نصفها لمكّة ونصفها للمدينة.
وفي أيامه قاتله أخوه السلطان جم على السلطنة ثم انهزم جمّ إلى مصر، وحجّ في زمن السلطان قايتباي ثم عاد فأكرمه قايتباي إكراما عظيما. ثم رجع إلى الرّوم، وقاتل أخاه ثانيا، فهزمه فهرب جمّ إلى بلاد النصارى، فأرسل بايزيد إليه من سمّه فحلق رأسه بموسى مسموم فمات.
وفي أيامه كان ظهور إسماعيل شاه فاستولى على ملوك العجم، وأظهر مذهب الإلحاد والرّفض، وغيّر اعتقاد أهل العجم إلى يومنا هذا، وفي أيامه قدم عليه خطيب مكّة الشيخ محيى الدّين عبد القادر بن عبد الرحمن العراقي، والشيخ شهاب الدّين أحمد بن الحسين شاعر البطحاء وامتدحه بقصيدته الطنانة [1] التي أولها:
خذوا من ثنائي موجب الحمد والشّكر ... ومن درّ لفظي طيّب [2] النّظم والنّثر
فأجازه عليها ألف دينار، ورتّب له في دفتر الصر كل سنة مائة دينار، فكانت تصل إليه ثم إلى أولاده من بعده. انتهى وقال في «الكواكب» : وكان قد استولى على المرحوم السلطان أبي يزيد في آخر عمره مرض النقرس، وضعف عن الحركة، وترك الحروب عدة سنين، فصارت عساكره يتطلبون سلطانا شابا قوي الحركة كثير الأسفار ليغازي بهم، فرأوا أن السلطان سليم خان من أولاد أبي يزيد أقوى إخوته وأجلدهم، فمالوا إليه وعطف عليهم، فخرج إليه أبوه محاربا فقاتله وهزمه أبوه، ثم عطف على أبيه ثانيا لما رأى من ميل العساكر إليه فلما رأى السلطان أبو يزيد توجه أركان الدولة إليه
__________
[1] لفظة «الطنانة» لم ترد في «ط» .
[2] في «ط» : «أطيب» .

(10/124)


استشار وزراء وأخصاءه في أمره، فأشاروا أن يفرغ له عن السلطنة ويختار التقاعد في أدرنة، وأبرموا عليه في ذلك، فأجابهم حين لم ير بدا من إجابتهم، وعهد إليه بالسلطنة، ثم توجه مع بعض خواصه إلى أدرنة، فلما وصل إلى قرب جورا، وكان فيها حضور أجله، فتوفي بها.
ووصل خبر موته هو وسلطان مكّة قايتباي بن محمد بن بركات الشريف، وسلطان اليمن الشيخ عامر بن محمد إلى دمشق في يوم واحد، وهو يوم الأحد ثامن عشري ربيع الأول من هذه السنة. انتهى وفيها شهاب الدّين أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن منجك الأمير الدمشقي [1] .
قال في «الكواكب» : لم يحمد ابن طولون سيرته في أوقافهم، وكانت وفاته بطرابلس، وحمل إلى دمشق في محفّة ودخلوا به دمشق يوم الأحد سابع عشر المحرم، ودفن بتربتهم بميدان الحصا، وتولى أوقافهم بعده الأمير عبد القادر بن منجك. انتهى.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن حسن [2] مفتي مدينة تعز من اليمن.
توفي بها يوم الأربعاء ثالث عشر جمادى الأولى.
وفيها الفقيه عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر بأفضل الحضرمي [3] .
قال في «النّور» : ولد سنة خمسين وثمانمائة، وارتحل لطلب العلم إلى عدن وغيرها، وأخذ عن الإمامين محمد بن أحمد بأفضل، وعبد الله بن أحمد مخرمه، ولازم الثاني، وتخرّج به، وانتفع به كثيرا، وأخذ أيضا عن البرهان بن ظهيرة، وتميّز واشتهر ذكره، وبعد صيته، وأثنى عليه الأئمة من مشايخه وغيرهم، وكان حريا بذلك، وكان إماما، عالما، عاملا، عابدا، ناسكا، ورعا، زاهدا، شريف النّفس،
__________
[1] ترجمته في «متعة الأذهان» (ق 3) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 129) .
[2] ترجمته في «النور السافر» (100- 101) .
[3] ترجمته في «النور السافر» (98) .

(10/125)


كريما سخيا مفضالا، كثير الصّدقة، حسن الطّريقة ليّن الجانب، صبورا على تعليم العلم، متواضعا، حسن الخلق، لطيف الطّباع، آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، له حرمة وافرة عند الملوك وغيرهم، حافظا أوقاته، لا يرى إلا في تدريس علم أو مطالعة كتاب أو اشتغال بعبادة وذكر.
ولي التدريس بجامع الشحر وانتصب فيها للاشتغال [1] والفتوى، وصار عمدة القطر، وانتهت إليه رئاسة الفقه في جميع تلك النواحي، ولم يزل على ذلك حتّى توفي يوم الأحد خامس شهر رمضان، ودفن في طرف بلد الشحر من جهة الشمال في موضع موات، وهو أول من دفن هناك، ودفن النّاس إلى جانبه، حتى صارت مقبرة كبيرة. انتهى.
وفيها زين الدّين عبد الحق بن محمد البلاطنسي [2] الشافعي الإمام العلّامة.
ولد في سنة ست وخمسين وثمانمائة.
وتوفي فجأة يوم الأربعاء سابع شعبان، وصلّي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة ثالث رمضان. قاله في «الكواكب» وفيها عفيف الدّين عبد العليم بن القاضي جمال الدّين محمد بن حسين القماط [3] اليمني.
قال في «النّور» : كان نعم الرّجل فقها وصلاحا ودينا وأمانة [4] وعفّة وصيانة، قدم في السّنّة التي قبلها من مدينة أب متوعكا إلى زبيد بعد طلوع ولده عفيف الدّين عبد الله إليه فجعله نائبا له، وقدم المدينة، فلم يزل بها مريضا إلى أن وصل ابنه عبد الله باستدعائه إليه فمات بعد قدومه في ليلة الاثنين سادس عشر المحرّم، ودفن إلى جنب والده بمجنة باب سهام. انتهى
__________
[1] كذا في «آ» و «النور السافر» مصدر المؤلف: «للاشتغال» وفي «ط» : «للاشغال» .
[2] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 221) .
[3] ترجمته في «النور السافر» ص (100) .
[4] في «ط» : «وأمانا» .

(10/126)


وفيها المولى مظفّر الدّين علي بن محمد الشّيرازي العمري الشافعي [1] .
قطن حلب سنة ست عشرة وتسعمائة، وأخذ بها عن جماعة منهم الشّمس بن بلال، وكتب حواشي علي «الكافية» وكان صهرا لمنلا جلال الدّواني، وكان ماهرا في المنطق، حتّى كان يقول عنه منلا جلال الدّين: لو كان المنطق جسما لكان هو منلا مظفّر الدّين.
وذكر في «الشقائق» أنه دخل بلاد الرّوم، وكان المولى ابن المؤيد قاضيا بالعسكر، وكان المنلا مظفّر الدّين مقدما عليه حال قراءتهما على الدواني، فأكرمه ابن المؤيد إكراما عظيما وعرضه على السلطان أبي يزيد فأعطاه مدرسة مصطفى باشا بالقسطنطينية، فدرّس بها مدة، ثم أعطاه إحدى المدارس الثمان، فدرّس بها مدة أيضا، ثم أضرّت عيناه، فعجز عن إقامة التدريس، فعين له السلطان سلم خان كل يوم ستين درهما بطريق التقاعد، وتوطن مدينة بروسا. قال: وكانت له يد طولى في الحساب، والهيئة، والهندسة، وزيادة معرفة بعلم [2] الكلام والمنطق خاصة في «حاشية التجريد» وحواشي [3] «شرح المطالع» . قال: ورأيت على كتاب إقليدس «من فنّ الهيئة» أنه قرأه من أوله إلى آخره على الفاضل أمير صدر الدّين الشّيرازي.
قال: وكتب عليه حواشي محال مشكلات. قال: وكان سليم النّفس، حسن العقيدة، صالحا، مشتغلا بنفسه، راضيا من العيش بالقليل، واختار الفقر على الغني، وكان يبذل ماله للفقراء والمحاويج.
وقال ابن الحنبلي: إنه مات مطعونا في هذه السنة.
و [4] قال في «الشقائق» : إنه مات بمدينة بروسا سنة اثنتين وعشرين، فالله أعلم.
__________
[1] ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (199) ، و «در الحبب» (1/ 2/ 933) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 263- 264) .
[2] في «أ» : (في علم) .
[3] في «آ» : (وحاشي) تحريف.
[4] فيه: (وكتب على) .

(10/127)


وفيها القاضي علاء الدّين علي الرّمليّ [1] الفاضل خليفة الحكم العزيز بدمشق.
قال في «الكواكب» : قتل بين المغرب والعشاء ليلة السبت حادي جمادى الآخرة بسوق الرّصيف بالقرب من الجامع الأموي، وهو السوق المعروف الآن بدرويش باشا عند باب البريد، خرج عليه جماعة فقتلوه ولم يعرف [2] قاتله، واتهم بقتله القاضي شهاب الدّين الرّملي إمام الجامع الأموي لما كان بينهما من المخاصمات الشديدة. انتهى وفيها محمد بن أحمد بن أبي بكر بن عبد الله العيدروس باعلوى الشافعي [3] .
قال في «النور» : كان مشاركا في العلوم، وقرأ «المنهاج الفقهي» ومن محفوظاته «الإرشاد» و «ملحة الإعراب» .
وتوفي بتريم، ودفن بمشهد جدّه الشيخ عبد الله. انتهى
__________
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 282) .
[2] في «أ» : (ولم يعلم) .
[3] ترجمته في «النور السافر» (98) .

(10/128)


سنة تسع عشرة وتسعمائة
فيها توفي الشيخ المعتقد [1] إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الدّسوقي الشافعي [2] الصوّفي الرّبّاني.
ولد في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، ولبس خرقة التّصوف من الشيخ شهاب الدّين بن قرا، وتفقه به، ولقّنه الذّكر أبو العبّاس القرشي، وأخذ عليه العهد عن والده عن جدّه.
قال الحمصي: وكان صالحا، مباركا، مكاشفا.
وقال ابن طولون: كان شديد الإنكار على صوفية هذا العصر المخالفين له، خصوصا الطائفة العربية. قال: ولم تر عيناي متصوفا من أهل دمشق أمثل منه، لبست منه الخرقة، ولقنني الذكر، وأخذ عليّ العهد الجميع يوم السبت سادس عشري ذي الحجّة سنة اثنتي عشرة وتسعمائة. انتهى وذكره الجمال يوسف بن عبد الهادي في كتابه «الرّياض اليانعة في أعيان المائة التاسعة» فقال: اشتغل وتصوّف، وشاع ذكره، وعنده ديانة ومشاركة، وللناس فيه اعتقاد. انتهى وتوفي بدمشق ليلة الاثنين ثالث شعبان ودفن بمقبرة باب الصغير.
وفيها برهان الدّين إبراهيم بن عثمان بن محمد بن عثمان بن موسى بن يحيى المرداوي [3] الدمشقي الصالحي الحنبلي [4] ، المعروف بجابي بن عبادة.
__________
[1] في «ط» : (المفتقد) .
[2] ترجمته في «متعة الأذهان» (28) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 101) .
[3] في «أ» : (المردوي) وفي «الكواكب» : (المرادي) وكلاهما تحريف.
[4] ترجمته في «متعة الأذهان» (ق 25) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 107) .

(10/129)


ولد في رمضان سنة سبع وأربعين وثمانمائة، وسمع على البرهان بن الباعوني، والنّظام بن مفلح، والشّهاب بن زيد، وكان من الأفاضل.
وتوفي يوم الخميس مستهل رجب.
وفيها القاضي تقي الدّين أبو بكر الشيخ العلّامة الدمشقي الشافعي، المعروف بابن قاضي زرع [1] .
كان أحد خلفاء الحكم بدمشق.
وتوفي يوم الثلاثاء عاشر شهر رمضان.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن صدقة الشيخ الفاضل الشافعي [2] ، أحد العدول بدمشق.
توفي وهو متوجه إلى مصر بالعريش في أواخر [3] جمادي الآخرة.
وفيها قاضي القضاة العلّامة شهاب الدّين أحمد [بن علي بن أحمد] الشّيشني [4] المصري الحنبلي.
ولي قضاء الحنابلة بمصر سنين، وكان إماما علّامة.
وتوفي في صفر وولي قضاء الحنابلة عوضه ولده قاضي القضاء عزّ الدّين.
وفيها زين الدّين أو محبّ الدّين بركات بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الأذرعي الدمشقي العاتكي الشافعي [5] ، الشهير بابن سقط، الشيخ الإمام الفاضل.
ولد في سابع عشر شعبان سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وكان أحد عدول دمشق.
__________
[1] ترجمته في «متعة الأذهان» (ق 18) .
[2] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 135) .
[3] في «أ» (آخر) .
[4] ترجمته في «النعت الأكل» ص (91- 92) و «السحب الوابلة» ص (81- 83) وما بين الحاصرتين مستدرك منهما.
[5] ترجمته في «متعة الأذهان» (ق 31) ، و «الكواكب السائرة» (164- 165) .

(10/130)


وتوفي ليلة الجمعة ثاني عشر شوال.
وفيها- تقريبا- شرف الدّين شرف الصّعيدي [1] الشيخ الصّالح الورع الزّاهد.
دخل مصر في أيام الغوري، وأقام بها حتّى مات، وكان يصوم الدّهر ويطوي أربعين يوما فأكثر، وبلغ الغوري أمره فحبسه في بيت وأغلق عليه الباب ومنعه الطعام والماء، ثم أخرجه فصلى بالوضوء الذي دخل به، فاعتقده الغوري اعتقادا عظيما، وكان يكاشف بما يقع للولاة وغيرهم. قاله في «الكواكب» .
وفيها شيخ بن عبد الله بن العيدروس الشريف اليمني الشافعي [2] .
قال حفيده في «النّور السافر» : كان من أعيان عباد الله الصالحين، وخلاصة المقرّبين، حسن الأخلاق والشّيم، جميل الأوصاف، معروفا بالمعروف والكرم، سليم الصّدر، رفيع القدر، صحب غير واحد من الأكابر، كأبيه الشيخ عبد الله العيدروس، وعمّه الشيخ علي، وعمّه الشيخ أحمد، وأخيه الشيخ أبي بكر، ومن في طبقتهم، وأخذ عنهم، وتخرّج بهم، وصار وحيد عصره ومن المشار إليهم في قطره، ومحاسنه كثيرة وبحار فضائله غزيرة، لا سبيل إلى حصرها، والأولى الآن طيها دون نشرها، وفيه يقول حفيده وسميّه سيدي الشيخ الوالد، قدّس الله روحه [3] :
وفي شيخ ابن عبد الله جدّي ... معاشرة لحسن الخلق تبدي
له قلب منيب ذو صفاء ... سليم الصّدر بالإنفاق يسدي
له في الأولياء حسن اعتقاد ... كريم الأصل ذو فخر ومجد
تربّى بالوليّ القطب حقا ... أبوه العيدروس الخير يهدي
انتهى بحروفه.
__________
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 214) .
[2] ترجمته في «النور السافر» (101) .
[3] الأبيات في «النور السافر» (102) .

(10/131)


وفيها قاضي القضاة نجم الدّين عمر بن إبراهيم بن محمد بن مفلج الرّاميني [1] الأصل الدمشقي الصالحي الحنبلي [2] .
ولد سنة ثمان وأربعين وثمانمائة، وأخذ عن والده وغيره، وولي قضاء قضاة الحنابلة بدمشق مرارا آخرها سنة عشر وتسعمائة، واستمرّ فيه إلى أن توفي ليلة الجمعة ثاني شوال ودفن بالصالحية على والده، وكانت له جنازة حافلة حضرها نائب الشام سيباي، والقضاة الثلاثة، وخلائق لا يحصون.
وفيها سراج الدّين عمر بن شيخ الإسلام علاء الدّين علي بن عثمان بن عمر بن صالح، الشهير بابن الصّير في الدمشقي الشافعي [3] .
ولد سنة أربع أو خمس وعشرين وثمانمائة، وقيل: سنة ثلاثين، وكان إماما عالما علّامة، خطيبا، مصقعا، له أسانيد عالية بالحديث النبوي، وولي نيابة القضاء بدمشق مدة طويلة والعرض والتقرير، وباشر خطابة الجامع الأموي نحو أربعين سنة.
وتوفي ليلة الأحد سابع شوال، وصلى عليه السيد كمال الدّين بن حمزة بالأموي، ودفن بمقبرة باب الصغير على والده الحافظ علاء الدّين الصّيرفي غربي مسجد النّارنج.
وفيها أبو حفص عمر البجائي المغربي المالكي [4] الإمام العلّامة القدوة الحجّة الفهّامة.
ولي الله تعالى والعارف به.
قدم إلى مصر في زمان السلطان الغوريّ، وصار له عند الأكابر وغيرهم القبول التام، وكان له كشف ظاهر يخبر بالوقائع الآتية في مستقبل الزمان فتقع كما
__________
[1] في «أ» : (الراسبي) وهو تحريف.
[2] ترجمته في «متعة الأذهان» (67) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 284- 285) .
[3] ترجمته في «متعة الأذهان» (ق 69- 70) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 286) .
[4] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 286- 287) .

(10/132)


أخبر، وهو ممن أخبر بزوال دولة الجراكسة وقتالهم لابن عثمان، وقال: إن الدولة تكون للسلطان سليم، ومرّ على المعمار وهو يعمّر القبة الزرقاء للغوري تجاه مدرسته فقال: ليس هذا قبر الغوري، فقالوا له: وأين قبره؟ فقال: يقتل في المعركة فلا يعرف له قبر، وكان الأمر كما قال.
وكان شابا، طويلا، جميل الصورة، طيب الرائحة على الدوام، حفظ «المدونة الكبرى» للإمام مالك، وسمع الحديث الكثير، وكان يصوم الدّهر، وقوته في الغالب الزّبيب، ولم يكن على رأسه عمامة إنما كان يطرح ملاءة عريضة على رأسه وظهره، ويلبس جبّة سوداء واسعة الأكمام، وسكن جامع الملك بالحسينية، ثم انتقل إلى جامع محمود، ثم عاد إلى قبة المارستان بخطّ بين القصرين، وبقي بها إلى أن مات، ولما سكن بجامع محمود قال فيه الشيخ شمس الدّين الدّمياطي [1] أبياتا، منها [2] :
سألتني أيّها المولى مديح أبي ... حفص وما جمعت أوصافه الغرر
مكمّل في معانيه وصورته ... كمال من لا به نقص ولا قصر
مطهّر القلب لا غلّ يدنّسه ... ولا له قطّ في غير التّقى نظر
فهنّ جامع محمود بساكنه ... فإنّه [3] الآن محمود ومفتخر
وقل له فيك بحر العلم ليس له ... حدّ فيا لك بحرا كلّه درر
وتوفي في هذه السنة أو التي بعدها، ودفن بالقرافة في حوش عبد الله بن وهب بالقرب من قبر القاضي بكّار.
وفيها أو في التي بعدها مصلح الدّين مصطفى الرّومي الحنفي، الشهير بابن البركي [4] الإمام العالم.
__________
[1] ليست اللفظة في «أ» .
[2] الأبيات في «الكواكب السائرة» (1/ 287) .
[3] في «أ» : (فإن) ولا يستوي بها الوزن ولا المعني.
[4] ترجمته في «الشقائق النعمانية» (231- 232) ، و «الكواكب السائرة» (2/ 251) .

(10/133)


طلب العلم، وخدم المولى قاسم الشهير بقاضي زاده، ثم صار معيدا لدرسه، ثم درّس في بعض المدارس، ثم جعله السلطان أبو يزيد معلما لولده السلطان أحمد وهو أمير بأماسية، ثم أعطاه إحدى الثمانية، ثم قضاء أدرنة، وكان في قضائه حسن السيرة، محمود الطريقة، واستمرّ قاضيا بها مدة طويلة إلى أن عزله السلطان سليم في أوائل سلطنته، وعيّن له كل يوم مائة وثلاثين عثمانيا، وكان مفننا، فصيح اللّسان، طلق الجنان، رحمه الله تعالى.
وفيها نجم الدّين محمد بن أحمد، الشهير بابن شكم الدمشقي الشافعي [1] الإمام العلّامة.
قال الحمصي: كان عالما، صالحا، زاهدا.
وقال ابن طولون: كتب عليّ أربعين مسألة بالشامية سأله عنها مدرّسها شيخ الإسلام تقي الدّين بن قاضي عجلون، فكتب عليها وعرضها عليه يوم الأربعاء سادس عشري ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وتسعمائة عند ضريح الواقفة، فأسفر عن استحضار حسن، وفضيلة تامّة.
وتوفي يوم الاثنين خامس عشر شوال ودفن بصالحية دمشق.
وفيها محيي الدّين محمد بن حسن بن عبد الصّمد السّاموني الرّومي الحنفي [2] ، العالم العامل الزّاهد.
قرأ على والده، وعلى المولى علاء الدّين العربي، ثم ولي التدريس، وترقى فيه، ثم صار قاضي أدرنة من قبل السلطان سليم.
وتوفي وهو قاض بها.
قال في «الشقائق» : كان مشتغلا بالعلم غاية الاشتغال، بحيث لا ينفك عن حلّ الدقائق ليلا ونهارا، وكان معرضا عن مزخرفات الدّنيا، يؤثر الفقراء على نفسه، حتى يختار لأجلهم الجوع والعري، راضيا من العيش بالقليل، له محبّة
__________
[1] ترجمته في «متعة الأذهان» (ق 79) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 51) .
[2] ترجمته في «الشقائق النعمانية» (179- 180) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 138) .

(10/134)


صادقة للصّوفية، وله حواش على «شرح المفتاح» للسيد الشريف، وحواش على «حاشية التجريد» للسيد أيضا، وحواش على «التلويح» للتفتازاني. انتهى وفيها شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن حسن بن محمد بن أبي بكر البابي المولد الحلبي المنشأ، الشافعي [1] ، المعروف بابن البيلوني، الإمام العالم العامل.
لازم الشيخ بدر الدّين بن السّيوفي، وحدّث عنه، وقرأ على الكمال محمد بن النّاسخ الطّرابلسي، وهو نزيل حلب في شعبان سنة خمس وتسعمائة، من أول «صحيح البخاري» إلى أول تفسير سورة مريم، وأجازه ومن معه، وأجازه جماعة آخرون، منهم الحافظ السّخاوي وألبسه الطّاقية، وصافحه، وأسمعه الحديث المسلسل بالمصافحة، ومنهم الكمال والبرهان ابنا أبي شريف المقدسيان، وذلك عن اجتماع بهما [2] وقراءة عليهما، وحدّث بجامع حلب على الكرسي ب «صحيح البخاري» وغيره، وولي إمامة السفاحية والحجازية بجامع حلب دهرا، وكان متقشفا، متواضعا، يعبّر عن نفسه بلفظ عبيدكم كثيرا.
وتوفي بحلب يوم السبت ثاني عشري القعدة.
وفيها شمس الدّين محمد بن جلال الدّين محمد بن فتح الدّين عبد الرحمن بن وجيه الدّين حسن المصري المالكي [3] ، ويعرف كسلفه بابن سويد.
قال في «النور» : ولد في سادس شعبان سنة ست وخمسين وثمانمائة، ونشأ في كنف أبيه، فحفظ القرآن، و «ابن الحاجب» الفرعي والأصلي، و «ألفية النحو» وغير ذلك، وعرض على خلق، واشتغل قليلا على والده، وورث عنه شيئا كثيرا فأتلفه في أسرع وقت، ثم أملق، وذهب إلى الصّعيد ثم إلى مكّة، وقرأ هناك على الحافظ السّخاوي «الموطأ» و «مسند الشافعي» و «سنن الترمذي» و «ابن ماجة»
__________
[1] ترجمته في «درّ الحبب» (2/ 1/ 362- 365) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 38) .
[2] ليست اللفظة في «ط» .
[3] ترجمته في «النور السافر» (102- 103) .

(10/135)


وسمع عليه «شرحه للألفية» [1] وغير ذلك من تصانيفه، ولازمه مدة، وذكره السخاوي في «تاريخه» فقال: كان صاحب ذكاء وفضيلة في الجملة، واستحضار، وتشدق في الكلام، وكانت سيرته غير مرضية، وأنه توجه إلى اليمن ودخل زيلع ودرّس وحدّث ثم توجه إلى كنباية، وأقبل عليه صاحبها.
وقال الشيخ جار الله بن فهد: وقد عظم صاحب الترجمة في بلاد الهند، وتقرّب من سلطانها محمود شاه، ولقبه بملك المحدّثين لما هو مشتمل عليه من معرفة الحديث والفصاحة، وهو أول من لقب بها، وعظم بذلك في بلاده، وانقاد له الأكابر في مراده، وصار منزله مأوى لمن طلبه، وصلاته واصلة لأهل الحرمين، واستمر كذلك مدة حياة السلطان المذكور، ولما تولى ولده مظفّر شاه أخرج بعض وظائفه عنه بسبب معاداة بعض الوزراء فتأخر عن خدمته إلى أن مات. قال: ولم يخلّف ذكرا بل تبنى ولدا على قاعدة الهند، فورّثه مع زوجته، ولم يحصل لابنته التي بالقاهرة شيئا من ميراثها لغيبتها، ودفن بأحمد أباد من كجرات [2] . انتهى
__________
[1] واسمه «فتح المغيث بشرح ألفية الحديث» وقد تقدم التعريف به في هامش الصفحة (24) من هذا المجلد.
[2] في «ط» : (كحجرات) .

(10/136)


سنة عشرين وتسعمائة
فيها توفي المولى إبراهيم الرّومي الحنفي، الشهير بابن الخطيب [1] ، العالم الفاضل، أحد الموالي العثمانية.
قرأ على أخيه المولى خطيب زاده وعلى غيره، وولي التداريس، وترقّى فيها حتّى صار مدرّسا بمدرسة السلطان مراد خان ببروسا.
وتوفي وهو مدرّس بها.
قال في «الشقائق» : كان سليم الطبع، حليم النّفس، منجمعا عن الخلق، مشتغلا بنفسه، أديبا، لبيبا إلا أنه لم يشتغل بالتصنيف لضعف دائم في مزاجه.
انتهى وفيها شهاب الدّين أحمد بن حمزة الشيخ الإمام العالم العلّامة الصّالح التّركي الطّرابلسي الدمشقي الشافعي الصّوفي [2] .
ولد في شوال سنة أربع وثلاثين وثمانمائة، وكان إماما لكافل طرابلس الشام، ولما جاء من كفالة طرابلس إلى كفالة دمشق صحبه المترجم، وكان على طريقة حسنة.
قال الحمصي: كان رجلا عالما صالحا، ومن محاسنه أنه صلى بالجامع الأموي في شهر رمضان بالقرآن جميعه في ركعتين.
__________
[1] ترجمته في «الشقائق النعمانية» (201) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 111) .
[2] ترجمته في «متعة الأذهان» (ق 4) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 134) .

(10/137)


وقال النّعيمي: أصيب في بصره سنة خمس عشرة وتسعمائة بعد أن أصيب في أواخر القرن التاسع بأولاد نجباء وصبر، ثم انقطع عن الناس بالمدرسة التّقوية إلى أن توفي يوم الجمعة [1] خامس ذي القعدة.
وفيها- تقريبا- شهاب الدّين أحمد بن عمر بن سليمان الجعفري الدمشقي الشافعي الصّوفي الوفائي [2] .
له كتاب لطيف شرح فيه «حكم ابن عطاء الله» وضعه على أسلوب غريب كلما تكلّم على حكمة اتبعها بشعر عقدها فيه فمن ذلك قوله [3] :
أجلّ أوقات عارف زمن ... يشهد فيه وجود فاقته
متّصفا بالذي يقرّبه ... من ربّه من وجود زلّته
عقد فيه قول ابن عطاء الله [4] خير أوقاتك وقت شهدت فيه وجود فاقتك، وتردّ إلى وجود ذلّتك.
وقال أيضا [5] :
خير ما تطلب منه ... هو ما يطلب منكا
فاطلب التوفيق منه ... للذي يرضيه عنكا
عقد فيه قول ابن عطاء الله [6] : خير ما تطلبه منه ما هو طالبه منك.
وقال أيضا [5] :
إنّ وسع الكون صغي ... ر جرم جثمانيّتك
فإنّه يضيق عن ... عظيم روحانيّتك
__________
[1] في ط: «يوم الخميس» .
[2] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 140) .
[3] البيتان في «الكواكب السائرة» (1/ 140) .
[4] انظر «شرح الحكم العطائية» للشرنوبي ص (85) طبع دار ابن كثير، وفيه: «تشهد فيه» .
[5] البيتان في «الكواكب السائرة» (1/ 141) .
[6] انظر «شرح الحكم العطائية» ص (72) .

(10/138)


عقد فيه قول ابن عطاء الله [1] : وسعك الكون من حيث جثمانيّتك، ولم يسعك من ثبوت روحانيّتك.
وفرغ من تأليف هذا الكتاب يوم الجمعة ثالث عشري القعدة من السنة التي قبلها بمكة المشرّفة تجاه البيت الحرام.
وفيها أحمد الشيخ الصّالح المعتقد، المعروف بأبي [2] عراقية [3] .
أصله من العجم، وأقام بدمشق، وكان للأروام فيه اعتقاد زائد.
قال ابن طولون: وهو ممن أخذ عنه، وقد أخبرنا كثيرا عن استيلائهم على هذه البلاد وعمارتهم على قبر المحيوي بن العربي، وعنده تكية قبل موته، وقد وقع ذلك بعد موته بسنتين كما قال. انتهى توفي في هذه السنة، ودفن عند صفة الدّعاء أسفل الروضة من سفح قاسيون.
وفي حدودها صاحب خزانة الفتاوي وهو القاضي جكن- بضم الجيم، وفتح الكاف، وسكون النون، وهي كلمة هندية جعلت علما ومعناها بلسان الهند كثير المال.
كان رحمه الله تعالى أحد إخوة أربعة كلهم فقهاء فضلاء ولّوا القضاء بنهر واله من إقليم الكجرات واسم القصبة التي نشأوا بها كري- بفتح الكاف، وكسر الراء، آخره ياء مثناة تحت- وكان في أواخر سلطنة السلطان محمود شاه بن محمد شاه بن أحمد شاه الكجراني.
وفيها حسام الدّين حسين بن عبد الرحمن الرّومي الحنفي [4] ، العالم الفاضل.
__________
[1] انظر «شرح الحكم العطائية» ص (165) .
[2] في «أ» : «المعروف بابن عراقية» وما جاء في «ط» موافق كما في «الكواكب السائرة» مصدر المؤلف.
[3] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 152) .
[4] ترجمته في «الشقائق النعمانية» (231) ، و «الطبقات السنية» (3/ 147) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 186) .

(10/139)


قرأ على علماء عصره، ودخل إلى خدمة المولى أفضل زاده، ثم قرأ على المولى عبد الرحمن بن المؤيد ثم خدم المولى خواجه زاده، ثم ولي التداريس، حتّى صار مدرسا بمدرسة السلطان محمد ببروسا، ثم بمدرسة أبي يزيد باماسية، ثم بإحدى الثمانية، ومات وهو مدرّس بها، وكان فاضلا، بارعا، حسن الصّوت، لطيف المعاشرة، له أدب ووقار، وله حواش على «أوائل حاشية التجريد» وكلمات متعلقة ب «شرح الوقاية» لصدر الشريعة، ورسالة في جواز استخلاف الخطيب، ورسالة في جواز الذكر الجهري، وغير ذلك. قاله في «الكواكب» .
وفيها عمر بن معوضة الشّرعبي [1] .
قال في «النّور» : كان فقيها عالما صالحا.
مات يوم الأربعاء ثاني عشر شوال بزبيد. انتهى وفيها أبو الوفا محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد الموصلي الأشعري الشافعي [2] الشيخ الصالح المسلك المربي.
قال في «الكواكب» : كان من أعيان الصّوفية بدمشق وأصلائهم أبا عن جد.
توفي في ثامن عشر شهر رمضان، ودفن بمقبرة القبيبات، رحمه الله تعالى.
وفيها جمال الدّين محمد بن الصّديق الصّائغ [3] .
قال في «النّور» : كان فقيها إماما علّامة.
توفي بمدينة زبيد ليلة السبت الحادي عشر من شهر ربيع الأول، ودفن غربي مشهد الشيخ أحمد الصّيّاد. انتهى.
__________
[1] ترجمته في «النور السافر» (104) .
[2] ترجمته في «متعة الأذهان» (ق 84) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 52) .
[3] ترجمته في «النور السافر» (103) .

(10/140)