فتوح مصر والمغرب

ذكر قدوم عمرو على عمر بن الخطاب
حدثنا عثمان بن صالح، عن الليث بن سعد، قال: عاش عمر بن الخطاب بعد فتح مصر ثلاث سنين قدم عليه عمرو فيها قدمتين. قال ابن عفير: استخلف فى إحداهما زكريّاء بن الجهم العبدرىّ على الجند، ومجاهد بن جبر مولى بنى نوفل بن عبد مناف على الخراج وهو جدّ معاذ بن موسى النفّاط أبى اسحاق بن معاذ الشاعر فسأله عمر: من استخلفت؟ فذكر له مجاهد بن جبر، فقال له عمر: مولى ابنت غزوان؟
قال: نعم. إنه كاتب، فقال عمر: إن القلم «1» ليرفع بصاحبه.
وبنت غزوان هذه أخت عتبة بن غزوان، وقد شهد عتبة بدرا.
(2 حدثنا عبد الملك بن هشام. قال: حدثنا زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق، قال: عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نسيب بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان، حليف بنى نوفل بن عبد مناف 2) قال: وخطّة مجاهد بن جبر، دار صالح صاحب السوق.
قال: ثم رجع إلى حديث ابن عفير، قال: واستخلف فى القدمة الثانية عبد الله ابن عمرو. فحدثنا عبد الملك بن مسلمة. وعبد الله بن صالح، قالا: حدثنا الليث ابن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، أن عمرو بن العاص دخل على عمر بن الخطاب وهو على مائدته جاثيا على ركبتيه، وأصحابه كلهم على تلك الحال وليس فى الجفنة فضل لأحد يجلس، فسلّم عمرو على عمر فردّ عليه السلام. قال «3» عمرو بن العاص؟

(1/206)


قال: نعم. فأدخل عمر يده فى الثريد، فملأها ثريدا، ثم ناولها عمرو بن العاص، فقال:
خذ هذا. فجلس عمرو وجعل الثريد فى يده اليسرى ويأكل باليمنى، ووفد أهل مصر ينظرون إليه، فلما خرجوا قال الوفد لعمرو: أىّ شىء صنعت؟ فقال عمرو: إنه والله لقد علم أنى بما قدمت به من مصر لغنى عن الثريد الذي ناولنى، ولكنه أراد أن يختبرنى، فلو لم أقبلها للقيت منه شرّا.
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن أبى قبيل، قال:
دخل عمرو بن العاص على عمر بن الخطاب وقد صبغ «1» رأسه ولحيته بسواد، فقال عمر: من أنت؟ قال: أنا عمرو بن العاص. قال «2» عمر: عهدى بك شيخا وأنت اليوم شاب، عزمت عليك إلّا ما خرجت فغسلت هذا «3» .
حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، قال:
قدم عمرو بن العاص من مصر مرّة على عمر، فوافاه على المنبر يوم الجمعة، فقال: هذا عمرو بن العاص قد أتاكم، ما ينبغى لعمرو أن يمشى على الأرض إلّا أميرا «4» .
حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا ابن لهيعة عن مشرح بن عاهان، عن عقبة بن عامر، أن عمر رضى الله عنه قال: ما ينبغى لعمرو أن يمشى على الأرض إلّا أميرا. قال الليث، وقال عمرو بن العاص: ما كنت بشىء أتجر منّى بالحرب.
ذكر وفاة عمرو بن العاص
قال ثم توفّى عمرو بن العاص فى سنة ثلاث، وأربعين. حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: توفّى عمرو بن العاص سنة ثلاث وأربعين، وفيها أمرّ عتبة بن أبى سفيان على أهل مصر، وفيها غزا شريك بن سمّى لبدة المغرب.
قال: حدثنا أسد بن موسى، وعبد الله بن صالح قالا: حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن ابن شماسة أخبره أن عمرو بن العاص لمّا حضرته الوفاة دمعت عيناه، فقال عبد الله بن عمرو: يا أبا عبد الله، أجزع من الموت يحملك على هذا؟ قال:

(1/207)


لا، ولكن ممّا بعد الموت، فذكر له عبد الله مواطنه التى كانت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم والفتوح التى كانت بالشأم، فلما فرغ عبد الله من ذلك قال: قد كنت على أطباق ثلاثة، لو متّ على بعضهن علمت ما يقول الناس، بعث الله محمّدا صلّى الله عليه وسلم فكنت أكره الناس لما جاء به، أتمنّى لو أنى قتلته، فلو متّ على ذلك لقال الناس مات عمرو مشركا، عدوّا لله ولرسوله، من أهل النار، ثم قذف الله الإسلام فى قلبى، فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فبسط إلىّ يده ليبايعنى، فقبضت يدى، ثم قلت: أبايعك على أن يغفر «1» لى ما تقدّم من ذنبى، وأنا أظنّ حينئذ أنى لا أحدث فى الإسلام ذنبا. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا عمرو، إن الإسلام يجبّ ما قبله من خطيئة، وإن الهجرة تجبّ ما بينها وبين الإسلام، فلو متّ على هذا الطبق لقال الناس، أسلم عمرو وجاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم نرجو لعمرو عند الله خيرا كثيرا ثم أصبت إمارات وكانت فتن، فأنا مشفق من هذا الطبق.
فإذا أخرجتمونى فأسرعوا بى «2» ، ولا تتبعنى مادحة «3» ولا نار، وشدّوا علىّ إزارى، فإنى مخاصم، وسنّوا علىّ التراب سنّا، فإن يمينى ليست بأحقّ بالتراب من يسارى، ولا تدخلنّ القبر خشبة ولا طوبة، ثم إذا قبرتمونى فامكثوا عندى قدر نحر جزور وتقطيعها، أستأنس بكم.
حدثنا أسد بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا يزيد بن أبى حبيب، عن سويد بن قيس، عن قيس بن سمىّ نحوه.
قال وقال عمرو: فو الله إنّى إن كنت لأشدّ الناس حياء من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ما ملأت عينى منه، ولا راجعته «4» بما أريد حتى لحق بالله حياء منه.
وصيّة عمرو بن العاص عند موته
حدثنا أسد بن موسى، حدثنا عبد الرحمن بن محمد، عن محمد بن طلحة، عن إسماعيل، أن عمرو بن العاص لمّا حضره الموت قال: ادعوا لى عبد الله، فقال: يا بنىّ إذا أنا متّ فاغسلنى وترا، واجعل فى آخر ماء تغسلنى به شيئا من كافور، فإذا فرغت فأسرع

(1/208)


بى، فإذا أدخلتنى قبرى فسنّ علىّ التراب سنّا، واعلم أنك تتركنى وحيدا خائفا، اللهمّ لا أعتذر، ولكنى أستغفر، اللهمّ إنك أمرت بأمور فتركنا، ونهيت فركبنا، فلا برىء فأعتذر، ولا عزيز فأنتصر، ولكن لا اله إلا أنت لا إله إلا أنت،- ثلاث مرّات- ثم قبض.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبيه، أن عمرو ابن العاص لما حضرته الوفاة ذرفت «1» عيناه فبكى، فقال له عبد الله: يا أبت، ما كنت أخشى «2» أن ينزل بك أمر الله إلا صبرت عليه، قال له: يا بنىّ إنه نزل بأبيك خلال ثلاث: أما أولاهن فانقطاع عمله، وأما الثانية فهول المطّلع، وأما الثالثة ففراق الأحبّة وهى أيسرهن. اللهمّ أمرت فتوانيت، ونهيت فعصيت، اللهم ومن شيمك «3» العفو والتجاوز.
حدثنا وهب الله بن راشد، أخبرنا يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن حميد ابن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو، أن عمرو بن العاص حين حضرته الوفاة قال:
أى بنىّ، إذا متّ فكفّنّى فى ثلاثة أثواب، ثم أزّرنى فى أحدهنّ، ثم شقّوا لى الأرض شقّا، وسنّوا علىّ التراب سنّا، فإنى مخاصم، ثم قال: اللهمّ إنك أمرت بأمور ونهيت عن أمور، فتركنا كثيرا مما أمرت به، ووقعنا فى كثير مما نهيت عنه، اللهمّ لا إله إلا أنت، فلم يزل يردّدها حتى فاظ.
حدثنا المقرئ عبد الله بن يزيد، حدثنا حرملة بن عمران التجيبى، حدثنى يزيد بن أبى حبيب، عن أبى فراس مولى عمرو بن العاص، أن عمرا لما حضرته الوفاة قال لابنه عبد الله: إذا متّ فاغسلنى وكفّنّى، وشدّ علىّ إزارى فإنى مخاصم، فإذا أنت حملتنى فأسرع بى المشى، فإذا أنت وضعتنى فى المصلّى وذلك فى يوم عيد فانظر إلى أفواه الطرق فإذا لم يبق أحد، واجتمع الناس، فابدأ فصلّ علىّ، ثم صلّ العيد، فإذا وضعتنى فى لحدى فأهيلوا علىّ التراب، فإن شقّى الأيمن ليس بأحقّ بالتراب من شقّى الأيسر، فإذا سوّيتم علىّ فاجلسوا عند قبرى قدر نحر جزور وتقيطعها، أستأنس بكم.
فلما تقدّم عبد الله بن عمرو ليصلّى على أبيه كما حدثنا عبد الغفّار ابن داود. وعبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن ربيعة بن لقيط، قال: والله ما

(1/209)


أحبّ أن لى بأبى أبا رجل من العرب، وما أحبّ أن الله يعلم أنّ عينى دمعت عليه جزعا، وأن لى حمر النعم، ثم كبّر.
حدثنا سعيد بن عفير، قال: ودفن بالمقطّم من ناحية الفجّ، وكان طريق الناس يومئذ إلى الحجاز «1» ، فأحبّ أن يدعو له من مرّ به، وفى ذلك يقول عبد الله بن الزبير:
ألم تر أنّ الدهر أخنت ريوبه «2» ... على عمرو السهمىّ تجبى له مصر
فأضحى نبيذا بالعراء وضلّلت ... مكائده عنه وأمواله الدثر
ولم يغن عنه جمعه واحتياله ... ولا كيده حتّى أتيح له الدهر
ذكر فتح إفريقية
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال: فلما عزل عثمان عمرو بن العاص عن مصر، وأمّر عبد الله بن سعد بن أبى سرح، كان يبعث المسلمين فى جرائد الخيل كما كانوا يفعلون «3» فى أيام عمرو، فيصيبون من أطراف إفريقيّة ويغنمون، فكتب فى ذلك عبد الله بن سعد إلى عثمان، وأخبره بقربهم من حرز المسلمين، ويستأذنه فى غزوها.
فندب عثمان الناس لغزوها بعد المشورة منه فى ذلك، فلما اجتمع الناس أمرّ عليهم عثمان الحارث بن الحكم إلى أن يقدموا على عبد الله بن سعد مصر فيكون إليه الأمر.
فخرج عبد الله بن سعد إليها، وكان مستقرّ سلطان إفريقية يومئذ بمدينة يقال لها قرطاجنّة، وكان عليها ملك يقال له جرجير، كان هرقل قد استخلفه، فخلع هرقل وضرب الدنانير على وجهه، وكان سلطانه ما بين أطرابلس إلى طنجة.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، قال: كان هرقل استخلف جرجير فخلعه.
قال: ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال: فلقيه جرجير فقاتله فقتله

(1/210)


الله، وكان الذي ولى قتله فيما يزعمون عبد الله بن الزبير، وهرب جيش «1» جرجير، فبثّ عبد الله بن سعد السرايا وفرّقها، فأصابوا غنائم كثيرة، فلما رأى ذلك رؤساء أهل إفريقية، طلبوا إلى عبد الله بن سعد أن يأخذ منهم مالا على أن يخرج من بلادهم، فقبل منهم ذلك ورجع إلى مصر، ولم يولّ عليهم أحدا، ولم يتّخذ بها قيروانا.
فكانت غنائم المسلمين يومئذ كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن أبى الأسود، عن أبى أويس، قال أبو الأسود مولّى لنا قال: غزونا مع عبد الله بن سعد إفريقية، فقسم بيننا الغنائم بعد إخراج الخمس، فبلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار، للفرس ألفا دينار، ولفارسه ألف دينار، وللراجل ألف دينار. فقسم لرجل من الجيش توفّى بذات الحمام فدفع إلى أهله بعد موته ألف دينار.
حدثنا يوسف بن عدىّ، حدثنا ابن المبارك، عن حيوة بن شريح، عن عبد الرحمن ابن أبى هلال، عن أبى الأسود، أن أبا أوس مولّى لهم قديما حدّثه، أن رجلا خرج فى غزوة إفريقية فمات بذات الحمام، فقسم له، فكان سهمه يومئذ ألف دينار.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد، عن غير واحد، أن عبد الله ابن سعد غزا إفريقية وقتل جرجير، فأصاب الفارس يومئذ ثلاثة آلاف دينار، والراجل ألف دينار. قال غير الليث من مشايخ أهل مصر: فى كل دينار دينار وربع.
قال: ثم رجع الى حديث عثمان بن صالح وغيره قال: فكان جيش عبد الله ابن سعد ذلك عشرين ألفا.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، قال: كانت مهرة فى غزوة عبد الله ابن سعد وحدهم ستّمائة رجل. وغنث من الأزد سبعمائة رجل. وميدعان سبعمائة، وميدعان من الأزد.
وكان على مقاسمها كما حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن أزهر بن يزيد الغطيفى، شريك بن سمىّ، فباع ابن زرارة المدينىّ تبرا بذهب، بعضه أفضل من بعض، ثم لقيه المقداد بن الأسود فذكر ذلك له، فقال

(1/211)


المقداد: إن هذا لا يصلح. فقال له ابن زرارة: فضلها لك هبة. قال شريك: ما أحبّ أن لى ما تحوز «1» وإنى أرجع به.
وكانت ابنة جرجير كما حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، وسعيد بن عفير، قد صارت لرجل من الأنصار فى سهمه، فأقبل بها منصرفا قد حملها على بعير له، فجعل يرتجز:
يا بنة جرجير تمشّى عقبتك ... إنّ عليك بالحجاز ربتك
لتحملنّ من قباء قربتك
قالت: ما يقول هذا الكلب؟ فأخبرت بذلك فألقت نفسها عن البعير الذي كانت عليه، فدقّت عنقها فماتت.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، أن عبد الله بن سعد هو الذي فتح إفريقية، ونقل «2» هو الذي افترع إفريقية، وأنه كان يوضع بين يديه الكوم من الورق فيقال للأفارقة من أين لكم هذا؟ قال: فجعل إنسان منهم يدور كالذى يلتمس الشيء حتى وجد زيتونة فجاء بها إليه، فقال: من هذا نصيب الورق. قال: وكيف؟ قال: إن الروم ليس عندهم زيتون، فكانوا يأتونا فيشترون منا الزيت فنأخذ هذا الورق منهم.
وإنما سمّوا الأفارقة فيما حدثنا عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة وغيره، أنهم من ولد فارق بن بيصر، وكان فارق قد حاز لنفسه من الأرض ما بين برقة إلى إفريقية، فبالأفارقة سميت إفريقيّة.
حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا بكر بن مضر، عن يزيد بن أبى حبيب، عن قيس بن أبى يزيد، عن الجلاس بن عامر، عن عبد الله بن أبى ربيعة، قال: صلّى عبد الله بن سعد للناس بإفريقية المغرب، فلما صلّى ركعتين سمع جلبة فى المسجد فراعهم ذلك، وظنّوا أنهم العدوّ، فقطع الصلاة، فلما لم ير شيئا خطب الناس ثم قال: إن هذه الصلاة اختضرت «3» ، ثم أمر مؤذّنه فأقام الصلاة ثم أعادها.

(1/212)


قال: وبعث عبد الله بن سعد، كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة بالفتح عقبة بن نافع. ويقال بل عبد الله بن الزبير، وذلك أصحّ. وسار- زعموا عبد الله بن الزبير- على راحلته إلى المدينة من إفريقية عشرين ليلة.
حدثنا سعيد بن عفير، حدثنى المنذر بن عبد الله الحزامى، عن هشام بن عروة، أن عبد الله بن سعد بعث عبد الله بن الزبير بفتح إفريقية، فدخل على عثمان فجعل يخبره بلقائهم العدوّ وما كان فى تلك الغزوة، فأعجب عثمان فقال له: هل تستطيع أن تخبر الناس بمثل هذا؟ قال: نعم. فأخذ بيده حتى انتهى به إلى المنبر ثم قال له: اقصص عليهم ما «1» أخبرتنى. فتلكأ عبد الله بدئا، فأخذ الزبير قبضة حصباء وهمّ أن يحصبه بها؛ ثم تكلّم كلاما أعجبهم، فكان الزبير يقول: إذا أراد أحدكم أن يتزوّج المرأة، فلينظر إلى أبيها وأخيها، فلن يلبث أن يرى ربيطة منها ببابه، لما كان يرى من شبه عبد الله بن الزبير بأبى بكر.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد، قال: بعث عبد الله بن سعد عبد الله بن الزبير وكان فى الجيش بالفتح، فقدم على عثمان بن عفان، فبدأ به قبل أن يأتى أباه الزبير بن العوّام، فخرج عثمان إلى المسجد ومعه ابن الزبير، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر الذي»
أبلى الله المسلمين على يدى عبد الله ابن سعد، ثم قال: قم يا عبد الله بن الزبير فحدّث الناس بالذى شهدت.
قال الزبير: فوجدت فى نفسى على عثمان، وقلت: يقيم غلاما من الغلمان لا يبلغ الذي يحقّ عليه، والذي يجمل به، فقام فتكلّم فأبلغ وأصاب، فما فرغ حتى ملأهم عجبا. ثم نزل عثمان وقام عبد الله بن الزبير إلى أبيه، فأخذ أبوه بيده، وقال: إذا أردت أن تتزوّج امرأة فانظر إلى أبيها وأخيها قبل أن تتزوّجها، كأنه يشبّهه ببلاغة أبى بكر الصدّيق جدّه.
قال وحدّثنيه ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، وقد قيل إن عبد الله بن سعد قد كان وجّه مروان بن الحكم إلى عثمان من إفريقية، فلا أدرى أفى الفتح أم بعده «3» ، والله أعلم.

(1/213)


حدثنا عبد الله بن معشر الأيلى: أن مروان بن الحكم أقبل من إفريقية، أرسله عبد الله بن سعد، ووجّه معه رجلا من العرب من لخم أو جذام- شكّ عبد الرحمن قال: فسرنا حتى إذا كنّا ببعض الطريق قرب الليل، فقال لى صاحبى: هل لك إلى صديق لى هاهنا؟ قلت: ما شئت. قال: فعدل بى عن الطريق حتى أتى إلى دير، واذا سلسلة معلّقة، فأخذ السلسلة، فحرّكها، وكان أعلم منّى، فأشرف علينا رجل، فلما رآنا فتح الباب، فدخلنا، فلم يتكلّم حتى طرح لى فراشا ولصاحبى فراشا، ثم أقبل على صاحبى يكلّمه بلسانه، فراطنه حتى سؤت ظنّا، ثم أقبل علىّ، فقال: أيّ شىء قرابتك من خليفتهم؟ قلت: ابن عمّه. قال: هل أحد «1» أقرب إليه منك؟ قلت: لا، إلا أن يكون ولده. قال: صاحب الأرض المقدّسة أنت؟ قلت: لا. قال: فإن استطعت أن تكون هو فافعل؛ ثم قال: أريد أن أخبرك بشىء وأخاف أن تضعف عنه. قال: قلت: ألى تقول هذا؟ وأنا أنا. ثم أقبل على صاحبى فراطنه «2» ، ثم أقبل علىّ فساءلنى «3» عن مثل ذلك، وأجبته بمثل جوابى، فقال: إن صاحبك مقتول، وإنّا نجد أنه يلى هذا الأمر من بعده صاحب الأرض المقدّسة، فإن استطعت أن تكون ذلك فافعل، فأصابتنى لذلك وجمة.
فقال لى: قد قلت لك إنى أخاف ضعفك عنه. فقلت: وما لى لا يصيبنى، أو كما قال، وقد نعيت إلىّ سيّد المسلمين وأمير المؤمنين.
قال: ثم قدمت المدينة فأقمت شهرا لا أذكر لعثمان من ذلك شيئا، ثم دخلت عليه وهو فى منزل له على سرير، وفى يده مروحة، فحدّثته بذلك؛ فلما انتهيت إلى ذكر القتل بكيت وأمسكت. فقال لى عثمان: تحدّث، لا تحدّثت. فحدّثته، فأخذ بطرف المروحة يعضّها أحسبه، قال عبد الرحمن: واستلقى على ظهره، وأخذ بطرف عقبه يعركه، حتى ندمت على إخبارى إياه، ثم قال لى: صدق وسأخبرك عن ذلك، لمّا غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلم تبوك، أعطى أصحابه سهما، وأعطانى سهمين، فظننت أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم إنما أعطانى ذلك لما كان من نفقتى فى تبوك، فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقلت: إنك أعطيتنى سهمين، وأعطيت أصحابى سهما سهما، فظننت أن ذلك لما كان من نفقتى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا. ولكن أحببت أن يرى الناس مكانك منى أو منزلتك منى،

(1/214)


فأدبرت فلحقنى عبد الرحمن بن عوف فقال: ماذا قلت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ ما زال يتبعك بصره. فظننت أنّ قولى قد خالف رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأمهلت حتى إذا خرج إلى الصلاة أتيته فقلت: يا رسول الله، إن عبد الرحمن بن عوف أخبرنى بكذا وكذا، وأنا أتوب إلى الله، أو كما قال. فقال: لا، ولكنك مقتول، أو قاتل، فكن المقتول، والله أعلم.
قال: عبد الرحمن: «1» وكان فتح إفريقية كما حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث بن سعد، سنة سبع وعشرين.
وفى تلك السنة كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن مالك بن أنس، توفّيت حفصة زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلم.
ذكر النوبة
قال: عبد الرحمن «2» : غزا عبد الله بن سعد الأساود، وهم النوبة، كما حدثنا يحيى ابن عبد الله بن بكير سنة إحدى وثلاثين.
وحدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال:
كان عبد الله بن سعد بن أبى سرح عامل عثمان على مصر، فى سنة إحدى وثلاثين، فقاتله النوبة.
قال ابن لهيعة: وحدثنى الحارث بن يزيد، قال: اقتتلوا قتالا شديدا، وأصيبت يومئذ عين معاوية بن حديج وأبى شمر بن أبرهة، وحيويل بن ناشرة، فيومئذ سمّوا رماة الحدق، فهادنهم عبد الله بن سعد إذ لم يطقهم. وقال الشاعر:
لم تر عينى مثل يوم دمقله ... والنخيل تعدو بالدروع «3» مثقله
قال ابن أبى حبيب فى حديثه: وإن عبد الله صالحهم على هدنة بينهم، على أنهم لا يغزونهم، ولا يغزوا النوبة المسلمين، وأن النوبة يؤدّون كلّ سنة إلى المسلمين كذا وكذا رأسا من السبى، وأن المسلمين يؤدّون إليهم من القمح كذا وكذا، ومن العدس كذا وكذا، فى كل سنة. قال ابن أبى حبيب: وليس بينهم وبين أهل مصر عهد ولا ميثاق، إنما هى هدنة أمان بعضنا من بعض.

(1/215)


قال ابن لهيعة: ولا بأس أن يشترى رقيقهم منهم ومن غيرهم. وكان أبو حبيب أبو يزيد بن أبى حبيب- واسمه سويد- منهم.
حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا ابن لهيعة، قال: سمعت يزيد بن أبى حبيب، يقول:
أبى من سبى دمقلة مولّى لرجل «1» من بنى عامر من أهل المدينة يقال له شريك ابن طفيل.
قال: وكان الذي صولح عليه النوبة كما ذكر بعض مشايخ أهل مصر، على ثلاثمائة رأس وستين رأسا فى كل سنة، ويقال بل على أربعمائة رأس فى كل سنة. منها لفىء المسلمين ثلاثمائة رأس وستون رأسا، ولوالى البلد أربعون رأسا.
قال فزعم بعض المشايخ أن منها سبعة عشر مرضعا «2» . ثم انصرف عبد الله ابن سعد عنهم.
ويقال فيما ذكر بعض المشايخ المتقدّمين، أنه نظر فى بعض الدواوين بالفسطاط، وقرأه قبل أن ينخرق «3» ، فإذا هو يحفظ منه: إنّا عاهدناكم وعاقدناكم أن توفونا فى كل سنة ثلاثمائة رأس وستّين رأسا وتدخلوا بلادنا مجتازين غير مقيمين، وكذلك ندخل بلادكم، على أنكم إن قتلتم من المسلمين قتيلا فقد برئت منكم الهدنة، وعلى إن آويتم للمسلمين عبدا فقد برئت منكم الهدنة، وعليكم ردّ أبّاق المسلمين، ومن لجأ إليكم من أهل الذمّة.
قال: وزعم غيره من المشايخ أنه لا سنّة للنوبة على المسلمين، وأنهم أوّل عام بعثوا بالبقط أهدوا لعمرو بن العاص أربعين رأسا، فكره أن يقبل منهم، فردّ ذلك على عظيم من عظماء القبط يقال له نستقوس، وهو القيّم لهم فيها، فباع ذلك، واشترى لهم جهازا، فاحتجّوا بذلك أن عمرا بعث إليهم القمح والخل «4» وذلك أنهم زجروا عن القمح والخيل، فكشفوا ذلك فى الزمان الأول فأصيبوا. هذه قصّتهم.

(1/216)


ثم رجع الحديث. فتجمّع له فى انصرافه على شاطىء النيل البجة، فسأل عنهم فأخبر بمكانهم «1» ، فهان عليه «2» أمرهم، فنفذ وتركه، ولم يكن لهم عقد ولا صلح؛ وأوّل من صالحهم عبيد الله بن الحبحاب.
ويزعم بعض المشايخ أنه قرأ كتاب ابن الحبحاب فإذا فيه: ثلاثمائة بكر فى كل عام حتى ينزلوا الريف مجتازين تجارا غير مقيمين، على ألا يقتلوا مسلما ولا ذمّيّا، فإن قتلوه فلا عهد لهم ولا يؤوا عبيد المسلمين، وأن يردّوا أباقهم إذا وقعوا؛ وقد عهدت هذا فى أيامهم يؤخذون به؛ ولكل شاة أخذها بجاوىّ فعليه أربعة دنانير، والبقرة عشرة، وكان وكيلهم مقيما بالريف رهينة بيد المسلمين.
ذكر ذى الصوارى
قال عبد الرحمن «3» : ثم غزا عبد الله بن سعد بن أبى سرح كما حدثنا يحيى ابن عبد الله بن بكير، عن الليث بن سعد، ذات الصّوارى فى سنة أربع وثلاثين.
وكان من حديث هذه الغزوة كما حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث ابن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، أن عبد الله بن سعد لما نزل ذات الصوارى أنزل نصف الناس مع بسر بن أبى أرطاة سرية فى البرّ، فلما مضوا أتى آت إلى عبد الله ابن سعد، فقال: ما كنت فاعلا حين ينزل بك هرقل فى ألف مركب فافعله الساعة.
قال غير الليث: إنما هو ابن هرقل لأن هرقل مات فى سنة تسع عشرة والمسلمون محاصرون الإسكندرية.
ثم رجع إلى حديث الليث عن يزيد بن أبى حبيب، قال: وإنما مراكب المسلمين يومئذ مائتا مركب ونيّف فقام عبد الله بن سعد بين ظهرانى الناس فقال: قد بلغنى أن هرقل قد أقبل إليكم فى ألف مركب، فأشيروا علّى؛ فما كلّمه رجل من المسلمين، فجلس قليلا لترجع إليهم أفئدتهم، ثم قام الثانية فكلّمهم، فما كلّمه أحد، فجلس، ثم قام الثالثة، فقال: إنه لا يبق شىء، فأشيروا علىّ.
فقام رجل من أهل المدينة كان متطوّعا مع عبد الله بن سعد فقال: أيها الأمير إن

(1/217)


الله جلّ ثناؤه يقول كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ
«1» فقال عبد الله: اركبوا باسم الله، فركبوا، وإنما فى كل مركب نصف شحنته، قد خرج النصف الآخر الى البرّ مع بسر، فلقوهم، فاقتتلوا بالنبل والنشّاب، وتأخر هرقل لئلا تصيبه الهزيمة، وجعلت القوارب تختلف إليه بالأخبار، فقال: ما فعلوا؟ قالوا: قد اقتتلوا بالنبل «2» والنشّاب. فقال: غلبت الروم، ثم أتوه، فقال: ما فعلوا؟ (3 قالوا: قد نفد النبل والنشاب، فهم يرتمون بالحجارة. قال: غلبت الروم. ثم أتوه، فقال: ما فعلوا؟ 3) قالوا قد نفدت الحجارة، وربطوا المراكب بعضها ببعض، يقتتلون بالسيوف. قال: غلبت الروم.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال:
وكانت السفن إذ ذاك «4» تقرن بالسلاسل عند القتال. فقال: فقرن مركب عبد الله يومئذ وهو الأمير بمركب من مركب العدوّ، فكاد مركب العدوّ يجترّ مركب عبد الله إليهم، فقام علقمة بن يزيد الغطيفى، وكان مع عبد الله بن سعد فى المركب، فضرب السلسلة بسيفه فقطعها.
فسأل عبد الله امرأته بعد ذلك بسيسة ابنة حمزة بن ليشرح، وكانت مع عبد الله يومئذ، وكان الناس يغزون بنسائهم فى المراكب، من رأيت أشدّ قتالا؟ قالت: علقمة صاحب السلسلة. وكان عبد الله قد خطب بسيسة إلى أبيها، فقال له: إنّ علقمة قد خطبها وله علىّ فيها وأى، وإن يتركها أفعل «5» ، فكلّم عبد الله علقمة فتركها، فتزوّجها عبد الله بن سعد، ثم هلك عنها عبد الله، فتزوّجها بعده علقمة بن يزيد، ثم هلك عنها علقمة، فتزوّجها بعده كريب بن أبرهة، وماتت تحته فى السنة التى قتل فيها مروان الأكدر بن حمام.
قال غير ابن لهيعة قتل مروان الأكدر بن حمام فى اليوم الذي ماتت فيه بسيسة، فجاء الخبر إلى كريب بذلك، فقال: حتى أفرغ من دفن هذه الجنازة، فلم ينصرف حتى قتل، فلام الناس يومئذ كريب بن أبرهة. وللأكدر بن حمام وقتله حديث أطول من هذا.

(1/218)


(* قال غير ابن لهيعة: مشت الروم إلى قسطنطين بن هرقل فى سنة خمس وثلاثين فقالوا تترك الإسكندرية فى أيدى العرب وهى مدينتنا الكبرى! فقال: ما أصنع بكم ما تقدرون أن تمالكوا ساعة إذا لقيتم العرب، قالوا: فاخرج على أنّا نموت.
فتبايعوا على ذلك، فخرج فى ألف مركب يريد الإسكندرية، فسار فى أيام غالبة «1» من الريح، فبعث الله عليهم ريحا فغرقتهم إلّا قسطنطين نجا بمركبه، فألقته الريح بسقلّيّة، فسألوه عن أمره، فأخبرهم «2» ، فقالوا: شمّت «3» النصرانيّة وأفنيت رجالها، لو دخل العرب علينا لم نجد «4» من يردّهم. فقال خرجنا مقتدرين فأصابنا هذا، فصنعوا له الحمّام، ودخلوا عليه، فقال ويلكم، تذهب رجالكم وتقتلون ملككم. قالوا: كأنه غرق معهم. ثم قتلوه، وخلّوا من كان معه فى المراكب*) .
ذكر رابطة الإسكندرية
(* حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن بهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب وعبد الله ابن هبيرة، يزيد أحدهما على صاحبه، قال: لمّا استقامت البلاد، وفتح الله على المسلمين الإسكندرية قطع عمرو بن العاص من أصحابه لرباط الإسكندرية ربع الناس خاصّة، الربع يقيمون ستّة أشهر، ثم يعقبهم «5» شاتية ستّة أشهر، ربع «6» فى السواحل، والنصف الثانى مقيمون معه.
قال غيرهما: وكان عمر بن الخطاب يبعث فى كل سنة غازية من أهل المدينة ترابط بالاسكندرية، وكاتب «7» الولاة، لا تغفلها وتكثّف رابطتها، ولا تأمن الروم عليها.
وكتب عثمان إلى عبد الله بن سعد، قد علمت كيف كان همّ أمير

(1/219)


المؤمنين بالإسكندرية، وقد نقضت الروم مرّتين، فألزم الإسكندرية رابطتها، ثم أجر عليهم أرزاقهم، وأعقب بينهم فى كل ستّة أشهر.
حدثنا طلق بن السمح، حدثنا ضمام بن إسماعيل المعافرى، حدثنا أبو قبيل، أن عتبة بن أبى سفيان عقد لعلقمة بن يزيد الغطيفى على الإسكندرية، وبعث معه اثنى عشر ألفا، فكتب علقمة إلى معاوية يشكو عتبة حين غرّر به وبمن معه. فكتب إليه معاوية:
إنى قد أمددتك بعشرة آلاف من أهل الشام، وبخمسة آلاف من أهل المدينة، فكان فيها سبعة وعشرون ألفا*) .
حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، أن علقمة بن يزيد كان على الإسكندرية ومعه اثنا عشر ألفا، فكتب إلى معاوية: إنك خلّفتنى بالإسكندرية وليس معى إلا اثنا عشر ألفا، ما يكاد بعضنا يرى بعضا من القلّة، فكتب إليه معاوية: إنى قد أمددتك بعبد الله بن مطيع فى أربعة آلاف من أهل المدينة، وأمرت معن بن يزيد السلمى أن يكون بالرملة فى أربعة آلاف ممسكين بأعنّة خيولهم، متى يبلغهم عنك فزع يعبروا إليك.
قال ابن لهيعة: وكان عمرو بن العاص يقول: ولاية مصر جامعة تعدل الخلافة.