دلائل
النبوة للبيهقي محققا بَابُ دُخُولِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه
وآله وَسَلَّمَ مَعَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ شِعْبَ أَبِي طَالِبٍ،
وَمَا ظَهَرَ مِنَ الْآيَاتِ فِي صَحِيفَةِ الْمُشْرِكِينَ الَّتِي
كَتَبُوهَا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ حِينَ مَنَعُوا
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ مِمَّنْ أَرَادَ قَتْلَهُ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَتَّابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي
أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ
عُقْبَةَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ.
(ح) وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الشَّعْرَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ،
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ الْقَطَّانِ،
قَالَ: «ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ اشْتَدُّوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ
كَأَشَدِّ مَا كَانُوا، حَتَّى بَلَغَ الْمُسْلِمِينَ الْجَهْدُ،
وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْبَلَاءُ، وَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ فِي مَكْرِهَا
أَنْ يَقْتُلُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ عَلَانِيَةً،
فَلَمَّا رَأَى أَبُو طَالِبٍ عَمَلَ الْقَوْمِ جَمَعَ بَنِي عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ شِعْبَهُمْ، وَيَمْنَعُوهُ مِمَّنْ أَرَادَ
قَتْلَهُ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ مُسْلِمُهُمْ وَكَافِرُهُمْ،
فَمِنْهُمْ مَنْ فَعَلَهُ حَمِيَّةً، وَمِنْهُمْ مَنْ فَعَلَهُ إِيمَانًا
وَيَقِينًا فَلَمَّا عَرَفَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ مَنَعُوا
رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَاجْتَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ،
اجْتَمَعَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَجْمِعُوا أَمْرَهُمْ أَنْ لَا
يُجَالِسُوهُمْ وَلَا يُبَايِعُوهُمْ وَلَا يَدْخُلُوا بُيُوتَهُمْ حَتَّى
يُسْلِمُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ لِلْقَتْلِ،
وَكَتَبُوا فِي مَكْرِهِمْ صَحِيفَةً وَعُهُودًا وَمَوَاثِيقَ لَا
يَقْبَلُوا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَبَدًا صُلْحًا وَلَا تَأْخُذُهُمْ بِهِ
رَأْفَةٌ حَتَّى
(2/311)
يُسْلِمُوهُ لِلْقَتْلِ فَلَبِثْ بَنُو
هَاشِمٍ فِي شِعْبِهِمْ يَعْنِي ثَلَاثَ سِنِينَ [ (1) ] وَاشْتَدَّ
عَلَيْهِمُ الْبَلَاءُ وَالْجَهْدُ، وَقَطَعُوا عَنْهُمُ الْأَسْوَاقَ
فَلَا يَتْرُكُوا طَعَامًا يَقْدَمُ مَكَّةَ وَلَا بَيْعًا إِلَّا
بَادَرُوهُمْ إِلَيْهِ فَاشْتَرَوْهُ، يُرِيدُونَ بِذَلِكَ أَنْ يُدْرِكُوا
سَفْكَ دَمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ.
وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ إِذَا أَخَذَ النَّاسُ مَضَاجِعَهُمْ أَمَرَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فَاضْطَجَعَ عَلَى فِرَاشِهِ حَتَّى
يَرَى ذَلِكَ مَنْ أَرَادَ مَكْرًا بِهِ وَاغْتِيَالَهُ، فَإِذَا نَوَّمَ
النَّاسُ أَمَرَ أَحَدَ بَنِيهِ أَوْ إِخْوَتِهِ أَوْ بَنِي عَمِّهِ
فَاضْطَجَعَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله
وَسَلَّمَ، وَأَمَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ أَنْ
يَأْتِيَ بَعْضَ فُرُشِهِمْ فَيَنَامَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ
ثَلَاثِ سِنِينَ تَلَاوَمَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَمِنْ بَنِي
قُصَيٍّ، وَرِجَالٌ سِوَاهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ وَلَدَتْهُمْ نِسَاءٌ
مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا الرَّحِمَ
واسْتَخَفُّوا بِالْحَقِّ، وَاجْتَمَعَ أَمْرُهُمْ مِنْ لَيْلَتِهِمْ عَلَى
نَقْضِ مَا تَعَاهَدُوا عَلَيْهِ مِنَ الْغَدْرِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُ
وَبَعَثَ الله عز وجل عَلَى صَحِيفَتِهِمُ الَّتِي الْمَكْرُ فِيهَا
بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم الأرضة [ (2) ] فلحست كلما
كَانَ فِيهَا مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ.
وَيُقَالُ كَانَتْ مُعَلَّقَةً فِي سَقْفِ الْبَيْتِ، وَلَمْ تَتْرُكِ
اسْمًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا إِلَّا لَحَسَتْهُ، وَبَقِيَ مَا
كَانَ فِيهَا مِنْ شِرْكٍ أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، وَأَطْلَعَ
الله- عز وجل- رَسُولَهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ بِصَحِيفَتِهِمْ، فَذَكَرَ
ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ لِأَبِي طَالِبٍ،
فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: لَا وَالثَّوَاقِبِ [ (3) ] مَا كَذَبَنِي،
فَانْطَلَقَ يَمْشِي بِعِصَابَةٍ [ (4) ] مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ، وَهُوَ حَافِلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فلما رأوهم
__________
[ (1) ] كان هذا العقد والحصار لبني هاشم وبني الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ
مَنَافٍ فِي ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة، وظلوا محاصرين إلى السنة
العاشرة، وقيل: بل إلى السنة التاسعة.
[ (2) ] (الأرصنة) : دويّبة تأكل الخشب.
[ (3) ] (الثواقب) : «النجوم، جمع ثاقب، وهو النجم المضيء» .
[ (4) ] (العصابة) : الجماعة.
(2/312)
عَامِدِينَ لِجَمَاعَتِهِمْ، أَنْكَرُوا
ذَلِكَ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ شِدَّةِ الْبَلَاءِ فَأَتَوْا [
(5) ] لِيُعْطُوهُمْ رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فَتَكَلَّمَ
أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ: قَدْ حَدَثَتْ أُمُورٌ بَيْنَكُمْ لَمْ نَذْكَرْهَا
لَكُمْ فَأْتُوا بِصَحِيفَتِكُمُ الَّتِي تَعَاهَدْتُمْ عَلَيْهَا
فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ صُلْحٌ، وَإِنَّمَا
قَالَ. ذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يَنْظُرُوا فِي الصَّحِيفَةِ قَبْلَ أَنْ
يَأْتُوا بِهَا، فَأَتَوْا بِصَحِيفَتِهِمْ مُعْجَبِينَ بِهَا لَا
يَشُكُّونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وسلّم مدفوعا
إِلَيْهِمْ، فَوَضَعُوهَا بَيْنَهُمْ وَقَالُوا: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ
تَقْبَلُوا وَتَرْجِعُوا إِلَى أَمْرٍ يَجْمَعُ قَوْمَكُمْ، فَإِنَّمَا
قَطَعَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ جَعَلْتُمُوهُ خَطَرًا
لِهَلَكَةِ قَوْمِكُمْ وَعَشِيرَتِكُمْ وَفَسَادِهِمْ، فَقَالَ أَبُو
طَالِبٍ: إِنَّمَا أَتَيْتُكُمْ لِأُعْطِيَكُمْ أَمْرًا لَكُمْ فِيهِ
نَصَفٌ [ (6) ] ، إِنَّ ابْنَ أَخِي قَدْ أَخْبَرَنِي وَلَمْ يَكْذِبْنِي:
أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بَرِيءٌ مِنْ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ الَّتِي في
أيديكم، ومحاكل اسْمٍ هُوَ لَهُ فِيهَا، وَتَرَكَ فِيهَا غَدْرَكُمْ
وَقَطِيعَتَكُمْ إِيَّانَا وَتَظَاهُرَكُمْ عَلَيْنَا بِالظُّلْمِ، فَإِنْ
كَانَ الْحَدِيثُ الَّذِي قَالَ ابْنُ أَخِي كَمَا قَالَ فَأَفِيقُوا، فو
الله لَا نُسْلِمُهُ أَبَدًا حَتَّى نَمُوتَ مِنْ عِنْدِ آخِرِنَا، وَإِنْ
كَانَ الَّذِي قَالَ بَاطِلًا دَفَعْنَاهُ إِلَيْكُمْ فَقَتَلْتُمْ أَوِ
اسْتِحْيِيتُمْ.
قَالُوا: قَدْ رَضِينَا بِالَّذِي يَقُولُ فَفَتَحُوا الصَّحِيفَةَ
فَوَجَدُوا الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ قَدْ
أَخْبَرَ خَبَرَهَا، فَلَمَّا رَأَتْهَا قُرَيْشٌ كَالَّذِي قَالَ أَبُو
طَالِبٍ، قَالُوا:
وَاللهِ! إِنْ كَانَ هَذَا قط إلا سحر مِنْ صَاحِبِكُمْ، فَارْتَكَسُوا
وَعَادُوا بِشَرِّ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ كُفْرِهِمْ وَالشِّدَّةِ
عَلَى رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ
رَهْطِهِ، وَالْقِيَامِ بِمَا تَعَاهَدُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ أُولَئِكَ
النَّفَرُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: أَنْ أَوْلَى بِالْكَذِبِ
وَالسِّحْرِ غَيْرُنَا فَكَيْفَ تَرَوْنَ فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الَّذِيَ
اجْتَمَعْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ قَطِيعَتِنَا أَقْرَبُ إِلَى الْجِبْتِ
وَالسِّحْرِ مِنْ أَمَرِنَا، وَلَوْلَا أَنَّكُمُ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى
السِّحْرِ لَمْ تَفْسُدْ صَحِيفَتُكُمْ
__________
[ (5) ] في (ص) : فأتوهم» ، في (هـ) : «وأتوهم» .
[ (6) ] (نصف) : في الأصل هو المرأة بين الحدثة والمسنة، أي في أمر وسط
بيننا وبينكم لا فيه حيف علينا ولا عليكم.
(2/313)
وَهِيَ فِي أَيْدِيكُمْ طَمَسَ اللهُ مَا
كَانَ فِيهَا مِنِ اسْمٍ وَمَا كَانَ مِنْ بَغِيٍّ تَرَكَهُ أَفَنَحْنُ
السَّحَرَةُ أَمْ أَنْتُمْ؟ فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ النَّفَرُ مِنْ بَنِي
عَبْدِ مَنَافِ وَبَنِي قُصَيِّ وَرِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَلَدَتْهُمْ
نِسَاءٌ [مِنْ] [ (7) ] بَنِي هَاشِمٍ مِنْهُمْ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ،
وَالْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَزُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ
الْمُغِيرَةِ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَهِشَامُ بْنُ عَمْرٍو،
وَكَانَتِ الصَّحِيفَةُ عِنْدَهُ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيِّ
فِي رِجَالٍ مِنْ أَشْرَافِهِمْ وَوجُوهِهِمْ: نَحْنُ بُرَآءُ مِمَّا فِي
هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَذَا أَمْرٌ قُضِيَ بِلَيْلٍ،
وَأَنْشَأَ أَبُو طَالِبٍ يَقُولُ الشِّعْرَ فِي شَأْنِ صَحِيفَتِهِمْ
وَيَمْتَدِحُ النَّفَرَ الذين تبرأوا مِنْهَا وَنَقَضُوا مَا كَانَ فِيهَا
مِنْ عَهْدٍ وَيَمْتَدِحُ النَّجَاشِيَّ» ، وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ
تِلْكَ الْأَبْيَاتِ [ (8) ] وَهَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ رَحِمَهُ اللهُ هَذِهِ الْقِصَّةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ
الْبَغْدَادِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ
الزُّبَيْرِ [ (9) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
إِسْحَاقَ قَالَ: «فَلَمَّا مَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وآله وَسَلَّمَ عَلَى الَّذِي بُعِثَ بِهِ، وَقَامَتْ بَنُو هَاشِمٍ
وَبَنُو الْمُطَّلِبِ [ (10) ] دُونَهُ وَأَبَوْا أَنْ يُسْلِمُوهُ وَهُمْ
مِنْ خِلَافِهِ عَلَى مِثْلِ مَا قَوْمُهُمْ عَلَيْهِ
__________
[ (7) ] الزيادة من (ص) و (هـ) .
[ (8) ] الأبيات في سيرة ابن هشام (1: 373) من قصيدة مطلعها:
ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّدا* نبيّا كموسى خطّ في أوّل الكتب
[ (9) ] أنظر في تعاقد قريش عَلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي المطلب وكتابتهم
صحيفة هذا العقد: ابن هشام (1:
371) ، وابن سعد (1: 1: 139) ، والطبري (2: 335) ، وابن كثير (3: 84) ،
والنويري (16:
258) ، والسيرة الحلبية (1: 449) ، والدّرر في اختصار المغازي والسير (53)
، وسبل الهدى والرشاد (2: 502) .
[ (10) ] في (ص) و (هـ) : «وبنو عبد المطلب» ، وهو تحريف ظاهر من الناسخ،
فهم بنو الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.
(2/314)
إِلَّا أَنَّهُمْ أَنِفُوا أَنْ
يُسْتَذَلُّوا وَيُسْلِمُوا أَخَاهُمْ لِمَنْ فَارَقَهُ مِنْ قَوْمِهِ
فَلَمَّا فَعَلَتْ ذَلِكَ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ وَعَرَفَتْ
قُرَيْشٌ أَنْ لَا سَبِيلَ إِلَى مُحَمَّدٍ [صَلَّى اللهُ عليه وآله
وَسَلَّمَ] [ (11) ] مَعَهُمُ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَكْتُبُوا فِيمَا
بَيْنَهُمْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ أَنْ لَا
يُنْكِحُوهُمْ وَلَا يَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ وَلَا يُبَايِعُوهُمْ وَلَا
يَبْتَاعُوا مِنْهُمْ، وَكَتَبُوا صَحِيفَةً فِي ذَلِكَ وَعَلَّقُوهَا
بِالْكَعْبَةِ ثُمَّ عَدَوْا عَلَى مَنْ أَسْلَمَ فَأَوْثَقُوهُمْ
وَآذُوهُمْ وَاشْتَدَّ [ (12) ] الْبَلَاءُ عَلَيْهِمْ وَعَظُمَتِ
الْفِتْنَةُ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ثُمَّ ذَكَرَ الْقِصَّةَ
بِطُولِهَا فِي دُخُولِهِمْ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ، وَمَا بَلَغُوا فِيهِ
مِنَ الْجَهْدِ الشَّدِيدِ حَتَّى كَانَ يُسْمَعُ أَصْوَاتُ صِبْيَانِهِمْ
يَتَضَاغَوْنَ مِنْ وَرَاءِ الشِّعْبِ مِنَ الْجُوعِ وَحَتَّى كَرِهَ
عَامَّةُ قُرَيْشٍ مَا أَصَابَهُمْ وَأَظْهَرُوا كَرَاهِيَّتَهُمْ
لِصَحِيفَتِهِمُ الظَّالِمَةِ وَذُكِرَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ
بِرَحْمَتِهِ أَرْسَلَ عَلَى صَحِيفَةِ قُرَيْشٍ الْأَرَضَةَ فَلَمْ تَدَعْ
فِيهَا اسْمًا هُوَ لِلَّهِ [تَعَالَى] [ (13) ] إِلَّا أَكَلَتْهُ
وَبَقِيَ فِيهَا الظُّلْمُ وَالْقَطِيعَةُ وَالْبُهْتَانُ فَأَخْبَرَ اللهُ
عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ
وَأَخْبَرَ الرَّسُولُ أَبَا طَالِبٍ ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ أَبِي طَالِبٍ
مَعَهُمْ وَمَا جَرَى بَيْنَهُمْ فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ- بِمَعْنَى مَا
رُوِّينَا عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَأَتَمَّ مِنْهُ.
قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: فَلَمَّا أَفْسَدَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ
صَحِيفَةَ مَكْرِهِمْ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله
وَسَلَّمَ وَرَهْطُهُ فَعَاشُوا وَخَالَطُوا الناس [ (14) ] .
__________
[ (11) ] من (ص) .
[ (12) ] في (ص) : «واشتدوا» .
[ (13) ] من (ص) .
[ (14) ] سيرة ابن هشام (1: 371) وما بعدها.
(2/315)
بَابُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ:
فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ
الْمُسْتَهْزِئِينَ [الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ
فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [ (15) ]] الْآيَةَ وَمَا ظَهَرَ فِي كِفَايَةِ
الْمُسْتَهْزِئِينَ مِنَ الْآيَاتِ
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ [بْنِ مَحْمَشٍ] [
(16) ] الْفَقِيهُ رَحِمَهُ اللهُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
رَزِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَعْفَرِ ابن إِيَاسٍ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ: إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ، قال: «المستهزءون:
الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَالْأَسْوَدُ بن عبد يغوث الزهري [ (17) ]
، وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ أَبُو زَمْعَةَ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ
عبد
__________
[ (15) ] الآية الكريمة (94) من سورة الحجر، وفي نسخة (ح) حتى قوله تعالى:
«إنا كفيناك المستهزئين» .
[ (16) ] ليست في (ص) ولا في (هـ) ، وهو أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ محمش
الزيادي، الفقيه الشافعي عالم نيسابور، تقدمت ترجمته في تقدمتنا للجزء
الأول في باب شيوخ البيهقي.
[ (17) ] الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن زهرة، وهو ابن خال رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلّم.
قال البلاذري: كان إذا رأى المسلمين قال لأصحابه: قد جاءكم ملوك الأرض
الذين يرثون ملك.
كسرى وقيصر. ويقول لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسلّم: أما
كلّمت اليوم من السماء يا محمد. وما أشبه هذا القول. فخرج من عند أهله
فأصابته السّموم فاسود وجهه حتى صار حبشيا، فأتى أهله فلم يعرفوه وأغلقوا
دونه الباب، فرجع متلدّدا حتى مات عطشا.
ويقال إن جبريل صلّى الله عليه وآله وسلّم أومأ إلى رأسه فضربته الأكلة
فامتخض رأسه قيحا ويقال أومأ إلى بطنه فسقى بطنه ومات حبنا. ويقال إنه عطش
فشرب الماء حتى انشق بطنه.
(2/316)
العزى [ (18) ] ، والحارث بن عنطلة
السَّهْمِيُّ [ (19) ] ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ [ (20) ] ، فأتاه
__________
[ (18) ] الأسود بن المطلّب بن أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى.
قال البلاذريّ رحمه الله: كان هو وأصحابه يتغامزون بالنبي صلّى الله عليه
وآله وسلّم وأصحابه ويقولون: قد جاءكم ملوك الأرض ومن يغلب على كنوز كسرى
وقيصر ثم يمكّون ويصفّرون. وكلّم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم
بكلام شقّ عليه فدعا عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يعمى
الله بصره ويثكله ولده فخرج يستقبل ابنه وقد قدم من الشام.
فلما كان ببعض الطريق جلس في ظل شجرة فجعل جبريل صلّى الله عليه وآله وسلّم
يضرب وجهه وعينيه بورقة من ورقها خضراء وبشوك من شوكها حتى عمى فجعل يستغيث
بغلامه. فقال له غلامه: ما أرى أحدا يصنع بك شيئا غير نفسك ويقال إن جبريل
صلّى الله عليه وآله وسلّم أومأ إلى عينيه فعمى فشغل عن رسول الله صلّى
الله عليه وآله وسلّم. ولما كان يوم بدر قتل ابنه زمعة بن الأسود، قتله أبو
دجانة ويقال قتله ثابت بن الجذع، قتل ابنه عقيل أيضا، قتله حمزة ابن عبد
المطلب، وعلي رضي الله عنهما اشتركا فيه. وقيل قتله عليّ وحده رضي الله
عنه.
[ (19) ] الحارث بن قيس السهمي وهو ابن العنطلة ينسب الى أمه، وكان يأخذ
حجرا يعبده فإذا رأى أحسن منه تركه وأخذ الأحسن.
وفيه نزلت: «أرأيت من اتخذ إلهه هواه» أي مهويّه قدّم المفعول الثاني لأنه
أهم وجمله «من» مفعول أول لأرأيت. «أفأنت تكون عليه وكيلا» حافظا تحفظه من
اتباع هواه لا.
وكان يقول: لقد عزّ محمد نفسه وأصحابه أن وعدهم أن يحيوا بعد الموت، والله
ما يهلكنا إلا الدهر ومرور الأيام والأحداث. فأكل حوتا مملوحا فلم يزل يشرب
عليه الماء حتى انقدّ بطنه، ويقال إنه أصابته الذبحة. وقال بعضهم: امتخض
رأسه قيحا.
قلت: القول الأول رواه عبد الرزاق وابن جرير وغيرهما عن قتادة ومقسم مولى
ابن عباس.
[ (20) ] العاصي بن وائل السّهمي. قال البلاذري: ركب حمارا له ويقال بغلة
بيضاء فلما نزل شعبا من تلك الشعاب وهو يريد الطائف ربض به الحمار أو
البغلة على شبرقة فأصابت رجله شوكة منها فانتفخت.
حتى صارت كعنق البعير ومات. ويقال إنه لما ربض به حماره أو بغله لدغ فمات
مكانه قلت: القول الأول رواه البلاذري والقول الثاني رواه أبو نعيم بسند
ضعيف عن ابن عباس.
وروى الشيخان وابن إسحاق عن خبّاب بن الأرتّ قال: كنت قينا. أي حدّادا- في
الجاهلية فعملت للعاصي بن وائل سيوفا- وفي رواية سيفا- فجئته أتقاضاه فقال:
لا أعطيك حتى تكفر بمحمد صلّى الله عليه وآله وسلّم.
للعاصي بن وائل سيوفا- وفي رواية سيفا- فجئته أتقاضاه فقال: لا أعطيك حتى
تكفر بمحمد صلّى الله عليه وآله وسلّم.
فقلت: لا أكفر حتى يميتك الله ثم تبعث قال: وإني لميت ثم مبعوث؟! قلت: بلى.
قال: دعني أموت وأبعث فنؤتي مالا وولدا فأعطيك هنا لك حقك وو الله لا تكون
أنت وصاحبك يا خبّاب آثر عند الله مني ولا أعظم حظا فأنزل الله تعالى فيه
«أفرأيت الذي كفر بآياتنا» العاصي بن وائل وقال لخباب ابن الأرت القائل له:
تبعث بعد الموت والمطالب له بمال: «لأوتينّ» على تقدير البعث «مالا وولدا»
فأقضيك. قال تعالى: «أطّلع الغيب» أي أعلمه وأن يوتى ما قاله، واستغنى
بهمزة
(2/317)
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ شَكَاهُمْ
إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فَأَرَاهُ
الْوَلِيدَ أَبَا عَمْرِو بْنِ الْمُغِيرَةِ فَأَوْمَأَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ
السَّلَامُ إِلَى أَبْجَلِهِ فَقَالَ مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ كُفِيتَهُ، ثُمَّ
أَرَاهُ الأسود ابن الْمُطَّلِبِ، فَأَوْمَأَ جِبْرِيلُ إِلَى عَيْنَيْهِ
فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: كُفِيتَهُ، ثُمَّ أَرَاهُ الْأَسْوَدَ بْنَ
عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيَّ، فَأَوْمَأَ إِلَى رَأْسِهِ فَقَالَ مَا
صَنَعْتَ قَالَ كُفِيتَهُ، ثُمَّ أَرَاهُ الْحَارِثَ بن غَيْطِلَةَ
السَّهْمِيَّ، فَأَوْمَأَ إِلَى رَأْسِهِ أَوْ قَالَ إِلَى بَطْنِهِ
فَقَالَ مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: كَفِيتَهُ، وَمَرَّ بِهِ الْعَاصُ بْنُ
وَائِلٍ فَأَوْمَأَ إِلَى أَخْمَصِهِ فَقَالَ مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ:
كُفِيتَهُ، فَأَمَّا الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فَمَرَّ بِرَجُلٍ مِنْ
خُزَاعَةَ وَهُوَ يَرِيشُ نَبْلًا لَهُ فَأَصَابَ أَبْجَلَهُ فَقَطَعَهَا،
وَأَمَّا الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ فَعَمِيَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ
عَمِيَ هَكَذَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ نَزَلَ تَحْتَ سَمُرَةٍ فَجَعَلَ
يَقُولُ يَا بَنِيَّ أَلَا تَدْفَعُونَ عَنِّي قَدْ قُتِلْتُ فَجَعَلُوا
يَقُولُونَ: مَا نَرَى شَيْئًا، وَجَعَلَ يَقُولُ: يَا بَنِيَّ! أَلَا
تَمْنَعُونَ عَنِّي، قَدْ هلكت ها هوذا أُطْعَنُ بِالشَّوْكِ فِي
عَيْنَيَّ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: مَا نَرَى شَيْئًا! فَلَمْ يَزَلْ
كَذَلِكَ حَتَّى عَمِيَتْ عَيْنَاهُ، وَأَمَّا الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ
يَغُوثَ الزُّهْرِيُّ فَخَرَجَ فِي رَأْسِهِ قُرُوحٌ فَمَاتَ مِنْهَا،
وَأَمَّا الحارث بن عنطلة فَأَخَذَهُ الْمَاءُ الْأَصْفَرُ فِي بَطْنِهِ
حَتَّى خَرَجَ مِنْ فِيهِ فَمَاتَ مِنْهَا، وَأَمَّا الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ
فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ يَوْمًا إِذْ دَخَلَ فِي رَأْسِهِ شِبْرِقَةٌ [
(21) ] حَتَّى امْتَلَأَتْ مِنْهَا فَمَاتَ مِنْهَا وَقَالَ غَيْرُهُ فِي
هَذَا الْحَدِيثِ: فَرَكِبَ إِلَى الطَّائِفِ عَلَى حِمَارٍ فَرَبَضَ عَلَى
شِبْرِقَةٍ فَدَخَلَتْ فِي أُخْمُصِ قَدَمِهِ شَوْكَةٌ فَقَتَلَتْهُ [ (22)
] .
__________
[ () ] الاستفهام عن همزة الوصل فحذفت «أم اتخذ عند الرحمن عهدا» بأن يوتي
ما قاله «كلّا» أي لا يوتي ذلك «سنكتب» نأمر بكتب «ما يقول ونمدّ له من
العذاب مدّا» نزيده بذلك عذابا فوق عذاب كفره «ونرثه ما يقول» من المال
والولد «ويأتينا يوم القيامة فردا» لا مال له ولا ولد.
[ (21) ] الشّبرقة: رطب الضّريع.
[ (22) ] قال الجمهور ومنهم ابن عباس في أكثر الروايات عنه: «المستهزؤون
كانوا خمسة، وقال في رواية:
كانوا ثمانية» .
وقد عدّهم البيهقي خمسة، اما الثلاثة فهم: مالك بن الطلاطلة بن عمرو بن
غبشان، ذكره ابن الكلبي، والبلاذري [أنساب الأشراف (1: 154) ] وكان سفيها
فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسلّم واستعاذ
بالله من شره، فعصر جبريل بطنه حتى خرج خلاؤه من بطنه، فمات.
(2/318)
__________
[ () ] (والسابع) : الحكم بن أبي العاص بن أمية:
قال البلاذري: كان ممن يؤذى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يشتمه
ويسمعه ما يكره، وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يمشي ذات يوم
وهو خلفه يخلج بأنفه وفمه فبقى على ذلك، وأظهر الإسلام يوم الفتح وكان
مغموصا عليه في دينه، - فاطلّع يوما على رسول الله صلّى الله عليه وآله
وسلّم وهو في بعض حجر نسائه فخرج إليه بعزة وقال: من عذيري من هذا الوزغة؟
لو أدركته لفقأت عينه أو كما قال صلّى الله عليه وآله وسلّم ولعنه وما ولد
وغرّبه من المدينة فلم يزل خارجا منها إلى أن مات عمر بن الخطاب رضي الله
عنه.
قلت: وروى أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رجل
خلف النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يحاكيه ويلمض فرآه النبي صلّى الله
عليه وآله وسلّم فقال كذلك كن. فرجع إلى أهله فلبط به مغشيا عليه شهرا ثم
أفاق حين أفاق وهو كما يحاكى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
وهذا المبهم الظاهر أنه الحكم.
أفاق وو كما يحاكى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. وهذا المبهم
الظاهر أنه الحكم.
أما الأخير فهو ابو لهب وكان من أشد الناس عداوة للنبي صلّى الله عليه وآله
وسلّم.
قال البلاذريّ: وكان يطرح القذر والنتن على باب رسول الله صلّى الله عليه
وآله وسلّم، فرآه حمزة بن عبد المطلب وقد طرح من ذلك شيئا فأخذه وطرحه على
رأسه، فجعل أبو لهب ينفض رأسه ويقول: صابئ أحمق.
فأقصر عما كان يفعل، لكنه كان يدّس من يفعله.
قال:
وروى ابن أبي الزّناد عن هشام بن عروة عن عائشة قالت. قال رسول الله صلّى
الله عليه وآله وسلّم كنت بين شرّ جارين، بين أبي لهب، وعقبة بن أبي معيط،
إن كانا ليأتيان بالفروث فيطرحانها على بابي.
قالت: وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: يا بني عبد مناف أيّ
جواد هذا؟ ثم يميطه عن بابه.
قالوا: وبعث أبو لهب ابنه عتبة بشيء يؤذي به رسول الله صلّى الله عليه وآله
وسلّم فسمعه يقرأ «والنجم إذا هوى» فقال:
أنا كافر برب النجم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: سلط الله
عليك كلبا من كلابه، فخرج في تجارة فجاء الأسد وهو بين أصحابه نائم بحوران
من أرض الشام فجعل يهمس ويشمّ حتى انتهى إليه فمضغه مضغة أتت عليه، فجعل
يقول وهو بآخر رمق: ألم أقل لكم إن محمدا أصدق الناس؟ ثم مات.
قلت: صوابه عتيبة بالتصغير كما سيأتي بسط ذلك في أبواب إجابة دعواته.
ومات أبو لهب بداء يعرف- بالعدسة، كانت العرب تتشاءم به وتفرّ ممن ظهر به،
فلما أصاب أبا لهب تركه أهله حتى مات ومكث مدة لا يدفن حتى خافوا العار
فحفروا له حفرة فرموه فيها. كما سيأتي بيان ذلك.
وكانت امرأته أم جميل ابنة حرب تؤذي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم
كثيرا وهي حمّالة الحطب، وإنما سماها الله تعالى بذلك لأنها كانت تحمل
الشوك فتطرحه بالليل على طريق رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حيث
يمرّ هو وأصحابه لتعقرهم بذلك، فبينا هي ذات يوم تحمل حزمة أعيت فقعدت على
حجر تستريح أتاها ملك فجذبها من خلفها بالحبل الذي في عنقها فخنقها به.
وروى الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلّى الله عليه وآله
وسلّم لما نزلت «وأنذر عشيرتك الأقربين»
(2/319)
__________
[ () ] صعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على الصفا فجعل ينادي: يا
بني فهر، يا بني عدي لبطون من قريش، حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع
أن يخرج أرسل رسولا ينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش فقال رسول الله صلّى
الله عليه وآله وسلّم: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير
عليكم أكنتم مصدّقيّ؟ قالوا: نعم ما جرّبنا عليك إلا صدقا قال: فإني لكم
نذير بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تبّا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا!
فأنزل الله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ «تَبَّتْ» خسرت.
والتباب: الخسران المفضي إلى الهلاك «يدا أبى لهب» جملته، وعبر عنها
باليدين مجازا لأن أكثر الأفعال تداول بهما، وكنى بأبي لهب لحسنه وجماله
وإنما كناه لأنه كان مشتهرا بكنيته دون اسمه وقيل لأن اسمه عبد العزى فلا
يناسب في القرآن عبديّة شخص إلى غير الله تعالى وهذه الجملة دعاء «وتبّ» :
خسر هو، وهذه خبر كقولهم أهلكه الله وقد أهلكه.
ولمّا خوّفه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بالعذاب قال: إن كان ما يقول
ابن أخي حقا فإني أفتدى منه بمالي وولدي، نزل «ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ
وَما كَسَبَ» وكسبه: أي ولده وأغنى بمعنى يغنى «سَيَصْلى ناراً ذاتَ
لَهَبٍ» أي تلهّب وتوقد فهي مآل تكنيته «وَامْرَأَتُهُ» : عطف على ضمير
يصلي سوّغه الفصل بالمفعول وصفته وهي أم جميل «حَمَّالَةَ» بالرفع
«الْحَطَبِ» الشوك والسعدان تلقيه في طريق النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم
«فِي جِيدِها» : عنقها «حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ» أي ليف وهذه الجملة حال من
حمالة الحطب الذي هو نعت لامرأته أو خبر مبتدأ مقدر.
وذكر البلاذري ممن كان يؤذي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أبو
الأصداء وكان يقول لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إنما يعلمك أهل
الكتاب أساطيرهم ويقول للناس هو معلّم مجنون فدعا عليه رسول الله صلّى الله
عليه وآله وسلّم فإنه لعلى جبل إذ اجتمعت عليه الأروى فنطحته حتى قتلته.
وذكر ابن إسحاق فيهم: أمية بن خلف الجمحي.
قال ابن إسحاق: وكان إذا رأى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم همزه
ولمزه فأنزل الله سبحانه وتعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الَّذِي
جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ.
قال ابن هشام: الهمزة: الذي يشتم الرّجل علانية ويكسر عينه عليه ويغمز به
وجمعه همزات.
واللمزة: الذي يعيب الناس سرّا ويؤذيهم.
والنضر بن الحارث.
قال ابن إسحاق: ابن كلدة بن علقمة.
(2/320)
__________
[ () ] قال الخشني: والصواب علقمة بن كلدة.
كان إذا جلس رسول الله مجلسا فدعا فيه إلى الله وتلا عليهم القرآن وحذّر
قريشا ما أصاب الأمم الماضية خلفه في مجلسه إذا قام فحدّثهم عن ملوك الفرس،
ثم يقول: والله ما محمد بأحسن حديثا منّي، وما أحاديثه إلا أساطير الأولين
اكتتبها كما اكتتبتها فأنزل الله: وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ
أكاذيبهم، جمع أسطورة بالضم «اكتتبها» انتسخها من القوم بغيره «فهي تملى»
تقرأ «عليه» ليحفظها «بكرة وأصيلا» غدوة وعشيا.
قال تعالى ردا عليهم: «قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ» الغيب
«فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً» للمؤمنين «رَحِيماً»
بهم.
قال ابن إسحاق: وجلس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوما فيما بلغني
مع الوليد بن المغيرة في المسجد فجاء النضر ابن الحارث حتى جلس معهم وفي
المجلس غير واحد من رجال قريش فتكلم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم
فعرض له النّضر فكلّمه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى أفحمه ثم
تلا عليه وعليهم: «إِنَّكُمْ» يا أهل مكة «وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ
اللَّهِ» أي غيره من الأوثان «حَصَبُ جَهَنَّمَ» وقودها «أَنْتُمْ لَها
وارِدُونَ» داخلون فيها «لَوْ كانَ هؤُلاءِ» الأوثان «آلِهَةً» كما زعمتم
«ما وَرَدُوها» دخلوها «وَكُلٌّ» من العابدين والمعبودين «فِيها خالِدُونَ»
لا خلاص لهم عنها «لَهُمْ» للعابدين «فِيها زَفِيرٌ» صياح «وَهُمْ فِيها لا
يَسْمَعُونَ» .
ثم قام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأقبل عبد الله بن الزّبعري-
بزاى فباء موحدة مكسورتين فعين مهملة ساكنة فراء فألف مقصورة- وأسلم بعد
ذلك، حتى جلس إليهم فقال الوليد بن المغيرة لعبد الله بن الزبعري والله ما
قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب آنفا وما قعد وقد زعم محمد أنّا وما
نعبد من- آلهتنا هذه حصب جهنم. فقال عبد الله: أما والله لو وجدته لخصمته
فسلوا محمدا أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده؟ فنحن نعبد
الملائكة واليهود تعبد عزيرا والنصارى تعبد عيسى بن مريم. فعجب الوليد ومن
كان معه في المجلس من قول عبد الله ورأوا أنه قد احتجّ وخاصم.
فذكر ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: كلّ من أحبّ أن يعبد من دون
الله فهو مع من عبده، إنهم إنما يعبدون الشياطين ومن أمرتهم بعبادته.
فأنزل الله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا» المنزلة
«الْحُسْنى» وهي السعادة أو التوفيق للطاعة أو البشرى بالجنة ومنهم من ذكر
«أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ» لأنهم يرفعون إلى أعلى علّيين «لا
يَسْمَعُونَ حَسِيسَها» صوتها: «وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ» من
النعيم «خالِدُونَ» دائمون لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ» وهو أن
يؤمر بالعبد إلى النار «وَتَتَلَقَّاهُمُ» تستقبلهم «الْمَلائِكَةُ» عند
خروجهم من القبور يقولون لهم «هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ»
في الدنيا ومنهم أبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط.
قال ابن إسحاق: وكانا متصافيين حسنا ما بينهما.
(2/321)
__________
[ () ] روى ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل بسند صحيح من طريق سعيد بن
جبير وعبد الرزّاق في المصنّف وابن جرير وابن المنذر عن مقسم مولى ابن عباس
كلاهما عنه، أن أبا معيط وفي رواية عقبة بن أبي معيط كان يجلس مع رسول الله
صلّى الله عليه وآله وسلّم بمكة ولا يؤذيه وكان رجلا حليما، وكان قريش إذا
جلسوا معه آذوه وكان لأبي معيط خليل غائب عنه بالشام. وفي رواية أنه أمية
بن خلف فقالت قريش: صبأ أبو معيط.
وفي رواية وكان لا يقدم من سفر إلا صنع طعاما فدعا أهل مكة كلهم فصنع طعاما
ثم دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى طعامه فقال: ما أنا بالذي
آكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله. فقال:
اطعم يا ابن أخي. فقال: ما أنا بالذي أفعل حتى تقول. فشهد بذلك وطعم من
طعامه.
وقدم خليله من الشام ليلا فقال لامرأته ما فعل محمد مما كان عليه؟ فقالت:
أشدّ ما كان أمرا فقال: ما فعل خليلي أبو معيط؟ فقالت: صبأ فبات بليلة سوء
فلما أصبح أتاه أبو معيط فحيّاة فلم يردّ عليه التحية فقال: مالك لا تردّ
عليّ تحيتي. فقال: كيف أردّ تحيتك وقد صبأت. قال: أوقد فعلتها قريش؟ لا
والله ما صبأت ولكن دخل عليّ رجل فأبى أن يأكل من طعامي إلا أن أشهد له.
فاستحييت أن يخرج من بيتي قبل أن يطعم، فشهدت له قال: ما أنا بالذي أرضى
عنك حتى تأتيه فتبزق في وجهه. وفي رواية: فقال: ما يبرئ صدورهم إن أنا
فعلت؟ قال: تأتيه في مجلسه فتبزق في وجهه وتشتمه بأخبث ما تعلم من الشتم.
ففعل فلم يزد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أن مسح وجهه من البزاق.
ونقل جماعة منهم أبو ذر الخشني عن أبي بكر النقّاش أن عقبة لما تفل في وجه
النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم رجع ما خرج منه إلى وجهه فصار برصا.
انتهى.
ثم التفت إليه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: إن وجدتك خارجا من
جبال مكة ضربت عنقك صبرا.
وقال أبيّ بن خلف: والله لأقتلن محمدا. فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه
وآله وسلّم فقال: بل أنا أقتله إن شاء الله.
فلما بلغ أبيّا ذلك أفزعه لأنهم لم يسمعوا من النبي صلّى الله عليه وآله
وسلّم قولا إلا كان حقا.
فلما كان يوم بدر، وخرج أصحاب عقبة أبي أن يخرج فقال له أصحابه: اخرج معنا.
فقال: قد وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجا من جبال مكة أن يضرب عنقي صبرا.
فقالوا: لك جمل أحمر لا يدرك فلو كانت الهزيمة طرت عليه. فخرج معهم،
فلما هزم الله المشركين وحل به جمله في أخدود من الأرض فأخذه رسول الله
صلّى الله عليه وآله وسلّم أسيرا في سبعين من قريش وقدّم إليه أبو معيط
فقال: أتقتلني بين هؤلاء؟ قال: نعم. فقام إليه علي بن أبي طالب فضرب عنقه.
ولم يقتل من الأسارى يومئذ غيره.
فلما كان يوم أحد خرج أبيّ مع المشركين فجعل يلتمس غفلة رسول الله صلّى
الله عليه وآله وسلّم ليحمل عليه فيحول رجل بين النبي صلّى الله عليه وآله
وسلّم وبينه،
فلما رأى ذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لأصحابه: خلوا عنه.
فأخذ الحربة ورماه بها
فوقعت في ترقوته فلم يخرج منه دم كثير واحتقن الدم في جوفه، فجعل يخور كما
يخور الثّور فاحتمله
(2/322)
__________
[ () ] أصحابه وهو يخور فقالوا: ما هذا الذي بك! فو الله ما بك إلا خدش.
فقال: والله لو لم يصبني إلا بريقه لقتلني! أليس قد قال: أنا أقتله. والله
لو كان الذي بي بأهل ذي المجاز لقتلهم. فما لبث إلا يوما حتى مات.
وأنزل الله تعالى في أبي معيط: «وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى
يَدَيْهِ» ندما وتحسرّا في القيامة. قال سفيان الثوري: يأكل يديه ثم تنبت.
رواه ابن أبي حاتم. وقال أبو عمران الجوني: بلغني أنه يعضهما حتى ينكسر
العظم ثم يعود.
يقول: «يا» للتنبيه «لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ» محمد صلّى الله
عليه وآله وسلّم «سَبِيلًا» طريقا إلى الهدى «يا وَيْلَتى» الألف عوض عن
ياء الإضافة أي ويلتي ومعناه هلكتي «لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً
خَلِيلًا. لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ» القرآن «بَعْدَ إِذْ جاءَنِي»
بأن ردني عن الإيمان به. قال تعالى: «وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ»
الكافر «خذولا» بأن يتركه ويتبرأ منه عند البلاء.
(2/323)
|