دلائل
النبوة للبيهقي محققا جريدة المصادر
والمراجع التي جرى العزو إلى أرقام صفحاتها وإلى أجزائها، وتاريخ طبعاتها
أثناء تحقيق كتاب دلائل النبوة
(المقدمة/133)
المصادر، وجريدة المراجع التي جرى العزو
إلى صفحاتها وإلى أجزائها وطبعاتها- الإتقان في علوم القرآن تحقيق محمد أبو
الفضل ابراهيم. الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة.
- الأدب المفرد للبخاري.
- أسد الغابة لابن الأثير. دار الشعب القاهرة.
- الاستبصار في نسب الصحابة من الأنصار لابن قدامة المقدسي. ط.
بيروت.
- الإصابة لابن حجر وبهامشها الاستيعاب لابن عبد البر. ط. مصر.
- أصول الحديث: محمد عجاج الخطيب. دار الفكر بدمشق.
- الاعتبار في ناسخ الحديث ومنسوخه للحازمي. دار الوعي. حلب.
- إعجاز القرآن للرافعي ط. المكتبة التجارية الكبرى.
- اعجاز القرآن لبنت الشاطئ. ط. دار المعارف.
- أعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيّم.
- الأغاني للأصفهاني. دار الكتب بالقاهرة.
- الإكمال لابن ماكولا. ط. الهند.
- إنجاء الوطن عن الازدراء بإمام الزمن. كراتشي 1387.
(المقدمة/135)
- الأنساب للسمعاني. ط. بيروت.
- إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون لبرهان الدين الحلبي. ط. القاهرة
1320.
- الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لأحمد شاكر.
- البداية والنهاية لابن كثير. السعادة بمصر 1351.
- البرهان في علوم القرآن عيسى الحلبي 4 أجزاء.
- بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي.
- تاريخ الأمم والملوك للطبري ط. دار المعارف بمصر.
- تاج العروس من جواهر القاموس للزبيدي. القاهرة 1307.
- تاريخ بغداد للخطيب البغدادي. السعادة 1349.
- التاريخ لابن معين. تحقيق أحمد محمد نور سيف. ط الهيئة العامة للكتاب
القاهرة 1979.
- تاريخ التراث العربي: الجزء الأول والثاني- طبع الهيئة العامة للكتاب.
- التاريخ الصغير للبخاري. تحقيق محمود إبراهيم زايد. دار الوعي. حلب.
- التاريخ الكبير للبخاري. ط. الهند.
- تجريد التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد لابن عبد البر
الأندلسي.
ط. حسام الدين القدسي.
- تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف. للمزي. ط. الهند.
- تذكرة الحفاظ للذهبي. ط. الهند.
- ترتيب ثقات العجلي: تحقيق الدكتور عبد المعطي قلعجي. دار الكتب العلمية-
بيروت.
- تعجيل المنفعة بزوائد الأئمة الأربعة لابن حجر العسقلاني. ط. الهند.
(المقدمة/136)
- تفسير الفخر الرازي.
- تفسير ابن كثير. ط. عيسى الحلبي.
- تقريب التهذيب. تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف.
- تنزيه الشريعة لابن عراق. تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف.
- تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني. ط. الهند.
- تهذيب تاريخ دمشق الكبير لعبد القادر بدران.
- تهذيب الآثار. لأبي جعفر الطبري. تحقيق محمود شاكر.
- تهذيب الأسماء واللغات للنووي. ط. منير الدمشقي بالقاهرة.
- تيسير الوصول الى جامع الأصول. ط. مصر.
- الثقات لابن حبان. ط. الهند. صدر الجزء الثامن 1402.
- جامع بين العلم وفضله لابن عبد البر- المنيرية 1346.
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي- دار الكتب المصرية.
- الجرح والتعديل للرازي. ط. الهند.
- الجواهر المضية في طبقات الحنفية للقرشي. ط. الهند.
- جوامع السيرة لابن حزم. ط. دار المعارف.
- حياة محمد لهيكل. ط. دار المعارف.
- خصائص التصور الاسلامي. سيد قطب. عيسى البابي الحلبي بالقاهرة.
- الخصائص الكبرى للسيوطي تصوير دار الكتب العلمية- بيروت.
- حلية الأولياء لأبي نعيم. السعادة بمصر.
- الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي. ط. حلب.
- الدرر في اختصار المغازي والسير لابن عبد البر تحقيق شوقي ضيف. دار
المعارف.
- دلائل النبوة تأليف عبد الحليم محمود. دار الإنسان. القاهرة.
(المقدمة/137)
- دلائل النبوة لأبي نعيم. ط. الهند.
- ديوان حسان بن ثابت. الهيئة العامة للكتاب. مصر.
- الرسالة للشافعي- تحقيق أحمد شاكر دار التراث. القاهرة.
- الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة.
- الرفع والتكميل في الجرح والتعديل. تحقيق عبد الفتاح أبو غدة. ط.
حلب.
- الروض الأنف للسهيلي.
- الزهد الكبير للبيهقي: دار القلم: الكويت.
- سبل الهدى والرشاد في هدي خير العباد (1: 6) . ط. المجلس الأعلى للشؤون
الاسلامية القاهرة.
- سنن ابن ماجة. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. البابي الحلبي.
- سنن أبي داود. مطبعة مصطفى محمد 1354.
- سنن النسائي ومعها شرح السيوطي والسندي. المصرية 1348.
- سنن الترمذي تحقيق أحمد شاكر، ومحمد فؤاد عبد الباقي البابي الحلبي.
- سنن الدارمي. القاهرة 1386.
- السّنن الكبرى للبيهقي. الهند 1344.
- السّنة قبل التدوين. محمد عجاج الخطيب.
- سيرة ابن هشام. تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد. ط. المكتبة التجارية
بمصر 1937.
- سير أعلام النبلاء للذهبي مكتبة الرسالة- بيروت.
- شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي. طبع القدسي.
- شرح النووي على صحيح مسلم المصرية 1347.
(المقدمة/138)
- شروط الأئمة الخمسة للحازمي. بتعليق
الكوثري. مكتبة القدسي 1357.
- شمائل الرسول للترمذي. ط. عيسى الحلبي بالقاهرة.
- الشفا في حقوق المصطفى للقاضي عياض الازهرية 1327.
- صبح الأعشى للقلقشندي دار الكتب بالقاهرة.
- صحيح ابن حبان. صدر منه الجزء الأول، والثاني تحقيق الدكتور عبد المعطي
أمين قلعجي. دار الوعي. حلب.
- صحيح البخاري. 9 أجزاء. طبعة بولاق.
- صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي عيسى البابي الحلبي.
- صحيح مسلم بشرح النووي في 18 جزءا القاهرة 1349.
- ضحى الإسلام. لأحمد أمين- لجنة التأليف والترجمة.
- الضعفاء الصغير. البخاري. دار الوعي. حلب.
- الضعفاء الكبير للعقيلي تحقيق الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي دار الكتب
العلمية- بيروت.
- الطب النبوي لابن قيم الجوزية. تحقيق الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي.
- طبقات الشافعية الكبرى- عيسى البابي الحلبي- القاهرة.
- الطبقات الكبرى لابن سعد ط. بيروت.
- طوالع البعثة المحمدية عباس العقاد دار الهلال.
- العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي. لجنة التأليف والترجمة والنشر.
- العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية للخزرجي القاهرة 1911.
- علل الحديث ومعرفة الرجال. لعلي بن المديني. تحقيق الدكتور/ عبد المعطي
أمين قلعجي- دار الوعي- حلب.
- علوم الحديث لابن الصلاح. تحقيق الدكتورة/ عائشة عبد الرحمن.
(المقدمة/139)
- علل الحديث لابن أبي حاتم الرازي. ط.
السلفية.
- عمدة القاري شرح صحيح البخاري للشيخ بدر الدين العيني.
- عيون الأثر في فنون المغازي والسير. ط. بيروت.
- الفائق في غريب الحديث للزمخشري عيسى الحلبي القاهرة.
- فتاوى ابن الصلاح في التفسير والحديث والأصول والفقه. تحقيق الدكتور/ عبد
المعطي أمين قلعجي. دار الوعي. حلب.
- فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني. ط السلفية. بترتيب محمد
فؤاد عبد الباقي.
- الفتح الرباني بترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني. تأليف أحمد عبد
الرحمن البنا. ط. مصر.
- فتح الملهم بشرح صحيح مسلم، شبير أحمد العثماني، مكتبة الحجاز كراتشي.
- الفهرست لابن النديم. التجارية الكبرى بمصر.
- فوات الوفيات لابن شاكر. النهضة المصرية القاهرة 1953.
- الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة. للشوكاني. تحقيق عبد الوهاب عبد
اللطيف.
- فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي 6 أجزاء. ط. مصر.
- قواعد التحديث. تأليف محمد جمال الدين القاسمي. ط عيسى البابي الحلبي.
- قواعد في علوم الحديث للتهانوي. تحقيق فضيلة الأستاذ الشيخ/ عبد الفتاح
أبو غدة. حلب 1392.
- الكامل في التاريخ لابن الأثير بولاق 1290.
(المقدمة/140)
- كشف الأستار عن زوائد البزّار للهيثمي.
تحقيق عبد الرحمن الأعظمي. ط.
مؤسسة الرسالة.
- كشف الخفاء ومزيل الإلباس للعجلوني. ط. القدسي.
- الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات. دار المأمون
للتراث. دمشق.
- اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي. المكتبة التجارية بمصر.
- لسان العرب لابن منظور. ط. دار المعارف بمصر.
- لسان الميزان لابن حجر العسقلاني. ط. الهند.
- لمحات في أصول الحديث. تأليف الدكتور/ محمد أديب صالح. المكتب الاسلامي
في دمشق.
- اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان لعبد الباقي. عيسى الحلبي.
القاهرة.
- المبتكر الجامع لكتابي المختصر في علوم الأثر. تأليف عبد الوهاب عبد
اللطيف.
- المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين. لابن حبان. تحقيق محمود
إبراهيم زائد. دار الوعي. حلب.
- مجمع الزوائد للهيثمي. ط. حسام الدين القدسي.
- مجموعة الوثائق السياسية في العهد النبوي لمحمد حميد الله لجنة التأليف
القاهرة 1941.
- محاسن البلقيني على مقدمة ابن الصلاح. تحقيق الدكتورة/ عائشة عبد الرحمن.
(المقدمة/141)
- مرآة الجنان لليافعي.
- المستدرك على الصحيحين في الحديث. للحاكم، وفي ذيله تلخيص المستدرك
للذهبي. ط. الهند.
- مسند الإمام أحمد. ط. الميمنية 6 أجزاء.
- مسند الامام أحمد بتحقيق احمد محمد شاكر. دار المعارف. مصر.
- المشتبه في الرجال للذهبي. عيسى الحلبي القاهرة 1963.
- مشكل الحديث، وبيانه لابن فورك/ تحقيق الدكتور/ عبد المعطي أمين قلعجي.
- معالم السنن للخطابي، نشر راغب الطباخ- حلب.
- معجم ما استعجم للبكري لجنة التأليف والترجمة والنشر بالقاهرة.
- معجم البلدان لياقوت. القاهرة 1906.
- المعجم المفهرس لألفاظ الحديث.
- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن. وضع محمد فؤاد عبد الباقي.
- المعجم الوسيط. مجمع اللغة العربية. القاهرة.
- معرفة السنن والآثار للبيهقي. تحقيق السيد صقر. الجزء الأول.
- المغازي للواقدي. ط. دار المعارف بمصر.
- المغازي الأولى ومؤلفوها بقلم هوروفتز ترجمة حسين نصار القاهرة 1949.
- المغرب في ترتيب المعرب للمطّرزي. ط. الهند. 1328.
- مفتاح كنوز السنة. محمد فؤاد عبد الباقي.
- مفتاح السنة. تأليف محمد عبد العزيز الخولي.
- المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة للسخاوي.
- مقدمة ابن خلدون.
(المقدمة/142)
- مناقب علي والحسنين. وأمهما فاطمة
الزهراء. وضع الدكتور/ عبد المعطي أمين قلعجي. دار الوعي- حلب.
- المنقذ من الضلال للغزالي.
- الموضوعات لابن الجوزي.
- المواهب اللدنية للقسطلاني مع شرح الزرقاني. الأزهرية.
- ميزان الاعتدال للذهبي. ط. عيسى البابي الحلبي.
- موطأ مالك تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، عيسى البابي الحلبي.
- نصب الراية لأحاديث الهداية. للزيلعي. ادارة المجلس العلمي بالهند.
- نهاية الأرب للنويري دار الكتب بالقاهرة.
- النهاية في غريب الحديث لابن الأثير. عيسى البابي الحلبي.
- هدي الساري لابن حجر العسقلاني. ط. السلفية.
- وفاء الوفا للسمهودي. القاهرة 1326.
- وفيات الأعيان لابن خلكان. ميمنية القاهرة 1310.
(المقدمة/143)
الجزء الأول
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا دائما أبدا إلى
يوم الدين.
أخبرنا الشيخ الإمام السديد [ (1) ] ، أبو الحسن: عُبَيْدُ اللهِ [ (2) ]
بْنُ مُحَمَّدِ بن أحمد البيهقي، قراءة عليه وَأَنَا أَسْمَعُ فَأَقَرَّ
بِهِ، قال: حدثنا الشيخ الإمام [ (3) ] ، أَبُو بَكْرٍ: أَحْمَدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَيْهَقِيُّ- رحمه الله- قال:
الحمد لله الأول بلا ابتداء، والآخر بلا انتهاء، القديم الموجود لم يزل،
الدّائم الباقي بلا زوال، المتوحّد بالفردانيّة، المنفرد بالإلهيّة، له
الأسماء الحسنى، والصفات العلى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْبَصِيرُ [ (4) ]
__________
[ (1) ] في (ص) : أخبرنا الشيخ الإمام الحافظ الناقد، أبو نزار: ربيعة بن
الحسن اليمني بقراءتي عليه، قال: أنبأنا الشيخ الإمام الحافظ: أبو المجد
المبارك بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ البغدادي المعروف بابن الطباخ، قال:
أخبرنا الشيخ السديد ...
[ (2) ] في (ح) : عبد، وهو غلط من الناسخ، والصحيح: «عبيد» كما هو في نسخه
(ص) ، وهو حفيد المصنف، مضت ترجمته في تقدمتنا للكتاب.
[ (3) ] في (ص) : الزاهد الحافظ الناقد.
[ (4) ] الآية الكريمة (11) من سورة الشورى.
(1/5)
العليم القدير، العليّ الكبير، الوليّ
الحميد، العزيز المجيد، المبدئ المعيد، الفعّال لما يريد، له الخلق والأمر،
وبه النّفع والضّر، وله [ (5) ] الحكم والتقدير، وله الملك والتّدبير، ليس
له في صفاته شبيه ولا نظير، ولا له في إلهيّته شريك ولا ظهير، ولا له في
ملكه عديل ولا وزير، ولا له [ (6) ] في سلطانه وليّ ولا نصير، فهو المتفرد
بالملك والقدرة، والسلطان والعظمة، لا اعتراض عليه في ملكه ولا عتاب عليه
في تدبيره، ولا لوم في تقديره.
ونشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له، إلها واحدا
أحدا، سيدا صمدا، لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا ولدا.
ونشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ونبيّه وصفيّه، ونجيّه ووليّه
ورضيّه، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا،
وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا.
صَلَّى اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطيبين، وعلى أصحابه الطاهرين، وعلى
أزواجه أمهات المؤمنين، وسلّم تسليما كثيرا.
والحمد لله الذي خلق الخلق بقدرته، وجنّسهم بإرادته وجعلهم دليلا على
إلهيّته، فكلّ مفطور شاهد بوحدانيته، وكلّ مخلوق دالّ على ربوبيّته. وخلق
الجنّ والإنس ليأمرهم بعبادته من غير حاجة له إليهم، ولا إلى أحد من
بريّته، وركّب فيهم العقل الذي به يدرك دلائل قدمه ووجوده، وتوحيده
وتمجيده، وحدوث غيره بإبداعه واختراعه، وإحداثه وإيجاده. وبعث فيهم الرسل
كما قال جل ثناؤه: إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ
وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ
وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ
وَيُونُسَ وَهارُونَ
__________
[ (5) ] في (ص) : وإليه.
[ (6) ] له: ساقطة من (ص) .
(1/6)
وَسُلَيْمانَ. وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً،
وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ
نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً. رُسُلًا
مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ
حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً [ (7) ] يعني-
والله أعلم- لئلا يقولوا: نحن وإن علمنا بعقولنا أنّ لنا صانعا ومدبّرا،
فلم نعلم وجوب عبادته علينا ولا كيفيّتها، ولا إذا عبدناه ما يكون لنا،
وإذا لم نعبده ما يكون.
فقطع حجّتهم وبعث فيهم رسلا يأمرونهم بعبادته، ويبيّنون لهم كيفيتها،
ويبشرون بالجنة من أطاعه، وينذرون بالنار من عصاه، وهذا كقوله: وَلَوْ
أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا: رَبَّنا لَوْلا
أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ
نَذِلَّ وَنَخْزى [ (8) ] .
وأيّد كلّ واحد من رسله بما دلّ على صدقه من الآيات والمعجزات التي باينوا
بها من سواهم مع استوائهم في عين ما أيّدوا به.
ومعجزات الرسل كانت أجناسا كثيرة: وقد أخبر اللهُ- عَزَّ وَجَلَّ- أَنَّهُ
أعطى «موسى» - عليه السّلام- تسع آيات: العصا، واليد، والدّم، والطوفان،
والجراد، والقمّل، والضفادع، والطّمس [ (9) ] ، والبحر.
__________
[ (7) ] الآيات (163- 165) من سورة النساء.
[ (8) ] الآية الكريمة (134) من سورة طه.
[ (9) ] الطمس على أموالهم، وجاء في القرطبي (10: 326) أن الآيات التسع هي:
«العصا، واليد، واللسان، والبحر، والطوفان، والجراد، والقمّل، والضفادع،
والدم» بدون ذكر «الطمس» .
وقد جاء ذكر ما أعطاه الله لموسى من الآيات في سورة الأعراف الآية (133) :
فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ، وَالْجَرادَ، وَالْقُمَّلَ،
وَالضَّفادِعَ، وَالدَّمَ، آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا
قَوْماً مُجْرِمِينَ.
وفي سورة الإسراء الآية (101) : وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ
بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ، فَقالَ لَهُ
فِرْعَوْنُ: إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً.
وقد ذكر في القرآن الكريم أشياء كثيرة من معجزات موسى- عليه السّلام-
(أحدها) : إزالة العقدة
(1/7)
فأما (العصا) : فكانت حجّته [ (10) ] على
الملحدين والسحرة جميعا، وكان السحر في ذلك الوقت فاشيا، فلما انقلبت عصاه
حيّة تسعى، وتلقّفت حبال السّحرة وعصيّهم- علموا أن حركتها عن حياة حادثة
فيها بالحقيقة، وليست من جنس ما يتخيّل [ (11) ] بالحيل. فجمع ذلك الدّلالة
على الصانع وعلى نبوته جميعا.
__________
[ () ] من لسانه، وصار فصيحا، (وثانيها) انقلاب العصا حية، (وثالثها) تلقف
الحية حبال السحرة وعصيهم مع كثرتها، (ورابعها) : اليد البيضاء، و (خمس
أخر) وهي: الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، (والعاشر) : شق
البحر «وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ» ، (والحادي عشر) : الحجر:
«اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ» (الثاني عشر) : إظلال الجبل «وَإِذْ
نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ» (الثالث عشر) : إنزال
المن والسلوى عليه وعلى قومه، (الرابع عشر والخامس عشر) : قوله تعالى:
«وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ، وَنَقْصٍ مِنَ
الثَّمَراتِ» (السادس عشر) :
الطمس على أموالهم من النخل، والدقيق، والأطعمة ...
وذكر الله- جل شأنه- في القرآن هذه المعجزات الست عشرة لموسى- عليه
السّلام- وتخصيص التسعة بالذكر لا يقدح فيه ثبوت الزائد عليه، أما الآيات
التسع، فقد اتفقوا على سبع منها وهي: العصا، واليد، والطوفان، والجراد،
والقمل، والضفادع، والدم، وبقي الاثنتان، ولكل واحد من المفسرين قول آخر
فيهما،
وأجودها ما روى صفوان بن عسّال. أنّ يهوديّين قال أحدهما لصاحبه: اذهب بنا
إلى هذا النّبيّ نسأله، فقال: لا تقل نبيّ فإنّه إن سمعها تقول نبيّ كانت
له أربعة أعين، فأتيا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فسألاه عن قول الله عزّ
وجلّ وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فقال رسول الله صلّى
الله عليه وسلّم: لا تشركوا بالله شيئا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النّفس
الّتي حرّم الله إلّا بالحقّ، ولا تسرفوا، ولا تسحروا، ولا تمشوا ببريء إلى
سلطان فيقتله، ولا تأكلوا الرّبا، ولا تقذفوا محصنة، ولا تفرّوا من الزّحف،
شكّ شعبه: وعليكم يا معشر اليهود خاصّة لا تقلدوا في السّبت فقبّلا يديه
ورجليه وقالا: نشهد أنّك نبيّ، قال: فما يمنعكما أن تسلما،؟ قالا: إنّ داود
دعا الله، أن لا يزال في ذرّيّته نبيّ وإنّا نخاف إن أسلمنا أن تقتلنا
اليهود. قال: هذا حديث حسن صحيح. /
الترمذي (5: 306)
[ (10) ] في (ص) حجة.
[ (11) ] في (ح) : ينتحل.
(1/8)
وأما (سائر الآيات) التي لم يحتج إليها مع
السحرة فكانت دلالته على فرعون وقومه القائلين بالدّهر، فأظهر الله بها
صحّة ما أخبرهم به موسى من أن له ولهم ربا وخالقا.
وألان الله الحديد «لداود» [ (12) ] ، وسخّر له الجبال والطير، فكانت تسبّح
معه [ (13) ] بالعشيّ والإشراق.
وأقدر «عيسى بن مريم» على الكلام في المهد. فكان يتكلّم كلام الحكماء، وكان
يحيى له الموتى، ويبرئ- بدعائه أو بيده إذا مسح- الأكمه والأبرص، وجعل له
أن يجعل مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَيَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ
طائرا بإذن الله [ (14) ] .
ثم إنه رفعه من بين اليهود لمّا أرادوا قتله وصلبه [ (15) ] ، فعصمه الله
بذلك
__________
[ (12) ] في الآية الكريمة (10) من سورة سبأ: وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ
مِنَّا فَضْلًا يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ، وَأَلَنَّا لَهُ
الْحَدِيدَ.
[ (13) ] في (ح) : «له» ، وأثبتّ ما في الآية القرآنية الكريمة من (18) من
سورة ص: إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ
وَالْإِشْراقِ
[ (14) ] وهو ما جاء في الذكر الحكيم في الآية الكريمة (110) من سورة
المائدة: إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي
عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ
النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ
وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ
كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً
بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ
الْمَوْتى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ
جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا
إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ.
[ (15) ] وجاء في «القرآن الكريم» في سورة النساء. الآيات من 157/ 159:
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ
اللَّهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ
الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ
عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً. بَلْ رَفَعَهُ
اللَّهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً وَإِنْ مِنْ أَهْلِ
الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ
يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً.
(1/9)
من أن يخلص ألم القتل والصّلب إلى بدنه،
وكان الطبّ عامّا غالبا في زمانه، فأظهر الله تعالى بما أجراه على يده،
وعجز الحذّاق من الأطبّاء عما هو أقلّ من ذلك بدرجات كثيرة- أنّ التعويل
على الطبائع وإنكار ما خرج عنها باطل، وأنّ للعالم خالقا ومدبّرا، ودلّ
بإظهاره ذلك له، وبدعائه على صدقه، وبالله التوفيق.
فأمّا النبي المصطفى، والرسول المجتبى، المبعوث بالحقّ إلى كافة الخلق من
الجنّ والإنس، أبو الْقَاسِمِ: مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ
المطلب، خاتم النبيين، ورسول ربّ العالمين، صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ
وَعَلَى آله الطيبين الطاهرين- فإنه أكثر الرسل آيات وبينات وذكر بَعْضِ
أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أعلام نبوته تبلغ ألفا.
فأما (العلم) الذي اقترن بدعوته ولم يزل يتزايد أَيَّامَ حَيَاتِهِ،
وَدَامَ فِي أمته بعد وفاته- فهو «القرآن» العظيم، المعجز المبين، وحبل
الله المتين، الذي هو كما وصفه به من أنزله فقال: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ
عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ،
تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [ (16) ] .
وقال: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ
إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ. تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ [ (17) ] .
وقال: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [ (18) ] .
وقال: إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ [ (19) ] .
__________
[ (16) ] سوره فصلت: (41، 42) .
[ (17) ] الآيات الكريمة (77- 80) من سورة الواقعة.
[ (18) ] سورة البروج: (21، 22) .
[ (19) ] الآية الكريمة (62) من سورة آل عمران.
(1/10)
وقال: وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ
فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [ (20) ] .
وقال: إِنَّها تَذْكِرَةٌ، فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ، فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ،
مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ، بِأَيْدِي سَفَرَةٍ، كِرامٍ بَرَرَةٍ [ (21) ] .
وقال: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا
بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ ظَهِيراً [ (22) ] .
فأبان جلّ جلاله أنه أنزله على وصف مباين لأوصاف كلام البشر، لأنه منظوم
وليس بمنثور، ونظمه ليس نظم الرسائل، ولا نظم الخطب، ولا نظم الأشعار، ولا
هو كأسجاع الكهّان.
وأعلم أنّ أحدا لا يستطيع أن يأتي بمثله. ثم أمره أن يتحداهم على الإتيان
به إن ادّعوا أنهم يقدرون عليه أو ظنوه. فقال: قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ
سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ [ (23) ] ثم نقصهم تسعا فقال: فَأْتُوا
بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [ (24) ] .
فكان من الأمر ما يصفه. غير أن من قبل ذلك دلالة، وهي أَنَّ النَّبِيَّ،
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ غَيْرَ مدفوع عند الموافق والمخالف
عن الحصافة والمتانة وقوّة العقل والرأي.
ومن كان بهذه المنزلة، وكان مع ذلك قد انتصب لدعوة الناس إلى دينه- لم يجز
بوجه من الوجوه أن يقول للناس: ائتوا بسورة من مثل ما جئتكم به من القرآن
ولن تستطيعوه، فطن أتيتم به فأنا كاذب وهو يعلم من نفسه أن القرآن منزل
__________
[ (20) ] الآية الكريمة (155) من سورة الأنعام.
[ (21) ] سورة عبس الآيات: (11- 16) .
[ (22) ] الآية الكريمة (88) من سورة الإسراء.
[ (23) ] الآية الكريمة (13) من سورة هود.
[ (24) ] الآية الكريمة (23) من سورة البقرة.
(1/11)
عليه، ولا يأمن أن يكون في قومه من يعارضه،
وأن ذلك- إن كان- يبطل [ (25) ] دعوته.
فهذا إلى أن يذكر ما بعده [ (26) ]- دليل قاطع على أنه لم يقل للعرب ائتوا
بمثله إن استطعتموه ولن تستطيعوه، إلا وهو واثق متحقّق أنهم لا يستطيعونه،
ولا يجوز أن يكون هذا اليقين وقع له إلا من قبل ربّه الذي أوحى إليه به،
فوثق بخبره. وبالله التوفيق.
وأما ما بعد هذا فهو:
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم قال لهم: ائتوني [ (27) ] بسورة
من مثله إن كنتم صادقين.
فطالت المهلة والنّظرة لهم في ذلك، وتواترت الوقائع والحروب بينه وبينهم
فقتلت صناديدهم، وسبيت ذراريهم ونساؤهم، وانتهبت أموالهم، ولم يتعرض أحد
لمعارضته، فلو قدروا عليها لافتدوا بها أنفسهم وأولادهم وأهاليهم وأموالهم.
ولكان الأمر في ذلك قريبا سهلا عليهم، إذ كانوا أهل لسان وفصاحة، وشعر
وخطابة.
فلما لم يأتوا بذلك ولا ادّعوه صحّ أنهم كانوا عاجزين عنه.
وفي ظهور عجزهم بيان أنّه في العجز مثلهم، إذ كان بشرا مثلهم لسانه لسانهم،
وعاداته عاداتهم، وطباعه طباعهم، وزمانه زمانهم، وإذا كان كذلك وقد جاء
بالقرآن- وجب القطع بأنّه مِنْ عِنْدِ اللهِ، تَعَالَى جدّه، لا من عند
غيره.
وبالله التوفيق.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: الحسين بن الحسن الحليمي [ (28) ]- رحمه الله:
فإن
__________
[ (25) ] في الأصل (ح) : «يطلب» .
[ (26) ] في الأصل (ح) : «إلى أن يذكر إلى ما بعده» .
[ (27) ] في (ص) : ائتوا.
[ (28) ] هو الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ محمد بن حليم القاضي (338-
403) أصله من بخارى، ويعتبر أنبه المتكلمين في بلاد ما وراء النهر وأنظرهم،
وآدبهم، وكان مقدما فاضلا كبيرا له مصنفات مفيدة
(1/12)
ذكروا «سجع مسيلمة» فكل ما جاء به مسيلمة
لا يعدو أن يكون بعضه محاكاة [ (29) ] وسرقة، وبعضه كأساجيع الكهان،
وأراجيز العرب وقد كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ مَا هو أحسن لفظا، وأقوم معنى وأبين فائدة، ثم لم تقل له العرب:
ما أنت! تتحدّانا على الإتيان بمثل القرآن وتزعم أنّ الإنس والجن لو
اجتمعوا على أن يأتوا بمثله لم يقدروا عليه، ثم قد جئت بمثله مقرّا [ (30)
]- إنه ليس من عند الله وذلك قوله:
أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ [ (31) ]
__________
[ () ] ينقل منها الحافظ أبو بكر البيهقي كثيرا، وقال ابن كثير في «البداية
والنهاية» : «كان الحليمي رجلا عظيم القدر، لا يحيط بكنه علمه إلا غواص» .
ومن تصانيفه «المنهاج في شعب الإيمان» كتاب جليل في نحو ثلاثة مجلدات يشتمل
على مسائل فقهية تتعلق بأصول الإيمان، وأحوال القيامة، وفيه معان غريبة لا
توجد في غيره» .
ترجمته في: طبقات الشافعية للعبادي ص (105) ، طبقات الشافعية الكبرى
للسبكي، وفيات الأعيان (1: 403) ، البداية والنهاية (11: 349) ، المنتظم
(7: 264) ، تذكرة الحفاظ (3:
1030) ، شذرات الذهب (3: 167) ، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1: 170) .
[ (29) ] في الأصل: «محالا» .
[ (30) ] في (ح) : مفترى، وأثبت في (ص) .
[ (31) ] أخرجه البخاري في: 56- كتاب الجهاد (52) . باب: من قاد دابّة غيره
في الحرب. فتح الباري (6: 69) ، كما أخرجه البخاري «أيضا» بعده في: (61)
باب: بغلة النبي صلّى الله عليه وسلّم. فتح الباري (6: 75) ، وفي (97) باب:
من صفّ أصحابه عند الهزيمة، ونزل عن دابته فاستنصر.
فتح الباري (6: 105) .
وأخرجه البخاري «أيضا» في: 64- كتاب المغازي، (54) باب: قول الله تعالى:
وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ ... فتح الباري (8:
27) .
وأخرجه مسلم في: (32) كتاب الجهاد والسير- (28) باب: في غزوة حنين، حديث
رقم (78) ، (80) .
وأخرجه الترمذي في: كتاب الجهاد في باب: الثبات عند القتال (4: 200) .
وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (4: 280، 281، 289، 304) .
(1/13)
وقوله:
تَالَلَّهِ لَوْلَا اللهُ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا
صَلَّيْنَا [ (32) ]
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ
لَاقَيْنَا
وقوله:
اللهُمَّ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةْ ... فَارْحَمِ الْأَنْصَارَ
وَالْمُهَاجِرَةْ [ (33) ]
__________
[ (32) ] أخرجه البخاري في (56) كتاب الجهاد والسير (34) باب: حفر الخندق.
فتح الباري (6: 46) ، وفي: (82) كتاب القدر 16- باب: وما كنا لنهتدي لولا
أن هدانا الله. فتح الباري. (11:
515، 516) .
كما أخرجه البخاري أيضا في: كتاب التمني 7- باب: قول الرجل: لولا الله ما
اهتدينا- فتح الباري (13: 222) ، وأخرجه مسلم «أيضا» في: 32- كتاب الجهاد
والسير (43) باب: غزوة خيبر، حديث رقم (123) ، ونسب هذا الرجز لعامر بن
الأكوع، وأخرجه مسلم في الحديث الذي يليه ونسبه لسلمه بن الأكوع، وأخرجه
مسلم في 44- باب: غزوة الأحزاب- حديث رقم (125) صفحه (1430) من حديث البراء
بن عازب، وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قائله يوم الأحزاب وهو ينقل معهم
التراب.
وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (3: 431) (4: 47، 48، 52، 282، 285، 291، 302)
.
وهو عند مسلم «أيضا» صفحه (1440) وأن الذي كان يرتجز هو عامر.
وهذا لا يمنع من أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد قاله وأن بعض الصحابة
قد ارتجز به أيضا.
[ (33) ] أخرجه البخاري في أول كتاب الرقاق، فتح الباري (11: 229) ، كما
أخرجه «أيضا» في 56- كتاب الجهاد 33- باب: الصبر عند القتال، وأن الصحابة
قالوا له مجيبين:
نحن الذين بايعوا محمدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا
فتح الباري: (6: 45- 46) .
وأخرجه البخاري «أيضا» في باب: البيعة في الحرب من كتاب الجهاد، فتح الباري
(6:
117) .
وأخرجه مسلم في: 32- كتاب الجهاد (44) باب: غزوة الأحزاب، حديث رقم (126،
129) صفحه (1431- 1432) .
(1/14)
وقوله: «تعس عبد الدينار والدرهم، وعبد
الخميصة [ (34) ] ، إن أعطى منها رضي وإن لم يعط سخط: تعس وانتكس [ (35) ]
، وإن شيك [ (36) ] فلا انتقش [ (37) ] .
فلم يدّع أحد من العرب أن شيئا من هذا يشبه [ (38) ] القرآن وأن فيه كسرا [
(39) ] لقوله.
وحكى الأستاذ أَبُو مَنْصُورٍ: مُحَمَّدُ بْنُ الحسين بن أبي أيوب [ (40) ]
فيما كتب إليّ عن بعض أصحابنا أنه قال:
يجوز أن يكون هذا النظم قد كان فيما بينهم فعجزوا عنه عند التحدي،
__________
[ () ] وأخرجه الترمذي في: كتاب المناقب باب: في مناقب أبي موسى الأشعري،
حديث رقم (3856) ، ص (5: 693) .
وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (2: 381) ، (3: 172، 180، 216، 276) ، (5:
332) .
[ (34) ] (الخميصة) : كساء أسود مربع له علامان.
[ (35) ] (تعس وانتكس) : أي عاوده المرض وشقي.
[ (36) ] (إن شيك) : أي إذا أصابته شوكة لا قدر على إخراجها بالمنقاش.
[ (37) ] الحديث أخرجه البخاري في: 56- كتاب الجهاد، 70- باب الحراسة
والغزو في سبيل الله.
فتح الباري (6: 81) ، كما أخرجه «أيضا» في الرقاق 10- باب: ما يتقى من فتنة
المال. فتح الباري (11: 253) .
وأخرجه ابن ماجة في: 37- كتاب الزهد (8) باب: في المكثرين، حديث رقم (4136)
، ص (1386) .
[ (38) ] في (ص) : «شبه» .
[ (39) ] في (ص) : كثيرا.
[ (40) ] بالأصل (ح) محمد بن الحسن، وهو خطأ من الناسخ، وصحته: محمد بن
الحسين بن أبي أيوب، الأستاذ، حجة الدين، أبو منصور المتكلم، تلميذ ابن
فورك، صاحب كتاب «تلخيص الدلائل» ، وفاته سنة (421) ، وله ترجمة في طبقات
الشافعية للسبكي (4: 147) ، والوافي بالوفيات (3: 10) .
(1/15)
فصار معجزة، لأن إخراج ما في العادة عن
العادة نقض للعادة، كما أن إدخال ما ليس في العادة في الفعل نقض للعادة.
وبسط الكلام في شرحه.
وأيّهما كان فقد ظهرت بذلك معجزته، واعترفت العرب بقصورهم عنه، وعجزهم عن
الإتيان بمثله.
وفيما حكى الشيخ «أبو سليمان: حمد [ (41) ] بن محمد الخطّابي» [ (42) ]
عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ الذي أورده الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وسلم على العرب من الكلام الذي أعجزهم عن الإتيان بمثله- أعجب في
الآية، وأوضح في الدلالة من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص، لأنّه أتى
أهل البلاغة، وأرباب الفصاحة، ورؤساء البيان والمتقدمين في الألسن [ (43) ]
، بكلام مفهوم المعنى عندهم، فكان عجزهم أعجب من عجز من شاهد المسيح عن
إحياء الموتى، لأنهم لم يكونوا يطيقون فيه ولا في إبراء الأكمه والأبرص،
ولا يتعاطون علمه، وقريش
__________
[ (41) ] في (ص) : أحمد.
[ (42) ] أبو سليمان الخطابي: حمد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بن
الخطاب البستي الخطابي، أحد أحفاد أخ الخليفة عمر بن الخطاب (319- 388) .
كان معاصروه يرونه في الدقة العلمية والورع، والتقوى قرينا لأبي عبيد
«القاسم بن سلام» ، وكان ذا موهبة شعرية، وكان يكسب قوته من التجارة، ثم
اتجه في خريف عمره إلى التصوف، وهو أول شارح لصحيح البخاري في كتابه «إعلام
السنن في شرح المشكل من أحاديث البخاري» ، وله «معالم السنن» شرح لكتاب
السنن لأبي داود ...
وغيرهما.
ترجمته في الفهرست لابن خير ص 201، المنتظم لابن الجوزي (6: 397) ، الأنباه
للقفطي (1: 125) ، تذكرة الحفاظ للذهبي (1018) ، البداية والنهاية (11:
236) ، بغية الوعاة للسيوطي، شذرات الذهب (3: 27) .
[ (43) ] في (ص) : اللّسن.
(1/16)
كانت تتعاطى الكلام الفصيح والبلاغة
والخطابة. فدلّ أن العجز عنه إنما كان لأن يصير علما على رسالته وصحّة
نبوته. وهذا حجّة قاطعة، وبرهان واضح.
قلنا: وفي القرآن وجهان آخران من الإعجاز.
(أحدهما) : ما فيه من الخبر عن الغيب، وذلك فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [ (44) ] وقوله:
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ [ (45) ] وقوله في الروم: وَهُمْ مِنْ
بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ [ (46) ] وغير ذلك من
وعده إياه بالفتوح في زمانه وبعده، ثم كان كما أخبر. ومعلوم أَنَّهُ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وسلّم كان لا يعلم النجوم ولا الكهانة ولا يجالس أهلها.
(والآخر) : ما فيه الخبر عن قصص الأولين من غير خلاف ادّعى عليه فيما وقع
الخبر عنه مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ تلك الكتب. ومعلوم أَنَّهُ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وسلّم كان أمّيا لا يقرأ كتابا ولا يخطّه. ولا يجالس أهل الكتب
للأخذ عنهم. وحين زعم بعضهم أنما يعلمه بشر- ردّ الله ذلك عليهم فقال:
لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ
مُبِينٌ [ (47) ] فزعم أهل التفسير أنه كان لابن الحضرميّ غلامان نصرانيان
يقرآن كتابا لهما بالرومية، وقيل بالعبرانية. فكان صلى الله عليه وسلم
يأتيهما فيحدثهما ويعلّمهما، فقال المشركون: إنما يتعلّم محمد منهما،
فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هذه الآية [ (48) ] .
__________
[ (44) ] الآية الكريمة (33) من سورة التوبة.
[ (45) ] الآية الكريمة (55) من سورة النور.
[ (46) ] الآية الكريمة (3) من سورة الروم.
[ (47) ] الآية الكريمة (103) من سورة النحل.
[ (48) ] وهي شبهة من شبهات منكرى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه
وسلّم، وذلك لأنهم كانوا يقولون: إن محمدا إنما يذكر هذه القصص وهذه
الكلمات؟؟ يستفيدها من انسان آخر ويتعلمها منه، واختلفوا في هذا البشر،
فقيل: هو عبد لبني عامر بن لؤي، يقال له: «يعيش» وكان يقرأ الكتب، وقيل:
«عداس» غلام عتبة بن ربيعة وقيل «أبو ميسرة الرومي» وقيل غير ذلك، ولا
فائدة من ذكر
(1/17)
قال «الحليمي» : من تعلّق بمثل هذا الضعيف
لم يسكت عن شيء يتهمه به. فدل على انه لو اتهموه بشيء مما نفيناه عنه
لذكروه ولم يسكتوا عنه.
وبالله التوفيق.
قلنا: ومن وقف على ما أخذه العلماء من القرآن على إيجازه من أنواع العلوم،
واستنبطوه من معانيه، وكتبوه ودونوه في كتب لعلها تزيد على ألف مجلدة- علم
أنّ كلام البشر لا يفيد ما أفاد القرآن، وعلم أنه كلام رب العزة.
فهذا بيّن واضح لمن هدي إلى صراط مستقيم.
ثم إن لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم وراء القرآن من الآيات
الباهرة والمعجزات الظاهرة ما لا يخفى، وأكثر من أن يحصى.
فمن دلائل نبوته التي استدل بها أهل الكتاب على صحة نبوته: ما وجدوا في
التوراة والإنجيل وسائر كتب الله المنزلة من ذكره ونعته، وخروجه بأرض
العرب، وإن كان كثير منهم حرّفوها عن مواضعها.
ومن دلائل نبوته: ما حدث بين أيام مولده ومبعثه، صلى الله عليه وسلم، من
الأمور الغريبة والأكوان العجيبة القادحة في سلطان أئمة الكفر والموهية
لكلمتهم، المؤيّدة لشأن العرب، المنوّهة بذكرهم كأمر الفيل وما أحلّ الله
بحزبه من العقوبة والنّكال.
ومنها خمود نار فارس، وسقوط شرفات إيوان كسرى، وغيض ماء بحيرة
__________
[ () ] الاختلاف هذا، وقد رد القرآن عليهم بأن القرآن إنما كان معجزا لما
في ألفاظه من الفصاحة، فبتقدير أن تكونوا صادقين في أَنَّ مُحَمَّدًا
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلّم يتعلم تلك المعاني من ذلك الرجل إلا أنه لا
يقدح ذلك في المقصود، إذ القرآن معجز في فصاحته، وما ذكرتموه لا يقدح في
ذلك المقصود.
(1/18)
ساوة، ورؤيا الموبذان وغير ذلك.
ومنها: ما سمعوه من الهواتف الصارخة بنعوته وأوصافه والرّموز المتضمنة
لبيان شأنه، وما وجد من الكهنة والجن في تصديقه، وإشارتهم على أوليائهم من
الإنس بالإيمان به.
ومنها: انتكاس الأصنام المعبودة، وخرورها لوجوهها من غير دافع لها عن
أمكنتها تومئ- إلى سَائِرُ مَا رَوَى فِي الأخبار المشهورة من ظهور العجائب
في ولادته وأيام حضانته، وبعدها- إلى أن بعث نبيا وبعد ما بعث.
ثم إن له من وراء هذه الآيات المعجزات: انشقاق القمر، وحنين الجذع، وخروج
الماء مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، حَتَّى توضّأ منه ناس كثير. وتسبيح الطعام،
وإجابة الشجرة إيّاه حين دعاها، وتكليم الذراع المسمومة إياه، وشهادة الذئب
والضبّ والرضيع والميّت له بالرسالة، وازدياد الطعام والماء بدعائه حتى
أصاب منه ناس كثير، وما كان من حلبه الشاة التي لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا
الْفَحْلُ، ونزول اللبن لها، وما كان من إخباره عن الكوائن، فوجد تصديقه في
زمانه وبعده، وغير ذلك مما قد ذكر، ودوّن في الكتب.
وقد ذكرناها بأسانيد في كتاب «دلائل النبوة» الذي هذا «مدخله» وفي الواحد
منها كفاية.
غير أَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمَّا جمع له بين أمرين: أحدهما بعثه إلى الجن
والإنس عامة، والآخر: ختمه النبوة به- ظاهر له من الحجج حتى إن شذّت واحدة
عن فريق بلغتهم أخرى، وإن لم تنجع واحدة، نجعت أخرى، وإن درست على الأيام
واحدة بقيت أخرى، وفيه في كل حال، الحجة البالغة، وله الحمد على نظره
لخلقه، ورحمته لهم كما يستحقه.
(1/19)
|