دلائل
النبوة للبيهقي محققا بَابُ قُدُومِ وَفْدِ ثَقِيفٍ وَهُمْ
أَهْلُ الطَّائِفِ عَلَى رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَتَصْدِيقِ مَا قال في غزوة ابن مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ ثُمَّ إِجَابَةِ اللهِ [تَعَالَى] [ (1) ] دُعَاءَهُ فِي هِدَايَةِ
ثَقِيفٍ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ
الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ،
حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ،
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: فَلَمَّا صَدَرَ أَبُو بَكْرٍ
وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَأَقَامَ لِلنَّاسِ الْحَجَّ قَدِمَ
عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(ح) وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ
بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَتَّابٍ الْعَبْدِيُّ،
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ،
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَمِّهِ
مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ:
وَأَقَامَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ حَجَّهُمْ، وقَدِمَ عُرْوَةُ بْنُ
مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ عَلَى رَسُولِ الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَأَسْلَمَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لِيَرْجِعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَقْتُلُوكَ، قَالَ: لَوْ
وَجَدُونِي نَائِمًا مَا أَيْقَظُونِي، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَجَعَ إِلَى الطَّائِفِ، وَقَدِمَ الطَّائِفَ
عَشِيًّا، فَجَاءَتْهُ ثَقِيفٌ فَحَيَّوْهُ وَدَعَاهُمْ إِلَى
الْإِسْلَامِ، وَنَصَحَ لَهُمْ فَاتَّهَمُوهُ وَعَصَوْهُ، وَأَسْمَعُوهُ
مِنَ الْأَذَى مَا لَمْ يَكُنْ يَخْشَاهُمْ عَلَيْهِ، فَخَرَجُوا مِنْ
عِنْدِهِ حَتَّى إِذَا سَحَرَ وَطَلَعَ الْفَجْرُ قَامَ عَلَى غُرْفَةٍ
لَهُ فِي دَارِهِ، فَأَذَّنَ بِالصَّلَاةِ وَتَشَهَّدَ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ
مِنْ ثَقِيفٍ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، فَزَعَمُوا
__________
[ (1) ] الزيادة من (ك) .
(5/299)
أن رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ حِينَ بَلَغَهُ قَتْلُهُ مَثَلُ عُرْوَةَ مَثَلُ صَاحِبِ يَاسِينَ [
(2) ] دَعَا قَوْمَهُ إِلَى اللهِ فَقَتَلُوهُ.
وَأَقْبَلَ بَعْدَ قَتْلِهِ مِنْ وَفْدِ ثَقِيفٍ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا
هُمْ أَشْرَافُ ثَقِيفٍ فِيهِمْ:
كِنَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَالِيلَ، وَهُوَ رَأْسُهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَفِيهِمْ:
عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ بِشْرٍ، وَهُوَ أَصْغَرُ الْوَفْدِ
حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم
بِالْمَدِينَةِ يُرِيدُونَ الصُّلْحَ وَالْقَضِيَّةَ حِينَ رَأَوْا أَنْ
قَدْ فُتِحَتْ مَكَّةُ وَأَسْلَمَتْ عَامَّةُ الْعَرَبِ، فَقَالَ
الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنْزِلْ عَلَيَّ قَوْمِي
فَأُكْرِمَهُمْ فَإِنِّي حَدِيثُ الْجُرْمِ فِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا أَمْنَعُكَ أَنْ تُكْرِمَ قَوْمَكَ،
وَلَكِنْ مَنْزِلُهُمْ حَيْثُ يَسْمَعُونَ الْقُرْآنَ» وَكَانَ مِنْ جُرْمِ
الْمُغِيرَةِ فِي قَوْمِهِ أَنَّهُ كَانَ أَجِيرًا لِثَقِيفٍ وَأَنَّهُمْ
أَقْبَلُوا مِنْ مِصْرَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبُصَاقَ عَدَا عَلَيْهِمْ
وَهُمْ نِيَامٌ فَقَتَلَهُمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِأَمْوَالِهِمْ حَتَّى أَتَى
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ
اللهِ! خَمِّسْ مَالِي هَذَا! فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا نَبُؤُكَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَجِيرًا لِثَقِيفٍ
فَلَمَّا سَمِعْتُ بِكَ قَتَلْتُهُمْ وَهَذِهِ أَمْوَالُهُمْ، فَقَالَ لَهُ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا لَسْنَا نَغْدِرُ
وَأَبَى أَنْ يُخَمِّسَ مَا مَعَهُ، وَأَنْزَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه
وَسَلَّمَ وَفْدَ ثَقِيفٍ فِي الْمَسْجِدِ وَبَنَى لَهُمْ خِيَامًا، لِكَيْ
يَسْمَعُوا الْقُرْآنَ وَيَرَوَا النَّاسَ إِذَا صَلَّوْا.
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ لَمْ
يَذْكُرْ نَفْسَهُ، فَلَمَّا سمعه وَفْدُ ثَقِيفٍ، قَالُوا: يَأْمُرُنَا
أَنْ نَشْهَدَ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَلَا يَشْهَدُ بِهِ فِي خُطْبَتِهِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ قَوْلُهُمْ [ (3) ]
، قَالَ: فَإِنِّي أَوَّلُ مَنْ شَهِدَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله
عليه وَسَلَّمَ.
وَكَانُوا يَفِدُونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كُلَّ يَوْمٍ وَيُخَلِّفُونَ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ عَلَى
رِحَالِهِمْ لِأَنَّهُ أَصْغَرُهُمْ، فَكَانَ عُثْمَانُ كُلَّمَا رَجَعَ
الْوَفْدُ إِلَيْهِ وَقَالُوا بالهاجرة
__________
[ (2) ] اي سورة ياسين.
[ (3) ] في (ك) : «فلما بلغه ذلك من قولهم» .
(5/300)
عَمَدَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنِ الدِّينِ، وَاسْتَقْرَأَهُ الْقُرْآنَ،
فَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ مِرَارًا حَتَّى فَقِهَ الدِّينَ وَعَلِمَ،
وَكَانَ إِذَا وَجَدَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَائِمًا عَمَدَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ يَكْتُمُ ذَلِكَ مِنْ
أَصْحَابِهِ فَأَعْجَبَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَجِبَ
مِنْهُ وَأَحَبَّهُ.
فَمَكَثَ الْوَفْدُ يَخْتَلِفُونَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا
فَقَالَ كِنَانَةُ بْنُ عبد يا ليل: هَلْ أَنْتَ مُقَاضِينَا حَتَّى
نَرْجِعَ إِلَى قَوْمِنَا، قَالَ: نَعَمْ إِنْ أَنْتُمْ أَقْرَرْتُمْ
بِالْإِسْلَامِ قَاضَيْتُكُمْ، وَإِلَّا فَلَا قَضِيَّةَ وَلَا صُلْحَ
بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ.
قَالُوا: أَفَرَأَيْتَ الزِّنَا فَإِنَّا قَوْمٌ نَغْتَرِبُ لَا بُدَّ
لَنَا مِنْهُ، قَالَ: هُوَ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ
يَقُولُ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا [
(4) ] .
قَالُوا: أَفَرَأَيْتَ الرِّبَا، فَإِنَّهَا أَمْوَالُنَا كُلُّهَا، قَالَ
لكم رؤوس أَمْوَالِكُمْ [لَا تَظْلِمُونَ] [ (5) ] ، قَالَ اللهُ عَزَّ
وَجَلَّ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا
بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [ (6) ] .
قَالُوا: أَفَرَأَيْتَ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا عَصِيرُ أَرْضِنَا، وَلَا
بُدَّ لَنَا مِنْهَا، قَالَ إِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا، قَالَ اللهُ
عَزَّ وَجَلَّ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ
فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [ (7) ] .
فَارْتَفَعَ الْقَوْمُ فَخَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَقَالُوا: وَيْحَكُمْ
إِنَّا نَخَافُ إِنْ خَالَفْنَاهُ يَوْمًا كَيَوْمِ مَكَّةَ، انْطَلِقُوا
نُكَاتِبْهُ عَلَى مَا سَأَلْنَا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: نَعَمْ
__________
[ (4) ] الآية الكريمة (32) من سورة الإسراء.
[ (5) ] من (ك) .
[ (6) ] [278- البقرة] .
[ (7) ] [90- المائدة] .
(5/301)
لَكَ مَا سَأَلْتَ. أَرَأَيْتَ الرَّبَّةَ
[ (8) ] مَاذَا نَصْنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: اهْدِمُوهَا. قَالُوا:
هَيْهَاتَ، لَوْ تَعْلَمُ الرَّبَّةُ أَنَّكَ تُرِيدُ هَدْمَهَا قَتَلَتْ
أَهْلَهَا، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:
وَيْحَكَ يَا ابْنَ عَبْدِ يَالِيلَ مَا أَحْمَقَكَ! إِنَّمَا الرَّبَّةُ
حَجَرٌ، قَالَ [ (9) ] : إِنَّا لَمْ نَأْتِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ،
وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! تَوَلَّ أَنْتَ هَدْمَهَا، فَأَمَّا نَحْنُ
فَإِنَّا لَنْ نَهْدِمَهَا أَبَدًا. قَالَ فَسَأَبْعَثُ إِلَيْكُمْ مَنْ
يَكْفِيكُمْ هَدْمَهَا، فَكَاتَبُوهُ فَقَالَ كِنَانَةُ بْنُ عَبْدِ
يَالِيلَ: ائْذَنْ لَنَا قَبْلَ رَسُولِكَ ثُمَّ ابْعَثْ فِي آثَارِنَا
فَإِنِّي أَنَا أَعْلَمُ بِقَوْمِي، فَأَذِنَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكْرَمُهُمْ، وَحَبَاهُمْ، وَقَالُوا: يَا
رَسُولَ اللهِ أَمِّرْ عَلَيْنَا رَجُلًا يَؤُمُّنَا فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ
عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ بِشْرٍ لِمَا رَأَى مِنْ حِرْصِهِ
عَلَى الْإِسْلَامِ وَقَدْ كَانَ تَعَلَّمَ سُوَرًا مِنَ الْقُرْآنِ قَبْلَ
أَنْ يَخْرُجَ.
وَقَالَ كِنَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَالِيلَ أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِثَقِيفٍ
فَاكْتُمُوهُمُ الْقَضِيَّةَ وَخَوِّفُوهُمْ بِالْحَرْبِ وَالْقِتَالِ،
وَأَخْبِرُوهُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا سَأَلَنَا أُمُورًا أَبَيْنَاهَا
عَلَيْهِ، سَأَلَنَا أَنْ نَهْدِمَ اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَنُبْطِلُ
أَمْوَالَنَا فِي الرِّبَا، وَنُحَرِّمَ الْخَمْرَ وَالزِّنَا، فَخَرَجَتْ
ثَقِيفٌ حِينَ دَنَا مِنْهُمُ الْوَفْدُ يَتَلَقَوْنَهَمْ، فَلَمَّا
رَأَوْهُمْ قَدْ سَارُوا الْعَنَقَ، وَقَطَرُوا الْإِبِلَ، وَنَعَشُوا
أَنْيَابَهُمْ كَهَيْئَةِ الْقَوْمِ قَدْ حَزِنُوا وَكُرِبُوا وَلَمْ
يَرْجِعُوا بِخَبَرٍ فَلَمَّا رَأَتْ ثَقِيفٌ مَا فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ
قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا جَاءَ وَفْدُكُمْ بِخَيْرٍ، وَلَا رَجَعُوا
بِهِ، فَدَخَلَ الْوَفْدُ فَعَمَدُوا إِلَى اللَّاتِ فَنَزَلُوا عِنْدَهَا،
وَاللَّاتُ بَيْتٌ كَانَ بَيْنَ ظَهْرَيِ الطَّائِفِ يُسَتَّرُ وَيُهْدَى
لَهُ كَمَا يُهْدَى لَبَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ، فَقَالَ نَاسٌ مِنْ ثَقِيفٍ
حِينَ نَزَلَ الْوَفْدُ إِلَيْهَا: إِنَّهُمْ لَا عَهْدَ لَهُمْ
بِرُؤْيَتِهَا، ثُمَّ رَجَعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى أَهْلِهِ،
وَجَاءَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ خَاصَّتَهُ مِنْ ثَقِيفٍ فَسَأَلُوهُمْ
مَاذَا جِئْتُمْ بِهِ وَمَاذَا رَجَعْتُمْ بِهِ؟ قَالُوا: أَتَيْنَا
رَجُلًا فَظًّا غَلِيظًا يَأْخُذُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ قَدْ ظَهَرَ
بِالسَّيْفِ وَأَدَاخَ لَهُ الْعَرَبُ، وَدَانَ لَهُ النَّاسُ فَعَرَضَ
عَلَيْنَا أُمُورًا شِدَادًا هَدْمَ اللّات والعزى، وترك
__________
[ (8) ] هي وثنهم.
[ (9) ] (ح) : «قالوا» .
(5/302)
الْأَمْوَالِ فِي الرِّبَا، إِلَّا رؤوس
أَمْوَالِكُمْ، وَحَرَّمَ الْخَمْرَ وَالزِّنَا، فَقَالَتْ ثَقِيفٌ:
وَاللهِ لَا نَقْبَلُ هَذَا أَبَدًا، قَالَ الْوَفْدُ: أَصْلِحُوا
السِّلَاحَ وَتَهَيَّئُوا لِلْقِتَالِ، وَرُمُّوا حِصْنَكُمْ، فَمَكَثَتْ
ثَقِيفٌ بِذَلِكَ يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةً يُرِيدُونَ- زَعَمُوا-
الْقِتَالَ، ثُمَّ أَلْقَى الله عَزَّ وَجَلَّ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ،
فَقَالُوا: وَاللهِ مَا لَنَا بِهِ طَاقَةٌ، وَقَدْ أَدَاخَ الْعَرَبَ
كُلَّهَا، فَارْجِعُوا إِلَيْهِ فَأَعْطُوهُ مَا سَأَلَ وَصَالِحُوهُ
عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْوَفْدُ أَنَّهُمْ قَدْ رُعِبُوا
وَاخْتَارُوا الْأَمَانَ عَلَى الْخَوْفِ وَالْحَرْبِ قَالَ الْوَفْدُ:
فَإِنَّا قَدْ قَاضَيْنَا وَأَعْطَيْنَاهُ مَا أَحْبَبْنَا وَشَرَطْنَا مَا
أَرَدْنَا وَوَجَدْنَاهُ أَتْقَى النَّاسِ وَأَوْفَاهُمْ وَأَرْحَمَهُمْ
وَأَصْدَقَهُمْ، وَقَدْ بُورِكَ لَنَا وَلَكُمْ فِي مَسِيرِنَا إِلَيْهِ
وَفِيمَا قَاضَيْنَاهُ عَلَيْهِ، فَافْهَمُوا مَا فِي الْقَضِيَّةِ،
وَاقْبَلُوا عَافِيَةَ اللهِ، فَقَالَتْ ثَقِيفٌ، لِمَ كَتَمْتُمُونَا
هَذَا الْحَدِيثَ وَغَمَمْتُمُونَا أَشَدَّ الْغَمِّ، فَقَالُوا: أَرَدْنَا
أَنْ يَنْزِعَ اللهُ مِنْ قُلُوبِكُمْ نَخْوَةَ الشَّيْطَانِ، فَأَسْلَمُوا
مَكَانَهُمْ وَمَكَثُوا أَيَّامًا، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِمْ رُسُلُ رَسُولِ
اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ عَلَيْهِمْ خَالِدُ بْنُ
الْوَلِيدِ، وَفِيهِمْ: الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَلَمَّا قَدِمُوا
عَمَدُوا اللَّاتَ لِيَهْدِمُوهَا، وَاسْتَكْفَتْ ثَقِيفٌ كُلُّهَا
الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِنَ
الْحِجَالِ لَا تَرَى عَامَّةُ ثَقِيفٌ أَنَّهَا مَهْدُومَةٌ، وَيَظُنُّونَ
أَنَّهَا مُمْتَنِعَةٌ، فَقَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَأَخَذَ
الْكِرْزِينَ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: وَاللهِ لَأُضْحِكَنَّكُمْ مِنْ
ثَقِيفٍ، فَضَرَبَ بِالْكِرْزِينِ، ثُمَّ سَقَطَ يَرْكُضُ فَارْتَجَّ
أَهْلُ الطَّائِفِ بِصَيْحَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَالُوا: أَبْعَدَ اللهُ
الْمُغِيرَةَ قَدْ قَتَلَتْهُ الرَّبَّةُ وَفَرِحُوا حِينَ رَأَوْهُ
سَاقِطًا وَقَالُوا: مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيَقْتَرِبْ وَلْيَجْتَهِدْ
على هدمها فو الله لَا تُسْتَطَاعُ أَبَدًا، فَوَثَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ
شُعْبَةَ فَقَالَ قَبَّحَكُمُ اللهُ يَا مَعْشَرَ ثَقِيفٍ إِنَّمَا هِيَ
لَكَاعِ حِجَارَةٌ وَمَدَرٌ، فَاقْبَلُوا عَافِيَةَ اللهِ وَاعْبُدُوهُ،
ثُمَّ ضَرَبَ الْبَابَ فَكَسَرَهُ، ثُمَّ عَلَا عَلَى سُورِهَا وَعَلَا
الرِّجَالُ مَعَهُ، فَمَا زَالُوا يَهْدِمُونَهَا حَجَرًا حَجَرًا حَتَّى
سَوَّوْهَا بِالْأَرْضِ، وَجَعَلَ صَاحِبُ الْمِفْتَاحِ يَقُولُ
لَيُغْضَيَنَّ الْأَسَاسُ فَلَيُخْسَفَنَّ بِهِمْ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ
الْمُغِيرَةُ، قَالَ لِخَالِدٍ: دَعْنِي أَحْفُرُ أَسَاسَهَا فَحَفَرَهُ
حَتَّى أَخْرَجُوا تُرَابَهَا وَانْتَزَعُوا حِلْيَتَهَا، وَأَخَذُوا
ثِيَابَهَا، فَبُهِتَتْ ثَقِيفٌ فَقَالَتْ عَجُوزٌ مِنْهُمْ: أَسْلَمَهَا
الرَّضَّاعُ وَتَرَكُوا الْمِصَاعَ، وَأَقْبَلَ الْوَفْدُ حَتَّى دَخَلُوا
عَلَى رَسُولِ
(5/303)
الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ
بِحِلْيَتِهَا وَكِسْوَتِهَا، فَقَسَمَهُ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِهِ، وَحَمِدُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَصْرِهِ
نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِعْزَازِ دينه.
هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَرِوَايَةُ عُرْوَةَ
بِمَعْنَاهُ [ (10) ] .
وَزَعَمَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عليه وسلم، قدم من تَبُوكَ الْمَدِينَةَ فِي رَمَضَانَ وَقَدِمَ
عَلَيْهِ ذَلِكَ الشَّهْرَ وَفْدٌ مِنْ ثَقِيفٍ، وَزَعَمَ [ (11) ] أن رسول
الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا انْصَرَفَ عَنْهُمُ اتَّبَعَ
أَثَرَهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، فَأَدْرَكَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى
الْمَدِينَةِ، فَأَسْلَمَ وَسَأَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى قَوْمِهِ
بِالْإِسْلَامِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم:
إِنَّهُمْ قَاتِلُوكَ، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ رُجُوعِهِ وَقَتْلِهِ
وَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ فِي دَمِهِ بَعْدَ مَا رُمِيَ، فَقَالَ:
كَرَامَةٌ أَكْرَمَنِي اللهُ بِهَا وَشَهَادَةٌ سَاقَهَا اللهُ إِلَيَّ،
فَلَيْسَ فِيَّ إِلَّا مَا فِي الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَرْحَلَ عَنْكُمْ،
فَادْفِنُونِي مَعَهُمْ، فَدَفَنُوهُ مَعَهُمْ.
فَأَقَامَتْ ثَقِيفٌ بَعْدَ قَتْلِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودً أَشْهُرًا.
ثُمَّ ذَكَرَ قُدُومَهُمْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وَإِسْلَامَهُمْ، وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ، والمغيرة بن شعبة
يَهْدِمَانِ الطَّاغِيَةَ، وَأَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ فِي مَالِهِ،
وَدَخَلَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَعَلَاهَا يَضْرِبُهَا
بِالْمِعْوَلِ، وَقَامَ دُونَهُ بَنُو مُعَتِّبٍ خَشْيَةَ أَنْ يُرْمَى
أَوْ يُصَابَ كَمَا أُصِيبَ عُرْوَةُ وَخَرَجَ [ (12) ] نِسَاءُ ثَقِيفٍ
حُسَّرًا [ (13) ] يَبْكِينَ عَلَيْهَا ويقلن:
__________
[ (10) ] اختصرها ابن عبد البر في الدّرر (247- 250)
[ (11) ] استعمال البيهقي لفظ «زعم ابن إسحاق» ذلك ان البيهقي تابع موسى بن
عقبة في ذكر وفد ثقيف بعد حَجَّةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قال الحافظ
ابن كثير (5: 29) : «وهذا بعيد، والصحيح ان ذلك كان قبل حجة ابي بكر كما
ذكره ابْنُ إِسْحَاقَ، وَاللهُ أَعْلَمُ» والخبر رواه ابن هشام في السيرة
(4:
152- 155) .
[ (12) ] في (أ) : «فخرجن» ، وفي (ح) : «فخرجوا» .
[ (13) ] (حسّرا) جمع حاسرة وهي المكشوفة الوجه.
(5/304)
لَتَبْكِيَنَّ دَفَّاعْ [ (14) ] ...
أَسْلَمَهَا الرَّضَّاعْ [ (15) ]
لَمْ يُحْسِنُوا الْمِصَاعْ [ (16) ]
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْأَسْفَاطِيُّ،
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ، عَنْ
عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ
الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
كُنَّا فِي الْوَفْدِ الَّذِينَ وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ الله صلى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَضَرَبَ لَنَا قَيْسٌ عِنْدَ دَارِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: وَكَانَ بِلَالٌ يَأْتِينَا
يُفَطِّرُنَا، فَنَقُولُ: أَفْطَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، مَا جِئْتُكُمْ حَتَّى أَفْطَرَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَضَعُ يَدَهُ فَيَأْكُلُ
وَنَأْكُلُ، قَالَ: وَكَانَ بِلَالٌ يَأْتِينَا بِسَحُورِنَا.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ- رَحِمَهُ
اللهُ- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ،
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ
بْنِ أَبِي الْعَاصِ.
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْزَلَهُمْ فِي
قُبَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ لِيَكُونَ أَرَقَّ لِقُلُوبِهِمْ، وَاشْتَرَطُوا
عَلَيْهِ حِينَ أَسْلَمُوا أَنْ لَا يُحْشَرُوا، وَلَا يُعْشَرُوا، وَلَا
يُجَبُّوا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَكُمْ أَنْ لَا تُحْشَرُوا وَلَا تُعْشَرُوا وَلَا خَيْرَ فِي دِينٍ
لَيْسَ فيه ركوع [ (17) ] .
__________
[ (14) ] دفاع: هو صيغة مبالغة من الدفع، وانما سموا طاغيتهم دفاعا لأنهم
كانوا يعتقدون ان الأصنام تدافع عنهم أعداءهم وتدفع عنهم البلاء.
[ (15) ] الرضاع: جمع راضع، وأردن بهم اللئام، من قولهم: لئيم راضع، يردن
لم يدافعوا عن طاغيتهم وتركوها للمغيرة يهدمها.
[ (16) ] المصاع- بكسر الميم- المجالدة والمضاربة بالسيوف.
[ (17) ] أخرجه أبو داود في كتاب الخراج والإمارة والفيء، (بَابُ) مَا
جَاءَ فِي خبر الطائف، الحديث (3026) ، ص (3: 163) .
(5/305)
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ [قَالَ] [ (18) ] : أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بن داسة، [قال]
:
حدثنا أَبُو دَاوُدَ، [قَالَ] : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ،
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، [قَالَ] :
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبٍ، قَالَ: سَأَلْتُ
جَابِرًا عَنْ شَأْنِ ثَقِيفٍ إِذْ بَايَعَتْ، قَالَ: اشْتَرَطَتْ عَلَى
النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا صَدَقَةَ عَلَيْهَا،
وَلَا جِهَادَ، وَأَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: «سَيَتَصَدَّقُونَ وَيُجَاهِدُونَ إِذَا
أَسْلَمُوا» [ (19) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ رَحِمَهُ اللهُ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ ابْنِ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا
أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ،
قَالَ:
سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي
الْعَاصِ، قَالَ:
آخِرُ مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: إِذَا أَمَمْتَ قَوْمًا فَأَخِفَّ بِهِمُ الصَّلَاةَ [ (20) ] .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
مُحَبَّبٍ أَبُو هَمَّامٍ الدَّلَّالُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ
السَّائِبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ
عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ:
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَ
مَسْجِدَ الطَّائِفِ حَيْثُ كَانَتْ طاغيتهم [ (21) ] .
__________
[ (18) ] الزيادة من (ك) ، وكذا في سائر إسناد الخبر.
[ (19) ] أخرجه ابو داود في الموضع السابق الحديث (3025) ، ص (3: 163) .
[ (20) ] أخرجه مسلم في: 4- كتاب الصلاة (37) باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة
في تمام، الحديث (187) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، وابن بشار، (1:
342) .
[ (21) ] الحديث في سنن أبي داود، في كتاب الصلاة، باب في بناء المساجد،
الحديث (450) ، عن رجاء بن المرجىّ، (1: 123) .
(5/306)
بَابُ تَعْلِيمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ مَا كَانَ سَبَبًا لِشِفَائِهِ وَدُعَائِهِ لَهُ حَتَّى
فَارَقَهُ الشَّيْطَانُ وَذَهَبَ عَنْهُ النِّسْيَانُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، [قَالَ] : أَنْبَأَنَا أَبُو
الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، [قَالَ] : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
سَلَمَةَ، [قَالَ] : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا
سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ
عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إن
الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي، قَالَ:
فَقَالَ: ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ: خِنْزَبٌ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ
فَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْهُ، وَاتْفُلْ عَنْ يَسَارِكِ ثَلَاثًا، قَالَ:
فَفَعَلْتُ فَأَذْهَبَهُ اللهُ عَنِّي.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى [ (1) ]
.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلٍ: أَحْمَدُ ابن مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْقَطَّانُ
[ (2) ] ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى أَبُو يَحْيَى النَّاقِدُ،
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا
أَبِي، عَنْ يُونُسَ، وَعَنْبَسَةَ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ
أَبِي الْعَاصِ، قَالَ:
شَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُوءَ حِفْظِي
لِلْقُرْآنِ فَقَالَ ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خِنْزَبٌ، ادْنُ مِنِّي
يَا عُثْمَانُ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا
بَيْنَ
__________
[ (1) ] أخرجه مسلم في: 39- كتاب السلام (25) (باب) التعوذ من شيطان
الوسوسة في الصلاة الحديث (68) ، ص (3: 1728) .
[ (2) ] في (ح) : «قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلٍ القطان» .
(5/307)
كَتِفَيَّ، وَقَالَ: اخْرُجْ يَا شَيْطَانُ
مِنْ صَدْرِ عُثْمَانَ، قَالَ: فَمَا سَمِعْتُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا
إِلَّا حَفِظْتُ [ (3) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْأَزْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ
إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ مَوْلَاهُمْ، حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ
مَسْعُودٍ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيَّ يُحَدِّثُ
عَنْ عَمِّهِ عَمْرِو بْنِ أُوَيْسٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ،
قَالَ:
اسْتَعْمَلَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَأَنَا أَصْغَرُ
السِّتَّةِ الَّذِينَ وَفَدُوا عَلَيْهِ [ (4) ] مِنْ ثَقِيفٍ، وَذَلِكَ
أَنِّي كُنْتُ قَرَأْتُ، سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللهِ! إِنَّ الْقُرْآنَ يَنْفَلِتُ مِنِّي، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى
صَدْرِي، وَقَالَ: يَا شَيْطَانُ اخْرُجْ مِنْ صَدْرِ عُثْمَانَ، فَمَا
نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدَهُ أُرِيدُ حِفْظَهُ [ (5) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ
حُصَيْفَةَ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ السُّلَمِيَّ
أَخْبَرَهُ أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ، أَخْبَرَهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ
أَبِي الْعَاصِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ عُثْمَانُ: وَبِي وَجَعٌ قَدْ كَادَ يُهْلِكُنِي، قَالَ:
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: امْسَحْهُ
بِيَمِينِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَقُلْ: أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللهِ وَقُدْرَتِهِ
مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللهُ مَا
كَانَ بِي، فَلَمْ أَزَلْ آمُرُ بِهِ أَهْلِي وغيرهم [ (6) ] .
__________
[ (3) ] سيأتي في الحديث بعد قليل.
[ (4) ] في (ك) : «الَّذِينَ وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عليه وسلم» .
[ (5) ] تفرد به ابن ماجة فأخرجه في: 31- كتاب الطب، (46) باب الفزع والأرق
وما يتعوّذ منه، الحديث (3548) ، ص (2: 1174) .
[ (6) ] أخرجه مسلم في: 39- كتاب السلام، 24) باب استحباب وضع يده على موضع
الألم مع الدعاء، الحديث (67) ، ص (3: 1728) .
وأخرجه ابو داود في كتاب الطب، باب كيف الرقى؟ الحديث (3891) ، ص (4: 11) ،
وأخرجه الترمذي في الطب، وقال: «حسن صحيح» .
(5/308)
|