دلائل
النبوة للبيهقي محققا بَابُ وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ عَمِّ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَمَا وَرَدَ فِي امْتِنَاعِهِ مِنَ
الْإِسْلَامِ
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ.
وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ [ (1) ] .
وَقَالَ: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي
مَنْ يَشاءُ [ (2) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَحْيَى السُّكَّرِيُّ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عمن سَمِعَ ابْنَ
عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَهُمْ يَنْهَوْنَ
عَنْهُ [ (3) ] وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ [ (4) ] قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي
طَالِبٍ: كَانَ يَنْهَى الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُؤْذُوهُ وَيَنْأَى عَنْهُ.
وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَيَنْأَى عَمَّا جَاءَ بِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ جمشاد،
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
__________
[ (1) ] الآية الكريمة (26) من سورة الأنعام.
[ (2) ] الآية الكريمة (56) من سورة القصص.
[ (3) ] النهي: الزجر.
[ (4) ] النأي: البعد.
(2/340)
مَنْدَهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ
حَبِيبٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَهُمْ يَنْهَوْنَ
عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ قَالَ نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ: كَانَ
يَنْهَى الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه
وآله وَسَلَّمَ، وَيَتَبَاعَدُ عَمَّا جَاءَ به [ (5) ] .
__________
[ (5) ]
كذا جاء عن ابن عباس أيضا في تفسير القرطبي (6: 405) ، وتابع بقوله: وقال
أهل السير: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم قد خرج إلى
الكعبة يوما وأراد أن يصلي، فلما دخل في الصلاة قال أبو جهل- لعنه الله-:
من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته. فقام ابن الزّبعرى فأخذ فرثا ودما
فلطّخ به وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم، فانفتل النبي
صلى الله عليه وآله وسلّم من صلاته، ثم أتى أبا طالب عمّه فقال: «يا عمّ
ألا ترى إلى ما فعل بي» فقال أبو طالب: من فعل هذا بك؟ فقال النبي صلّى
الله عليه وآله وسلّم: عبد الله بن الزّبعرى، فقام أبو طالب ووضع سيفه على
عاتقه ومشى معه حتى أتى القوم، فلما رأوا أبا طالب قد أقبل جعل القوم
ينهضون، فقال أبو طالب:
والله لئن قام رجل لجلّلته بسيفي فقعدوا حتى دنا إليهم، فقال: يا بنيّ من
الفاعل بك هذا؟ فقال:
«عبد الله بن الزّبعرى» ، فأخذ أبو طالب فرثا ودما فلطّخ به وجوههم ولحاهم
وثيابهم وأساء لهم القول، فنزلت هذه الآية: وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ
وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «يا عمّ نزلت
فيك آية» قال: وما هي؟ قال: «تمنع قريشا أن تؤذيني وتأبى أن تؤمن بي» فقال
أبو طالب.
والله لن يصلوا إليك بجمعهم ... حتّى أوسّد في التّراب دفينا
فأصدع بأمرك ما عليك غضاضة ... وابشر بذاك وقرّ منك عيونا
ودعوتني وزعمت أنك ناصحي ... فلقد صدقت وكنت قبل أمينا
وعرضت دينا قد عرفت بأنّه ... من خير أديان البريّة دينا
لولا الملامة أو حذار مسبّة ... لوجدتني سمحا بذاك يقينا
فقالوا، يا رسول الله هل تنفع أبا طالب نصرته؟ قال: «نعم دفع عنه بذاك
الغلّ ولم يقرن مع الشياطين ولم يدخل في جبّ الحيّات والعقارب إنما عذابه
في نعلين من نار [في رجليه] يغلى منهما دماغه في رأسه وذلك أهون أهل النار
عذابا» . وأنزل الله على رسوله: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ
مِنَ الرُّسُلِ.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم
لعمه: «قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة» قال: لولا تعيّرني
قريش يقولون: إنما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك،
فأنزل الله تعالى: «إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ
يَهْدِي مَنْ يَشاءُ» كذا الرواية المشهورة «الجزع» بالجيم والزاي ومعناه
الخوف. وقال أبو عبيد: «الخرع» بالخاء المنقوطة والراء المهملة.
[قال] يعني الضّعف والخور،
وفي صحيح مسلم أيضا عن ابن عباس قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله
وسلّم: «أهون
(2/341)
أخبرنا أبو عبد الله الْحَافِظُ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ قَرْقُوبٍ
التَّمَّارُ بِهَمَذَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ
بْنِ دِيزِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ،
قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ (ح)
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مَا لَا
أُحْصِي عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ [ (6) ] ، قَالَ: «لَمَّا
حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى
اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ،
وَعَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ
__________
[ () ] أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طالب وهو منتعل بنعلين من نار يغلي
منهما دماغه» .
وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ الزّبعري فإنه أسلم عام الفتح وحسن إسلامه،
واعتذر إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وسلّم فقبل عذره، وكان
شاعرا مجيدا، فقال يمدح النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، وله في مدحه أشعار
كثيرة ينسخ بها ما قد مضى في كفره، منها قوله:
منع الرّقاد بلابل وهموم ... واللّيد معتلج الرّواق بهيم
ممّا أتاني أنّ أحمد لامني ... فيه فبتّ كأنّني محموم
يا خير من حملت على أوصالها ... عيرانة سرح اليدين غشوم
إنّي لمعتذر إليك من الّذي ... أسديت إذ أنا في الضّلال أهيم
أيام تأمرني بأغوى خطّة ... سهم وتأمرني بها مخزوم
وأمدّ أسباب الرّدى ويقودني ... امر الغواة وأمرهم مشئوم
فاليوم آمن بالنبيّ محمّد ... قلبي ومخطئ هذه محروم
مضت العداوة فانقضت أسبابها ... وأتت أواصر بيننا وحلوم
فَاغْفِرْ فِدًى لَكَ وَالِدَايَ كِلَاهُمَا ... زَلَلِي فَإِنَّكَ رَاحِمٌ
مرحوم
وعليك من سمة المليك علامة ... نور أغرّ وخاتم مختوم
أعطاك بعد محبّة برهانه ... شرفا وبرهان الإله عظيم
ولقد شهدت بأنّ دينك صادق ... حقّا وأنّك في العباد جسيم
والله يشهد أنّ أحمد مصطفى ... مستقبل في الصّالحين كريم
قرم علا بنيانه من هاشم ... فرع تمكّن في الذّرى وأروم
[ (6) ] هو المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم-
والد سعيد بن المسيب.
(2/342)
صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: يَا عَمِّ!
قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ، وَقَالَ
أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: أَيْ أَبَا طَالِبٍ
أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: فَكَانَ آخِرَ
كَلِمَةٍ أَنْ قَالَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ: لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا
لَمْ أُنْهَ عَنْكَ، قَالَ: فَنَزَلَتْ مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ
آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ إِلَى- وَما كانَ اسْتِغْفارُ
إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا
تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ [ (7) ] قَالَ
لَمَّا مَاتَ وَهُوَ كَافِرٌ [ (8) ] .
وَنَزَلَتْ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ لَفْظُ حَدِيثِ مَعْمَرٍ.
وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ [ (9) ] قَالَ: جَاءَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
الله عليه وآله وَسَلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدُ اللهِ
بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ.، وَزَادَ: فَلَمْ يَزَلِ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ،
وَيُعَانِدَانِهِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ
مَا كَلَّمَهُمْ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبَى أَنْ يَقُولَ
لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ- ثُمَّ ذَكَرَ الْبَاقِي بِمَعْنَاهُ [إِلَّا
أَنَّهُ] [ (10) ] قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ [ (11) ] وَقَالَ
فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَأَنْزَلَ اللهُ [تَعَالَى] [ (12) ] فِي أَبِي
طَالِبٍ، فَقَالَ لِرَسُولِهِ [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ] [
(13) ] وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ لَمَّا مَاتَ وَهُوَ كَافِرٌ» .
__________
[ (7) ] الآية الكريمة (112) من سورة التوبة، و (113) .
[ (8) ] أخرجه البخاري في: 65- كتاب التفسير، تفسير سورة التوبة، (16) باب
«وما كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أن يستغفروا للمشركين، حديث
(4675) ، فتح الباري (8: 341) .
[ (9) ] رواية شعيب أخرجها البخاري في: 65- كتاب التفسير، تفسير سورة القصص
(1) باب إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي من
يشاء، حديث (4772) ، فتح الباري (8: 506) ، من طريق أَبِي الْيَمَانِ، عَنْ
شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ
أَبِيهِ.
[ (10) ] ليست في (ص) ولا في (هـ) .
[ (11) ] الزيادة من (ص) .
[ (12) ] الزيادة من (ص) و (هـ) .
[ (13) ] من (ص) و (هـ) .
(2/343)
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ [ (14) ] وَمَحْمُودٍ [ (15) ] .
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْحَاقَ [الْقَاضِي] [ (16) ] وَعَبْدِ بْنِ
حُمَيْدٍ، كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ [ (17) ] .
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ [ (18) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا جَدِّي يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا
يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ لِعَمِّهِ: قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللهُ أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فقال: لولا أَنْ
تُعَيِّرَنِيَ [ (19) ] قُرَيْشٌ إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الْجَزَعُ
لَأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّكَ لَا
تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [ (20) ] .
قَالَ:
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
هَاشِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا
__________
[ (14) ] رواية البخاري في الصحيح عن إسحق بن إبراهيم هي في تفسير سورة
التوبة، فتح الباري (8:
341) ، وفي الجنائز باب (80) ، عن إسحق، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ،
عن أبيه، عن صالح، ثلاثتهم عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ.
[ (15) ] رواية البخاري عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ، أخرجها في (63)
كتاب مناقب الأنصار (40) باب قصة أبي طالب، حديث (3884) ، فتح الباري (7:
193) .
[ (16) ] الزيادة من (ح) فقط.
[ (17) ] رواية مسلم عن إسحق بن إبراهيم في: 1- كتاب الإيمان، (9) باب
الدليل على صحة إسلام من حضره الموت، ما لم يشرع في النزع وهو الغرغرة،
ونسخ جواز الاستغفار للمشركين، حديث (40) ، صفحة (1: 54) .
[ (18) ] رواية الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ أخرجها في تفسير
القصص، فتح الباري (8: 506) .
[ (19) ] في (ص) : «تعايرني» .
[ (20) ] [القصص- 56] .
(2/344)
أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ
بْنُ كَيْسَانَ سَمِعَ أَبَا حَازِمٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ:
«لَمَّا حَضَرَتْ وَفَاةُ أَبِي طَالِبٍ أَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عليه وآله وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا عَمَّاهُ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ
أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ
تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ يَقُولُونَ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهَا إِلَّا جَزَعُهُ
مِنَ الْمَوْتِ [ (21) ] لَأَقْرَرْتُ عَيْنَكَ بِهَا فَأَنْزَلَ اللهُ
عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ إِنَّكَ لَا
تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ
أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ [ (22) ] عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ الْقَطَّانِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ
بْنُ أَبِي حَازِمٍ [ (23) ] الْحَافِظُ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي،
قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَسْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَرِضَ أَبُو طَالِبٍ،
فَجَاءَتْ قُرَيْشٌ وَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ
وَعِنْدَ رَأْسِ أَبِي طَالِبٍ مَجْلِسُ رَجُلٍ، فَقَامَ أَبُو جَهْلٍ كَيْ
يَمْنَعَهُ ذَلِكَ وَشَكَوْهُ إِلَى أَبِي، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي مَا
تُرِيدُ مِنْ قَوْمِكَ؟ قَالَ: يَا عَمِّ! إِنَّمَا أُرِيدُ مِنْهُمْ
كَلِمَةً تَذِلُّ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ، وَتُؤَدِّي إِلَيْهِمْ بِهَا
الْجِزْيَةَ الْعَجَمُ، كَلِمَةً وَاحِدَةً قَالَ مَا هِيَ؟ قَالَ لَا
إِلَهَ إِلَّا اللهُ. قَالَ فَقَالُوا:
أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجابٌ [ (24) ]
قَالَ: وَنَزَلَ فِيهِمْ ص، وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ- حَتَّى بَلَغَ-
إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ [ (25) ] .
__________
[ (21) ] في (ص) و (هـ) : «جزع الموت» .
[ (22) ] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ بن ميمون، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
القطان، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأشجعي، عن أبي
هريرة، أخرجه مسلم في: 1- كتاب الإيمان (9) باب الدليل على صحة إسلام من
حضره الموت ... حديث (42) ، صفحة (1: 55) .
[ (23) ] في (ح) «دارم» .
[ (24) ] الآية الكريمة (5) من سورة (ص) .
[ (25) ] [ (1- 7) من سورة (ص) ] ، والحديث أخرجه الترمذي في: 48- كتاب
التفسير (39) باب ومن سورة ص، حديث (3232) ، صفحة (5: 365- 366) ، وقال أبو
عيسى: «هذا حديث حَسَنٌ» .
(2/345)
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ
يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ
أَهْلِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَمَّا أَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى
الله عليه وآله وَسَلَّمَ أَبَا طَالِبٍ فِي مَرَضِهِ فَقَالَ لَهُ: أَيْ
عَمِّ! قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ أَسْتَحِلُّ لَكَ بِهَا الشَّفَاعَةَ
[يَوْمَ الْقِيَامَةِ] [ (26) ] فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي [وَاللهِ] [ (27)
] لَوْلَا أَنْ تَكُونَ سُبَّةً عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ مِنْ
بَعْدِي يَرَوْنَ أَنِّي قُلْتُهَا جَزَعًا حِينَ نَزَلَ بِيَ الْمَوْتُ
لَقُلْتُهَا- لَا أَقُولُهَا إِلَّا لِأَسُرَّكَ بِهَا- فَلَمَّا ثَقُلَ
أَبُو طَالِبٍ رُئِيَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ فَأَصْغَى إِلَيْهِ الْعَبَّاسُ
لِيَسْتَمِعَ قَوْلَهُ فَرَجَعَ [ (28) ] الْعَبَّاسُ عَنْهُ فَقَالَ:
يَا رَسُولَ الله قَدْ وَاللهِ قَالَ الْكَلِمَةَ الَّتِي سَأَلْتَهُ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ لَمْ أَسْمَعْ [ (29)
] .
هَذَا إِسْنَادٌ مُنْقَطِعٌ وَلَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ الْعَبَّاسُ فِي ذَلِكَ
الْوَقْتُ، وَحِينَ أَسْلَمَ سَأَلَ النبي صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ
عَنْ حَالِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ مَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ الَّذِي
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا
مُسَدَّدٌ وَالْحَجَبِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ
الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ
عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ
اللهِ هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ
وَيَغْضَبُ لَكَ. قَالَ: نَعَمْ هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ،
وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ» [ (30)
] .
__________
[ (26) ] الزيادة من (ص) و (هـ) .
[ (27) ] الزيادة من (ص) و (هـ) .
[ (28) ] في () : فرفع.
[ (29) ] سيرة ابن هشام (2: 27) ، البداية والنهاية (3: 123) ، وقال: «قد
تكلمنا على ذلك في التفسير» ، وانظر تفسير سورة (ص) من كتاب تفسير ابن
كثير.
[ (30) ] الحديث أخرجه البخاري، ومسلم، والإمام أحمد في مسنده: (1: 206) ،
(3: 9، 50، 55) .
(2/346)
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُوسَى [ (31)
] .
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ [ (32) ] وَغَيْرُهُ
كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ
عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ.
وَ
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ قَالَ:
أَخْبَرَنَا ابْنُ مِلْحَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ:
لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجْعَلَ فِي
ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ»
[ (33) ] .
قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ
بْنُ شَرِيكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي صَرِيمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي
نَافِعٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ الْهَادِ: أَنَّ عبد الله ابن خَبَّابٍ
حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ «رَسُولَ الله صلى الله
عليه وآله وَسَلَّمَ ذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَذَكَرَهُ» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يوسف ورواه
__________
[ (31) ] من طريق مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ
عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنِ
العباس بن عبد المطلب أخرجه البخاري في: 78- كتاب الأدب (115) باب كنية
المشرك، حديث (6208) ، فتح الباري (10: 592) .
كما أخرجه البخاري أيضا في: 63- كتاب مناقب الأنصار، (40) باب قصة أبي
طالب، حديث (3883) ، فتح الباري (7: 193) عن مسدد، عن يحيى، عَنْ
سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحارث، عَنِ
الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المطلب.
[ (32) ] مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ أبي بكر المقدّمي، عن أبي عوانة ...
أخرجه مسلم في: 1- كتاب الإيمان (90) باب شفاعة النبي صلى الله عليه وآله
وسلّم، حديث (357) ، صفحة (1: 194) .
(والضحضاح) : هو ما رقّ من الماء على وجه الأرض إلى نحو الكعبين، واستعير
في النار.
[ (33) ] صحيح مسلم: 1- كتاب الإيمان، حديث (360) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ، صفحة (1:
195) .
(2/347)
مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ كِلَاهُمَا عَنِ
اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ [ (34) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو
النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الطُّوسِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ
إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ (ح) قَالَ:
وَأَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو يَعْنِي ابْنَ أَحْمَدَ، وَاللَّفْظُ لَهُ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ،
قَالَ: «أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ مُنْتَعِلًا
بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ» .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ [ (35) ] عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي
شَيْبَةَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ رَحِمَهُ
اللهُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابن جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ
الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ،
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ سَمِعْتُ تاجية بْنَ كَعْبٍ، يَقُولُ:
«شَهِدْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبِي أَتَيْتُ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَقُلْتُ:
إِنَّ عَمَّكَ قَدْ تُوُفِّيَ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَوَارِهِ، فَقُلْتُ:
إِنَّهُ مَاتَ مُشْرِكًا، فَقَالَ:
اذْهَبْ فَوَارِهِ، وَلَا تُحْدِثَنَّ حَتَّى تَأْتِيَنِي، فَفَعَلْتُ
ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَغْتَسِلَ» [ (36) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو
الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ
أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حدّثنا
__________
[ (34) ] مر الحديث ضمن الأحاديث السابقة.
[ (35) ] صحيح مسلم (1: 195) .
[ (36) ] أخرجه النسائي في كتاب الجنائز، والإمام أحمد في «مسنده» (1: 97،
103، 130، 131) ، وابن خزيمة في صحيحه.
(2/348)
سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ، قَالَ: «لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ
قَدْ مَاتَ فَمَنْ يُوَارِيهِ؟ قَالَ اذْهَبْ فَوَارِ أَبَاكَ وَلَا
تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي فَأَتَيْتُهُ فَأَمَرَنِي
فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ دَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِيَ
بِهِنَّ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ» [ (37) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو
أَحْمَدَ بْنُ عَدِيِّ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
هَارُونَ بْنِ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى
عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ
عَطَاءَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله
وَسَلَّمَ عَارَضَ جَنَازَةَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ وَصَلَتْكَ رَحِمٌ
وَجُزِيتَ خَيْرًا يَا عَمِّ» وَرَوَى عَنْ أَبِي الْيَمَانِ
الْهَوْزَنِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ
مُرْسَلًا [ (38) ] وَزَادَ «وَلَمْ يَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ» وَإِبْرَاهِيمُ
بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا هُوَ الْخَوَارَزْمِيُّ تَكَلَّمُوا فِيهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا:
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قال: حدّثنا يونس ابن بُكَيْرٍ، عَنْ
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه
وآله وَسَلَّمَ، قَالَ: مَا زَالَتْ قُرَيْشٌ كَاعِّينَ عَنِّي [ (39) ]
حَتَّى مَاتَ أَبُو طَالِبٍ» .
وحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا عُقْبَةُ الْمُجَدَّرُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ [رضي الله عنها] [ (40) ] عن
__________
[ (37) ] رواه أبو داود، والنسائي من حديث سفيان، عن أبي إسحق، عن ناجية،
عن علي.
[ (38) ] نقله الحافظ ابن كثير عن المصنف. البداية والنهاية (3: 125) .
[ (39) ] الزيادة من (ح) فقط.
[ (40) ] الزيادة من (ص) فقط.
(2/349)
النبي صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ قَالَ:
«مَا زَالَتْ قُرَيْشٌ كَاعَّةٌ عَنِّي حَتَّى تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ» .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ
اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: «لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ عَرَضَ لِرَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ سَفِيهٌ مِنْ سُفَهَاءِ قُرَيْشٍ
فَأَلْقَى عَلَيْهِ تُرَابًا فَرَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ فَأَتَتِ امْرَأَةٌ
مِنْ بَنَاتِهِ تَمْسَحُ عَنْ وَجْهِهِ التُّرَابَ وَتَبْكِي، قَالَ
فَجَعَلَ يَقُولُ: أَيْ بُنَيَّةُ لَا تَبْكِيَنَّ فَإِنَّ اللهَ [عَزَّ
وَجَلَّ] [ (41) ] مَانِعٌ أَبَاكِ، وَيَقُولُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مَا
نَالَتْ مِنِّي قُرَيْشٌ شَيْئًا أَكْرَهُهُ حَتَّى مات أبو طالب» [ (42) ]
.
__________
[ (41) ] ليست في (ص) .
[ (42) ] راجع في خبر موت أبي طالب أيضا: سيرة ابن هشام (2: 26- 27) ، وابن
سعد (1: 1:
141) ، والروض الأنف (1: 258) ، والبداية والنهاية (3: 122) ، والنويري
(16:
277) ، والسيرة الحلبية (1: 466) ، السيرة الشامية (2: 563) .
(2/350)
بَابُ وَفَاةِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ
زَوْجِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنْهَا وَمَا
فِي إِخْبَارِ جِبْرِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِيَّاهُ بِمَا يَأْتِيهِ
بِهِ مِنَ الْآيَاتِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الله الحافظ، وأبو سعيد بن أَبِي عَمْرٍو،
قَالَا: حَدَّثَنَا أبو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ
بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ-
رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِرَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ مِمَّا
كُنْتُ أَسْمَعُ مِنْ ذِكْرِهِ لَهَا، وَمَا تَزَوَّجَنِي إِلَّا بَعْدَ
مَوْتِهَا بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا
بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا نَصَبٌ فِيهِ وَلَا صَخَبٌ» .
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ عَنْ هِشَامِ بْنِ
عُرْوَةَ [ (1) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ:
حَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
هُرَيْرَةَ قَالَ: «أَتَى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ هَذِهِ
خَدِيجَةُ أَتَتْكَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامُ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ
فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا
وَمِنِّي وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ من
__________
[ (1) ] أخرجه البخاري في: 63- كتاب مناقب الأنصار (20) باب تَزْوِيجَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم خديجة وفضلها- رضي الله عنها-
حديث (3817) ، فتح الباري (7: 133) ، وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، حديث
(71، 72، 74) ، والإمام أحمد في «مسنده» (6: 58، 202، 279) .
(2/351)
قَصَبٍ، لَا صَخَبٌ فِيهِ وَلَا نَصَبٌ» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ [ (2) ] .
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ [ (3) ] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
فُضَيْلٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ
سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ،
قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ قَالَ عُرْوَةُ
بْنُ الزُّبَيْرِ «وَقَدْ كَانَتْ خَدِيجَةُ تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ
تُفْرَضَ الصَّلَاةُ» [ (4) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ
سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا جَدِّي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: «تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ
بِمَكَّةَ قَبْلَ خُرُوجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ
إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ» .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ
إِسْحَاقَ، قَالَ: «ثُمَّ إِنَّ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ وَأَبَا
طَالِبٍ مَاتَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ فَتَتَابَعَتْ عَلَى رَسُولِ الله صلى
الله عليه وآله وَسَلَّمَ الْمَصَائِبُ بِهَلَاكِ خَدِيجَةِ وَأَبِي
طَالِبٍ، وَكَانَتْ خَدِيجَةُ وَزِيرَةَ صِدْقٍ عَلَى الْإِسْلَامِ، كَانَ
يَسْكُنُ إِلَيْهَا قُلْتُ وَبَلَغَنِي أَنَّ مَوْتَ خَدِيجَةَ كَانَ
بَعْدَ مَوْتِ أَبِي
__________
[ (2) ] من طريق قُتَيْبَةَ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ،
عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أبي هريرة أخرجه البخاري في:
63- كتاب مناقب الأنصار، (20) باب تَزْوِيجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه
وآله وسلّم خديجة ... ، حديث (3820) ، فتح الباري (7: 133- 134) .
[ (3) ] من طريق أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شيبة، عن ابن فضيل أخرجه مسلم
فِي: 44- كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، (12) باب فضائل خديجة أم
المؤمنين، حديث (71) ، صفحة (1887) .
[ (4) ] أنساب الأشراف (1: 186) .
(2/352)
طَالِبٍ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَاللهُ
أَعْلَمُ» [ (5) ] . ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ مَنْدَهْ فِي
كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ- رَحِمَهُ اللهُ-[ (6) ] وَزَعَمَ الْوَاقِدِيُّ «أَنَّهُمْ
خَرَجُوا مِنَ الشِّعْبِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَفِي
هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ وَأَبُو طَالِبٍ بَيْنَهُمَا
خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ لَيْلَةً الْمُتَقَدِّمَةُ خَدِيجَةُ» وَهَذَا فِيمَا
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ
الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَزْهَرِ
قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ غَسَّانَ قَالَ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ
فذكره.
__________
[ (5) ] توفيت السيدة خديجة قبل الهجرة بثلاث سنوات، وتوفي أبو طالب بعدها
بخمس وثلاثين ليلة، وقيل:
بل توفيت بعده بثلاثة أيام، وأن وفاته كانت بعد نقض الصحيفة بثمانية أشهر
وواحد وعشرين يوما.
وروى البخاري عن عروة قَالَ: تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ مَخْرَجِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم وروى البلاذريّ عنه قال: توفيت
قبل الهجرة بسنتين أَوْ قَرِيبٍ مِنْ ذَلِكَ.
وقال بعضهم: ماتت قبل الهجرة بخمس سنين. قال البلاذري: وهو غلط.
وروى ابن الجوزي عن حكيم بن جزام وثعلبة بن صعير- بصاد فعين مهملتين مصغرا-
أنه كان بين وفاة أبي طالب ووفاة خديجة شهر وخمسة أيام.
وروى الحاكم أن موتها بعد موت أبي طالب بثلاثة أيام.
وقال محمد بن عمر الأسلمي: توفيت لعشر خلون من رمضان وهي بنت خمس وستين
سنة.
ثم روى عن حكيم بن حزام أنها توفيت سنة عشر من البعثة بعد خروج بني هاشم من
الشّعب ودفنت بالحجون، ونزل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قبرها،
ولم تكن الصلاة على الجنازة شرعت.
وروى يعقوب بن سفيان عن عائشة رضي الله عنها قالت: ماتت خديجة قبل أن تفرض
الصلاة.
وكانت خديجة رضي الله عنها وزيرة صدق للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم على
الإسلام وكان يسكن إليها، وكانت تدعى في الجاهلية الطاهرة، وستأتي ترجمتها
وبعض مناقبها في أبواب أزواجه صلّى الله عليه وآله وسلّم.
[ (6) ] في (ص) و (هـ) : «رحمهما الله» .
(2/353)
|