فتوح مصر والمغرب

وأبو عبد الرحمن الجهنى
ولهم عنه حديثان، أحدهما ابن لهيعة عن أبى الخير، عن أبى عبد الرحمن الجهنى، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم باع رجلا فى دين يقال له سرّق- قال عبد الرحمن هكذا وجدته فى كتابى فذاكرت به بعض أصحابنا فقال: إنما هو ابن لهيعة، عن بكر ابن سوادة، عن أبى عبد الرحمن الحبلى، عن أبى عبد الرحمن القينى، وكان من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم- قال: قدم رجل قد قرأ سورة البقرة ببزّ فباعه من سرّق فتجاراه فتغيّب عنه، ثم ظفر به فأتى به النّبيّ صلّى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: بع سرّقا، فانطلق؛ فساوم به رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاثة أيّام، ثم بدا له فأعتقه. والله أعلم.
والآخر حديث ابن إسحاق، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير، عن أبى عبد الرحمن الجهنى، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم رأى راكبين فقال: كنديّان أو مذحجيّان، حتى أتياه فإذا رجلان من مذحج فقال أحدهما: يا رسول الله، أرأيت من رآك وآمن بك وصدّقك ماذا له؟ قال: طوبى، فمسح على يده ثم انصرف، وفعل الآخر مثل ذلك.
لم يرو عنه غير أهل مصر. وقد روى ابن إسحاق بهذا الإسناد عن

(1/327)


أبى عبد الرحمن أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: إنّا راكبون غدا إلى يهود «1» . قال عبد الرحمن وذلك خطأ إنما هو أبو بصرة، وقد خالف ابن إسحاق فى ذلك، الليث، وابن لهيعة، وهما بذلك أعلم.
ومعاذ بن أنس الجهنى
ولهم عنه شبيه بأربعين حديثا. منها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد الحمراوىّ، عن سهل بن معاذ بن أنس الجهنى، عن أبيه معاذ، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:
من قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
عشر مرّات حتى يختمها؛ بنى الله له بيتا فى الجنّة «2» . فقال عمر بن الخطّاب: إذا نستكثر يا رسول الله، قال: الله أكثر وأطيب.
قال حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار.
ومنها حديث نافع بن يزيد، قال: حدثنى أبو مرحوم، عن سهل بن معاذ الجهنى، عن أبيه، أن رجلا جاء إلى مجلس فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: السلام عليكم، فردّ عليه السلام، وقال عشر حسنات. ثم أتى آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال:
عشرون. ثم أتى آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال: ثلاثون ثم أتى آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته، فقال: أربعون. وقال: هكذا تكون الفضائل. قال حدثناه سعيد بن أبى مريم.
ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «أفضل الفضائل أن تصل من قطعك، وتعطى من حرمك، وتصفح عمّن ظلمك «3» » . قال حدثناه أبو الأسود. ومنها حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب وزبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه- وكان من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم- أنه قال: «اركبوا هذه الدوابّ سالمة وايتدعوها «4»
سالمة، ولا تتّخذوها كراسى «5»
» .
قال الليث: وحدثنى سهل بن معاذ نفسه عن أبيه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، بهذا الحديث. قال حدثناه شعيب بن الليث، وعبد الله بن صالح.

(1/328)


ومنها حديث يحيى بن أيّوب، وابن لهيعة، ورشدين بن سعد، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من حرس ليله فى سبيل الله متطوّعا من وراء عورة المسلمين- لم يأخذه سلطان- لم ير النار بعينيه إلّا تحلّة القسم «1»
، فإن الله تبارك وتعالى قال: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها
«2»
حدثناه محمد ابن المتوكّل، عن رشدين بن سعد. وأبو الأسود، عن ابن لهيعة. وأبى عبد الله بن عبد الحكم، عن ابن وهب، عن يحيى بن أيّوب.
ومنها حديث يحيى بن أيّوب، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من ثبت فى مصلّاه حين ينصرف من الصبح حتى يسبّح ركعتى الضحى لا يقول إلّا خيرا؛ غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر» . حدثناه سعيد بن عفير.
ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من كان صائما وعاد مريضا وشهد جنازة؛ غفر له إلّا أن يحدث من بعد» . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار.
ومنها حديث ابن لهيعة ورشدين بن سعد، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «الضاحك فى الصلاة والملتفت والمفقّع أصابعه بمنزلة واحدة «3»
» . قال حدثناه سعيد بن أبى مريم، عن رشدين بن سعد. وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، عن ابن لهيعة.
ومنها حديث سعيد بن أبى أيّوب، عن أبى مرحوم عبد الرحيم بن ميمون، عن سهل بن معاذ ورشدين بن سعد، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، «نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب «4»
» . حدثناه محمد ابن يحيى، عن المقرئ. وحجّاج بن رشدين، عن أبيه.
ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه

(1/329)


أن معاذ بن جبل سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، عن أفضل الإيمان؟ فقال: «أن تحبّ لله، وتبغض لله، وتعمل لسانك فى ذكر الله. قال وماذا يا رسول الله؟ قال: أن تحبّ للناس ما تحبّ لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك، وأن تقول خيرا أو تصمت «1»
» . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار.
ومنها حديث سعيد بن أبى ايّوب، عن أبى مرحوم عبد الرحيم بن ميمون، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من أكل طعاما فقال الحمد لله الذي طعّمنى هذا ورزقنيه من غير حول منّى ولا قوّة؛ غفر له ما تقدّم من ذنبه. ومن لبس ثوبا فقال: الحمد لله الذي كسانى هذا ورزقنيه من غير حول منّى ولا قوّة؛ غفر له ما تقدّم من ذنبه «2»
» . حدثناه محمد بن يحيى، عن المقرئ.
ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أنه قال: «إن لله عبادا لا يكلّمهم الله يوم القيامة، ولا يزكّيهم، ولا ينظر إليهم. قالوا: من أولئك يا رسول الله؟ قال: المتبرّىء من والديه رغبة عنهما، والمتبرّىء من ولده، ورجل أنعم عليه قوم فكفر نعمتهم وتبرّأ منهم «3»
» . قال: حدثناه أبو الأسود.
ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: لا تزال «4»
هذه الأمّة على شريعة من الحقّ ما لم تظهر فيهم ثلاث:
ما لم يقبض العلم منهم، ويكثر فيهم ولد الحنث، ويظهر «5»
فيهم الصقّارون. قالوا: وما الصقّارون يا رسول الله؟ قال: نشء يكونون فى آخر الزمان تحيّتهم بينهم التلاعن «6» .
حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار.
ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، عن

(1/330)


رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أنه قال: «من كظم غيظه وهو يقدر على أن ينتصر؛ دعاه الله على رءوس الخلائق حتى يخيّره فى حلل الإيمان» . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار.
ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أنه أمر أصحابه بالغزو، وأن رجلا تخلّف وقال لأهله: أتخلّف حتى أصلّى مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم الظهر ثم أسلّم عليه وأودعه؛ فيدعو لى بدعوة يكون لى سابقة يوم القيامة. فلما صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أقبل الرجل مسلّما عليه، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
أتدرى بكم سبقك أصحابك؟ قال: نعم، سبقونى بغدوتهم اليوم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
والذي نفسى بيده لقد سبقوك بأبعد ممّا بين المشرق والمغرب فى الفضيلة.
ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من بنى بنيانا فى غير ظلم ولا اعتداء، أو غرس غرسا فى غير ظلم ولا اعتداء، كان له أجرا جاريا ما انتفع به أحد من خلق الرّحمن» «1»
. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار.
ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أن رجلا سأله، فقال: أىّ المجاهدين أعظم أجرا يا رسول الله؟ قال:
أكثرهم لله ذكرا. قال: فأىّ الصائمين أعظم؟ قال: أكثرهم لله ذكرا، ثم ذكر الصلاة، والزكاة، والحجّ، والصدقة «2»
؛ كل ذلك يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أكثرهم لله ذكرا. فقال أبو بكر لعمر بن الخطّاب: يا أبا حفص، ذهب الذاكرون بكلّ خير، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
أجل. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار.
ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «من تخطّى «3»
رقاب الناس يوم الجمعة اتّخذ جسرا إلى جهنّم» «4» .
قال: حدثناه عبد الملك بن مسلمة.

(1/331)


وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى
ولهم عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قريب من عشرين حديثا. منها حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدىّ، قال: توفّى رجل ممن قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم غريب، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو عند القبر: ما اسمك؟ فقلت:
العاص. وقال لابن عمرو: ما اسمك؟ فقال: العاص. وقال للعاص بن العاص: ما اسمك؟ قال: العاص. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: العاص، أنتم عبد الله انزلوا، قال: فوارينا صاحبنا ثم خرجنا من القبر وقد بدلت أسماؤنا. قال حدثناه شعيب بن الليث، وعبد الله ابن صالح، ويحيى بن عبد الله بن بكير.
ومنها حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، أنه سمع عبد الله ابن الحارث بن جزء الزبيدى، يقول: أنا أوّل من سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «لا يبولنّ أحدكم مستقبل القبلة» «1»
. وأنا أول من حدّث الناس بذلك.
حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، وشعيب بن الليث، وعبد الله بن صالح. وقد أدخل ابن لهيعة فى هذا الحديث بين ابن أبى حبيب وبين عبد الله بن الحارث، جبلة بن نافع.
وحدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، وعثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عن سليمان بن زياد، أنه سمع عبد الله بن الحارث.
وحدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن سهل بن ثعلبة، عن عبد الله بن الحارث بن جزء.
وحدثناه يحيى بن عبد الله بن بكير، عن عرابىّ بن معاوية، عن سليمان بن زياد، عن عبد الله بن الحارث.
ومنها حديث الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة ونافع بن يزيد، عن حيوة بن شريح، عن عقبة بن مسلم، قال: سمعت عبد الله بن الحارث بن جزء يقول: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار» «2» .
حدثناه سعيد بن أبى مريم، عن الليث، ونافع بن يزيد. ويحيى بن عبد الله بن

(1/332)


بكير عن الليث. وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار عن ابن لهيعة. ولم يذكر ابن أبى مريم. وبطون الأقدام.
ومنها حديث ابن لهيعة، عن سليمان بن زياد، عن عبد الله بن الحارث، قال:
أكلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى المسجد شواء، ثم أقيمت الصلاة فمسحنا أيدينا بالحصباء، ثم قمنا فصلّى ولم يتوضّأ.
حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، ووهب الله بن راشد، وأبو الأسود، وعثمان ابن صالح. وقال بعضهم: أكلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم طعاما قد مسّته النار. ورواه ابن وهب، عن حيوة بن شريح، عن عقبة بن مسلم، عن عبد الله بن الحارث بن جزء نحوه.
حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح، حدثنا عبد الملك بن أبى كريمة المغربى، عن عبيد بن ثمامة المرادى، قال: قدم علينا عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى- من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم- مصر فسمعته يحدّث فى مسجد مصر، فقيل له ما أعملك إلى مصر وليس فيك مضرب بسيف ولا مطعن برمح ولا مرمّى بسهم؟ قال: جئت أكون فى صفوف المسلمين لعلّ سهم غرب يأتينى فيقتلنى. قيل له: ما تقول فيما مسّت النار؟
قال: وما مسّت النار؟ قيل له: اللحم المطبوخ أو المنضوج، قال لقد رأيتنى سابع سبعة أو سادس ستّة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى دار رجل، فمرّ بلال، فناداه بالصلاة فخرج، فمرّرنا برجل وبرمته على النار، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أطابت برمتك؟ قال: نعم، بأبى أنت وأمّى، فتناول منها بضعة، فلم يزل يعلكها حتى أحرم بالصلاة وأنا أنظر إليه.
قال ابن قديد: حدثناه أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح عن عبد الملك بن أبى كريمة بإسناده مثله.
ومنها حديث ابن لهيعة، عن عبد العزيز بن عبد الملك بن مليل، عن أبيه عن عبد الله بن الحارث بن جزء، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجم يهوديا ويهوديّة. حدثناه أبو زرعة، عن حيوة، وهو يسوق الحديث بطوله.
ومنها حديث نافع بن يزيد وابن لهيعة، عن عبيد الله بن المغيرة، عن ابن جزء قال:
ما رأيت أحدا أكثر تبسّما من رسول الله صلّى الله عليه وسلم. حدثناه طلق بن السمح، عن نافع بن يزيد.
وأبو الأسود، عن ابن لهيعة.

(1/333)


ومنها حديث ابن لهيعة عن درّاج أبى السمح، أنه سمع عبد الله بن الحارث بن جزء يقول، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنّ فى النار لحيّات أمثال أعناق البخت، تلسع إحداهنّ اللسعة؛ فيجد حموتها أربعين سنة» «1»
. قال حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار.
ومنها حديث ابن لهيعة، عن سليمان بن زياد، عن عبد الله بن الحارث بن جزء، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «لوددت أنّ بينى وبين أهل نجران حجابا. من شدّة ما كانوا يجادلونه صلّى الله عليه وسلم. قال حدثناه عبد الملك بن مسلمة، وأبو الأسود النضر ابن عبد الجبّار.
ومنها حديث ابن لهيعة، عن سليمان بن زياد، عن عبد الله بن الحارث، أنه مرّ وصاحب له بناس وفتية من قريش قد حلّلوا أزرهم؛ فهم عراة يتجالدون بها. قال الزبيدىّ:
فلما مررنا بهم قالوا: إنّ هؤلاء قسّيسون، فدعوهم. ثم إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم خرج عليهم، فلما أبصروه تبدّدوا، فرجع رسول الله صلّى الله عليه وسلم مغضبا. وكنت أنا وراء الحجرة يقول: سبحان الله! لا من الله استحيوا، ولا من رسوله استتروا. وأمّ أيمن عنده تقول له: استغفر له يا رسول الله، فقال: غفر الله له. قال حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار.
ومنها حديث ابن لهيعة، عن عبيد الله بن المغيرة، عن أبى سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن الحارث بن جزء، قال: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يستنجى أحد بعظم أو رمّة. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار.
قال عبد الرحمن: وقد زعم بعض المشايخ: أن أبا سلمة هذا الذي روى هذا الحديث، ليس هو أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، إنما هو أبو سلمة عبد الله ابن رافع. والله أعلم.
وكان عبد الله بن الحارث قد عمى وتوفّى بمصر بعد عبد العزيز بن مروان سنة ستّ وثمانين. لم يرو عنه غير أهل مصر. وروى عنه من أهل المدينة أبو سلمة ابن عبد الرحمن. وكان له أخ من أمّه يقال له السفاح، قد روى عنه.
قال: حدثنا طلق بن السمح، حدثا ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن السفاح- أخى الزبيدى لأمّه- عن أبى هريرة قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: إن الله أعدّ لعباده

(1/334)


الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. قالوا ومن أولئك يا رسول الله؟ قال: الذين لا يكتوون، ولا يتطيّرون وعلى ربّهم يتوكّلون.
وعلقمة بن رمثة البلوىّ
ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث واحد ليس لهم عنه غيره. وهو حديث الليث ابن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن سويد بن قيس البلوى، عن علقمة بن رمثة البلوى، قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى البحرين، ثم خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى سريّة وخرجنا معه، فنعس رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثم استيقظ فقال: رحم الله عمرا، فتذاكرنا كلّ إنسان اسمه عمرو. ثم نعس ثانية فاستيقظ فقال: رحم الله عمرا، ثم نعس ثالثة فاستيقظ فقال: رحم الله عمرا؛ فقلنا من عمرو يا رسول الله؟ قال: عمرو بن العاص.
قالوا: وما باله؟ قال: ذكرت أنى كنت إذا ندبت الناس للصدقة جاء من الصدقة فأجزل؛ فأقول له من أين لك هذا يا عمرو؛ فيقول: هو من عند الله. وصدق عمرو. إن لعمرو عند الله خيرا كثيرا «1»
. قال حدثناه عبد الله بن صالح، ويحيى بن بكير، وأسد بن موسى.
وأبو الرمداء البلوى
ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث، وهو ابن وهب، عن بن لهيعة، عن عبد الله ابن هبيرة، عن أبى سليمان مولى لأمّ سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم- حدثه أن أبا الرمداء حدثه، أن رجلا منهم شرب فأتوا به رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ فضربه. ثم شرب الثانية، فضربه، ثم شرب الثالثة فأتوا به إليه، فما أدرى أفى الثالثة أو الرابعة أمر فحمل على العجل، أو قال على الفحل. حدثناه محمد بن يحيى الصدفى. ولم يرو عنه غير أهل مصر.
وابن سندر
ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديثان، وهما ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير مرثد بن عبد الله اليزنى، عن ابن سندر، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول:
«أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها. وتجيب أجابت الله ورسوله» «2»
. فقلت له: يا أبا الأسود، أنت سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يذكر تجيب؟ قال: نعم. قلت وأحدّث الناس عنك

(1/335)


بذلك؟ قال: نعم. حدثناه عبد الملك بن مسلمة ويحيى بن بكير. ولم يذكر ابن مسلمة- قلت يا أبا الأسود إلى آخر الحديث.
ويقال ابن سندر فيما ذكر ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن ربيعة بن لقيط التجيبى، عن عبد الله بن سندر، عن أبيه، أنه كان عبدا لزنباع بن سلامة الجذامى فعتب «1»
عليه؛ فخصاه «2»
وجدعه. فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبره؛ فأغلظ لزنباع القول وأعتقه منه. قال: أوص بى يا رسول الله، قال: أوصى بك كلّ مسلم «3» .
قال يزيد: وكان سندر كافرا، والله أعلم. لم يرو عنه غير أهل مصر.
وديلم الجيشانى
ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث واحد. وهو ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير، عن ديلم الجيشانى، أنه قال أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إنّا بأرض باردة شديدة البرد ونصنع بها شرابا من القمح، أفيحلّ يا نبىّ الله؟
فقال: أليس يسكر؟ قال: بلى. قال: فأنّه حرام. ثم راجعه «4»
الثانية، فقال مثلها. ثم إنى أعدت عليه فقلت: أرأيت إن أبوا أن يدعوها يا نبىّ الله وقد غلبت عليهم، قال: من غلبت عليه فاقتلوه. حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، وهانىء بن المتوكلّ. ليس لهم عنه غيره، ولم يرو عنه غير أهل مصر.
وأبو ثور الفهمى
ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث واحد. وهو ابن لهيعة، عن يزيد بن عمرو المعافرى، عن أبى ثور الفهمى، قال: كنّا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوما فأتى بثوب من ثياب المعافر، فقال أبو سفيان لعن الله هذا الثوب، ولعن من عمله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لا تلعنهم فإنهم منّى وأنا منهم» «5»
. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار وعثمان بن صالح. ليس لهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم غيره. لم يرو عنه غير أهل مصر.

(1/336)


ولهم عنه حكاية عن نفسه. قال حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا عبد الرحمن بن شريح وعبد الملك بن نصير، حدثنا عمران بن عطيّة، عن أبى شريح، أنه سمع يزيد بن عمرو المعافرى، يحدّث عن أبى ثور الفهمى، أنه قال: من غلّ إبلا طوّق حملها كما طوّق أخفافها. لم يرو عنه غير أهل مصر.
وعتبة بن الندر
ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث واحد؛ وهو ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد، عن علىّ بن رباح، عن عتبة بن الندر- وكان من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم- قال قيل: يا رسول الله، أىّ الأجلين قضى موسى عليه السلام؟ قال: أوفاهما وأبرّهما. قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن موسى عليه السلام لمّا أراد فراق شعيب عليه السلام، أمر امرأته أن تسأل أباها من غنمه ما يتعيّشون به؛ فأعطاها ما تنتج من قالب لون، فلما وردت الحوض وقف موسى عليه السلام بإزاء الحوض، فلم تصدر منها شاة إلا ضرب جنبها بعصاه، فوضعت قالب ألوان كلّهنّ ووضعت اثنتين وثلاثة ليس فيهم «1»
فشوش «2»
ولا ضبوب ولا ثغول «3»
ولا كمشة تفوت الكفّ. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن افتتحتم الشأم وجدتم بقايا منها وهى السامرية.
حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، ويحيى بن عبد الله بن بكير. ولم يذكر أبو الأسود. تفوت الكفّ. لم يرو عنه غير أهل مصر، وشركهم فى الرواية عنه من أهل الشأم، خالد بن معدان.