فتوح مصر والمغرب
ذكر فتح برقة
(2 قال: وكان البربر بفلسطين، وكان ملكهم جالوت؛ فلما قتله داود عليه
السلام خرج البربر متوجّهين إلى المغرب؛ حتى انتهوا إلى لوبية ومراقية-
وهما كورتان من كور مصر الغربيّة مما يشرب من السماء، ولا ينالها
النيل- فتفرّقوا هنالك؛ فتقدّمت زناتة ومغلية إلى المغرب، وسكنوا
الجبال، وتقدّمت لواتة فسكنت أرض أنطابلس؛ وهى برقة؛ وتفرّقت فى هذا
المغرب، وانتشروا فيه 2) حتى بلغوا السّوس، ونزلت هوّارة مدينة لبدة،
ونزلت نفوسة إلى مدينة سبرت، وجلا من كان بها من الروم من أجل ذلك،
وأقام الأفارق- وكانوا خدما للروم- على صلح يؤدّونه إلى من غلب على
بلادهم.
(3 فسار عمرو بن العاص فى الخيل حتى قدم برقة؛ فصالح أهلها على ثلاثة
عشر ألف دينار يؤدّونها إليه جزية، على أن يبيعوا من أحبّوا من أبنائهم
فى جزيتهم 3) .
حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد، قال: كتب عمرو بن العاص
على لواتة من البربر فى شرطه عليهم أن عليكم أن تبيعوا أبناءكم وبناتكم
فيما عليكم من الجزية.
(1/197)
حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة أن
أنطابلس فتحت بعهد من عمرو بن العاص.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن عبد الله
الحضرمّى، أن ابن ديّاس حين ولى أنطابلس أتاه بكتاب عهدهم.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن عبد الله
الحضرمى، عن أبى قنان أيّوب بن أبى العالية الحضرمى، عن أبيه، قال:
سمعت عمرو بن العاص على المنبر يقول: لأهل أنطابلس عهد يوفى لهم به.
قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره، قال: ولم يكن يدخل برقة
يومئذ جابى خراج إنما كانوا يبعثون بالجزية إذا جاء وقتها.
ووجّه عمرو بن العاص عقبة بن نافع؛ حتى بلغ «1» زويلة، وصار ما بين
برقة وزويلة للمسلمين.
ذكر أطرابلس
قال ثم سار «2» عمرو بن العاص حتى نزل أطرابلس فى سنة اثنتين وعشرين.
حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: غزا عمرو بن
العاص طرابلس فى سنة ثلاث وعشرين.
ثم رجع إلى حديث عثمان. فنزل على القبّة التى على الشرف «3» من
شرقيّها، فحاصرها شهرا، لا يقدر منهم على شىء، فخرج رجل من بنى مدلج
ذات يوم من عسكر عمرو متصيّدا فى سبعة نفر، فمضوا غربىّ المدينة حتى
أمعنوا عن العسكر، ثم رجعوا فأصابهم الحرّ، فأخذوا على ضفّة البحر،
وكان البحر «4» لا صقا بسور المدينة، ولم يكن فيما بين المدينة والبحر
سور «5» ، وكانت سفن الروم
(1/198)
شارعة «1» فى مرساها «2» إلى بيوتهم فنظر
المدلجى وأصحابه، فإذا البحر قد غاض من ناحية المدينة، ووجدوا مسلكا
إليها من الموضع الذي غاض منه البحر، فدخلوا منه حتى أتوا من ناحية
الكنيسة، وكبّروا، فلم يكن للروم مفزع إلّا سفنهم؛ وأبصر عمرو وأصحابه
السلّة «3» فى جوف المدينة، فأقبل بجيشه حتى دخل عليهم، فلم تفلت الرم
إلا بما خفّ لهم من مراكبهم، وغنم «4» عمرو ما كان فى المدينة
وكان من بسبرت متحصّنين (واسمها نبارة وسبرت السوق القديم وإنما نقله
إلى نبارة عبد الرحمن بن حبيب سنة إحدى وثلاثين) فلما بلغهم محاصرة
عمرو مدينة أطرابلس وأنه لم يصنع فيهم شيئا ولا طاقة له بهم أمنوا،
فلما ظفر عمرو بن العاص بمدينة أطرابلس، جرّد خيلا كثيفة من ليلته،
وأمرهم بسرعة السير، فصبّحت خيله مدينة سبرت وقد غفلوا، وقد فتحوا
أبوابهم لتسرح ماشيتهم «5» ، فدخلوها فلم ينج منهم أحد، واحتوى عمرو
على ما فيها ورجعوا إلى عمرو.
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن
يزيد، أنه سمع أبا تميم الجيشانى يقول: غزونا مع عمرو بن العاص غزوة
«6» أطرابلس، فجمعنا المجلس ومعنا فيه هبيب بن مغفل، فذكرنا قضاء دين
رمضان فقال هبيب بن مغفل: لا يفرق. وقال عمرو بن العاص: لا بأس أن
يفرّق إذا أحصيت «7» العدد.
ذكر استئذان عمرو بن العاص عمر بن الخطّاب فى غزوة إفريقية
وأراد عمرو أن يوجّه إلى المغرب فكتب إلى عمر بن الخطاب كما حدثنا عبد
الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن أبى تميم الجيشانى:
إنّ الله قد فتح علينا أطرابلس، وليس بينها وبين إفريقيّة إلا تسعة
أيام، فإن رأى أمير المؤمنين أن يغزوها «8»
(1/199)
ويفتحها الله على يديه فعل. فكتب إليه عمر:
لا إنها ليست بإفريقية، ولكنّها المفرقة غادرة مغدور بها، لا يغزوها
أحد ما بقيت.
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن أبى قبيل،
عن مرّة ابن ليشرح المعافرى، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: إفريقية
المفرقة- ثلاث مرّات- لا أوجّه إليها أحدا ما مقلت عينى الماء.
حدثنا أسد بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن علىّ بن
رباح، عن مسعود بن الأسود، صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكان
بايع تحت الشجرة؛ أنه استأذن عمر ابن الخطاب فى غزو «1» إفريقية، فقال
عمر: لا، إن إفريقية غادرة مغدور بها.
قال: ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره، قال: فأتى عمرو بن العاص
كتاب المقوقس يذكر له فيه: إن الروم يريدون نكث العهد ونقض ما كان
بينهم وبينه، وكان عمرو قد عاهد المقوقس على ألا يكتمه أمرا يحدث،
فانصرف عمرو راجعا مبادرا لما أتاه وقد كان عمرو يبعث الجريدة من الخيل
فيصيبون الغنائم ثم يرجعون.
ذكر عزل عمرو عن مصر
قال: حدثنا عبد الرحمن قال «2» فتوفّى عمر رحمة الله عليه ومصر على
أميرين:
عمرو بن العاص بأسفل الأرض، وعبد الله بن سعد بن أبى سرح على الصعيد،
قال وكانت وفاة عمر كما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد مصدر «3»
الحاجّ سنة ثلاث وعشرين.
حدثنا سعيد بن عفير، قال: إنما كان عمر بن الخطّاب ولّى عبد الله ابن
سعد من الصعيد الفيّوم. فلما استخلف عثمان بن عفّان، كما حدثنا عبد
الله ابن صالح- أو غيره- عن الليث، طمع عمرو بن العاص «4» لما رأى من
عثمان أن يعزل له عبد الله بن سعد عن الصعيد، فوفد إليه وكلّمه فى ذلك،
فقال له عثمان: ولّاه عمر
(1/200)
ابن الخطاب الصعيد وليس بينه وبينه حرمة
ولا خاصّة، وقد علمت أنه أخى من الرضاعة، فكيف أعزله عمّا ولّاه
غيرى؟!.
وقال له فيما حدثنا سعيد بن عفير: إنك لفى غفلة عما كانت تصنع بى أمّه،
وإن كانت لتخبأ لى العرق من اللحم فى ردنها حتى آتى.
قال ثم رجع إلى حديث الليث بن سعد، قال: فغضب عمرو، وقال: لست راجعا
إلا على ذلك، فكتب عثمان بن عفان إلى عبد الله بن سعد يؤمّره على مصر
كلّها، فجاءه الكتاب بالفيّوم. قال ابن عفير: بقرية منها تدعى دموشة
«1» .
قال الليث فى حديثه فجعل لأهل أطواب جعلا على أن يصبّحوا به الفسطاط فى
مركبه، وكان الذي جعل لهم كما يزعم آل عبد الله بن سعد خمسة دنانير،
قال الليث:
فقدموا به الفسطاط قبل الصبح فأرسل إلى المؤذّن فأقام الصلاة حين طلع
الفجر، وعبد الله بن عمرو ينتظر المؤذّن يدعوه إلى الصلاة؛ لأنه خليفة
أبيه، فاستنكر الإقامة.
فقيل له صلّى عبد الله بن سعد بالناس.
وآل عبد الله يزعمون أن عبد الله بن سعد أقبل من غربىّ المسجد بين يديه
شمعة، وأقبل عبد الله بن عمرو، من نحو داره بين يديه شمعة. فالتقت
الشمعتان عند القبلة.
قال الليث فى حديثه: فأقبل عبد الله بن عمرو حتى وقف على عبد الله ابن
سعد، فقال: هذا بغيك ودسّك. فقال عبد الله بن سعد: ما فعلت وقد كنت أنت
وأبوك تحسدانى على الصعيد، فتعال حتى أولّيك الصعيد وأولّى أباك أسفل
الأرض ولا أحسد كما عليه، فلبث عبد الله بن سعد عليها أميرا محمودا،
وغزا فيها ثلاث غزوات كلهن لها «2» شأن: إفريقية، والأساود «3» ، ويوم
ذى الصّوارى. وسأذكر ذلك فى موضعه إن شاء الله.
قال: وكان عزل عمرو بن العاص عن مصر، كما حدثنا يحيى بن عبد الله
(1/201)
ابن بكير، عن الليث بن سعد وتولية عبد الله
بن سعد فى سنة خمس وعشرين.
ذكر انتقاض الإسكندرية
قال: عبد الرحمن «1» وقد كانت الإسكندرية كما حدثنا عبد الله بن صالح،
عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، انتقضت وجاءت الروم عليهم منويل
الخصىّ فى المراكب حتى أرسوا بالإسكندرية، فأجابهم من بها من الروم،
ولم يكن المقوقس «2» تحرّك ولا نكث.
وقد كان عثمان بن عفّان عزل عمرو بن العاص وولّى عبد الله بن سعد، فلما
نزلت الروم الإسكندرية، سأل «3» أهل مصر عثمان أن يقرّ عمرا حتى يفرغ
من قتال الروم؛ فإن له معرفة بالحرب وهيبة فى العدو ففعل، وكان على
الإسكندرية سورها، فحلف عمرو بن العاص لئن أظهره «4» الله عليهم ليهدمن
سورها، حتى تكون مثل بيت الزانية تؤتى من كل مكان، فخرج إليهم عمرو فى
البر والبحر.
قال عبد الرحمن «5» وقال غير الليث: وضوى إلى المقوقس من أطاعه من
القبط، فأما الروم فلم يطعه منهم أحد، فقال خارجة بن حذافة لعمرو:
ناهضهم قبل أن يكثر مددهم «6» ولا أمن «7» أن تنتقض مصر كلّها، فقال
عمرو: لا، ولكن أدعهم حتى يسيروا إلىّ، فإنهم يصيبون من مرّوا به فيخزى
الله بعضهم ببعض.
فخرجوا من الإسكندرية ومعهم من نقض من أهل القرى، فجعلوا ينزلون القرية
فيشربون خمورها ويأكلون أطمعتها وينتهبون ما «8» مرّوا به، فلم يعرض
لهم عمرو»
حتى بلغوا نقيوس، فلقوهم فى البرّ والبحر، فبدأت الروم والقبط، فرموا
بالنشّاب فى الماء رميا
(1/202)
شديدا، حتى أصابت النشّاب يومئذ فرس عمرو
فى لبّته وهو فى البرّ فعفر «1» فنزل عنه عمرو، ثم خرجوا من البحر
فاجتمعوا هم والذين فى البرّ، فنضحوا المسلمين بالنشّاب، فاستأخر
المسلمون عنهم شيئا، وحملوا على المسلمين حملة ولّى المسلمون منها،
وانهزم شريك بن سمىّ فى خيله.
وكانت الروم قد جعلت صفوفا خلف صفوف، وبرز يومئذ بطريق ممن جاء من أرض
الروم على فرس له عليه سلاح مذهّب، فدعا إلىّ البراز، فبرز إليه رجل من
زبيد يقال له حومل يكنّى أبا مذحج، فاقتتلا طويلا برمحين يتطاردان «2»
، ثم ألقى البطريق الرمح وأخذ السيف، وألقى حومل رمحه وأخذ سيفه، وكان
يعرف بالنجدة، وجعل يصيح: أبا مذحج، فيجيبه: لبيك، والناس على شاطىء
النيل فى البرّ على تعبئتهم وصفوهم، فتجاولا ساعة بالسيفين، ثم حمل
عليه البطريق فاحتمله وكان نحيفا، ويخترط حومل حنجرا كان فى منطقته أو
فى ذراعه، فضرب به نحر العلج أوتر قوّته فأثبته ووقع عليه، فأخذ سلبه،
ثم مات حومل بعد ذلك بأيّام رحمة الله عليه، فرئى عمرو يحمل سريره بين
عمودى نعشه حتى دفنه بالمقطّم.
ثم شدّ المسلمون عليهم، فكانت هزيمتهم، فطلبهم المسلمون حتى ألحقوهم
بالإسكندرية، ففتح الله عليهم وقتل منويل الخصىّ.
حدثنا الهيثم بن زياد أن عمرو بن العاص قتلهم حتى أمعن فى مدينتهم،
فكلّم فى ذلك فأمر برفع السيف عنهم، وبنى فى ذلك الموضع الذي رفع فيه
السيف مسجد، وهو المسجد الذي بالإسكندرية الذي يقال له مسجد الرحمة؛
وإنما سمّى مسجد الرحمة لرفع عمرو السيف هنالك. وهدم سورها كله.
وجمع عمرو ما أصاب منهم فجاءه أهل تلك القرى ممن لم يكن نقض، فقالوا:
قد كنا على صلحنا، وقد مرّ علينا هؤلاء اللصوص فأخذوا متاعنا ودوابّنا
وهو قائم فى يديك. فردّ عليهم عمرو ما كان لهم من متاع عرفوه وأقاموا
عليه البيّنة، وقال بعضهم لعمرو: ما حلّ لك ما صنعت بنا، كان لنا أن
تقاتل عنّا لأنا فى ذمّتك، ولم ننقض، فأما من نقض فأبعده الله، فندم
عمرو، وقال: يا ليتنى كنت لقيتهم حين خرجوا من الإسكندرية.
(1/203)
(1 وكان سبب نقض الإسكندرية هذا كما حدّثنا
عن حيوة بن شريح، عن الحسن ابن ثوبان، عن هشام بن أبى رقيّة، أن صاحب
إخنا قدم على عمرو بن العاص فقال:
أخبرنا، ما على أحدنا من الجزية فيصبر لها؟ فقال عمرو وهو يشير إلى ركن
كنيسة: لو أعطيتنى من الركن إلى السّقف، ما أخبرتك، إنما أنتم خزانة
لنا إن كثّر علينا كثّرنا عليكم، وإن خفّف عنّا خفّفنا عنكم، فغضب صاحب
إخنا «2» ، فخرج إلى الروم فقدم بهم فهزمهم الله، وأسر النبطىّ فأتى به
عمرو، فقال له الناس: اقتله، فقال: لا، بل انطلق فجئنا بجيش آخر 1) .
حدثنا سعيد بن سابق، قال: كان اسمه طلما، وأن عمرا لمّا أتى به سوّره
«3» ، وتوّجه، وكساه برنس أرجوان، وقال له: ايتنا بمثل هؤلاء؛ فرضى
بأداء الجزية. فقيل لطلما؛ لو أتيت ملك الروم؟ فقال: لو أتيته لقتلنى،
وقال قتلت أصحابى.
ذكر خراب خربة وردان
قال وكان عمرو حين توجّه إلى الإسكندرية خرب القرية التى تعرف اليوم
بخربة وردان قال عبد الرحمن: واختلف علينا فى السبب الذي خربت له،
فحدثنا سعيد ابن عفير، أن عمرا لما توجّه إلى نقيوس لقتال الروم عدل
وردان «4» لقضاء حاجته عند الصبح «5» ، فاختطفه أهل الخربة فغّيبوه،
ففقده عمرو، وسأل عنه وقفا أثره فوجدوه فى بعض دورهم، فأمر بإخرابها
وإخراجهم منها.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة، قال: كان أهل الخربة رهبانا كلهم، فغدروا
بقوم من ساقة عمرو فقتلوهم بعد أن بلغ عمرو الكريون، فأقام عمرو ووجّه
إليهم وردان فقتلهم وخربها، فهى خراب إلى اليوم.
حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، قال: كان أهل الخربة أهل توثّب وخبث،
(1/204)
فأرسل عمرو بن العاص إلى أرضهم، فأخذ له
منها جراب فيه تراب من ترابها، ثم دعاهم فكلّمهم فلم يجيبوه إلى شىء
فأمر بإخراجهم، ثم أمر بالتراب ففرش تحت مصلّاه، ثم قعد عليه، ثم دعاهم
فكلّمهم فأجابوه إلى ما أحبّ، ثم أمر بالتراب فرفع، ثم دعاهم فلم
يجيبوه إلى شىء حتى فعل ذلك مرارا، فلما رأى عمرو ذلك قال: هذه بلدة لا
تصلح إلّا أن توطأ، فأمر بإخرابها. والله أعلم.
ذكر بعض ما قيل فى فتح الإسكندرية الثانى
ثم رجع إلى حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: فلما هزم الله
الروم أراد عثمان عمرا أن يكون على الحرب، وعبد الله بن سعد على
الخراج، فقال عمرو: أنا إذا كماسك البقرة بقرنيها وآخر يحلبها، فأبى
عمرو.
حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حرملة بن عمران، عن تميم بن فرع
المهرىّ، قال: شهدت فتح الإسكندرية فى المرّة الثانية فلم يسهم لى، حتى
كاد أن يقع بين قومى وبين قريش منازعة، فقال بعض القوم: أرسلوا إلى أبى
بصرة الغفارى وعقبة بن عامر الجهنى فإنهما من أصحاب رسول الله صلّى
الله عليه وسلم فسلوهما عن هذا، فأرسلوا إليهما فسألوهما، فقالا:
انظروا، فإن كان أنبت فأسهموا له، فنظر «1» إلىّ بعض القوم فوجدونى قد
أنبتّ، فأسهموا لى.
(* حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن موسى بن علىّ، عن
أبيه، عن عمرو بن العاص أنه فتح الاسكندرية الفتحة الأخيرة عنوة قسرا،
فى خلافة عثمان ابن عفان، بعد موت عمر بن الخطاب رضى الله عنهم أجمعين.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، قال: كان فتح الإسكندرية
الأوّل سنة إحدى وعشرين وفتحها الآخر سنة خمس وعشرين بينهما أربع سنين.
حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: كان فتح
الإسكندرية الأول سنة اثنتين وعشرين. وكان فتحها الآخر سنة خمس وعشرين.
(1/205)
قال غير ابن لهيعة: وأقام عمرو بن العاص بعد فتح الإسكندرية شهرا، ثم
عزله عثمان وولّى عبد الله بن سعد.
قال غير ابن لهيعة فى حديثه عن يزيد بن أبى حبيب: وأقامت الخيس من
البيما يقاتلون الناس سبع سنين بعد ما فتحت مصر، مما يفتحون عليهم من
تلك المياه والغياض*) . |