دلائل النبوة للبيهقي محققا

بَابُ سُؤَالِ الْمُشْرِكِينَ رَسُولَ اللهِ [ (1) ] صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ [ (2) ] . أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْبَخْتَرِيِّ الرَّزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ مَرَّتَيْنِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ [ (3) ] عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ [ (4) ] كِلَاهُمَا عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ.
__________
[ (1) ] في (ص) و (م) و (هـ) : «النبي» .
[ (2) ] [1- 2: سورة القمر] .
[ (3) ] أخرجه البخاري في: 61- كتاب المناقب (27) باب سؤال المشركين ان يريهم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم آيَةً، فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ، حديث (3627) ، فتح الباري (6: 631) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ محمد، عن يونس، عن شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنس، وأعاده في: 63- كتاب مناقب الأنصار (36) باب انشقاق القمر، حديث (3868) ، فتح الباري (7: 183) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عبد الوهاب، عن بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنس، وبالإسناد الاول اعاده البخاري في تفسير وانشق القمر. فتح الباري (8: 617) .
[ (4) ] أخرجه مسلم في: 50- كتاب المنافقين (8) باب انشقاق القمر، حديث (43، 47، 48) عن عبد

(2/262)


وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ، يَعْنِي أَبَا الْعَبَّاسِ السَّرَّاجَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
«سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ آيَةً فَانْشَقَّ الْقَمَرُ بِمَكَّةَ فِرْقَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ [ (5) ] يَقُولُ ذَاهِبٌ» .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ [ (6) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ آيَةً فَأَرَاهُمُ الْقَمَرَ مَرَّتَيْنِ انْشِقَاقَهُ» . وَكَانَ يَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ خَلِيفَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ وَلَا فِي حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ شَيْبَانَ قَوْلَهُ مَرَّتَيْنِ [ (7) ] ، وَقَدْ حِفْظَهُ عن
__________
[ () ] الله بن مسعود، وعن انس، وعن ابن عباس. (4: 2158- 2159) ، وأخرجه الإمام احمد في «مسنده» (1: 377، 413، 447) و (3: 275، 278) و (4: 82) .
[ (5) ] الآية الكريمة (2) من سورة القمر.
[ (6) ] صحيح مسلم (4: 2159) من طريق مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عن قتادة، عن أنس.
[ (7) ] فتح الباري (7: 183) ، قال الحافظ ابن حجر: قال الحافظ ابن كثير: «في الرواية التي فيها مرتين» .
نظر، ولعل قائلها أراد فرقتين، قلت: وهذا الذي لا يتجه غيره جمعا بين الروايات، ثم راجعت نظم شيخنا فوجدته يحتمل التأويل المذكور، ولفظه.
فصار فرقتين: فرقة علت ... وفرقة للطود منه نزلت
وذاك مرتين بالإجماع ... والنص والتواتر والسماع

(2/263)


قَتَادَةَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ فُورَكٍ رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بن جعفر ابن أَحْمَدَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ» .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ [ (8) ] .
وَأَخْرَجَاهُ [ (9) ] أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَغَيْرِهِ عَنْ شُعْبَةَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ (ح) وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدَانُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِشِقَّتَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ اشْهَدُوا» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، وغيره [ (10) ] .
__________
[ () ] فجمع بين قوله: «فرقتين» ، وبين قوله، «مرتين» فيمكن ان يتعلق قوله بالإجماع بأصل الإنشقاق لا بالتعدد» . أ. هـ. فتح الباري (7: 183) .
[ (8) ] صحيح مسلم (4: 2159) ، الحديث رقم (47) من كتاب المنافقين (8) ، باب انشقاق القمر.
[ (9) ] فتح الباري (8: 617) ، صحيح مسلم (4: 2159) ، تحفة الاشراف (1: 330) .
[ (10) ] مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بن مسعود، وفِيهِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسلّم: «اشهدوا» أخرجه البخاري في: 65- كتاب التفسير (1) باب وانشق القمر، ح (4864) ، فتح الباري (8: 617) ، وفي: 61- كتاب المناقب (27) باب سؤال المشركين ان يريهم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم آيَةً، فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ، ح (3626) ، الفتح (6: 631) ، وفي: 63- كتاب مناقب الأنصار (26) باب انشقاق القمر، ح (3869) ، الفتح (7: 182) وهذا الحديث الأخير هو الذي قال فيه البخاري: «قال ابو الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: «انْشَقَّ بمكة» .

(2/264)


وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، وَعَمْرٍو النَّاقِدِ كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ [ (11) ] .
قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثِ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ [ (12) ] عَبْدِ اللهِ: انْشَقَّ الْقَمَرُ بِمَكَّةَ. تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ.
يُرِيدُ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، ومُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ الْقَمَرَ مُنْشَقًّا شِقَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ بِمَكَّةَ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ شِقَّةً عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَشِقَّةً عَلَى السُّوَيْدَاءَ فَقَالُوا سُحِرَ الْقَمَرُ فَنَزَلَتِ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ يَقُولُ كَمَا رَأَيْتُمُ الْقَمَرَ مُنْشَقًّا فَإِنَّ الَّذِي أَخْبَرْتُكُمْ عَنِ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ حَقٌّ [ (13) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ الْعَدْلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا السّريُّ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «انْفَلَقَ الْقَمَرُ ونَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَصَارَتْ فِلْقَةٌ مِنْ وَرَاءِ الْجَبَلِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ اشْهَدُوا» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصحيح عن عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ [ (14) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُثَنَّى وَالْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَا: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عن شعبة
__________
[ (11) ] صحيح مسلم (4: 2158) ، وقد تقدم.
[ (12) ] في (هـ) : «عن مسروق وعبد الله» .
[ (13) ] البداية والنهاية (3: 121) .
[ (14) ] تقدم في الأحاديث السابقة.

(2/265)


وَسُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِرْقَتَيْنِ فِلْقَةً فَوْقَ الْجَبَلِ وَفِلْقَةً دُونَهُ، فَقَالَ:
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ اشْهَدُوا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ عَنْ شُعْبَةَ [ (15) ] .
أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ- رَحِمَهُ اللهُ-[ (16) ] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ هَذَا سِحْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، قَالَ: فَقَالُوا، انْتَظَرُوا مَا يَأْتِيكُمْ بِهِ السُّفَّارُ فَإِنَّ مُحَمَّدًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْحَرَ النَّاسَ كُلَّهُمْ، قَالَ، فَجَاءَ السُّفَّارُ فَقَالُوا ذَلِكَ [ (17) ] » .
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مغيرة، عن أبي الضحى عن مسروق، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «انْشَقَّ الْقَمَرُ بِمَكَّةَ فَقَالَتْ قُرَيْشٌ هَذَا سِحْرٌ سَحَرَكُمْ بِهِ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ» .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ عَنْ أَبِي الضحى عن مسروق عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
«انْشَقَّ الْقَمَرُ بِمَكَّةَ حَتَّى صَارَ فِرْقَتَيْنٍ، فَقَالَ كُفَّارُ أَهْلِ مَكَّةَ هَذَا سِحْرٌ يَسْحَرَكُمْ بِهِ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ، انْظُرُوا السُّفَّارَ فَإِنْ كَانُوا رَأَوْا مَا رَأَيْتُمْ فَقَدْ صَدَقَ وَإِنْ كَانُوا لَمْ
__________
[ (15) ] البخاري عن مسدد. فتح الباري (8: 617) ، ومسلم من طريق فيها شعبة في الصحيح (4:
2159) ، الأحاديث رقم (45، 46، 47) ، من كتاب صفات المنافقين.
[ (16) ] من (ح) ، وليست في النسخ الأخرى.
[ (17) ] دلائل النبوة لأبي نعيم (234) ونقله الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (3: 121) عنهما.

(2/266)


يَرَوْا مَا رَأَيْتُمْ فَهُوَ سِحْرٌ سَحَرَكُمْ بِهِ. قَالَ فَسُئِلَ السُّفَّارُ، قَالَ: وَقَدِمُوا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَقَالُوا رَأَيْنَا» . اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ [ (18) ] فِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِمَكَّةَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حدّثنا إسحاق ابن بَكْرِ [ (19) ] بْنِ مُضَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْقَمَرَ انْشَقَّ عَلَى زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُوسَى بْنِ قُرَيْشٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ بَكْرِ [ (20) ] بْنِ مُضَرَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الله الْحَافِظُ، وأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا:
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: «اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ قَالَ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ انْشَقَّ فِلْقَتَيْنِ فِلْقَةً مِنْ دُونِ الْجَبَلِ وَفِلْقَةً مِنْ خَلْفِ الْجَبَلِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ اللهُمَّ اشْهَدْ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ شُعْبَةَ [ (21) ] .
__________
[ (18) ] فتح الباري (7: 182) .
[ (19) ] في (ح) و (هـ) : «بكير» .
[ (20) ] أخرجه البخاري في: 65- كتاب التفسير تفسير سورة القمر (1) باب وانشقّ القمر، حديث رقم (4866) عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، عن بكر، عن جعفر، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عباس، فتح الباري (8: 617) ، وأخرجه مسلم في: 50- كتاب المنافقين، (8) باب انشقاق القمر، حديث (48) ، ص (4: 2159) .
[ (21) ] صحيح مسلم (4: 2159) باب انشقاق القمر، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ.

(2/267)


أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ: فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ «وَانْشَقَّ الْقَمَرُ. قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ وَنَحْنُ بِمَكَّةَ» [ (22) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ «اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ وَنَحْنُ بِمَكَّةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ» [ (23) ] .
أَقَامَ إِسْنَادَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَهُشَيْمٌ، وَأَبُو كُرَيْبٍ وَالْمُفَضَّلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ حُصَيْنٍ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حَتَّى صَارَ فِرْقَتَيْنِ عَلَى هَذَا الْجَبَلِ وَعَلَى هَذَا الْجَبَلِ. فَقَالَ النَّاسُ سَحَرَنَا مُحَمَّدٌ فَقَالَ رَجُلٌ: إِنْ كَانَ سَحَرَكُمْ فَلَمْ يَسْحَرِ النَّاسَ كلهم» [ (24) ] .
__________
[ (22) ] نقله الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (3: 119) ، وقال:
وأما جبير بن مطعم فقال الامام أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ حُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ [عَنْ أَبِيهِ] . قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسلّم فصار فرقتين.
فرقة على هذا الجبل، وفرقة على هذا الجبل، فقالوا سحرنا محمد، فقالوا إن كان سحرنا فإنه لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْحَرَ الناس كلهم. تفرد به أحمد. وهكذا رواه ابن جرير مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ فضيل وغيره عن حصين به. وقد رواه البيهقي من طريق إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَهُشَيْمٌ كلاهما عَنْ حُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ به، فزاد رجلا في الاسناد.
[ (23) ] راجع الحاشية السابقة.
[ (24) ] راجع الحاشية (22) من هذا الباب.

(2/268)


بَابُ ذِكْرِ أَسْوِلَتِهِمْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلْيَهُودِ أَعْطُونَا شَيْئًا نَسْأَلُ عَنْهُ هَذَا الرَّجُلَ فَقَالُوا: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ فنزلت يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [ (1) ] .
قَالُوا: نَحْنُ لَمْ نُؤتَ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا وَقَدْ أُوتِينَا التَّوْرَاةَ فِيهَا حُكْمُ [ (2) ] اللهِ وَمَنْ أُوتِيَ التَّوْرَاةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا؟ قَالَ: فَنَزَلَتْ قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً» [ (3) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بن بكير عن ابن
__________
[ (1) ] الآية الكريمة (85) من سورة الإسراء.
[ (2) ] في (م) و (ص) و (هـ) : «حكم» .
[ (3) ] الآية الكريمة (109) من سورة الكهف. والحديث أخرجه الترمذي في: 48- كتاب التفسير، تفسير سورة الإسراء، حديث (3140) ، ص (5: 304) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

(2/269)


إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ بَعَثُوا النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ إِلَى أَحْبَارِ الْيَهُودِ بِالْمَدِينَةِ وَقَالُوا لَهُمْ: سَلُوهُمْ عَنْ مُحَمَّدٍ وَصِفُوا لَهُمْ صِفَتَهُ وَأَخْبِرُوهُمْ بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ الْأَوَّلِ وَعِنْدَهُمْ عِلْمُ مَا لَيْسَ عِنْدَنَا مِنْ عِلْمِ الْأَنْبِيَاءِ [ (4) ] فَخَرَجَا حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ فَسَأَلُوا أَحْبَارَ الْيَهُودِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَوَصَفُوا لَهُمْ أَمَرَهُ بِبَعْضِ قَوْلِهِ فَقَالَتْ لَهُمْ أَحْبَارُ يَهُودَ: سَلُوهُ عَنْ ثَلَاثٍ نَأْمُرُكُمْ بِهِنَّ فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ بِهِنَّ فَهُوَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَالرَّجُلُ مُتَقَوِّلٌ فَرَوْا فِيهِ رَأْيَكُمْ، سَلُوهُ عَنْ فِتْيَةٍ ذَهَبُوا فِي الدَّهْرِ الْأَوَّلِ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ فَإِنَّهُ كَانَ لَهُمْ حَدِيثٌ عَجِيبٌ [ (5) ] ، وَسَلُوهُ عَنْ رَجُلٍ طَوَّافٍ قَدْ بَلَغَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، وَمَا كَانَ نبأه، وَسَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ مَا هُوَ.
فَأَقْبَلَ النَّضْرُ وَعُقْبَةُ حَتَّى قَدِمَا مَكَّةَ عَلَى قُرَيْشٍ، فَقَالَا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ قَدْ جِئْنَاكُمْ بِفَصْلِ مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ، قَدْ أَمَرَنَا أَحْبَارُ يَهُودَ أَنْ نَسْأَلَهُ عَنْ أُمُورٍ، فَأَخْبَرُوهُمْ بِهَا فَجَاءُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ! أَخْبِرْنَا. فَسَأَلُوهُ عَمَّا أَمَرُوهُمْ بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: أُخْبِرُكُمْ بِمَا سَأَلْتُمْ عَنْهُ غَدًا، وَلَمْ يَسْتَثْنِ، فَانْصَرَفُوا عَنْهُ. فَمَكَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُحْدِثُ اللهُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَحْيًا وَلَمْ يَأْتِهِ جِبْرِيلُ حَتَّى أَرْجَفَ أَهْلُ مَكَّةَ وَقَالُوا وَعَدَنَا مُحَمَّدٌ غَدًا وَالْيَوْمُ خَمْسَ عَشْرَةَ قَدْ أَصْبَحْنَا فِيهَا لَا يُخْبِرُنَا بِشَيْءٍ مِمَّا سَأَلْنَاهُ عَنْهُ، حَتَّى أَحْزَنَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ مُكْثُ الْوَحْيِ عَنْهُ وَشَقَّ عَلَيْهِ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ أَهْلُ مَكَّةَ، ثُمَّ جَاءَهُ جِبْرِيلُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِسُورَةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ فِيهَا مُعَاتَبَتُهُ إِيَّاهُ عَلَى حُزْنِهِ وَخَبَرُ مَا سَأَلُوهُ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الْفِتْيَةِ وَالرَّجُلِ الطَّوَّافِ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى:
وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [ (6) ]
__________
[ (4) ] في (م) و (ص) : «الأشياء» .
[ (5) ] في (م) و (ص) : «عجب» .
[ (6) ] [85- الإسراء] .

(2/270)


قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ افْتَتَحَ السُّورَةَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ [ (7) ] يَعْنِي مُحَمَّدًا أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ نَبِيٌّ تَحْقِيقًا لِمَا سَأَلُوهُ مِنْ نُّبُوَّتِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً [ (8) ] أَيْ مُعْتَدِلًا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ [ (9) ] قَالَ عَاجِلُ عُقُوبَةٍ فِي الدُّنْيَا وَعَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ أَيْ مِنْ عِنْدِ رَبِّكَ الَّذِي بَعَثَكَ رَسُولًا. قُلْتُ: كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ أَيْضًا» [ (10) ] .
وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ [ (11) ] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سُؤَالَ الْيَهُودِ عَنِ الرُّوحِ وَنُزُولِ الْآيَةِ فِيهِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَبًا وَأَنْ تُنَحَّى عَنْهُمُ الْجِبَالَ فَيَزْرَعُوا فِيهَا فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ شِئْتَ آتَيْنَاهُمْ مَا سَأَلُوا، فَإِنْ كَفَرُوا أُهْلِكُوا كَمَا أُهْلِكَ مَنْ قَبْلَهُمْ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ أَسْتَأْنِيَ بهم لعلنا
__________
[ (7، 8، 9) ] : [1- 2 سورة الكهف] .
[ (10) ] السيرة لابن هشام (1: 321- 323) .
[ (11) ]
حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مسعود في البخاري، في 96- كتاب الاعتصام بالسنة (3) باب ما يكره من كثرة السؤال. ح (7297) ، الفتح (13: 265) ، وفي صحيح مسلم في: 50- كتاب صفات المنافقين (4) باب سؤال اليهود النبي صلى الله عليه وآله وسلّم عن الروح حديث (32) ، ص (2152) ونصه كما يلي: حدثنا عمر ابن حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الأعمش قال: حدّثني إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: بَيْنَمَا انا أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم في حرث، وهو متّكئ على عسيب، إذ مرّ بنفر من اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح. فقالوا ما رابكم اليه؟ لا يستقبلكم بشيء تكرهونه. فقالوا سلوه. فقام اليه بعضهم فسأله عن الرّوح. قال: فأسكت النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فلم يردّ عليه شيئا. فعلمت أنّه يوحى اليه. قال: فقمت مكاني: فلمّا نزل الوحي قال: ويَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ، قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلّا قليلا
[17: الإسراء: 85] .

(2/271)


نَسْتَحْيِي مِنْهُمْ، وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً [ (12) ] الْآيَةَ.
وأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَتَّابٍ الْعَبْدِيُّ بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِنْ أَصْبَحَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةُ لَنَا ذَهَبًا آمَنَّا بِكَ وَصَدَّقْنَاكَ. قَالَ: فَأَوْحَى اللهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِلَيْهِ:
إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ يُصْبِحَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةُ ذَهَبًا فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَذَّبْتُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ أَفْتَحَ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لَا بَلْ تَفْتَحُ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ» [ (13) ] .
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَتَّابِ فِي عَقِبِهِ بِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ شَاكِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى أَبُو عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ عِمْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ أَوْ نَحْوِهِ. وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السُّلَمِيُّ الْوَزِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمِصْرِيُّ، قال: حدّثنا هارون ابن سَعِيدِ بْنِ الْهَيْثَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُؤَمَّلُ [ (14) ] بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لَا نُؤْمِنُ لَكَ حَتَّى تُحَوِّلَ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا فَإِنْ تَحَوَّلَ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا آمَنَّا بِكَ. فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ إن شئت يصبح
__________
[ (12) ] الآية الكريمة (59) من سورة الإسراء، والحديث أخرجه النسائي في التفسير، في السنن الكبرى.
تحفة الاشراف (4: 402) .
[ (13) ] انظر الحاشية السابقة.
[ (14) ] في (م) و (ص) و (هـ) : «أبو بكر» .

(2/272)


لَهُمُ الصَّفَا ذَهَبًا فَإِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا أَنْزَلْتُ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ مُنَاظَرَةٌ [ (15) ] وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتُ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ فَقَالَ لَا بَلِ افْتَحْ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ والرَّحْمَةُ» [ (16) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ التَّمِيمِيِّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسِ الْبَكْرِيِّ، قَالَ: «قَالَ النَّاسُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لَوْ جِئْتَنَا بِآيَةٍ كَمَا جَاءَ بِهَا صَالِحٌ وَالنَّبِيُّونَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ إِنْ شِئْتُمْ دَعَوْتُ اللهَ فَأَنْزَلَهَا عَلَيْكُمْ فَإِنْ عَصَيْتُمْ هَلَكْتُمْ يَقُولُ يُنْزَلُ الْعَذَابُ فَقَالُوا لَا نُرِيدُهَا» .
__________
[ (15) ] هكذا في (ح) ، وفي بقية النسخ: «منّا غيره» .
[ (16) ] انظر الحاشية (12) من هذا الباب.

(2/273)


بَابُ ذِكْرِ مَا لَقِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ حَتَّى أَخْرَجُوهُمْ [ (1) ] إِلَى الْهِجْرَةِ وَمَا ظَهَرَ مِنَ الْآيَاتِ بِدُعَائِهِ عَلَى سَبْعَةٍ مِنْهُمْ ثُمَّ بِوَعْدِهِ أُمَّتَهُ خِلَالَ ذَلِكَ مَا يَفْتَحُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ وَأَنَّهُ يُتَمِّمُ هَذَا الْأَمْرَ لَهُمْ ثُمَّ كَانَ كَمَا قَالَ، وَمَا رُوِيَ فِي شَأْنِ الزِّنِّيرَةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وأَبُو عَبْدِ اللهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبراهيم ابن الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، قال: سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنِ عمرو ابن الْعَاصِ، قَالَ: قُلْتُ «حَدِّثْنِي بِأَشَدِّ شَيْءٍ صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَلَوَى ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ. [رَضِيَ اللهُ عَنْهُ] [ (2) ] فَأَخَذَ بِمَنْكِبَيْهِ فَدَفَعَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ من ربكم» [ (3) ] .
__________
[ (1) ] في (ح) «حتى أحوجهم» .
[ (2) ] الزيادة من (ح) .
[ (3) ] الآية الكريمة (28) من سورة المؤمن.

(2/274)


رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ [ (4) ] عَنْ عَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ وَغَيْرِهِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، ثُمَّ تَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ [ (5) ] ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ [بْنِ الزُّبَيْرِ] [ (6) ] ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ومُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، قَالَا:
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عن ابن إسحق، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عُرْوَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: «مَا أَكْثَرُ مَا رَأَيْتَ قُرَيْشًا أَصَابَتْ [ (7) ] رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِيمَا كَانَتْ [ (8) ] تُظْهِرُهُ مِنْ عَدَاوَتِهِ؟ فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ وَقَدِ اجْتَمَعَ أَشْرَافُهُمْ يَوْمًا فِي الْحِجْرِ، فَذَكَرُوا رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا صَبَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ قَطُّ: سَفَّهَ أَحْلَامَنَا، وَشَتَمَ آبَاءَنَا، وَعَابَ دِينَنَا وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا وَسَبَّ آلِهَتَنَا، وَصَبَرْنَا مِنْهُ [ (9) ] عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ أَوْ كَمَا قَالُوا، فبيناهم فِي ذَلِكَ طَلَعَ [ (10) ] رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ فَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثُمَّ مَرَّ بِهِمْ طَائِفًا بِالْبَيْتِ غَمَزُوهُ [ (11) ] بِبَعْضِ الْقَوْلِ، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَمَضَى فَلَمَّا مَرَّ بِهِمُ الثَّانِيَةَ غَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا فَعَرَفْتُهَا فِي وَجْهِهِ، فَمَضَى ثُمَّ مَرَّ الثَّالِثَةَ
__________
[ (4) ] الحديث أخرجه البخاري فِي: 62- كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ (5) بَابُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم: «لو كنت متخذا خليلا» ، حديث (3678) ، فتح الباري (7: 22) ، واعاده في: 63- كتاب مناقب الأنصار، (29) باب ما لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وأصحابه من المشركين بمكة، حديث (3856) ، فتح الباري (7: 165) ، وفي: 65- كتاب التفسير، 40، تفسير سورة المؤمن، حديث (4815) ، فتح الباري (8: 553) .
[ (5) ] سيرة ابن هشام (1: 311) .
[ (6) ] الزيادة من سيرة ابن هشام.
[ (7) ] في سيرة ابن هشام «أصابوا» .
[ (8) ] في سيرة ابن هشام «فيما كانوا» .
[ (9) ] في سيرة ابن هشام: «ولقد صبرنا منه» .
[ (10) ] في سيرة ابن هشام: «إذ طلع» .
[ (11) ] (غمزوه) : أي طعنوا فيه بالقول.

(2/275)


فَغَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا فَوَقَفَ ثُمَّ
قَالَ: «أَتَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ» فَأَخَذَتِ الْقَوْمَ كَلِمَتُهُ حَتَّى مَا مِنْهُمْ مِنْ رَجُلٍ إِلَّا وَكَأَنَّمَا عَلَى رَأْسِهِ طَائِرٌ وَاقِعٌ، حَتَّى إِنَّ أَشَدَّهُمْ فِيهِ وَصَاةً [ (12) ] قَبْلَ ذَلِكَ لَيَرْفَؤُهُ [ (13) ] أَحْسَنَ مَا يَجِدُ مِنَ الْقَوْلِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ: انْصَرِفْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ رَاشِدًا فَمَا أَنْتَ بِجَهُولٍ.
فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ وَأَنَا مَعَهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ. ذَكَرْتُمْ مَا بَلَغَ مِنْكُمْ وَمَا بَلَغَكُمْ عَنْهُ حَتَّى إِذَا بَادَأَكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَ تركتموه، فبيناهم عَلَى ذَلِكَ طَلَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ فَوَثَبُوا إِلَيْهِ وَثْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَأَحَاطُوا بِهِ يَقُولُونَ أَنْتَ [ (14) ] الَّذِي تَقُولُ كَذَا وَكَذَا لِمَا كَانَ يَبْلُغُهُمْ عَنْهُ مِنْ عَيْبِ آلِهَتِهِمْ وَدِينِهِمْ، فَيَقُولُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: نَعَمْ أَنَا الَّذِي أَقُولُ ذَلِكَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ أَخَذَ بِمَجَامِعِ رِدَائِهِ
وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقِ [رَضِيَ اللهُ عَنْهُ] [ (15) ] يَبْكِي دُونَهُ وَيَقُولُ: وَيْلَكُمْ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ: رَبِّيَ اللهُ، ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ وَإِنَّ ذَلِكَ لَأَكْثَرُ مَا رَأَيْتُ قُرَيْشًا بَلَغَتْ مِنْهُ قَطُّ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَوْعَدَهُمْ بِالذَّبْحِ وَهُوَ الْقَتْلُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْحَالِ ثُمَّ صَدَقَ اللهُ تَعَالَى قَوْلَهَ بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ فَقَطَعَ دَابِرَهُمْ، وَكَفَى الْمُسْلِمِينَ شَرَّهَمْ» .
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قيل لعمرو ابن الْعَاصِ. قُلْتُ وَكَذَلِكَ قَالَهُ سليمان بن بلال عن هشام.
__________
[ (12) ] (الوصاة) : الوصية، يعني الذين كانوا يحرصون عليه ويوصون بإيذائه.
[ (13) ] (يرفؤه) : يهدئه، ويسكنه.
[ (14) ] في (م) : «أأنت» .
[ (15) ] الزيادة من (ح) ، ومن سيرة ابن هِشَامٍ.

(2/276)


أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ومُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، قَالَا:
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدِ الْقَطَوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: «مَا تُنُوِّلَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ شَيْءٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ أَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ ضُحًى، فَلَقُوهُ حِينَ فَرِغَ فَأَخَذُوا بِمَجَامِعِ رِدَائِهِ وَقَالُوا: أَنْتَ الَّذِي تَنْهَانَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا. فَقَالَ: أَنَا ذَاكَ فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ [رَضِيَ اللهُ عَنْهُ] [ (16) ] فَالْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ ثُمَّ قَالَ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ [ (17) ] رَافِعًا صَوْتَهُ بِذَلِكَ وَعَيْنَاهُ تَسِيحَانِ [ (18) ] حَتَّى أَرْسَلُوهُ [ (19) ] .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو.
أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، قَالَا:
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ. قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَضَّاحُ بْنُ يَحْيَى النَّهْشَلِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ فَاطِمَةَ، قَالَتِ: «اجْتَمَعَتْ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ فِي الْحِجْرِ فَقَالُوا إِذَا مَرَّ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِمْ ضَرَبَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا ضَرْبَةً فَسَمِعَتْهُ، فَدَخَلَتْ عَلَى أَبِيهَا فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ اسْكُتِي، ثُمَّ خَرَجَ فَدَخَلَ عليهم المسجد فرفعوا رؤوسهم ثُمَّ نَكَّسُوا فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَرَمَى بِهَا نَحْوَهُمْ ثُمَّ قَالَ: شَاهَتِ
__________
[ (16) ] الزيادة من (ح) .
[ (17) ] [28- سورة المؤمن] .
[ (18) ] هكذا في (ح) ، وفي بقية النسخ: «تسفحان» .
[ (19) ] ابو يعلى، والطبراني، عن عروة.

(2/277)


الْوجُوهُ، فَمَا أَصَابَ رَجُلًا مِنْهُمْ إِلَّا قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا» [ (20) ]
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ سَاجِدٌ وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَثَمَّ سَلَا بَعِيرٍ فَقَالُوا مَنْ يَأْخُذُ سَلَا هَذَا الْجَزُورِ أَوِ الْبَعِيرِ فَيَقْذِفُهُ عَلَى ظَهْرِهِ فَجَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِ النبي صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، [فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى جَاءَتْ] [ (21) ] فَاطِمَةُ فَأَخَذَتْهُ مِنْ ظَهْرِهِ وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ- قَالَ عَبْدُ اللهِ:
فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ دَعَا عَلَيْهِمْ إِلَّا يَوْمَئِذٍ فَقَالَ: اللهُمَّ عَلَيْكَ الْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ، اللهُمَّ عَلَيْكَ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وعقبة بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، أَوْ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ، شَكَّ شُعْبَةُ، قَالَ: عَبْدُ اللهِ: فَقَدْ رَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ وَأُلْقُوا فِي الْقَلِيبِ، أَوْ قَالَ فِي بِئْرٍ غَيْرَ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ، أَوْ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كَانَ رَجُلًا بَادِنًا فَتَقَطَّعَ قَبْلَ أَنْ يُبْلَغَ بِهِ الْبِئْرَ» .
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ [ (22) ] مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَنَاحُ بْنُ نَذِيرِ بْنِ جَنَاحٍ الْقَاضِي بِالْكُوفَةِ، قال: حدثنا أبو
__________
[ (20) ] ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (8: 228) ، وقال: «رواه احمد بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح.
[ (21) ] الزيادة من صحيح البخاري.
[ (22) ] من حديث شعبة الذي رواه المصنف أخرجه البخاري في: 58- كتاب الجزية والموادعة (21) باب طرح جيف المشركين في البئر، حديث (3185) ، فتح الباري (6: 282- 283) .
كما أخرجه البخاري بالإسناد نفسه في: 4- كتاب الوضوء (69) باب إذا ألقي على ظهر المصلي قذر او جيفة لم تفسد عليه صلاته، الحديث (240) ، فتح الباري (1: 349) .
والحديث أخرجه مسلم في: 32- كتاب الجهاد والسير (39) باب ما لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلّم من أذى المشركين والمنافقين، حديث (108) ، ص (3: 1419) .

(2/278)


جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ الْعُمَرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَنَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ [ (23) ] فِي نَاحِيَةِ مَكَّةَ، فَبَعَثُوا فَجَاءُوا مِنْ سَلَاهَا [ (24) ] فَطَرَحُوهُ بَيْنَ كَتِفَيِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، قَالَ فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ، قَالَ فَلَمَّا انْصَرَفَ وَكَانَ يَسْتَحِثُّ [ (25) ] ثَلَاثًا قَالَ اللهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ثَلَاثًا بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، وَبِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَبِشَيبَةَ [بْنِ رَبِيعَةَ] [ (26) ] وَبِالْوَلِيدِ ابن عُتْبَةَ، وَبِأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَبِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: ثُمَّ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ فِي قَلِيبِ بَدْرٍ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَنَسِيتُ السَّابِعَ» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ [ (27) ]
. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي، أَبُو الْوَلِيدِ حَسَّانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَاسِبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بِالْأَمْسِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى سَلَا
__________
[ (23) ] (جزور) أي ناقة.
[ (24) ] (سلا) : هو اللفافة التي يكون فيها الولد في بطن الناقة وسائر الحيوان، وهي من الآدمية: المشيمة
[ (25) ] يستحث: يلح في الدعاء، وفي نسخ الأصل: «تسبيحه» .
[ (26) ] الزيادة من (ح) .
[ (27) ] الحديث بهذا الاسناد عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إسحق ... أخرجه البخاري في: 56- كتاب الجهاد، (98) باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة، حديث (2934) ، فتح الباري (6: 106) ، وأخرجه مسلم في: 32- كتاب الجهاد والسير، حديث (109) ، ص (1419) .

(2/279)


جَزُورٍ [ (28) ] فَيَأْخُذُهُ فَيَضَعُهُ عَلَى كَتِفَيْ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ، فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ [ (29) ] فَأَخَذَهُ فَلَمَّا سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. قَالَ: فَاسْتَضْحَكُوا [ (30) ] وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَمِيلُ إِلَى بَعْضٍ وَأَنَا قَائِمٌ، أَنْظُرُ لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَةٌ طَرَحْتُهُ [ (31) ] عَنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ سَاجِدٌ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى انْطَلَقَ إِنْسَانٌ فَأَخْبَرَ فَاطِمَةَ فَجَاءَتْ وَهِيَ جُوَيْرِيَةُ [ (32) ] فَطَرَحَتْ عَنْهُ ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَسُبُّهُمْ [ (33) ] ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ رَفَعَ صَوْتَهُ، ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِمْ- وَكَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا- ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ! عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ» ثَلَاثُ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ ذَهَبَ عَنْهُمُ الضَّحِكَ، وَخَافُوا دَعْوَتَهُ. ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلِ بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَذَكَرَ السَّابِعَ ولم أحفظه فو الذي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ! لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ سَمَّى صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى قَلِيبِ بَدْرٍ» .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ [ (34) ] عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُؤَمَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ،
__________
[ (28) ] في صحيح مسلم: «سلا جزور بني فلان فيأخذه ... » .
[ (29) ] أي بعثته نفسه الخبيثة من دونهم فأسرع السير، وهو عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، كما جاء في رواية اخرى.
[ (30) ] في (ح) : «واستضحكوا» . ومعناها: حملوا أنفسهم على الضحك والسخرية، ثم أخذهم الضحك جدا فجعلوا يضحكون يميل بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنَ كثرة الضحك.
[ (31) ] (لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَةٌ) : أي لو كان لي قوة تمنع اذاهم، او لو كان لي عشيرة بمكة تمنعني.
[ (32) ] (جويرية) : تصغير جارية. بمعنى شابة، يعني إنها إذ ذاك ليست بكبيرة.
[ (33) ] كذا في كل النسخ، وفي الصحيح: «تشتمهم» ومعناه: الإزراء بهم.
[ (34) ] في: 32- كتاب الجهاد والسير (39) باب ما لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلّم من أذى المشركين والمنافقين، حديث (107) ، ص (1418) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ابان الجعفي ...

(2/280)


عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: «كُنْتُ رَجُلًا قَيْنًا وَكَانَ لِي عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلِ دَيْنٌ فَأَتَيْتُهُ أَطْلُبُهُ فَقَالَ: وَاللهِ لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، قَالَ: قُلْتُ وَاللهِ لَا أَكْفُرُ بِهِ أَبَدًا حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ، قَالَ: فَإِنِّي إِذَا بُعِثْتُ كَانَ لِي ثَمَّ مَالٌ وَوَلَدٌ [فَتَأْتِينِي] [ (35) ] فَأَقْضِيكَ فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَداً [ (36) ] .
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ عَنْ الْأَعْمَشِ [ (37) ] .
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، إِمْلَاءً قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْبَخْتَرِيِّ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، [عَنْ عَاصِمٍ] [ (38) ] عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلَامَهُ سَبْعَةٌ: رَسُولُ اللهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّارٌ، وَأُمُّهُ سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد. فَأَمَّا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فَمَنَعَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُ اللهُ بِقَوْمِهِ، وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَأَخَذَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ وَأَوقَفُوهُمْ فِي الشَّمْسِ فَمَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وَاتَاهُمْ عَلَى مَا أَرَادُوا غَيْرَ بِلَالَ، فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهُ فِي الله، وهان
__________
[ (35) ] ليست في (ح) .
[ (36) ] الآية الكريمة (77) من سورة مريم.
[ (37) ] أخرجه البخاري في: 34- كتاب البيوع (29) باب ذكر القين والحداد، حديث (2091) ، فتح الباري (4: 317) ، وفي 15: كتاب الإجارة (15) باب هل يؤاجر الرجل نفسه من مشرك في أرض الحرب، الحديث (2275) ، فتح الباري (4: 452) ، وفي: 44- كتاب الخصومات (10) باب التقاضي، حديث (2425) ، فتح الباري (5: 77) ، وفي تفسير سورة مريم، (3) باب «أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ: لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا» حديث (4732) ، الفتح (8: 429) ، والأبواب التي تليه.
فتح الباري (8: 430- 431) .
وأخرجه مسلم في: 50- كتاب المنافقين، الحديث (36) ، والترمذي في التفسير، تفسير سورة مريم. والإمام أحمد في «مسنده» (5: 110- 111) .
[ (38) ] من (ح) فقط، وثابتة في «المستدرك» .

(2/281)


عَلَى قَوْمِهِ، فَأَعْطُوهُ الْوِلْدَانَ فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ وَجَعَلَ يَقُولُ:
أَحَدٌ أَحَدٌ» [ (39) ] .
وحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عِصْمَةَ الْعَدْلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ مَرَّ بِعَمَّارِ وَأَهْلِهِ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ فَقَالَ أَبْشِرُوا آلَ عَمَّارٍ أَوْ آلَ يَاسِرٍ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ [ (40) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الله يزيد بْنُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «أَوَّلُ شَهِيدٍ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ اسْتُشْهِدَ أُمُّ عَمَّارٍ سُمَيَّةُ طَعَنَهَا أَبُو جَهْلٍ بِحَرْبَةٍ فِي قُبُلِهَا [ (41) ] » .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْتَقَ مِمَّنْ كَانَ يُعَذَّبُ فِي اللهِ سَبْعَةً فذكر منهم
__________
[ (39) ] أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3: 284) ، وقال: «صحيح الإسناد، ولم يخرجاه» ، ووافقه الذهبي، وأخرجه ابو نعيم في «حلية الأولياء» (1: 149) ، وابن عبد البر في الاستيعاب.
[ (40) ] أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3: 388) ، وقال: «صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه» ، ووافقه الذهبي، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (9: 293) من طريق الأعمش، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجعد، عن عثمان، وقال: «رواه الطبراني ورجاله ثقات» ، وهو في سيرة ابن هشام (1: 342) : «صبرا آل ياسر موعدكم الجنة» .
[ (41) ] الاستيعاب (4: 330) على هامش الإصابة والإصابة (4: 335) كلاهما في ترجمة سمية أم عمار ابن ياسر.

(2/282)


الزِّنِّيرَةَ [ (42) ] . قَالَ فَذَهَبَ بَصَرُهَا وَكَانَتْ مِمَّنْ يُعَذَّبُ فِي اللهِ عَلَى الْإِسْلَامِ فَتَأْبَى إِلَّا الْإِسْلَامَ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: مَا أَصَابَ بَصَرَهَا إِلَّا اللَّاتُ وَالْعُزَّى. فَقَالَتْ:
كَلَّا، وَاللهِ مَا هُوَ كَذَلِكَ فَرَدَّ اللهُ عَلَيْهَا بَصَرَهَا» [ (42) ] .
أخبرنا أبو عبد الله الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَا: سَمِعْنَا قَيْسًا يَقُولُ سَمِعْتُ خَبَّابًا يَقُولُ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَقَدْ لَقِينَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ شِدَّةً شَدِيدَةً، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا تَدْعُو اللهَ لَنَا فَقَعَدَ وَهُوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ فَقَالَ إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لَيُمَشَّطُ أَحَدُهُمْ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ عَظْمِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُوضَعُ الْمِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَيْنِ [ (43) ] مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَلَيُتِمَّنَّ اللهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ- زَادَ بَيَانٌ: وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ [ (44) ] .
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ [ (45) ] .
__________
[ (42) ] زنيرة مولاة أبي بكر الصديق، كانت من السابقات إلى الإسلام، وممن يعذب في الله، وذكر الخبر في ترجمتها ابن عبد البر في الاستيعاب (4: 322) على هامش الإصابة، وابن حجر في الإصابة (4:
311) .
[ (43) ] في (م) و (ص) و (هـ) : «باثنتين» .
[ (44) ] البخاري عن الحميدي في: 63- كتاب مناقب الأنصار، (29) باب ما لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلّم من المشركين بمكة، حديث (3852) ، فتح الباري (7: 164- 165) .
[ (45) ] كذا في الأصل، وليس في مسلم، إنما أخرجه البخاري ايضا في الإكراه عن مسدّد، فتح الباري (12: 315) ، وفي علامات النبوة في الإسلام، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عن يحيى، عن إسماعيل، فتح الباري (6: 619) ، وأبو داود في الجهاد عن عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ هشيم، وخالد بْنِ عَبْدِ اللهِ،

(2/283)


أخبرنا أبو عبد الله الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: «مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي جَهْلٍ، وَأَبِي سُفْيَانَ، وَهُمَا جَالِسَانِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَذَا نَبِيِّكُمْ يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ.
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَتَعْجَبُ أَنْ يَكُونَ مِنَّا نَبِيٌّ وَالنَّبِيُّ يَكُونُ فِيمَنْ هُوَ أَقَلُّ مِنَّا وَأَذَلُّ.
فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: عَجِبْتُ أَنْ يَخْرُجَ غُلَامٌ مِنْ بَيْنِ شُيُوخٍ نَبِيًّا وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ يَسْمَعُ فَأَتَاهُمْ، فَقَالَ أَمَّا أَنْتَ يَا أَبَا سُفْيَانَ، فَمَا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ غَضِبْتَ وَلَكِنَّكَ حَمِيتَ لِلْأَصْلِ وَأَمَّا أَنْتَ يَا أَبَا الحكم فو الله لَتَضْحَكَنَّ قَلِيلًا وَلَتَبْكِيَنَّ كَثِيرًا [ (46) ] . قَالَ [ (47) ] :
بِئْسَمَا تَعِدُنِي ابْنَ أَخِي مِنْ نبوتك» .
__________
[ () ] كلاهما عن إسماعيل، تحفة الأشراف (3: 117) ، والإمام احمد في «مسنده» (5: 109) ، وذكره ابن كثير في «البداية والنهاية (3: 59- 60) ، وقال: «انفرد به البخاري دون مسلم» .
[ (46) ] نقله الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» . (3: 65) عن المصنف، وقال: «هذا مرسل من هذا الوجه، وفيه غرابة» .
[ (47) ] نهاية المقابلة مع النسخة المرموز إليها بالرمز (م) ، وانظر وصف النسخة في تقدمتنا للكتاب في الجزء الاول.

(2/284)